• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الصريح والكناية عند الأصوليين

الصريح والكناية عند الأصوليين
د. سامح عبدالسلام محمد


تاريخ الإضافة: 3/9/2014 ميلادي - 8/11/1435 هجري

الزيارات: 62907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصريح والكناية عند الأصوليين


إذا كان الأصوليُّون قد عدُّوا - في الحقيقة والمجاز - أنه من حرية المتكلم أن يستعملَه فيما وُضِع له أو في غيره، فإن هناك اعتبارًا آخرَ بحسب تبادُر المعنى المراد وعدمه، فإن كان المعنى المراد منكشفًا بحيث لا يحتاج إلى بيان، فهو الصريح، وإن كان مما لا يفهم قصدُ المتكلم منه إلا بقرينة أو بيان، فهو الكناية، وهو مع ذلك - أي: كونه صريحًا أو كناية - قد يكون حقيقةً أو مجازًا.

 

تعريف الصريح والكناية:

الصريح لغة: هو المحضُ الخالص من كل شيء، وهو أيضًا الظاهر؛ فقد سمَّتِ العربُ القصر: صرحًا؛ لظهورِه وارتفاعه[1].

 

والصريح في اصطلاح الأصوليين: (هو ما ظهر المراد منه ظهورًا بيِّنًا)[2]؛ فقوله تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]: ظاهرٌ في نفسه من جهة وَضْع اللغة، بدلالته على حِلِّ البيع وحُرمة الربا.

 

والصريحُ بالنسبة إلى ظهور معناه وبيان مرادِه قد يكون حقيقةً، وقد يكون مجازًا يحتمل الحقيقة، ومن الحقيقة فيه ألفاظُ التعاقد؛ كـ: وهبتُ وزوجت وطلَّقت؛ لأن قول الرجل لزوجته: أنت طالق مثلاً هو صريحٌ في إزالة النكاح، وهو حقيقة شرعية فيه، ومن المجاز قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ ﴾ [يوسف: 82]؛ فإنه صريحٌ في أن المرادَ به أهل القرية، وإن كان مَجازًا[3].

 

أما الكناية، ففي اللغة، فقد عرَّفها عبدالقاهر الجرجاني بأنها: (أن يريدَ المتكلمُ إثباتَ معنًى من المَعاني، فلا يذكُره باللَّفظِ الموضوعِ له في اللُّغة، ولكن يجيءُ إلى معنًى هو تاليه ورِدفُه في الوجودِ، فيومئ به إليهِ، ويجعله دليلاً عليه، فيُقال في المرأة: نَؤومُ الضُّحى، والمرادُ أنها مُترَفةٌ مخدومَةٌ، لها مَن يَكفيها أمرَها، فقد أرادوا في هذا كُله - كما تَرى - معنًى، ثم لم يذكرُوه بلفظِه الخاصِّ به، ولكنَّهم توصَّلوا إليه بذكرِ معنًى آخرَ، من شأنهِ أن يردفَه في الوجود، وأن يكونَ إذا كانَ، وإذا كانتِ المرأةُ مترفةً لها مَن يكفيها أمرَها، ردِفَ ذلك أن تنامَ إلى الضُّحى)[4].

 

وهذا التعريف لا يميِّز الكنايةَ من المجاز؛ إذ ميَّز البلاغيون بينهما بأن الكنايةَ يجوز فيها إرادة المعنيين: (الحقيقة، ولازمه المجازي)، خلافًا للمجازِ المشترَط فيه عندهم القرينةُ المتَّصِفةُ بمنع إرادة المعنى الحقيقي[5].

 

أما عند الأصوليين، فتعرف بأنها: (ما استتر المرادُ منه بالاستعمال)[6]؛ فالنصُّ المحتاج في معرفة مراد قائلِه إلى بيان يكشف قصدَه، أو قرينةٍ تدلُّ عليه: هو كنايةٌ فيما يراد منه قبل ذلك البيان أو تلك القرينة.

 

فاستِتار الكنايةِ عندهم يحصُلُ بالاستعمال من قِبَل المتكلم، وإن كان الكلام ظاهرًا في اللغةِ، فقولُه تعالى: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ [البقرة: 275]، صريحٌ في دلالتِه على الحِلِّ والحُرْمة، لكنه كنايةٌ في دلالته على نفيِ المماثَلة.

 

ومن الأصوليين مَن يشترط في الكناية شرطينِ:

الشرط الأول: أن يتجاذَبها جانبَا الحقيقة والمجاز؛ فقوله تعالى: ﴿ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ ﴾ [النساء: 43] يصحُّ حملُ لفظة (اللمس) على الحقيقةِ وعلى المجاز، دون خللٍ في كل منهما، ومن ثَم ذهَب الشافعي إلى أن اللمس هو مصافحةُ الجسد الجسد، فأوجب الوضوءَ على الرجل إذا لمس المرأةَ، وتلك هي الحقيقةُ في اللمس، وذهب غيرُه إلى أن المرادَ باللمس هو الجِماع، وذلك مجازٌ فيه، وهي الكناية.

 

وكلُّ موضع ترِدُ فيه الكنايةُ، فإنه يتجاذَبُها جانبَا حقيقةٍ ومجازٍ، ويجوز حملُه على كليهما.

 

الشرط الثاني: وجود وصفٍ جامع بينها وبين الصريح؛ لئلا يلحَقَ بالكناية ما ليس منها، فإذا وجد ذلك الوصف تكون الكنايةُ صحيحة، وكان التأويل سليمًا، كما هو في النكاح والوَطْءِ، وفي اللمس والجِماع، ما دام اللمس مقدِّمةً للجِماع، وعقدُ النكاح مقدمةً للوطء؛ ولذلك استُعير للعقد اسمُ النكاح الذي وُضِع للوَطْءِ، واستُعِير للوطء اسمُ اللمس؛ لتعلُّق أحدهما بالآخر، فكان الكلُّ كناية لتوفُّر الشرطين[7].

 

وكان تأويلُ الثيابِ بالقلب غيرَ سليمٍ في قوله تعالى: ﴿ وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ﴾ [المدثر: 4]؛ لعدمِ الوصفِ الجامع بين الثياب والقلب، وكذلك في تأويل البقرة بالنفس في قوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ﴾ [البقرة: 67]، فزَعْمُ أن ذَبْحَ البقرة إشارةٌ إلى ذبحِ النفس البهيمية، فإنه حياةٌ للقلبِ الرُّوحاني، وهو الجهاد الأكبر - هو تأويلٌ مردودٌ.

 

والكنايةُ عند الأصوليين - كما تقدم - قد تكون حقيقةً، وقد تكون مجازًا، ومثَّلوا لذلك بقوله تعالى: ﴿ الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ﴾ [طه: 5]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ﴾ [آل عمران: 77]، فهي كناياتٌ مع استحالة المعنى الحقيقي عندهم، فذكَروا أن الاستواء على العرش فيمن يتصور منه ذلك كناية محضة عن الملك، وفيمن لا يجوز عليه مجازٌ متفرع عليها، وعدم النظر ممن يجوز منه النظر كناية محضةٌ عن عدم الاعتداد، وفيمن لا يجوز منه مجاز كذلك[8].

 

فقولهم: (من لا يجوز عليه ذلك) يعني: استحالة المعنى الحقيقي، وهذا هو رأيُ المتأخرين من الأصوليين، وإن كان المتقدِّمون من محقِّقيهم رأَوْا هذه النصوص من المتشابهِ الذي نعتقد حقيقتَه دون كيفيَّتِه، مما يتعلقُ بخصوص الصفاتِ الإلهية وتعظيم الخالق سبحانه[9].



[1] لسان العرب (2/424).

[2] فواتح الرحموت (1/226).

[3] الحقيقة والمجاز ص (50).

[4] دلائل الإعجاز (52).

[5] الإيضاح مع التهذيب (2/252 - 253).

[6] كشف الأسرار للبخاري (1/66).

[7] المستصفى (2/24).

[8] التلويح على التوضيح (1/300).

[9] الحقيقة والمجاز ص (52 - 53).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة