• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات

الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات
عبدالكريم بن مسعود جيدور


تاريخ الإضافة: 27/1/2013 ميلادي - 15/3/1434 هجري

الزيارات: 55817

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأسس العلمية اللغوية لتعليم اللغة البشرية من منظور اللسانيات


حاولنا في هذا البحث أن نجمع معلومات من ميادين مختلفة يناقش كل منها مشكلة تعليم اللغة البشرية من زاوية اختصاصه، والغرض المعقود على هذا العمل هو المساهمة في الجهود التي تبذل حاليا حول العالم لترسيخ الاتجاه المتعدد والمتداخل الاختصاصات كحل للمضي بالنظرية العامة حول تعليم اللغة وتعليمها قدما.

وحاولنا أيضا أن ننقل طرفا من المفاهيم والاجتهادات التي تتبناها المدرسة الخليلية الحديثة في هذا الميدان.


1- طبيعة البحث في ميدان تعليم اللغات والتوجهات العلمية المعاصرة في هذا الميدان:

لقد لاحظ الباحثون أن تعليم اللغات يتطلب معارف دقيقة و متنوعة تنتمي إلى تخصصات علمية أصبحت في حياتنا المعاصرة مستقلة استقلالا تاما بموضوعها و مناهجها في البحث[1]، و من المستحيل أن يتمكن الباحث الواحد في تعليم اللغات من الجمع بين هذه الاختصاصات، وكان الاقتراح الأنسب المعمول به حتى يومنا هذا هو التعاون بين الاختصاصات بحيث يكمل بعضها بعضا من أجل الوصول إلى أقصى الحدود الممكنة في فهم ظاهرتي اللغة و التعليم وما تتطلبه هذه العملية الحيوية من شروط وموارد.


بالنسبة للعلماء والباحثين فإن فهم الظواهر واستكشاف قوانينها هو هدفهم الأساسي، ومع ذلك يجب القول إن الداعم الرئيسي لهذا الاتجاه (المتعدد التخصصات) هو الهيئات الرسمية والمؤسسات الاقتصادية التي ترغب جميعها في استثمار عملية التعليم والتكوين إلى حدودها القصوى بعد الظفر بنجاح كبير للمشاريع الأولى في هذا الميدان.

 

2- أهم التخصصات المساهمة في ظاهرة التعليم والتعلم:

2-1- علوم اللسان:

اللسان والعلوم المرتبطة به هو (أب التخصصات) والمنشط الرئيسي لكل بحث جاد وطموح في ميدان تعليم اللغات، وقد ارتبطت التطورات الكبيرة التي حدثت في هذا الميدان بالتطورات المماثلة التي حدثت في ميدان العلوم اللسانية، ومن الممكن القول قياسا على ذلك بأن تطورا جديدا ومؤثرا في معرفتنا باللسان البشري وأسراره سوف يقود إلى فتح جديد ذي منافع كبيرة في طرق تعليم اللغات وطرق اكتسابها؛ لقد حدث ذلك بالفعل مع البواكير الأولى للسانيات في مطلع القرن العشرين وفي النصف الثاني منه أيضا مستفيدا من الحقائق الجديدة والعميقة التي توصل إليها أتباع النظرية التوليدية ويحدث في مطلع هذا القرن (الحادي و العشرين) مثل ذلك التأثير بفضل الفتوحات العلمية المتميزة في ميدان العلوم العصبية والعلوم الحاسوبية.


وفيما يخص العالم العربي نتوقع أن تحدث استفادة كبيرة من جهود المدرسة الخليلية الحديثة التي تركز الكثير من اهتماماتها على هذا الميدان بالذات.


2-2- علوم التربية:

إذا كانت علوم اللسان هي التخصص (الأب) فيما يتعلق بظاهرة اللغة، فإن التخصص الأهم فيما يتعلق بظاهرة التعليم هو علوم التربية[2]، وكما تحول علم اللسان إلى علوم لسانية فقد تحول علم التربية[3] إلى علوم تربوية، وقد وضع ميلاري تصنيفا شاملا لهذه العلوم يقسم العلوم التربوية إلى ثلاثة اتجاهات كبرى وداخل كل اتجاه أربعة تخصصات رئيسية نوضحه كما يلي:


تصنيف ميلاري لعلوم التربية

2-3- العلوم الطبية والعصبية:

تنفق الدول الكبرى موارد طائلة على هذا الميدان وخاصة على البحوث الخاصة بالعقل والدماغ البشري وعلوم الأعصاب، فقد أثبتت البحوث التجريبية على الدماغ البشري أن معرفتنا بهذا العالم المعقد ضعيفة جدا ومليئة بالأخطاء، وتؤكد الدراسات المستقلة حول العالم أن إمكانيات العقل البشري هي أكبر بكثير مما نعرفه حتى الآن.


وقد ظهرت اتجاهات جد معاصرة لدى علماء الأعصاب تؤكد بالأدلة التجريبية التي لا غبار عليها أن مركز الجملة العصبية عند الإنسان هو القلب وليس الدماغ، ومثل هذه المعلومات إذا تم لها القبول والاعتراف عند جمهور العلماء فسوف تحدث تغييرات عميقة في ميدان التعليم عموما وتعليم اللغات خصوصا.


2-4- العلوم التكنولوجية:

لقد فرضت العلوم التكنولوجية الحديثة نفسها كوسيط لا بد منه في كل ميادين التواصل البشري، وحتى في الميادين النفعية العامة غير التواصلية كما هو معروف وقد يذهب بعض خبراء الحاسوبيات بعيدا في تصور التغييرات الجذرية التي سيحدثها الاستثمار الواسع للوسائط التكنولوجية العالية الجودة والدقة في قلب المفاهيم السائدة حول التعليم و التعلم [4]، ومن الممكن اعتبار هذا الاتجاه معقولا لأن هذا الاستثمار حاصل بالفعل في أيامنا وله آثار واضحة أغلبها نافعة و إيجابية، أما أن يقود هذا الأمر إلى تغيير مفهوم التعليم و التعلم تغييرا عميقا وجوهريا فهذا أمر بعيد الحدوث في الأفق القريب، لكنه غير بعيد أبدا في الآفاق البعيدة، وخاصة إذا وصلت الوسائط التكنولوجية نفسها إلى مستوى من التطور يمكنها من تعويض البشر تعويضا كاملا.


و على كل حال فإن الاستفادة النافعة من العلوم والتكنولوجيا الحديثة هو شيء مختلف عن تطوير التعليم وتحسينه، لأن هذا الأخير لا يتعلق بمردودية المتعلم وكفاءته التقنية فقط بل فيه جوانب أخرى أكثر أهمية مثل الكفاءة التواصلية وحسن الاختيار في المواقف الصعبة و كذلك فهم الحياة و إدراك الوجود البشري وأهدافه و طموحاته وكل هذه الجوانب الهامة حظ الآلة في إبلاغها ضعيف جدا مهما كان تطورها، ومن العيوب العميقة لهذا الاتجاه المتحمس للآلة (الروبوت) أنه يتجاهل أو يستخف بصورة فيها الكثير من التبسيط والمبالغة بالتواصل البشري المباشر، أي الاحتكاك والارتباط العاطفي والفكري الذي يتكون بين البشر من خلال التواصل والاندماج في فكرة أو مشروع مشترك، وهذا هو جوهر الوجود الاجتماعي لبني البشر، وهو أكبر حافز للعمران والبناء على وجه الأرض.


2-5- العلوم الإدارية و التنظيمية:

التعليم والتعلم في عالمنا المعاصر ليس نشاطا ترفيهيا أو تحقيقا لمجموعة من القيم الأخلاقية والدينية السامية بل هو قبل ذلك ميدان من الميادين الاسترايجية بالنسبة للدول والمؤسسات الكبرى، فمن الممكن الارتياح لنجاح خطة تنموية معينة إذا كانت قد ارتكزت على بنية تعليمية قوية ومرتبطة ارتباطا عضويا بكل المؤشرات الجيدة والمنتجة، وهذا يعني أن التعليم هو في نفسه استثمار  ومؤشر رئيسي من مؤشرات التنمية، ومن الخطأ الجسيم أن تبنى كل خطط التنمية على الثروات المادية أو الميادين القادرة على التنافس في السوق العالمية و نهمل أو نستخف بالثروة الأغلى والأهم وهي ثروة الإنسان، وقد بدأت الدول تنتبه إلى خطورة هذا القصور وأصبحت تولي الاهتمام اللازم للموارد البشرية، وأدت النقاشات والأبحاث العلمية الجادة إلى أن يستقل هذا الميدان بعلم خاص يعرف بالتنمية البشرية.


وفيما يخص اللغات وتعليمها فهناك مفهوم السياسة اللغوية الذي يتحدث عنه الخبراء باستمرار وهو يمثل في نفس الوقت وجهة النظر الوطنية الشاملة للتعليم كميدان إنتاجي أو كوصاية و واجب أخلاقي، وكذلك الموقع الذي يحتله هذا الميدان في الخطط الاستراتيجية للتطوير و التنمية.


بالنسبة للدول العربية ما زال المفهوم السائد للتعليم في الإدارات العليا هو مفهوم الوصاية و الواجب الأخلاقي، وبالتالي فإن الهدف الأول للدولة أن توفر التعليم لجميع المواطنين أو لأكبر عدد ممكن منهم على الأقل، فالمؤشر هو دائما و أبدا نسبة المتعلمين في مقابل نسبة الأميين، و هذا شيء لا غبار عليه لأنه من البديهيات بالنسبة لكل دول العالم، وحتى بالنسبة لليونسكو، ولكن هل هذا هو حقا هدف استراتيجي يحق للمسؤولين أن يطمئنوا إليه و يعقدوا عليه طموحات التنمية ومشاريع التطوير والإعمار؟


3- الأسس اللغوية لتعليم اللغات:

3-1- حقيقة اللسان البشري:

يمكن القول إن اللسان البشري هو آلة أو جهاز وظيفته التبليغ و التواصل، وهو ليس المصدر الوحيد للتبليغ، لكنه باتفاق جمهور علماء اللسان المعاصرين أهم وأقدر جهاز يمكنه أن يؤدي هذه الوظيفة الحيوية بفعالية كبيرة فيما يخص التواصل بين بني البشر.


وبناء على هذا التصور فإن اللسان هو شيء مختلف عن الإنتاج الذي ينتجه شأنه في ذلك شأن أي آلة أو جهاز؛ أما التبليغ فإنه يتشكل في أشكال كثيرة أقربها وأدناها هو الخطاب بين شخصين وأعلاها هو منظومة الثقافة والإبداع اللغوي والأدبي الذي يكون اللسان في صورته الشفوية أو المكتوبة أساسا له، وكان الناس لا يميزون بين اللسان كجهاز أو نظام مستقل للتبليغ وما يتم إنتاجه و إبداعه بهذا الجهاز فنسبوا إليه أشياء ليست من لوازمه؛ كالقول بأن اللغة لها دورة حياة كدورة حياة الكائنات الحية وأن اللغة تتأثر بمستوى رقي المجتمع وحضارته، و أن اللغات تتفاضل من حيث القداسة والصلاحية للعلم والأدب، و كل هذه الأوصاف قد يهتم بها الاختصاصيون في فقه اللغة وعلوم الإنسان ولكنها لا تخص اللسان في ذاته ولا تدخل في اعتبار الباحث الذي يدرسه دراسة علمية بحتة.


وبالنسبة لمفهوم الآلة أو الجهاز فإنه يعني أن اللسان هو مجموعة من العناصر لكل واحد منها وظيفته الخاصة وتربطه في الوقت نفسه علاقات مع كل واحد من العناصر الأخرى وكل هذه العناصر تتعاضل وتتشابك وتتعاون مع بعضها لهدف واحد وهو هذا التبليغ والبيان، ولولا هذا التعاضل والتعاون بين هذه العناصر والدواليب الكثيرة المعقدة لما كان في وسع الإنسان أن يتكلم بكلام مفيد ولا أن يبلغ أي حاجة من حاجاته العادية فضلا عن الحاجات المعقدة والكبيرة.


يفضل علماء اللسان المعاصرين أن يسموا ظاهرة التعاضل والترابط العميق بين عناصر اللسان نظاما وقد يسميها بعضهم بنية إذا اعتبرنا فيها البناء والتأليف، وفي ضوء هذه المفاهيم يكون اللسان بالنسبة للباحث صورة تتحقق في الذهن أو في صياغته الشكلية لعناصرها، وأما مادته (الصوتية في الأساس) فهي شيء زائد بالنسبة إليه.


وعليه فإن محط اهتمام اللساني وجل بحثه مسلط على الصورة الأدائية التي يستنبطها من مجاري اللسان وأبنيته المتعاضلة أثناء استعمالها وإجرائها في الخطاب والتداول الحقيقي والواقعي، فتكون هذه الصورة التي يستنبطها بمنزلة التمثيل أو المحاكاة الصورية للسان كجهاز تظهر فيه عناصره مرتبة كل في موضعه، وكذلك تظهر فيه كيفيات الأداء الإفرادية و التركيبية، أي وظائف هذه العناصر في كل مستوى من مستويات اللسان، وهكذا يكون اللسان نظاما فخما متناسقا من العناصر و البنى والمستويات المتداخلة المتعاضلة، ويستطيع الباحث في هذا المستوى من التحليل أن يجري كافة عمليات التطوير والتحوير والتعليل التي يراها أو يحتاجها، وهي محاولة علمية موضوعية لاستثمار هذه المعطيات الدقيقة في ميادين أخرى من ميادين التواصل.


3-2- مستويات الكفاءة الأدائية ومستويات الاستعمال اللغوي:

من خلال تتبع كلام الناس في مخاطباتهم ومعاملاتهم لاحظ الباحثون أن هناك مستويات من الأداء تختلف في كل منها العناصر اللغوية المستعملة من حيث الكم و النوع، وقد عبر بعض الخبراء على هذه الظاهرة بالكفاءة اللغوية.


3-2-1- المعلومات الخاصة بالجانب الكمي لظاهرة الأداء اللغوي:

1- متوسط عدد الكلمات (العناصر اللغوية الإفرادية) التي يستعملها المتكلم العادي يتراوح بين 2000 و 2500 كلمة، وبالنسبة للمثقف العالي الثقافة بين 4000 و 5000 كلمة  ويمكن القول إن هذا المعدل هو معدل ضعيف جدا بالمقارنة مع الوحدات الإفرادية التي تشتمل عليها المعاجم اللغوية[5].


2- كل شخص يميل في حديثه إلى تكرار مجموعة مخصوصة من العبارات والكلمات، ويمكن أن نحصي في مؤلفات كاتب أو أديب معين ما يسميه الباحثون (الكلمات و التعبيرات النمطية) أي تلك التي تتكرر بمعدل أعلى من غيرها حتى تصبح علامة أو بصمة على صاحبها.


3- بالنسبة للمستوى الشفوي لوحظ أنه يكثر فيه الأدوات و العناصر اللغوية التي تنزل منزلة بعضها و ذلك مثل (إذن=على هذا الأساس=و عليه= و بالتالي..) فهذه تنويعات أسلوبية فنية وهي من درج الكلام، لأن جوهر الموضوع لا يرتبط فهمه بها.


4- أعلى معدل للتواتر في الكتب العلمية تأخذه المصطلحات التقنية الخاصة وتتكرر هذه المصطلحات بشكل متتاليات (أول مصطلح يتكرر بعد كل 5 أسطر الثاني بعد كل 10 أسطر الثالث بعد كل 20 سطر و هكذا...)


5- بالنسبة للتراكيب ينظر فيها إلى العنصر المهيمن، أي الذي تتبعه العناصر الأخرى في التركيب أو إلى معتمد الفائدة (العنصر الذي يحمل الفكرة الجديدة بالنسبة للمخاطًب).


6- بالنسبة للمفردات هناك نسبة ثابتة بين المادة الصوتية للكلمة وترتيب تواترها في نص من النصوص، ويمكن حساب هذه النسبة بالعلاقة الرياضية التالية:

ح= عدد حروف اللفظة.

لغ= اللوغاريتم.

ر= رتبة اللفظة في قائمة التواتر التنازلية/ ث= عدد ثابت.

 

3-2-2- المعلومات الخاصة بالجانب النوعي:

1- تختلف الألفاظ و العبارات التي يستعملها الناس في مخاطباتهم حسب ميادين الحياة، و هنا تظهر أهمية ما يسميه الباحثون (اللفظ الكامن) و هو الذي لا يذكر إلا أستدعي المجال الخاص من مجالات الحياة الذي ينتمي إليه، و يقابله (اللفظ الشائع) أي الذي يكثر دورانه على ألسنة الناس، ومن الممكن تصنيف الألفاظ و العبارات بدلالة هذا المبدأ إلى مجالات دلالية كما يلي:

المجال الدلالي

اللفظ الشائع

اللفظ الكامن

1

التحية و السلام

1

السلام عليكم

1

حياكم الله وبياكم

2

مرحبا بكم

2

عمتم صباحا

3

كيف حالكم

3

حللتم أهلا ونزلتم سهلا

2

في عيادة الطبيب

1

صباح الخير

1

عندي ارتفاع في الكولسترول

2

أحس بألم في بطني

2

عندك قرحة معدية من الدرجة الأولى.

3

رأسي يؤلمني

3

هذا طبيب مختص في الطب البديل والوقائي.

2- يميل المتكلم إلى الحذف والاختزال من كلامه ويرتبط هذا الموقف بأحوال الأنس و الابتذال أي عندما يخاطب الإنسان شخصا قريبا منه كأخ أو صديق   أو زوجة، ويعود إلى أصول الكلام وتمامه وتجويده كلما كان في حال اقتضاب وجد و حرمة، كأن يخاطب مسؤولا أو رجلا كبيرا جليلا أو أبا أو بالنسبة لمن يخاطب جمهورا من الناس في أمر هام كخطيب الجمعة أو الأستاذ في القسم أو الأستاذ المحاضر وغير ذلك، فهذان المستويان من التعبير (الاسترسالي والإجلالي) لا تخلو منهما أي لغة في الدنيا، ويتحكم في هذه العملية قانونا التبليغ الكبيران وهما الاقتصاد والبيان.


الموقف أو مقام الخطاب

التعبير المستعمل

نوع الأسلوب

قانون الخطاب

1

صديق يسأل صديقه عن حاله عبر الهاتف

سعيد:السلام عليكم...

حميد: وعليكم السلام..هذا أنت يا سعيد...نسينا حتى شكلك يا رجل.

س: على الأقل أنا الأول الذي كلمتك.

ح: كيف أحوالك ..و الأهل..والوالدين..إن شاء الله كلكم بخير.

س: الكل بخير والحمد لله..ها هو الحاج حسان يسلم عليك..

هذا الأسلوب الاسترسالي (المتكلمان في حال من الأنس ببعضهما و كلاهما مباشر و غير مقيد)

يستعمل المتكلمان الكثير من الاختصارات ويحذفان الكثير من العناصر اللغوية والصوتية

2

الرئيس يلقي خطابا هاما لجمهور المواطنين

«...»

هذا أسلوب في أعلى مستويات الإجلال يستجيب لمقام الحرمة يظهر فيه الكلام شديد التنظيم و الترتيب مهندسا مسطرا بمقاييس جد دقيقة لأنه خطاب جاد ومقصود.

يستعمل المتكلم القواعد اللغوية الإفرادية والتركيبية والصوتية وفقا للمعايير الرسمية المضبوطة.

 

3-3- البحث النظري في مكونات اللسان:

هناك تمييز هام جدا يقيمه الاختصاصيون بين النظرية اللغوية وطريقة تعليم اللغة وبعبارة أخرى في مستوى ما يسمى بالنحو هناك النحو النظري والنحو العملي التكيفي أما الأول فهو مجموعة القوانين والنسب التي استنبطها الباحثون من مجاري اللسان وأبنيته فهي في مجملها صورة اللسان وهيئته، أما الثاني فهو مجموع العمليات الذهنية والنفسية والبيولوجية التي يكتسب من خلالها الإنسان لغة معينة. وقد لا يحتاج الطفل الصغير في تعلم لغته الأم إلى المعلومات الراجعة إلى النحو النظري لكنه بطريقة عملية آلية يحقق هذا النحو و أوضاعه بدون شعور منه، وفيما يخص المتعلم الصغير أو المبتدئ للغة ثانية أو المواطن المغترب الذي يريد تعلم لغته الأم أو السائح و الزائر لدولة أجنبية يريد أن يتعلم من لغتها ما يقضي به مصالحه[6] فحاجة هؤلاء إلى المعلومات الراجعة إلى النحو النظري كبيرة بلا شك، إلا أن تنظيمها وتخطيطها في برنامج تعليمي يراعي قوانين الامتثال و الاكتساب الطبيعي هو دور خبراء المناهج التعليمية، وهذا يعني أن العلاقة بين هذين النوعين من المعلومات هي علاقة جد مترابطة.


أما طرق البحث والمسالك التقنية والمنهجية للتعامل مع الموضوع والمادة العلمية فهي مختلفة فالبحث النظري في أنحاء اللسان ومجاريه له منطلقات وأسس معرفية ومنهجية خاصة سنذكر أهمها فيما يخص اللسانيات العربية في ضوء جهود المدرسة الخليلية الحديثة:

4- الأسس المعرفية للبحث العلمي النظري في اللسان و مجاريه:

4-1- وجهة النظر إلى اللغة:

اللغة عند العلماء العرب هي أولا و قبل كل شيء آية من آيات الله وعلامة من علامات قدرته و بديع صنعته سبحانه و تعالى، وهي آلة عظيمة نافعة وضعت لحكمة بالغة، والنظر في هذا الموضوع يقود الإنسان إلى الانتفاع من حكمه و فوائده إلى الحد الأقصى.


ولا شك أن جميع العلماء العرب كان عندهم انطباعات خاصة تجاه اللسان العربي بالذات وهذا لا يكاد يسلم منه أحد في الدنيا تجاه لسانه الأم، ولكن نظرتهم العلمية إلى اللغة و اللسان كانت دائمة نظرة إلى المآلات والنتائج وبعبارة أخرى لم يكن عندهم تقديس للسان أو تعظيم للغة في ذاتها، و لم يدرسوا اللغة في ذاتها ومن أجل ذاتها، بل درسوا اللغة في ذاتها ومن أجل ما ينتج عنها وما يتحقق بها و هو هذا التبليغ و البيان.


وقد انطلقوا جميعا من نظرية مركزية واحدة تقوم على مفهومي الأصل و الفرع وبالنسبة لعلماء العربية الأصل هو اللفظ الجاري على مجرى واحد لا يتغير، ويوجد في كل فروعه، ولا علامة له تميزه عن الفروع، فله العلامة العدمية (0) بتعبير اللسانيات المعاصرة ويقبل الزيادة المرتبة عن اليمين واليسار، وينطبق هذا الوصف الدقيق على العناصر اللغوية من أدناها إلى أعلاها، أي من المستوى الصوتي الحرفي إلى مستوى الخطاب التواصلي التام ومعنى ذلك أن العلماء العرب حولوا اللغة كلها إلى نظام من الأصول و الفروع ففي كل مستوى هناك أصول وكل أصل تتفرع عليه مجموعة من الفروع بالزيادة المرتبة عن اليمين واليسار والمجموعة من الأصل وفروعه تسمى بابا نحويا أو لغويا، ويمكن للفرع أن يتحول إلى أصل ثان أو ثالث في أوضاع معينة.


فهذه النظرة إلى اللغة هي نظرة إجرائية بحتة تنطلق من الإنجاز والتحقق اللغوي في مستوى الخطاب المتداول وتحاول أن تختبره بمختلف التحويرات والتعديلات التي يجريها العقل على هذه المادة، وهذا معنى عبارة العلماء الأوائل: «النحو عقل من نقل».


4-2- الهدف من التحليل العلمي للغة:

يسيطر على الدراسات العلمية للسان البشري منذ حوالي قرن من الزمان المنهج الموسوم بالوصفي، ويقول المتحمسون لهذا المنهج إن الوصف الدقيق والشامل للغة يجب أن يكون هو المنهج والغاية بالنسبة لكل بحث جدير بالاعتبار في ميدان اللغة، وهذا كلام سديد ولكنه ليس كافيا، وإنما يحتاج الناس من اللغوي أن يصف اللغة أولا وأن يبين سلوك المتكلم فيها أي الانتقال من الخطاب في ذاته إلى المخاطب أيضا، لأن هذا السلوك هو سلوك المجموع من الناطقين واختيارهم في تعبير معين من التعبيرات أن يستحسنوه أو أن يستقبحوه، والدليل على ذلك أن المستقيم في النحو (أي في القياس) غير مطابق ولا معادل للمستقيم في الاستعمال، وهذا يعني أن هناك وجهين لظاهرة واحدة هي اللسان وهما وجهان غير متعادلين يسميهما العلماء العرب الوضع والاستعمال، فاللغوي إذا أهدر هذا الاختيار الجماعي للناطقين ومجموعة الأحكام النمطية التي يصنفون فيها كلامهم بحجة أنه ليس من لوازم الوصف فإنه حكم على نتائجه أن تظل حبيسة التصور السكوني الجامد للغة، في حين أن جوهر اللغة هو هذه الحركية و الديناميكية التي يظهرها استعمال الناطقين و تداولهم.


وقد ظهرت اتجاهات جديدة في البحث اللغوي تراعي الظواهر الاستعمالية أو تنظر إلى اللغة كلها على أنها خطاب وتداول وقد خففت ولطفت من وطأة المناهج البنوية السكونية و لكنها مع ذلك ما تزال دائرة في المفاهيم العامة المسلمة حول الوصف، بالإضافة إلى غلبة النزعة التأملية الفلسفية عليها.


5- الأسس المنهجية للبحث العلمي النظري في اللسان ومجاريه:

5-1- التوجيه النحوي الإجرائي للكلام (الاستقامة والإحالة):

النحو هو قانون الكلام، ويتكون من مجموع العلاقات والنسب المستنبطة من مخاطبات العرب الموثوق بعربيتهم و كلامهم، يستعمل النحاة العرب مفهوم الاستقامة ومعناه الكلام المعتبر نحويا، وينظرون فيه إلى أربعة مراتب متداخلة وهي اللفظ والمعنى والوضع و الاستعمال، وقد لاحظوا أن هذه المراتب متداخلة؛ فهناك لفظ وضعي و معنى وضعي ولفظ استعمالي و معنى استعمالي، ويترتب على ذلك أن الظاهرة الكلامية غير متعادلة الوجوه؛ وانتهى بهم التحليل إلى التأكيد المستمر على أن اللفظ هو الأول[7] (أي هو الأصل)  والمعنى هو الثاني[8] (أي فرع على اللفظ)، والوضع (و هو القياس) هو الأصل و الاستعمال فرع عليه، هذا فيما يخص النظرية العامة، أي التي بنيت على الكثرة.


5-2- القياس العربي التمثيلي و مفهوما الأصل و الباب:

نحن نقول (القياس العربي) ونؤكد على هذه النسبة كقيد لإخراج باقي أنماط و أشكال القياس الأخرى المعمول بها في البحث العلمي عموما والبحث اللغوي خصوصا، ولا سيما ذلك النمط المسمى (السيلوجيسموس) و هو القياس اليوناني الذي يشتهر أن (أرسطو) الفيلسوف هو الذي حرر صياغته و شكله النهائي.


القياس العربي هو نموذج من الاستنباط يقوم على:

(حمل شيء على شيء لجامع بينهما) فالحمل هنا يراد به وضع الأشياء في مقابلة بعضها، أو في نفس مواضع بعضها لملاحظة ما يجمع بينها و هذا الجامع هو الذي به يتعادل الحكم و يستدل به على أن الأشياء المحمولة هي من قبيل واحد أو من مجموعة واحدة، وهذه المجموعة من الأشياء المتكافئة يسميها العلماء العرب بابا و كل باب عندهم قائم على ثنائية مطردة قوامها الأصل و الفرع؛ كل باب يبنى على أصل أو على مجموعة أصول، و كل أصل تجري معه في مجال واحد فروع مرتبة.


إذا أخذنا مثلا الباب الذي يسميه النحاة (باب الكلم)، فيجب أن نقول أنهم انطلقوا أولا من الكلام العربي الفصيح الذي دونوه ومن ذلك الذي ما زال متداولا على عهدهم، وطرحوا السؤال التالي: ما هي العناصر اللغوية التي تدل على المعاني الإفرادية العامة؟ فبدأوا يبحثون عن هذه العناصر من خلال إجراء الشيء على الشيء وحمله عليه فتوصلوا بعد تحليل شامل للعناصر اللغوية إلى تمييز ثلاثة عناصر تدخل في جواب سؤالهم، وهي على التوالي: الاسم المطلق والفعل المتصرف و حرف المعنى، فهذه العناصر مختلفة تماما عن بعضها وليست مقسومة كأجزاء من كل، وإنما الجامع بينها الذي وحدها في مجموعة واحدة (باب واحد) هو دلالتها على المعنى الإفرادي العام، وفي هذا المستوى أي مستوى التحقق والوجود الفعلي تساءل النحاة عن هذا الباب الذي اكتشفوه ماذا يسمونه، فكان الاقتراح الأشهر أن يسموه باب الكلم، وهذا الاسم يدل على المسمى دلالة تعيين، ولا يشترط فيه أن يجمع بدقة كل التفاصيل المندرجة في العناصر الداخلة فيه[9]، لأنه اصطلاح الغرض فيه تحقيق الاتفاق والتفاهم العام بين أهل الصناعة و الاختصاص.


5-3- الانفراد و حد اللفظة:

يريد النحاة أن يكتشفوا القوانين التي يبنى ويؤلف فيها الكلام، وهم في حاجة ماسة إلى تعيين الحدود الحقيقية للكلام مفردا ومركبا بطريقة صحيحة، وكل النحاة في العالم قديما وحديثا وقفوا أمام هذا السؤال العويص: ما هي نقطة الانطلاق في الكشف عن حدود الكلام ومستوياته؟


بالنسبة للنحاة العرب الأوائل كان اختيارهم هو الانطلاق من تقنية تحليلية يسمونها (الانفراد) وقوامها البحث عن القطع اللغوية التي تنفرد بنفسها، وحددوا هذا الانفراد نحويا بأنه قابلية الانفصال والابتداء؛ فكل قطعة لغوية يمكن أن تؤدي معنى صريحا في الخطاب المتداول ويمكن في نفس الوقت وصلها بغيرها في الخطاب فهي قطعة منفردة من ذلك المستوى.


وقد تبين للنحاة العرب بهذه التقنية الهامة أن مستويات اللغة تتداخل وتتعاضل بصورة جد معقدة، وأن المستوى التركيبي ليس تأليفا بسيطا للعناصر التي تحته، وكذلك مستوى الكلمة، فهي ليست مجموعة من الحروف المجموعة فقط بل هي مثال ومادة، وتمكنوا من إثبات شيء هام جدا وهو وجود مستوى بيني يتوسط بين الكلم المجردة ومستوى التراكيب المفيدة ويسمونه مستوى الألفاظ، وهو مستوى مركزي لأنه يتم فيه التقاطع بين مستوى اللفظ المجرد ومستوى الإفادة، ولذلك فهو كالمنوال بالنسبة للغة كلها.


5-4- العناصر المشرفة على التراكيب (نظرية العامل العربية):

لقد لاحظ النحاة العرب أن مستوى التراكيب يمكن تحليل قوانينه بنفس الطريقة العامة التي استعملوها مع الكلم (الأوزان) وذلك بتحويلها إلى مجموعة من الأمثلة تجرد كمتغيرات يدخل تحتها الكثير من العناصر اللغوية؛ وكما تمكنوا من تجريد الأمثلة الثلاثة (الفاء والعين واللام (فعل)) فقد تمكنوا من تجريد أمثلة أخرى أعلى منها و هي (العامل(ع) والمعمول الأول(م1)   و المعمول الثاني(م2))، وتم توزيع العناصر التركيبية على هذه المتغيرات كقانون عام بناء على مبدأ الكثرة.

 

وفيما يلي جدول يوضح هذه النظرة:

العامل (ع)

المعمول الأول(م1)

المعمول الثاني(م2)

1

الابتداء=عدم التبعية التركيبية

1

الاسم المبتدأ

1

المبني على الاسم المبتدأ

2

النواسخ كلها

1

الاسم المبتدأ

1

المبني على الاسم المبتدأ

2

المبني على الاسم المبتدأ

2

الاسم المبتدأ

3

الأفعال كلها

1

الفاعل

1

Ø

2

الفاعل

2

المفعول

3

المفعول

3

Ø

4

الفعل المتعدي إلى مفعولين+ فاعله

1

المفعول الأول

1

المفعول الثاني

 

5-6- تحليل المعاني اللغوية (نظرية الاعتماد):

المعاني عند النحاة العرب الأوائل هي أيضا أصول و فروع، والمعنى النحوي البحت هو جزء صغير من المعنى العام، ولذلك قالوا إن تطوير نظرية عامة لتفسير المعاني سيحتاج إلى المعلومات الدقيقة من علم النحو كأرضية لكنه سيحتاج إلى معارف ومعلومات أخرى تخص المنطق الطبيعي وقوانين الخطاب النفسانية والاجتماعية و الحاسوبية (في أيامنا).


وقد تركوا لنا أساسا قويا لخوض غمار هذا الميدان المعقد وذلك فيما نسميه (نظرية الاعتماد) التي طرحها الإمام الرماني في شرحه على كتاب سيبويه وقدم فيها العديد من التطبيقات الجيدة.


يقول الرماني:

« قسمة الزوائد على أقل ما تصح به الفائدة من الجملة على ثلاثة أوجه: ما هو للزيادة في الفائدة وما هو للزيادة في البيان و ما هو لتقويم المعنى.»[10] فالعنصر الذي يأتي للزيادة في الفائدة هو الذي يلي ( في الذكر) معتمد الفائدة (أي العنصر الذي هو عمدة في الجملة؛ أصل فيها و ليس زائدا، بحيث لو حذف لم تكن هناك جملة) ويكون فيه فائدة أخرى غير التي في معتمد الفائدة، أما العنصر الذي يأتي للزيادة في البيان فهو الذي يأتي بعد معتمد البيان مما هو معلوم عند المخاطب، وأما العنصر الذي يأتي لتقويم المعنى فهو الذي لو سقط من الكلام لانقلب المعنى[11]، فهذه المفاهيم تخص الزوائد على النواة اللفظية وأهم شيء في هذا الاقتراح أنه يفصل بوضوح بين عالم اللفظ واعتباراته وعالم المعنى و اعتباراته، وأكبر دليل يقوي هذا التمييز أن الصيغة اللفظية الواحدة قد تحتمل عدة وجوه من المعاني، وبناء على هذا التصور فإن الجملة المفيدة يمكن تحليل معناها انطلاقا من التمييز أولا بين العناصر التي تحمل الفائدة، أي أقل قدر من المعلومات يرسله المخاطب إلى من يخاطبه، والعناصر التي تحمل البيان، أي الزيادات على الفائدة مما غرضه التوضيح والتأكيد وغير ذلك، وبعد ذلك تمييز العناصر التي تحمل تدقيقا في معنى الفائدة أو في معنى البيان وهذه لو حذفت من الجملة لتغير معناها تماما.

 

وفيما يلي نحلل مجموعة من الأمثلة بالاعتماد على هذه المفاهيم:

الجملـة ( الكلام المفيد المستغني بنفسه عن غيره في تمام الفائدة و البيان[12])

 

معتمد الفائدة (0)

زيادة في الفائدة (1)

معتمد البيان (0)

زيادة في البيان (1)

تقويم المعنى (2)

1

زيد

Ø

قائم

Ø

Ø

2

زيد

Ø

قائم

Ø

بالتدبير

3

ضربــــت زيــدا

ضرب-

Ø

-ت

زيدا

Ø

4

مــــــررت راكبـــا

مرر-

راكبا

--ت

Ø

Ø

5

رأيت عبد الله منطلقا ( رؤية العين؛ فالفعل هنا متعد لمفعول واحد فقط).

رأيــــ

منطلقا

ـــت

عبد الله

Ø

6

رأيت عبد الله منطلقا ( أي علمت؛ الفعل هنا متعد لمفعولين).

منطلقا

Ø

عبد الله

رأيت

Ø

7

رأيت عبد الله منطلقا في علمي ( أي مع ذكر المعنى المقصود من رأيت)

منطلق

عبد الله

رأيت

في علمي

Ø

8

كـان عبد الله منطلـقا

 

منطلقا

Ø

عبد الله

Ø

كان

 

ملاحظات على الجدول:

1- أعطينا للعناصر الأصلية الرقم (0) لأنها أصول وليست زوائد، فحذفها يلغي الجملة، كما أنها لا تحتاج إلى علامة تميزها مثل الفروع.


2- أعطينا للزوائد الرئيسة الموالية للأصول الرقم (1) لأنها زيادة في المعنى مرتبطة مباشرة بالأصول، إذا حذفت الأصول لا يمكن أن توجد في الكلام هذه الزوائد.


3- أعطينا للزوائد المقومة للمعنى الرقم (2) لأنها زوائد مستقلة عن الأصول، وتأتي لمعنى جديد مستقل، فهي زيادة من الدرجة الثانية.


4- كل المواضع الفارغة من اللفظ و التي يمكن تقدير لفظ داخلها وضعنا داخلها علامة الخلو في الموضع (Ø)، مثلا: [زيد (Ø) قائم (Ø) بالتدبير]= [ زيد (هو) قائم (وحده) بالتدبير].


هذا التحليل عظيم الفائدة بلا شك لكنه داخل في حدود البلاغة بمفهومها الواسع ألا وهو قوانين التبليغ الفعال التي يراعى فيها أول ما يراعى المنفعة والإضافة الإيجابية التي ينتظرها المخاطب وهدفها إقامة التواصل وإدامته على الوجه الأكمل، فينبغي أن تعول على البساطة والوضوح و الخفة وعدم التكلف والتنطع رأفة بالمخاطب ومراعاة لما ينتظره من سهولة ويسر في فهم الخطاب وتحليليه.


6- تعليم اللغة من وجهة نظر اللسانيات:

نحن نتكلم هنا عن معادلة مكونة من ثلاثة عناصر؛ اثنان ثابتان (قديمان) هما مفهوم التعليم ومفهوم تعليم اللغة، والثالث متغير(جديد) و هو اللسانيات كعلم يهتم جزئيا بالمشاكل المرتبطة بتعليم اللغة.


بصورة عامة تعليم اللغة من منظور اللسانيات هو ترسيخ لنظامها بطريقة آلية (قدر الإمكان)، فاللغة هي نظام من الأدلة و هي أيضا سلوك يعتاده المتكلم يتحول تدريجيا إلى عادة أو إلى فعل محكم، لا يفكر الإنسان فيه تفكيرا نقديا أو تأمليا، و أرجح آراء العلماء حول الأفعال المحكمة عموما والسلوك اللغوي خصوصا أنه يتحول تدريجيا بواسطة التدريب والاستعمال المكثف إلى مجموعة من الآليات التي تتخذ مواضع محصنة وقوية في الجملة العصبية يتم استدعاؤها وإعادة استظهارها بشكل آلي(أوتوماتيكي) عن طريق الرسائل العصبية من الدماغ إلى أعضاء جهاز التصويت.


والبحث العلمي جار حاليا لمحاولة ضبط هذه الآليات العصبية التي تتحكم في مجموع العمليات الآلية التي يقوم بها الإنسان وهي تشكل جوهر الوجود البشري والنقطة المركزية في تميزه عن الأجناس الأخرى.


و هناك نظرية يعمل على تطويرها العديد من العلماء حول العالم تفترض أن طريقة التكيف البشري أي الانتقال من الأفعال غير المحكمة إلى الأفعال المحكمة (الدورية) يتم من خلال مجموعات مرتبة من التعليمات تشبه الخوارزميات التي تنظم الحاسوب ولذلك يقوم خبراء علم الأعصاب بالتعاون مع خبراء المعلوماتية والحاسوبيات بفحص هذه الفرضيات، لكن الصعوبة تكمن في تعذر تطبيق هذه الفحوص على الإنسان الحي لأنها تتطلب فحصا طويل الأمد وعلى عينة كبيرة من الأشخاص.


أما بالنسبة للطرح القديم الجديد الذي طرحه الإسلام من خلال نص القرآن الكريم و حاول بعض العلماء و الباحثين المعاصرين إعادة إحيائه فالثابت منه بصريح النص القرآني أن العقل مجموعة عمليات تتم في الذهن وليس الدماغ هو الممول المباشر لهذه العمليات، فكلما قيل فيه: ﴿ أَفَلَا يَعْقِلُونَ ﴾ [يس: 68] أو ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ﴾ [النحل: 67] فإن العقل بشكل عام هو مطلق الربط بين الداخل(الترتيبات التي يقيمها الذهن) والخارج (الظواهر والمصنوعات الإلهية) فالترتيب العقلي الصحيح هو الذي ينتج به الحكم بأن الظاهرة المعقولة آية أي شيء لا يمكن إيجاده من عدم.


و أخطر شيء صرح به القرآن وظهرت دلائل تجريبية تؤكده هو أن مركز الجملة العصبية هو القلب وليس الدماغ، وهو المستوى الذي يسمى في القرآن (الفؤاد)، فهذه المعلومات لو تكللت بالأدلة الكافية و تم وضعها في مواضعها من النظرية اللغوية والعلمية بشكل عام فإن هذا مؤذن بفتح علمي ضخم في ميدان معرفتنا باللغة و بتكوين المعرفة اللغوية عند الإنسان.



[1] و حتى في داخل العلوم اللسانية يحصل تكوين مستمر لتخصصات فرعية جد دقيقة، و أكثرها ناتج عن هذا الاتجاه من التعاون و التكامل بين التخصصات، ومن أحدث ما يدعى إلى إنشائه حاليا (FLN) أو المقدرة اللغوية الخاصة ( Faculty of Language in Narrow seance) دعا إلى هذا التخصص الدقيق الذي يجمع بين أحدث ما توصلت إليه البحوث النظرية و التجريبية في اللسانيات (التوليدية) و علم النفس المعرفي و البيولوجيا التطورية، الباحثون من الولايات المتحدة، ينظر: مارك هاوسر، نوام تشومسكي، تكيومش فيتش، المقدرة اللغوية: ما هي، من يملكها، و كيف يطورها؟ مجلة العلم، عدد 298- 22نوفمبر2002-ص: 1569-1579/www sciencemag org.

[2] يسميها بعض المختصين (البيداغوجيا) و هما بنفس المعنى، و قد تكون التربية أعم من البيداغوجيا من باب أنها ترتبط بتكوين الفرد و توجيهه الوجهة الإيجابية في كل مناحي الحياة، أما البيداغوجيا فهي تخص الجوانب الأكاديمية أو (الصفية) البحتة، ينظر: أحمد شبشوب، علوم التربية، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ط1991/32.

[3] أصل الكلمة في العربية من (ربا يربو ربوا) و معناه الزيادة مطلقا، و منه (الربوة) أي المكان المرتفع من الأرض، ينظر: ابن منظور، لسان العرب، دار الكتب العلمية-لبنان-ط1-1999 مادة (ربب)، و المفهوم الأصلي للتربية في التصور العربي الإسلامي هو الزيادة و النمو والبركة، فكل زيادة في الاتجاه الإيجابي المحمود تطرأ على الفرد في أي جانب من جوانبه فهي من هذا الباب، و معناها الثاني (الخاص بالثقافة الإسلامية) هو الرعاية و الحفظ و العون، و منه مفهوم (الربوبية) فالله رب العالمين أي مربيهم وراعيهم و هاديهم إلى الخير والصلاح، أما عند الغربيين فهي ترادف التعليم تماما، وهذا هو معناها الأصلي عندهم، سواء أ كان التعليم الرسمي في الفصول أم التعليم العام لأي شيء في الحياة، ينظر: » Oxford Dictionary,2nd Impression,1998,p:369، وقد ترادف البيداغوجيا كمجموعة من الجهود المنصبة على معالجة المشاكل التعليمية، أو الثقافة، أو الكياسة وحسن التعامل (وهذا قريب من التصور العربي العام)، ينظر: المعجم الفرنسي الرسمي (Larousse) ط1997-باريس-ص:516.

[4] ينظر: فرانك كيلش، ثورة الإنفوميديا، تر: حسام الدين زكريا، عالم المعرفة، عدد 253- يناير2000م، بشكل خاص الفصل الثاني والعشرين: (علم أطفالك بحق) ص 463-480.

[5] جاك ريتشاردز، تطوير مناهج تعليم اللغة، ص: 29 وما بعدها.

[6] و كذلك الأمر بالنسبة للطلاب في بلد أجنبي، والمسلم الأعجمي الذي يريد أن يفهم القرآن باللسان العربي، وفي الترجمة العالية المستوى كتراجمة الأمم المتحدة واليونسكو وغير ذلك، فكل هذه الفئات من الناس لا يمكن أن يكون تعلمها للغة (الأجنبية) حاصلا بنفس القدر من العفوية والآلية كما في حال الطفل الصغير، وحاجة المبرمجين في هذه الظروف إلى أدق المعلومات حول النحو النظري تكون ملحة جدا.

[7] هذا فيما يخص التحليل النحوي البحت، فالنحوي يشتغل على الكلام المنطوق من أجل اكتشاف حدوده الحقيقية ورسم هذه الحدود في قوانين عامة يمكن استثمارها في ميادين أخرى، كالفقه والتعليم وتفسير القرآن وفهم الكلام العربي بوجه عام، والنحو بهذه المنزلة هو واحد من العلوم المساعدة على الفهم و ليس هو الفهم كله أو المعنى كله.

[8] اختلف العلماء العرب من النحاة ومن غيرهم حول هذه الأولية، وذهب فريق من العلماء إلى أن المعنى هو الأول، وحجتهم أن المتكلم لا يمكن (عقلا) أن يضع لفظا دون تصور معنى له، وهذا الكلام على فرض صحته فهو يناقش مسألة اللفظ والمعنى في المستوى العقلي والفلسفي والأولية المقصودة هنا هي الأولية النحوية أي الراجعة إلى الصنعة والاختصاص.

[9] وقد وقف النحاة و اللغويون والمتكلمون عند هذا الاصطلاح وقوفا طويلا حتى صار هذا الوقوف من (الفرائض التحليلية الواجبة) وكانوا يقولون: لماذا قال النحاة كلما ولم يقولوا كلمات رغم أن الأخير أشهر؟ ولماذا اقتصرت (القسمة) على الاسم و الفعل والحرف؟ وما وجه الحصر في هذه الأقسام؟ وكيف يكون الفعل والحرف كلمة وهما في الوقت نفسه فعل وحرف؟ أما الذي وضحناه في هذا الموضع فهو السلوك المنهجي والتقني الذي سلكه النحاة في عملهم.

[10] علي بن عيسى الرماني، شرح كتاب سيبويه، ج1/139.

[11] المصدر السابق، ج1/139.

[12] الحاج صالح، بحوث ودراسات في اللسانيات العربية، ج1/291، بحث بعنوان: الجملة في كتاب سيبويه، ألقي في مجمع القاهرة سنة 1993م، و قد بين فيه أن كتاب سيبويه يخلو تماما من ذكر مصطلح الجملة وأن ما يناسبها من عباراته هو الكلام نفسه أو الكلام المستغني.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة