• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الشيطان

الشيطان
د. أحمد عيد عبدالفتاح حسن


تاريخ الإضافة: 13/12/2011 ميلادي - 17/1/1433 هجري

الزيارات: 23623

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أخي القارئ العربي الكريم:

لعلَّك تلاحظُ وأنت تبحث عن أصلِ كلمة من كلماتِ لغتنا العزيزة في معجماتِنا اللغوية أنَّ بعضَ الكلمات لها اشتقاقٌ واحد، وبعضها الآخر له اشتقاقان، ومن بين الكلماتِ التي لها اشتقاقان: كلمتنا هذه التي نعوذُ بالله - تعالى - من شرِّها، ومن شرور مُسَمَّاها - لعنه الله.

 

ولو ولَّيْتَ وجهك شطر معجماتنا باحثًا عن الأصلِ اللغويِّ لهذه الكلمة المكروهة، لصادفك قولان لعلمائنا الأجلاء في اشتقاقِها، إليك بيانهما:

القول الأول: ذهب جماعةٌ من أهلِ اللغة إلى أنَّها مشتقةٌ مـن: شَاطَ الشيءُ يشيط شَيْطًا وشِياطةً.

 

وكلمة (شاط) تدورُ حولها المعاني الآتية، والسياق يحدِّدُ المراد منها:

• المعنى الأول: احترقَ، ألا ترى أنَّك تقول: شاطَتِ القِدْرُ، إذا قاربت الاحتراق، ولصق بها بعض ما فيها من طعامٍ؟ ويقال: شاطَ السَّمْنُ يَشِيطُ، إذا نَضِجَ حتى كاد يحترق.

 

• المعنى الثاني: ذهبَ، وبطل، ألم يقع نظرُك على قولِ العرب: شاطَ دمُ القتيل، إذا ذَهَبَ هدرًا؟ وكلُّ ما ذَهَبَ فقد شاط.

 

• المعنى الثالث: هَلَكَ، ففي الحديث: أَنَّ سيدنا زيد بن حارثة - رضي الله عنه - قاتلَ براية رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى شاطَ في رماحِ القوم، والمعنى: هلَك.

 

وعلى هذا فالياء في كلمة (الشيطان) أصلية، والنون زائدة؛ لأنَّها مشتقَّةٌ من (شاط) بمعنى احترق غضبًا، فالشيطانُ مخلوق من قُوَّة النار، كما جاء في الكتاب العزيز: ﴿ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ ﴾ [الرحمن : 15]، ولكونه مخلوقًا من ذلك اختُصَّ بفرطِ القوة الغضبية، والحمية الذميمة، وامتنع من السجود لآدم.

 

ووزنه الصرفي (فَعْلان)؛ فإِذا سمَّيت شخصًا بـ(شيطان) فلغتنا الجميلة تقتضي منك أن تمنعَه من الصرف؛ لوجودِ علتين فيه؛ هما: العلمية، وزيادة الألف والنون.

 

وقد تعجب وتقول: وهل يُسمَّى أحدٌ بـ(شيطان)؟ لكنَّك إذا علمتَ أنَّ بعضَ العرب قديمًا كان يُسمَّى بهذا الاسم زال عنك العجبُ، ورُفِعَ عنا العَتَبُ؛ فمن هؤلاء: شيطان بن مدلج الجشمي، وشيطان بن الحكم بن جابر بن يربوع، وشيطان بن لاطم، وشيطان بن الحكم بن جاهمة الغنوي، وفيه جاء قول طُفيل الغَنَوي:

وَقَدْ مَتَّتِ مَنَّتِ الْخَذْْوَاءُ مَنًّا عَلَيْهِمُ
وَشَيْطَانُ إِذْ يَدْعُوهُمُ ويُثَوِّبُ

 

 

فمنع (شيطان) من الصرف؛ وهو شَيْطانُ بن الحكَمِ، والخَذْواءُ فرسُه، ويُثَوِّبُ: يكافئهم ويجازيهم.

 

ويُؤَيد هذا القول: جمعها الوارد في قِراءة الحسن البصريِّ، والأعمشِ، وسعيدِ بن جُبيرٍ، وأبو البَرَهْسَم، وطاوُوسٍ (وَمَا تَنَزَّلَتْ به الشَّياطونُ)، وهي قراءةٌ شاذة، لكنَّها دليل قويٌّ مثبتٌ لهذا الاشتقاق.

 

القول الثاني: وذهب جماعةٌ آخرون من أئمَّةِ اللغة إلى أنَّها مشتقة من (شَطَنَ)، إِذا بَعُدَ، أَو تباعَدَ، والشَّطَنُ هو: الحبل الطويل الشديدُ الفَتْل الذي يُسْتَقى به وتُشَدُّ به الخَيْل، والجمع أَشْطان، كما قال عنترة:

يَدْعُونَ عَنْتَرَ وَالرِّمَاحُ كَأَنَّهَا
أَشْطَانُ بِئْرٍ فِي لَبَانِ الْأَدْهَمِ

 

والشاطِنُ هو: البعيد عن الحق، والخبيث.

والمُشاطِنُ هو: الذي ينزعُ الدلو من البئرِ بحبلين.

 

ولا ريب في أنَّ الشيطان بعيدٌ عن الحق والخير، أو عن رحمة الله تعالى، طويل الباع في الشر، فالنُّون فيه أصلية، والياء زائدة، ووزنه الصرفي (فَيْعَال)، فإذا سميت شخصًا بـ(شيطان) فلغتنا الكريمة تتطلبُ منك على هذا القول أن تصرفَه، فتجره بالكسرة، وتُنَوِّنه إذا لم يُضَف، أو تدخل عليه الألف واللام، فإذا أُضيف أو دخلت عليه الألفُ واللام خرج التنوين ولا عودَة له ما داما موجودَيْنِ.

 

وحكم الأَزهريُّ صاحب تهذيب اللغة على هذا القولِ بأَنَّه الأَكثر؛ قائلاً: والدليل على أَنَّه من (شَطَنَ) قول أُمية بن أَبي الصلت يذكر سليمانَ النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

أَيُّمَا شَاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ
ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالْأَغْلاَلِ

 

والمراد: أيما شيطان، وعكاه بمعنى: شدَّه.

 

وقولهم في الجمع: (الشياطين) دليلٌ على ذلك، وفي الكتابِ العزيز ﴿ وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ ﴾ [الشعراء : 210].

 

وقضى بعضُ العلماء بأنَّ هذا القول هو الأصحُّ.

 

والذي أراه: أنَّ هذه الكلمة محتملة للاشتقاقين معًا، وإن كان الثاني هو الأكثر، فهناك تناسبٌ في المعنى لا يخفى كما رأيت، وقد جاء جمعُ هذه الكلمة على القولِ الأول بالواو والنون في القراءةِ الشاذة السابق ذكرُها، ولذلك لا نقبلُ ما قاله أبو العباس ثعلب وابن جني عنها إنَّها غلطٌ من القارئ، ولا نقبل محاولةَ غيرهما غضَّ الطرفِ عن القولِ الأول في اشتقاقها بقوله عن هذه القراءة: هذا بخلافِ الخط (الرسم)؛ إذ القراءةُ الشاذة لا تجوزُ القراءة بها، لكنَّ الاحتجاج َ بها في علمِ العربية جائز لا يستطيعُ أحدٌ إنكاره، وقد ذكر سيبويه - رحمه الله - في "الكِتابِ" أنَّ نونَ (شيطان) محتملة لأن تكون زائدَةً تارةً، وأصليةً تارة أُخرى، فلله دَرُّه عالمًا مُدقِّقًا!

 

هذا عن اشتقاقِ هذه الكلمة.

 

أما المراد بها فـ: كلُّ عاتٍ متمردٍ من الجنِّ والإنس والدوابِّ فهو (شَيْطَانٌ)، قال جرير متحدثًا عن نفسِه:

أَيَّامَ يَدْعُونَنِي الشَّيْطَان مِنْ غَزَلِي
وَكُنَّ يَهْوَيْنَنِي إِذْ كُنْتُ شَيْطَانَا

 

وفي الكتابِ العزيز قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ ﴾ [الأنعام : 112]، وقال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة : 14]؛ أي: أصحابهم من الجنِّ والإنس، وقال - جلَّ جلاله -: ﴿ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا ﴾ [البقرة : 102]، وهم مردة الجنِّ، ويصحُّ أن يكونوا هم مردة الإنس أيضًا، وقد سُمِّي بذلك إبليس اللعين؛ لبُعده عن الحقِّ والخير، وتمرُّده، وإشارة إلى مادته التي خُلِقَ منها.

 

ويدور على ألسنةِ الناس في كلِّ مكان عبارة (تشَيْطَنَ الرجل): إذا صار فِعْلُه يشبه فعلَ الشياطين.

 

وكلُّ خلقٍ ذميمٍ للإنسان يُسَمَّى شيطانًا، فالحسد شيطان، والغضب شيطان، ونحو ذلك.

 

وقال الله - عزَّ وجلَّ - في صفة شجرة الزقوم التي تنبت في النار: ﴿ طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ [الصافات : 65].

 

قال الفراء وغيره: في ﴿ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ ﴾ في اللغةِ العربية ثلاثة أوجه:

• أحدها: أنَّه يُشبِّهُ طَلعَ هذه الشجرةِ في قُبحِه برُؤوس الشياطين؛ لأنها موصوفة بالقُبح وإن كانت لا تُرى.

 

ووجه ذلك: أَنَّ الشيء إذا استُقبح شُبِّه بالشياطين، فيقال: كأَنَّه وجهُ شيطان، وكأَنَّه رأسُ شيطان، والشيطانُ لا يُرى، ولكنَّه يُستَشْعَر في النفوس أقبحَ وأبشعَ ما يكون من الأشياء، ولو رُؤِيَ لرؤِيَ في أَقبح صورة، ومثله قول امرئِ القيس:

أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي
وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْياَبِ أَغْوَالِ

 

ولم تَر العربُ الغُولَ ولا أَنيابها، ولكنَّهم بالغوا في تشبيه ما يستقبح من المذكرِ بالشيطان، وفي تشبيه ما يُستقبَح من المؤنث بالغول.

 

• والوجه الثاني: أنَّ العرب تسمِّي ضربًا من الحيَّاتِ ذا عُرْفٍ قبيح المنظر (رؤوس الشياطين)، ويسمون الواحدة (شيطانة)، والواحد (شيطان)؛ ومن ذلك قول رجل يذُمُّ امرأةً له سيئة الخُلُق:

عَنْجَرِدٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ
كَمِثْلِ شَيْطَانِ الْحِمَاطِ أَعْرَفُ

 

• والوجه الآخر: أنَّ العربَ تسمي ضربًا من النباتِ قبيح الرؤوس بـ(رؤوس الشياطين)، شُبِّه به طَلْع هذه الشجرة القبيحة.

 

والأوجه الثلاثة تذهبُ إلى معنًى واحد من القبحِ والبشاعة، وتلتقي عنده، والله - عزَّ وجلَّ - أَعلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة