• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

أيها العرب اسمعوا! ليس للعرب حضارة!

آمنة بنت عبدالله بن محمد


تاريخ الإضافة: 8/11/2010 ميلادي - 1/12/1431 هجري

الزيارات: 25601

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يا حزني الذي لا ينتهي من أبناء جِلْدتي! ويا جُرْحي الذي لا يَلْتئم من طُعون النَّاطقين بلِساني!

يا حسْرَتاه إلى غَد! ووا مُصاباه إلى يوم الدِّين!

نُصْبح في كلِّ يوم على بِدَع لُغَوية، ومصائِبَ فكرية وعقدية؛ ترقِّق فجيعة بعضها بعضًا.

 

أصبح الناس يَعْتَدُون على مقدَّساتنا، ويتكلَّمون في عقائدنا؛ من قَبْل بتبجُّح وقِحَة، واليوم باسْمِ الحضارة والعلم، والتقدُّم والرقي!

 

يا كرام! ليست مصيبتي اليوم إلاَّ مصيبة أدبيَّة، تتمخَّض عنها مصيبة حضاريَّة، وفكرية، وعَقَديَّة!

 

أصبحْتُ اليوم على خير، أرجو علمًا نافعًا، فإذا بإِحْداهن تفجعني، تقول وتكرِّر على مَسْمَعي كما تكرِّر السكِّين على الجرح: "العرب ليس لهم حضارة (كذا!)، وينبغي أن نفرِّق بين الحضارة الإسلاميَّة والعربيَّة (كذا!)".

 

والحقيقة - يا كرام - أنَّ هذه لم تكن الأُولى، فقد سَمِعْتها من قبل من أستاذ من أساتذتِنا في الأدَب، وظننْتُه رأْيًا شخصيًّا لا يتعداه هو، وبخاصَّة أنَّه في خاتمة ما درَّس لنا قرَّر لنا أنَّ "العرب أُمَّة عظيمة، ولا يَنْبغي لنا أن نَحْتقر أنفسنا، ولا أن نرفع بها فوق ما لَها"؛ فهدَأَت غيرتي، وتنهَّدْت وحَمِدت الله.

 

حتى فُجِعت بهذه تكرِّرها، كما يكرِّر العدوُّ سُبَّتَه لك على لسان أخيك.

 

فما تدري كيف تتألَّم من مُصابك؟ ومَن تلوم؟

 

أشماتةَ عدوِّك، وقد رماك بشُبَههِ باسْم العلم؟ أم جهْلَ أخيك الذي تلقَّفَها وتبنَّاها، وأضحَيْت لا تسمعها إلاَّ منه، وبِئْسما هي سُبَّةٌ من أخيك، كمزحة من عدوك يتشفَّى بها منك!

 

لست هنا لِأُحصي مآثِرَ العرب، ولا تأريخهم عَبْر الأزمان، ولا مكانتهم التي وهبَهم الله إيَّاها من بين العالَمين، ولا حضاراتهم التي أنشؤوها قَبْل الجاهليَّة ولا بعدها؛ فذَا مما يطول ذِكْرُه، ويقصر علمي عن مُعْظمه، لكنِّي أستنطق العقل لأُحرِّك إنصافه، وكلُّ امرئ خصيمُ نفسه، فأقول:

لم تكن تنقص العربَ أيُّ حضارة مادِّية، بل عَلَوا فوقها، واخترعوا من مخيلتهم صُوَرًا وألفاظًا قحط بها دهرهم؛ بَلْه قحط الصحراء موطنهم، فقد أثبت لنا التأريخ أنَّ العرب لما سكنوا الأندلس وعمروا الحواضِرَ، وابتكروا العلوم، ما استطاعوا أن يأتوا بأعظمَ مما كان لديهم - على مستوى اللُّغة العامِّ - إبَّان نزول الوحي وقبله!

 

إن الله - تعالى - أخبرنا في القرآن عن أُمَم عربيَّة أبادها، وصوَّر لنا شيئًا من مَشاهد حضارتها المادِّية التي أبقى آثارَها حتى اليوم ؛ مِمَّا لا يزال علم الآثار يَدْرسه، وينقب لنا عن أوجُه حضارات فيه ورُقي.

 

هذا مِمَّا أبقاه الله لنا شاهدًا، وإلاَّ فالبائد أكثر، والتأريخ لم يُحِطْ به بشر.

 

أمَّا خُرافة أنَّ الإنسان - وهي أصل بلائنا اليوم - كان فيما مضى (حجريًّا) لا يعرف أن ينطق، ولا أن يَلْبس، ولا أن يعيش ويأكل؛ فهذه من خُرافات جهَلَةِ الأعاجم، ولا تليق بِمُسلم يقرأ أنَّ الله - تعالى - جعل آدم - عليه السَّلام - خليفة على الأرض إنسانًا كاملاً، وجعل أبرز مظهر من مظاهر كماله: أنْ علَّمَه الأسماء كُلَّها، (وطبعًا لم يُعَلِّمه الأسماء ليتحلَّى بها، ولا ليصوَّر معها، ولكن لينطق بها!).

 

ولستُ خائضةً في نزاع عُلَماء اللُّغات: هل كانت لغة آدم - عليه السَّلام – العربيَّة أو غيرها؟


لكن عجبي مِن أولئك العرب - أجدادي - كيف نَزَعوا من تلك الصَّحراء الشَّحيحة صُوَرًا من البيان، أخْلَد في الدَّهر، وأجمل مِن صُوَرها في العين؟!

 

بل عجبي كيف نَحَتوا الحروف، وتَخيَّروا الألفاظ، ونَمَّوا اللغة بين ألسنتهم وقلوبهم، ورَعوا العربية في قرائحهم أشدَّ من رعاية الأُمِّ لوليدها؟! حتى ما يقول المرء حين يرى اشتداد عِزَّتِهم بها وحدبِهم عليها، إلاَّ: إنَّها رعاية إلهية لهذه اللُّغة، في قوم لم يُظْهِر لنا التأريخ إلاَّ الجزء الأخير من حياتهم قبل الإسلام، يُدْعى بالجاهليَّة!

 

وَلْتَعجب كيف يَرْضى امرُؤٌ منهم أن يأكل أوراق الشَّجر، ويلتحف السَّماء، ويرتحل خلف منازل القَطْر، ولا يسمع كلمة من امْرِئ تؤذيه، ولا سلطان لأحدهم عليه!

 

هل وصَل الناسُ في عصرنا إلى حُرِّية وحضارةٍ لُغويَّة مثل هذه؟


تأمَّل كيف تحرَّكَت غَيْرتُهم على لسانهم - أعزِّ ما يملكون - أن رحَّلوا أبناءهم إلى مظانِّ العربية؛ لِيَنشؤوا نشأة فصيحة سليمة؟

 

بل كيف لو عَلِمْت أنَّ هذه المجامع اللُّغوية في الشرق والغرب إنَّما هي تقليد لأسواق العرب القُدَماء التي ضاعت معظم قصَصِها وما يدور فيها، ولم يَحْفظ لنا الدَّهر إلاَّ ما يدلُّ على نهضة لُغوية شاملة (كَقُبَّة النابغة الحمراء، ونَقْدِه للشُّعراء).

 

أيُّ عظمة تلك التي لِقَوم لا يكون لهم أسواق للتِّجارة وتبادل السِّلَع كما الناس، بل لِتَبادُل الكلام، وتَرْداد نِتاج القرائح من أصغر القوم حتى أكبرهم ؛ حفاظًا على اللُّغة وسلامتها!

 

إنَّ الكلام في هذا ليَطُول، وإن الشَّجن لعازف، وإن الجُرْح لنازف، وإن كان لا يَزال في نفسك شيءٌ فاسْأَل التأريخ، واقرأ تأريخنا الغابر، واعْدِل.

 

ثُم إن كنت لا تزال شاكًّا في أنَّ أعظم حضارة بين البشر هي الحضارة الرُّوحية الخُلُقيَّة المبنيَّة على الحضارة اللُّغويَّة: ألا تقرُّ راضيًا أنَّ الله اختار لرِسالته أفضل مَن على ظَهْر الأرض - قومًا وأشخاصًا؟ وأنزل كتابه على أعظم لسان بين البشَر إلى يوم الدِّين؟

 

هل كانت حضارة الإسلام إلاَّ عربيَّة، وهل كان العرب ذَوُو شأن عظيم أحاط بالأرض إلاَّ بالإسلام؟!

 

وهل كانت العربيَّة إلاَّ رُكْنًا شامِخًا من أركان الإسلام؟

هل ثَمَّة مسلم يعبد الله إلاَّ بالعربيَّة؟!

 

فلِمَ الفَصْل في الحضارة الواحدة بِمُسمَّى حضارتين؟!

 

أمَّا مآل زَعْم أنَّ العرب ليسوا بأهل حضارة على العقيدة فهذا: أنَّ الله أساء الاختيار لِمَوضع رسالته، فلم يَخْتر لرسالته إلاَّ أعرابًا يبولون على أعقابِهم... وإن كانت أجدر في أهل فارس والرُّوم واليونان...!!

 

تعالى الله وتقدَّس عمَّا يقول الظَّالِمون علُوًّا كبيرًا!

 

وإن هذا الزعم لو كان من أعجمي لقلت: قد طغَتْ به شعوبيَّته، وغلا به حسَدُه على ما آتى الله العربَ من فضله، واستعذرْتُ لِجُرمه، وعذَّرْت له.

 

لكن مَن يكفيني هذا الطعن من أبناء جلدتي[1] - الشعوبيِّين الجدُد؟!



[1] حقيقةً أو ادِّعاء.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- بلوغ الأرب في معرفة احوال العرب
مروان العزي - العراق 05-01-2013 11:23 AM

شكرا أيتها الأخت الكريمة على هذه المقالة اللطيفة الهادفة..
وأنصح كل من يقول أن العرب ليس لهم حضارة فليقرأ كتاب بلوغ الأرب في معرفة أحوال العرب (3 أجزاء) لمؤلفه علامة العراق السيد محمود شكري الآلوسي البغدادي وقد طبع الكتاب طبعات عديدة

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة