• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

اللغة النوبية ونصر أكتوبر

عبدالله عيسى


تاريخ الإضافة: 30/9/2010 ميلادي - 22/10/1431 هجري

الزيارات: 8508

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

صادفني أثناءَ جُلُوسي في صالةِ الانتظار بالمطار اثنان كانا يتحدَّثان معًا بلُغَةٍ غَريبة لَم أفهمها، حتى ظننت أنَّهما لا يتكلمان العربيةَ، وبعد فترةٍ جلس أحدهما بجواري، وقال: "السلام عليكم" بلغة عربية واضحة.

 

فتعجبت كثيرًا، وأردت أن أستفسرَ عَمَّا شاهدته منذ قليل، وأخذ الفضولُ يُلِحُّ عليَّ، ولا يتركني في حالِ سَبيلي، فوَجدتُني أسأله: ما تلك اللغةُ التي كنتَ تتحدث بها منذ قليل؟

فأجاب مُبتسِمًا، وقد بَدَتْ أسنانه البيضاءُ من فَمِه كحَبَّات اللؤلؤ البَرَّاق من تلك البشرة السَّمراء، وقال في طيبةٍ شعرت بها: "إنَّها اللهجة النوبية".

 

فتعجبت، ولماذا لا تتكلم العربية؟

فقال: نحن - أهلَ النوبة - فيما بيننا نتكلم لغتَنا النوبية، التي نعتز بها، ونفخر بها دائمًا، ومع الآخرين نتكلم العربية، ثُمَّ أردف قائلاً: اللغةُ النوبية عِدَّة لهجات، ولكنَّنا نتكلم بخمسٍ فقط، وهي المشهورة.

 

ثم قال: ألاَ تعرف كيف لعبت اللغةُ النوبية دورًا بارزًا في حرب العاشر من رمضان؟

 

فازدادت دَهشتي لتلك المعلومة الجديدة عليَّ، وسألته في اهتمامٍ: كيف ذلك؟

فأخبرني أنَّ الشفرةَ في الحرب كان دائمًا العدوُّ يستطيع فَكَّهَا ومَعْرِفة ما تَحويه من مَعلومات في كلِّ مرة؛ لذا فَكَّر أحد القادة في المعركة في استخدام اللغة النوبية في الشفرة؛ حيث إنَّه لا يعرف نُطقها إلاَّ النوبيون فقط، الذين يُعلمونَها لأولادهم، وأحفادهم جيلاً بعد جيل؛ حيث إنَّها لا تكتب، ولكن تنطق فقط.

 

فأردت أنْ أتعرَّفَ على تلك اللغةِ، فبحثت، فعلمت أنَّ اللغةَ النوبية الحالية إحدى أعرق اللُّغات الحامِيَّة المنتشرة في إفريقيا والسودان على وجهِ التَّحديد، ويُرجِع الباحثون تاريخَ ظهورها في وادي النيل إلى القرنِ الثالث قبل الميلاد.

 

أَمَّا اللغةُ النوبية، فيَرجع تاريخُ ظُهورِها إلى الفترة ما بين القَرنين الثاني قبل الميلاد، والثاني الميلادي، عندما ضَعُفت مَملكة "مروي"، وبدأ نَجمها في الأفول، ويُعتقد أنَّها جُلِبَت للمنطقةِ بواسطة القبائل التي وفدت إليها من شَمال غرب إفريقيا عَبْرَ "كردفان"، عندما استوطنت بالمنطقة إبَّانَ سُقوطِ مَملكة "مروي"، وقد صارتِ اللغة النوبية في تلك الفترة اللغةَ الشَّعبية في "مروي"، بينما كانت اللغةُ المروية اللغةَ الرسمية للبلاد، ولكن بعد سُقُوط "مروي" حَلَّت اللغة النوبية مَحلَّ المروية، وأصبحت اللغة الرسمية.

 

وكانت اللغةُ النوبية في بدايتها لغةَ تَحدُّثٍ فقط، ولكن مع دخول المسيحية في القرن السادس الميلادي، وبروز الحاجة لترجمة نصوص الإنجيل، قام النوبيون باستخدام الحروف القبطية "ذات الأصل اليوناني"؛ لتدوين اللغة النوبية، بعد أن أضافوا إليها ثلاثةَ أحرف، فصار عددُ أحرفها أربعةً وثلاثين حرفًا، فصارت لغةَ تَحدُّث وكتابة.

 

وقد عايشت اللغةُ النوبية عِدَّة لغات مَحلية وعالمية مُختلفة منذ ظهورها، كلغاتِ (البجا) في شرق السودان، واللغة الهيروغليفِيَّة (المصرية القديمة)، والرُّومانية، والإغريقِيَّة، وحتى العربية، فتأثرت بها وأثَّرت فيها، إلاَّ أنَّها نَجحت في الصمود، والاحتفاظ بملامِحها الأساسِيَّة، ولعلَّ أكبرَ دليلٍ على قُوةِ اللغة النوبية صمودُها الطويل أمامَ المد الجارف للُّغة العربية منذ دخول الإسلام وحتى الآن.

 

بل إنَّ اللغةَ النوبية غَزتِ اللغةَ العربية بالعديد من المفردات النوبِيَّة، التي عَدَّ لنا "د. عون الشريف قاسم" عددًا كبيرًا منها في مُؤلَّفه القيم: "قاموس اللهجات العامية في السودان".

 

تَقلَّص النطاقُ الجغرافي الذي تنتشر فيه اللغة النوبية اليومَ؛ حيث ينحَصِر استخدامُها في المناطق ما بين أسوان ودنقلة فقط، وسادت اللغةُ العربية بقيةَ المناطق النوبية جنوبي دنقلة، وحتى سوبا؛ نتيجةً لدخولِ عناصرَ عربيةٍ لتلك المناطق، واستقرارها بها، كما ضَعُفت قوتُها قليلاً أمامَ اللغة العربية التي غزتها بالعديد من المفردات العربية، وعمومًا لَم تَعُدِ اللغةَ النوبيةَ لغةً رَسْمية حتى في مناطقها الأصلية؛ حيث أصبحت تستخدم للتخاطُب فقط.

 

تنطق اللغة النوبية اليومَ بعدة لهجات، أهمها:

1- الكنزية: وهي لهجة الكنوز.

2- الحلفاوية: وهي لهجة الحلفاويين، ومناطق أرض الحجر.

3- السكوتية: لهجة أهل السكوت.

4- المحسية: وهي لهجة أهل المحس.

5- الدنقلاوية: وهي لهجة الدناقلة.

 

وهناك مَن يُقسمها إلى لَهجتين فقط، هما: الكنزية وهي لهجة الكنوز والدناقلة، والفديجا وهي لهجة الحلفاويين والسكوت والمحس.

 

ومن أهمِّ هذه المحاولات الدِّراسات التي أجراها العالم الإنجليزي "قريفث"، الذي كان أول مَن وضع قواعِدَ عامَّة للغة المروية، توصَّل إليها بمقارنة الرُّموز المروية بالصور الهيروغليفية؛ مِمَّا مكنه من تعيين أصواتها، كما قام بترجمة بعض النصوص المكتوبة بها.

 

وتعتبر دراسات "قريفث" من أهمِّ المراجع والمصادر التي يُسْتَقى منها المعلومات الآن، كما أجرى النمساوي "نيهلارز" العديدَ من الأبحاث عام 1928م توصَّل من خلالها إلى القواعد الأساسية لهذه اللُّغة، ووضع أسسًا ثابتة لدراستها.

 

وبالرغم من كلِّ تلك الجهود الكثيرة المبذولة لفكِّ رموز هذه اللغة وتَوثيقها ونشرها، فإنَّ الدور النوبي ما زال مُتواضعًا أمام هذا الكَمِّ الضَّخْمِ من الدراسات أو المراجع الصادرة في الغرب، ولعَلَّه لا يوجد حتى الآن مصدرٌ نوبي واحد يُمكن الرجوعُ إليه لدراسةِ اللغة النوبية، وإن كانت هناك بعضُ الخطوات الجادة، التي لم ترَ النور حتى الآن.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- اخى الحبيب الكســائى
عبد الله عيسى - مصــــر 02-10-2010 09:24 PM

جزاك الله خيرا على الدعــاء
وسعدت بك كــثيرا
وأحب ان أعـــرف رأيك فى مقالاتـــى السابقة

ويســعدنى التواصــل معك فى الخير
ولك تحيــاتى العطــرة

عبد الله عيـــسى

1- السلام عليكم
الكسائي - المملكة العربية السعودية 01-10-2010 10:05 AM

جزاك الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة