• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الأدب والنماذج العالية

الأدب والنماذج العالية
د. أيمن أبو مصطفى


تاريخ الإضافة: 23/6/2025 ميلادي - 27/12/1446 هجري

الزيارات: 351

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأدب والنماذج العالية

 

في خضمِّ الصراعات السياسية والاقتصادية تأثَّر الفِكر بتلك الصراعات، وغدتِ الحروبُ باردةً تستهدف العقول، فضاعت القيم، وحلَّت محلها أضغاث الفِكر الغربية التي لا تناسب ثقافتنا ولا قِيمنا.

 

وانحدر الفكر وانحطَّ حتى سقم الذوق، فغدت النقائص مستساغة، وبدا العَوار طبيعةً، وقد روَّج لذلك المتساهلون حتى استغله المتطفِّلون، وكان من نتاج ذلك أدبٌ لا علاقة له بالأدب، وفكرٌ لا يمُت بصِلة إلى الفكر.

 

فللهروب من قواعد النحو وقوالب العروض، ظهر فصيلٌ يلعن النحو والعَروض، ويعلن عن أدب جديد، ولست أدري ما معنى الجدة هنا؟

 

فالنحو ليس مجرد قوالب وقواعد، وإنما هو الفكر تمخَّضت في القلب، فصاغها اللسان في قوالبَ تُناسب القلب، فمن جهِل العلاقة بين النحو والمعاني، فقد جهل العلاقة بين الجمال والألوان.

 

لست هنا في مجال الدفاع عن النحو أو العروض، ولكني أحاول أن أضع يد القارئ على موضع الداء، فداؤنا الذي استعصى دواؤه هو داء التساهل، فحينما تساهل أهلُ اللغة، تساهل غيرهم.

 

فغدا الإعلامي متساهلًا في لغته، وكذلك الصحفي، وكذلك الشاعر أو لنقل المتشاعر، فلا أحسب أن شاعرًا يمكن أن يكون شاعرًا بغير لغة سليمة رصينة، قوية متينة.

 

تذوُّق الشعر ليس بالأمر السهل، فالشعر بحر لا يمكن أن يصل إلى لآلئه إلا من تعلَّم الغوص، فأصبح الشعر في دمه ولحمه، وعقله وقلبه، حينما يقف على بيتٍ يُطربه تراه مبتهجًا سعيدًا، كأنه وجد كنزًا.

 

لا ينفصل الشعر عن النفس، وكل ما جاوز ذلك، فهو كلام خطابي لا علاقة له بالشعر، فالشعر كنسائم الليل حين تأتيك محمَّلة بالروائح والعطور، فتثير شجونك، وتحرِّك كوامن مشاعرك.

 

كم قرأنا وقرأنا وقرأنا ولكن في هذا الكثير، ربما لم نجد من يخاطب النفس، من يحرِّك المشاعر، من يُثير الشجون، ولكننا حينما نُمسك ديوان المتنبي أو حافظ، أو شوقي أو ناجي، أو غيرهم، فإننا نشعر بأن أنفاسهم تخالط الكلمات، وكأن الكلماتِ ما زالت طازجة حية تعيشنا الآن.

 

نعم، لكل وقت أذان، هذا لا خلاف فيه، ولكن برغم تعدد الأوقات بقي الأذان واحدًا، فأنا أحاول أن أقول لك أيها القارئ الكريم: إننا في حاجة إلى أن نُعيد تلك النماذج العالية في الأدب إلى حياتنا الآن.

 

فالأدب هو أرقى أنواع التعبير؛ لأنه لا يهدف لشيء، فهو غاية في ذاته ولذاته، أثارت ليلى قيسًا، وعبلةُ عنترةَ، وعزةُ كثيِّرًا، وفوزٌ العباسَ، فانتهى الموقف، ومات أبطاله، وعاش الشعر مجددًا للمشاعر، يتذوق جمالَه متذوقو الجمال من الناس، وهم قليلون.

 

في مصر الآن لا تكاد ترى شعرًا، وإن كنت لا أستطيع التعميم، فربما أكون أنا الأعمى، ولكن كل الحركات النقدية تحاول أن تشير إلى نفسها، ولا تقرأ النص كما ينبغي، فقد عاينتُ وأنا أقوم بتحكيم بعض الأعمال الأكاديمية النقدية، بعض النقَّاد - أو من يزعمون بأنهم نقاد - يؤطرون أكثر مما يحلِّلون، وينقلون عن النص أكثر من النص ذاته.

 

فأين الشعراء الذين يمكن أن نشير إليهم بالبنان في هذا الخضم المتَّسع ممن يُطلقون على أنفسهم شعراء؟!

 

كثروا وهم في الحقيقة قليلون، فالشعر ليس مجرد سطور، ولكنه أحاسيسُ ترقد خلف الكلماتِ، والشعر والشاعر، والمتلقي والنقَّاد، كلهم سياق لهذا النتاج الإنساني العقلي العاطفي، المسمى "أدبًا".

 

بعضهم يقول: أنا لا يُهمني المعنى ليعتذر عن تقصيره في حق المعنى، فإذا فتَّشتَ وراء المبنى، رأيت نفسك تدعوه ليعتذر عن المبنى أيضًا، وبعضهم يقول لك: المباني سهلة مقدور عليها، أما المعاني فهي المحك.

 

فإذا فتَّشت وراء المعاني، وجدتها مبتذلةً قديمةً، مهلوكة منهوكة، فأين الشعر؟!

 

هل الشعر ما نسمعه في المناسبات والمجاملات والمحافل؟ هل الشعر ما نقرؤه في الصحف؟ هل الشعر هو تلك الدواوين التي لا يطبعها أصحابها إلا ليقدموها هدايا لأصحابهم لينالوا بها الوجاهة؟!

 

الشعر أسمى من ذلك كله، والشاعر مُثقَّف قارئ نهِم، فيلسوف تاريخي، جغرافي موسوعي، ولذا فنحن ننادي بأن نعيد النماذج العالية في الأدب.

 

إن مناهج الدراسة الآن لا تساعد على ذلك النبوغ الشعري، فقد غدتِ النصوصُ الشعرية ضعيفة جدًّا، لا أدري مقاييسَ اختيارها، وهل هي تحقق الغاية منها؟

 

فالغاية من دراسة الشعر هي تنمية الذوق، فهل نحن نجد ذلك في النصوص المدروسة، وهل نجد من معلمينا من ينقل تلك المَلَكَةَ إلى طلابه؟

 

إن المأساة مستمرة، ودم اللغة ينزف، والناس مشغولون عنه، وأهل اللغة في سُبات عميق، والدراسات العلمية أصبحت تملأ أرفف المكتبات الجامعية، وهذا كله أدى إلى ما نراه من فساد في الذوق، وانحطاط في الفكر، وعشوائية في التعبير.

 

وأغربُ ما أجده الآن هو عزوف أهل الفكر الديني عن اللغة، فتسمع الخطباء، فتُصيب أذنَك منهم حجارةُ الأخطاء، وأغلبهم يهرب إلى فكرة "سكن تسلم".

 

كيف يمكن أن نصل إلى القرآن بغير لغة؟! كيف يكون الفقيه بغير لغة؟! كيف وكيف وكيف ... تساؤلات كثيرة تدفعنا إلى أن نعيد النماذج العالية، أو نقرأ ونقرأ ونقرأ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة