• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

وقفات مع كتاب التداخل والتمايز المعرفي بين النحويين والفقهاء والأصوليين

وقفات مع كتاب التداخل والتمايز المعرفي بين النحويين والفقهاء والأصوليين
مصطفى محمود أبوالسعود


تاريخ الإضافة: 11/9/2021 ميلادي - 3/2/1443 هجري

الزيارات: 7443

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وقفات مع كتاب

التداخل والتمايز المعرفي بين النحويين والفقهاء والأصوليين


الحمد لله الذي جعل العربية مرقاة لفهم كتابه، ومنفذًا للوقوف على مراده، والصلاة والسلام على أفصح من نطق بالضاد، وحث على تعلُّمها العباد؛ صلاة وسلامًا أتمين أكملين عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وبعد:

فإني قد ألقي إليَّ كتاب كريم، وإنه لبشرى البشير، وفتح جليل، وبيان ذلك أن أخانا الموفق سدده الله تعالى أحمد فتحي البشير قد زادني شرفًا وتكريمًا بإهدائه إحدى عرائسه المجلوة التي قلما يجود الزمان بمثلها، ألا وهي تحفته المسماة بـ "التداخل والتمايز المعرفي بين النحويين والفقهاء والأصوليين"، وحقيقة أنني ألجمت قلمي إلجاما، من مدحه عملَه وفعالَه؛ لما أعلمه عن صاحبنا من كراهته المدح والإطراء ولو كان بحق؛ فالله أسأل أن يوقفنا ويوفقه لكل خير ويصرف عنا وعنه كل شر، وإني سأقف في هذه الكلمة مع عمل الدكتور أحمد نسأ الله في عمره ونفعنا وإياه بما نعلم ونعمل؛ وبما أن"الحكم بأفضلية الشيء أو فضله ومفضوليته حكم على ذاته، ولا يتصور معرفة الحكم إلا في حق من يتصور المحكوم عليه" كما يقول النجم الطوفي رحمه الله؛ فكان لا بدَّ عند التكلم عن هذا العمل الجليل أن أحيط به علمًا، فأقول وبالله التوفيق:

 

كان البشير يحدوه النظر الثاقب والذهن الحاضر وهو يلتقط إشارات العلماء وإيماءاتهم فيما يعالجه من قضايا معرفية بينية؛ فلم يكن الأمر جليًّا في كلامهم فتجده منصوصًا عليه أو مدرَكًا لكل مَن يراه، بل كان في حاجة إلى ضرب من النظر مخصوص، وحضور ذهن غير منقوص، وقد سار صاحبنا على هذا المنوال في كتابه هذا؛ فبدأه بإيضاح أوجه الاختلاف والاتفاق بينه وبين الدراسات السابقة التي ظاهر عنواناتها تتشابه مع أطروحته بنَفَسٍ طويل وكلام مبين، مميزًا عروسه بتبيان مراده من دراسته هذه، ثم وقف عند مصطلحات دراسته موضحًا موقع النحو والفقه وأصوله بين علوم الشريعة لا من حيث وجوبية تعلمها أو فرضيتها على من تصدر لتفسير كتاب الله أو إفتاء عباد الله، وإنما من حيث معرفة طبيعة نظر كل من النحوي والفقيه والأصولي إلى اللغة ودلالاتها وأوضاعها المختلفة، ومدى الاتفاق بينهم في هذا النظر وأثره على تناول المسائل المشتركة بينهم، ثم اختتم تمهيده ببيان أسباب حصول التداخل والتمايز بين العلوم الثلاثة.

 

ثم أخذ يعدد مجالات النظر في بيان هذا التداخل والتمايز في قضايا أصول النحو ومسائله؛ من حيث: المنهج والأصول العامة ومسائل المقدمات، ثم المتعلق منها بالسماع وقوفًا به عند الاستشهاد بالحديث النبوي على صاحبه أفضل الصلاة والتسليم مبينًا أن الكلام في أمر الاستشهاد منوط بالفقهاء والمحدثين بالأصالة وبالنحويين بالعرَض؛ إذ إن مدرك الخلاف ههنا هو الخلاف حول رواية الحديث بالمعنى، وأحمد في عرضه لهذا يستجلب الأقوال استجلابًا ويمحص الأخبار تمحيصًا حتى يستخلص منها ما ترجح عنده، ثم يختتم كلامه في أمر الاستشهاد هنا بـ"ضرورة الحاجة إلى دراسة تطبيقية عملية على الأحاديث النبوية نفسها ورواياتها التي يحصل لنا شك فيها قائم على الأصول المعتبرة عند أهل الحديث... حتى نستطيع البناء عليها في العربية باطمئنان وثقة وبغير تردد".

 

ويقف بنا أحمد في إطار بيان هذا التداخل والتمايز في أصول النحو عند مسألة الإجماع النحوي بين حجيته وعدمه مفسرًّا أقوال الأئمة المتقدمين فيه، موضحًا أن المقصود بإجماع أهل البلدين البصرة والكوفة إنما هو في الحقيقة إجماع النحويين قاطبة واتفاقهم لما في الرجوع إليهم من رد الفروع إلى الأصول؛ إذ إليهم يرجع المتأخرون وعلى منوالهم ينسجون، فصحَّ أن هذا الإجماع بينهما هو في حقيقته إجماع على أصول المسائل ووحدة المنهج، ومما بينه الباحث هنا أن ابن جني لا يجيز مخالفة إجماع النحويين مطلقًا كما يوهمه ظاهر كلامه المشهور، وكما هو ظاهر تقرير جمهور الباحثين له، و"ما تقرر في بحثنا هنا من مذهبه على خلاف هذا التقرير هو الموافق لأصول النظر المعول عليها في صناعة النحو وصناعة الأصول"، وكذلك بيَّن أن عصمة الإجماع إنما جاءت من جهة الشرع لا من العقل، وأن "الفقيه المجتهد إذا كان له قول في مسألة من مسائل العربية فقوله فيها معتبر، ولا ينعقد الإجماع فيها دونه؛ لأن المجتهد نحوي وزيادة، وكذلك لا ينعقد إجماع الأصوليين على مسألة مرجعها إلى علم العربية دون أهل الصدر الأول من علماء العربية كسيبويه وأضرابه"، وأن الحكم الشرعي إذا كان له تعلق بالحكم اللغوي فلا بد من اعتبار حجية الإجماع اللغوي، وإلا لن يتصور انعقاد إجماع على أية مسألة شرعية دون اعتبار الإجماع على الحكم اللغوي المتعلق بها. ثم يخلص إلى أن بعض صور الإجماع النحوي تجوز مخالفتها كما هو مقرر في مكانه من كتابه، ويمكِن استثمار هذه الإجازة بضوابطها من أجل مصلحة اللغة.

 

ثم يقف بنا الباحث عند التداخل والتمايز في المسائل المتعلقة بالقياس مفرقًا بين معنيين للقياس عند النحاة مبينًا أن النحاة والأصوليين على التفريق في أصول النحو بين القياس الاستقرائي والقياس الشكلي المجرد، ثم يبرز الخلاف الحاصل حول ثبوت اللغة بالقياس مبينًا أن كل قياس لا بد فيه من سماع معتبر يقاس عليه ويعتمد عليه، ثم يقف بنا على أن لغة العرب لم تنته إلينا بكليتها مناقشًا المسألة من وجهة نظر النحويين أولًا ثم الأصوليين والفقهاء ثانيًا، ثم يصل إلى نتيجة مفادها أن: "عدم انتهاء كلام العرب إلينا بكليته كان له أثر في صناعة النحو فيما يتعلق بالسماع الشاذ؛ من جهة النظر إلى حكم القياس عليه، ومن جهة حكم ردِّه ونسبتِه إلى اللحن، وأما في صناعة الأصول والفقه فلم يكن له أثر فيهما؛ لأن ما وصل إلينا من كلام العرب كافٍ في المحتاج إليه منه في الشرع ".

 

ثم يختم الكلام على التداخل والتمايز في أصول النحو ومسائله هنا بالكلام على المسائل المتعلقة بمبحثي الاجتهاد والتقليد؛ من حيث: إن معرفة النحو من شروط الاجتهاد، ومن حيث اعتبار قول المجتهد في الشريعة في مسائل العربية كما مرَّ آنفًا من أن المجتهد نحوي وزيادة، ثم يناقش مسألة القدر المحتاج إليه من علم النحو للمجتهد؛ مبينًا أن "القدر المحتاج إليه للمجتهد من النحو هو درجة الاجتهاد كما هو اختيار الشاطبي، ولا تُخالِف على الصحيح الدرجة الوسطى التي اختارها الجمهور، والقول بأنه يكفي في هذا القدر مختصر من المختصرات الموضوعة في النحو هو قول ضعيف جدًّا لا يناسِب منصب الاجتهاد، ومفضٍ إلى ضعف من يتصدر لهذا المنصب وقصوره في علم النحو الذي هو من أهم العلوم المشترَطة في المجتهد".

 

ثم يتناول الفصل الثاني وهو المعنون بالتداخل والتمايز في قضايا النحو ومسائله؛ يبدؤه بالبحث في تناول مسائل العربية في كتابات الأصوليين بين القول بضرورته والقول بفضوله وزيادته ثم بعد أن عرض الرأيين ارتأى الباحث أن التوسط بين هذه القولين هو القول؛ فإن الحاجة إلى تلك المباحث هي التي دعت الأصوليين إلى إدراجها في مصنفاتهم؛ من الكلام على دلالة حروف المعاني والاستثناء وغير ذلك مما يحتاج إليه الفقيه والأصولي.

 

ثم عرج الباحث في المبحث الثاني هنا على أن نظر النحوي أخصّ من نظر الفقيه والأصولي وأن نظرهما أعم من نظر النحوي؛ إذا إن نظر النحوي في أصل المعنى لا في المعاني عامة وأوضاعها المختلفة كما هو الحال عند الأصوليين فإن نظرهم إلى المعنى بالأصالة ونظر النحاة إلى الألفاظ باتفاق الأصوليين وأهل البيان والنحاة أنفسهم، ثم ناقش الباحث السيرافيَّ وأبا حيان في رفضهم أن النحو صناعة لفظية ثم وفّق بين قولهما وقول جماهير الأصوليين والبلاغيين والنحاة في ذلك بكلام محرر مدقق ينم عن فهم دقيق لطبيعة ما يعالجه هنا.

 

ووقف أحمد مع ضوابط حمل كلام الشارع على اصطلاحات النحاة؛ مبينًا عدة نقاط غاية في الأهمية منها؛ بيان فساد مَن يدخل صناعة في أخرى، وبيان القدر المحتاج إليه النحوي من علم المنطق، ثم وقف عند مسألة كلام الشارع بين تفسير الإعراب وتفسير المعنى، وبيَّن أن قواعد العربية لا تؤخذ من تفسير المعنى ولا تقرر من جهته، وكذلك بيَّن تحذير الفقهاء من حمل نصوص الشارع على مجرد الاحتمال الإعرابي، ثم جمع الضوابط التي وضعها العلماء لإعراب القرآن، ثم وضع ضابطًا بيَّن من خلاله عملَ كلٍّ من المفسر والفقيه فقال: «المفسر ينظر إلى كلام الله تعالى نظر الفقيه وبأدواته نفسها، والاختلاف بينهما فقط في أن الفقيه نظره في آيات الأحكام ليستنبِط الأحكام الشرعية منها، والمفسر عمله أعم؛ يقرر معاني سائر الآيات، لكن لا يتكلم في آيات الأحكام كالفقيه».

 

ثم وقف في المبحث الثالث مع زيادات الأصوليين على النحويين في مسائل العربية واستدراكاتهم: افتتح أحمد هذا المبحث بالنقل عن الأصوليين أنهم قد انفردوا بمسائل عن النحاة وناقشوها، فكان عمل أحمد هنا جمع جملة صالحة من تلك المسائل والمباحث التي استدركوها على النحاة من أجل معرفة ماهية هذه الزيادات، وعلام اتكأ الأصوليون في إثباتها وتقريرها، وهل هذا يعد تقصيرًا من النحاة في صناعتهم أم لا؟

 

ثم بيَّن الفهم الصحيح لمعنى قولهم: إن أهل الأصول دققوا في مسائل من العربية أهمل النحاة التنبيه عليها؛ فقال: «ما زاده الأصوليون على النحاة في جوانب من مسائل النحو ودققوا فيها بما لا يوجد عند النحويين- ليس معناه أن النحاة قد غفلوا عن شيء هو من صميم صناعتهم، بل هذه الزيادات والتدقيقات غير داخلة فيما ينظر فيه النحاة في فنِّهم، وإنما هي أمور اقتضتها طبيعة علم الأصول ووظيفته، وإذا تكلم النحوي في هذه التدقيقات فهو في كلامه هذا أصولي لا نحوي، ومبحثا العموم والاستثناء في كتب الأصوليين من أكثر المباحث التي تظهر فيها هذه الزيادات والتدقيقات».

 

ثم جاء المبحث الرابع والأخير في الكتاب بعنوان: «سلطان الفقهاء والأصوليين على الصناعة النحوية» موطئًا بدلالة هذا السلطان وما يقصده منه وهو أن الفقيه لا يريد كل ما قرره النحوي في صناعته، ويستغني في تقريره للحكم الشرعي عن بعض القواعد والمسائل، ويعد هذا الاستغناء عن الشيء نوعًا من السلطان والقدرة عليه. ثم جاء المطلب الأول عن تصرف الفقيه والأصولي فيما تقتضيه القاعدة النحوية، وخلاصته أن «للفقيه والأصولي أن يتصرفا فيما تقتضيه القاعد النحوية تارة بالمنع، وتار ة بالنقلوتارة بالتقييد وأخرى بالإهمال وعدم الاعتبار؛ وذلك لما للشرع من سلطان على ما يصدرمن ألفاظ وعبارات عن المكلفين؛ من أجل تحقيق مراده من الحفاظ على هويته ومعتقداتهومقاصده الكلية العامة، والفقهاء والأصوليون هم المتكلمون بلسان الشرع».

 

ثم وقف الباحث في المطلب الثاني عن استغناء الفقيه والأصولي في فنهما عن بعض مباحث النحويين ومسائلهم تفصيلًا من خلال إيراده وجه عدم حاجة الفقيه والأصولي إلى هذه المباحث والمسائل، ثم وقف عند قولهم «النحو في الكلام كالملح في الطعام» على تفسيرين جليلين وضَّح بهما مدرَك هذا القول جامعًا بينهما بتحرير رائق، ثم وقف عند قولهم: كل علم زيد فيه فوق القدر الكافي منه؛ فوصل إلى نتيجة مفادها «كل علم قد زيد فيه فوق القدر الكافي منه، ولكن لا يلزم عن ذلك ذم هذا المزيد وإنكاره؛ لأن تقرير هذا إنما هو بالنظر إلى الغرض الرئيس الذي أنشئ هذا العلم من أجله، ومن ذلك في النحو العلل والمسائل الخلافية التي لا ينبني عليها حكم نطقي أو معنوي، ولهذا فحذاق النحاة إنما يتكلفون البحث فيما ينبني عليه حكم، وما عداه فهم فيه بين تارك له رأسًا، وناظرٍ فيه اتباعًا لمن تقدَّم له فيه نظر». ثم يختم الباحث كتابه بالحديث عن حكم الاشتغال بهذا القدر الزائد مناقشًا تقي الدين السبكي وأبا إسحاق الشاطبي مبينًا أن هذا الذم إنما ورد من جهة الشرع أولًا، وأن هذا الانشغال معيق للوصول لرتبة الاجتهاد لأنه انشغال بغير المفيد، ولكن أحمد يناقش هذه الأقوال مبينًا أن هذا الاشتغال لا يقدح في حق المشتغل بهذا الفن أصالة والذي هو في حقه فرض عين، ولأنه "باب من العلم على كل حال" على حد تعبير ابن حزم رحمه الله.

 

وأخيرًا؛ فبعد هذا التطواف المثمر في جنبات هذا العمل العلمي الجليل الذي نقحه البشير وهذبه وشذبه، وجمع شارده وقرّب وارده- أجدني أدعو لصاحبه بدوام التوفيق والعافية، وأن يحفظنا الله بحفظه ويمن علينا وعليه برضاه، وأختم قولي هنا بأن الناظر في عمل أحمد إن لم تسعه موافقته فيما نحا إليه فإنه لن يسعه إلا احترامه والإقرار له بحدة الذهن وحسن النظر وثقة الرأي، وأمَّا أن يقبل قول أحد سوى المعصوم صلى الله عليه وسلم على إطلاقه أو ترتضى فعاله كلها فهذا "باب لا يغلق له مصراع، ولا ينعقد على حصره إجماع" كما يقول الصفدي رحمه الله تعالى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة