• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

الشاذ يحفظ

الشاذ يحفظ
أ. د. عبدالحميد النوري عبدالواحد


تاريخ الإضافة: 23/5/2018 ميلادي - 8/9/1439 هجري

الزيارات: 29233

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشاذُّ يُحفَظ


"الشاذُّ يُحفَظ ولا يُقاس عليه"، هذه عبارةٌ شائعةٌ عند النحاة يقولونها؛ ليجدوا مُبرِّرًا لفهم وتفسير بعض الظواهر الشاذَّة التي شاعت على الألسُن، والشذوذ ليس خاصًّا بالعربيَّة؛ وإنَّما نجده في كلِّ اللغات تقريبًا، والشذوذ في الحقيقة ليس هو الْمُشْكِل، وإنَّما الْمُشْكِلُ هو ضَبْطُ القاعدة النحويَّة مثلما سنُشير إليه، والشاذُّ هو الذي لا ينصاع للقاعدة، أو يخرج من مجال تطبيقها، ويكون التعامُل معه بقَبوله واستعماله، دون أن يُتَّخَذ حُجَّةً لقياس غيره عليه.

 

الشاذُّ هو ما شذَّ عن القاعدة النحويَّة، ومِن ثَمَّ فإنَّ مرجعه الاستعمال، والشاذُّ من باب التمثيل من نحو قولنا: "اسْتَحْوَذَ"، أو "اسْتَصْوَبَ"، ومن نحو: "سَوِدَ" أو "حَوِلَ"، ومن نحو: "طَلَلٌ"، أو "سُرَرٌ"، وما أشبَهها؛ هذه الأمثلة بالقياس على غيرها هي شاذَّة؛ لأنَّها لا تنطبق عليها قاعدة قلب حرف العلة ألفًا في الأمثلة الأولى، سواء الأصليَّة أو الفرعيَّة، ولا تُطَبَّق عليها قاعدة الإدغام في المثالين الأخيرين؛ لأنَّ لو طُبِّقَت عليها القاعدة لَكُنَّا نقول: "استحاذ" و"استصاب"، كما كنَّا نقول: "استقام" و"استبان"، ولَكُنَّا نقول: "سادَ" و"حالَ"، كما كُنَّا نقول: "خاف" و"كاد"، ولَكُنَّا نقول: "طَلٌّ" و"سُرٌّ"، كما كنا نقول "شَدٌّ" و"مَدٌّ".

 

هذه الأمثلة لم تُطَبَّق عليها القاعدة مثل غيرها من الأمثلة، وذلك بالرغم من توافر السياق الموجب لتطبيقها، وتَقَبُّل هذه الأمثلة حاصلٌ ولا مزيَّة لنا في ذلك؛ لأنَّها جرت وشاعت في الاستعمال، ووردَتْ على ألسنة الناس الذين يُعْتَدُّ بلُغَتِهم، وسيِّدُ القواعد - كما يقولون - هو الاستعمال.

 

وما القواعد، أو بالأحرى ما النحو كل النحو، إلا تابعٌ للاستعمال، والاستعمال يرجع إلى الفطرة أو السليقة، أو يرجع إلى اكتساب اللغة، وذلك منذ النشأة الأولى، في حين أنَّ النحو أو القواعد النحويَّة عَمَلٌ تجريديٌّ استقرائيٌّ، يقوم على دراسة الاستعمال، وذلك بِناءً على الملاحظة ثم التوصيف، ثم التفسير أو التعليل، وفي الملاحظة يُدرِك النَّحْويُّ أن للكثير من الكلمات أصلًا مُفتَرضًا وصيغةً مستعملةً، وأنَّ أمثلة من قبيل: "قالَ"، و"باعَ"، و"خافَ"، هي في الأصل: قوَلَ، وبيَعَ، وخوِفَ، وأنَّ الأمثلة التي سبق أن ذكرناها طُبِّقت عليها قاعدةُ قلب حرف العلَّة ألفًا، سواء منها الأصليَّة أو الفرعيَّة، أو قاعدة الإدغام.

 

ويقتضي عملُ النحاة عند الملاحظة الانطلاقَ من الظاهرة النحويَّة؛ أي: من أمثلة محدودة، يسعون بعدها إلى تعميم هذه القاعدة على كل الأمثلة المشابهة، وفي حالة عدم تطبيق القاعدة على مثال ما، فإنَّ هذا المثال يُعتَبرُ شاذًّا، وعنده يُحفَظ على ما جاء عليه، ويجري على الألسُن باعتباره مقبولًا أو فصيحًا، ولا شكَّ في صحَّته وسلامته، ولكنَّه لا يُتَّخَذ نموذجًا يُقاس عليه غيرُه، ومن هنا جاء قول النحاة: "الشاذُّ يُحفَظ ولا يُقاس عليه".

 

إن هذه الأمثلة المشار إليها وغيرها، تضع الدارس أمامها في موقف المتأمِّل، وذلك فيما يتعلَّق ببناء القاعدة، أو بالأحرى وضع الأنساق النحويَّة، وهي تُثير بعضَ قضايا اللغة أو الاستعمال إزاء النموذج أو النماذج النَّحْويَّة؛ ذلك أنَّ السؤال البدهيَّ الذي يُطرَح: لِمَ لا تُطبَّق القاعدةُ على هذا المثال أو ذاك، وذلك بالرغم من توافُر السياق الموجِب لتطبيقها؟ والجواب عن هذا السؤال قد يختلف من نَحْوِيٍّ إلى آخَر، أو من مَذْهَب إلى مَذْهَب، وما هذه الإجابات في نهاية الأمر إلا تبريرات، هي من باب تخصيص العِلَل بعبارة ابن جنِّي، وذلك من نحو قولنا: هذا المثال لا تُطبَّق عليه القاعدة؛ تفاديًا للالتباس، أو أنَّ هذه الحركة غير لازمة، أو غيرها.

 

ولتجنُّب تخصيص العِلَل يقول ابن جنِّي بالاحتياط في وصْفِ العِلَّة، وهذا الاحتياط لسانيًّا من شأنه أن يَزيد في ضَبْط القاعدة، ويَزيد في ضَبْط سياقاتها التي تَرِدُ فيها، ويَزيد من ضَبْط شروطها أيضًا.

 

وبهذا المعنى لا يجب أن نقفَ عند الشاذِّ، فنقول: هذا شاذٌّ، والشاذُّ يُحفَظ ولا يُقاس عليه، وإنَّما لا بدَّ من تعميق النظر في الجوانب النظريَّة؛ لمعالجة خروج هذا الاستعمال أو ذاك عن القاعدة من جهة، وتعميق النظر في المجال الإجرائيِّ لتحسين القاعدة وتحسين مردودها، وتحسين النحو أو النظريَّة النَّحْويَّة عمومًا من جهة أخرى.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة