• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

نظرية الملاءمة بين المقاربة التداولية والمقاربة التأويلية

نظرية الملاءمة بين المقاربة التداولية والمقاربة التأويلية
بنيونس عليوي


تاريخ الإضافة: 4/12/2017 ميلادي - 15/3/1439 هجري

الزيارات: 43009

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نظرية الملاءمة بين المقاربة التداولية والمقاربة التأويلية


يقصد بالنظرية التداولية: تلك النظرية التي ينصبُّ اشتغالها على دراسة استعمالات اللغة في حياة الناطقين لها، فهي كما عرَّفها الدكتور طه عبدالرحمن: "نظرية استعمالية، حيث تدرس اللغة في استعمالات الناطقين لها، ونظرية تخاطبية تعالج شروطَ التبليغ والتواصل الذي يقصد إليه الناطقون من وراء هذا الاستعمال للغة"[1].

 

وأهمُّ ما يميز المقاربة التداولية للغة هو انفكاكها من الصرامة المنهجيَّة، والحدود المغلقة التي خطتها من قبلُ المقارباتُ اللسانية للوقائع اللغوية، والتي يمكن اختزالها في قولة العالم السويدي فردناند دي سوسير: "دراسة اللغة في ذاتها ولذاتها"[2]؛ أي: باعتبارها نظامًا مغلقًا، تتفاعل فيه مستويات اللغة وَفْقَ مجموعة من العلاقات: الصوتية، والتركيبية، والدلالية، في إقصاء صارخٍ للبعد التداوليِّ، الذي أدرجه سوسير ضمن مجال الكلام الذي لا يصلح للدراسة العلمية.

 

ولئن كانت هذه هي نظرة اللسانيات للبعد التداوليِّ، فإن الأمر لم يدم طويلًا حتى ظهرت أصواتٌ تنادي بإعادة الاعتبار للدراسات التداولية، سواء في بُعدها النظريِّ (الذي جسَّدته مجموعة من الأعمال المتفرِّقة، تم استغلالها فيما بعدُ من طرف روَّاد مبحث فلسفة اللغة، لصياغة الإطار النظريِّ لاشتغال النظرية التداولية)، أم في بُعدها التطبيقيِّ (تجسِّده مجموعة من النظريات التي حاولت بناء نماذج معيارية تداولية، كما هو الشأن في اللسانيات الوظيفية).

 

وقد ظهرت ضمن الاتجاه الأول مجموعةٌ من النظريات حاولت مقاربة ظاهرة التواصل الإنسانيِّ في بعدها الأخلاقيِّ؛ وذلك بوضع مجموعة من المبادئ التي يؤدي الأخذ بها إلى نجاح العمليات التواصلية - التخاطبية، سواء في تمظهراتها البسيطة أم في أبعادها المعقَّدة.

 

وسنحاول في هذه الإطلالة كشف الحجب عن نظرية الملاءمة التي تقف شامخة في صلب الدراسات التداولية المعاصرة؛ كيف لا؟ وهي التي تجد لنفسها امتداداتٍ في مظانِّ الدراسات اللغوية القديمة، ومنها العربية على وجه الخصوص[3].

 

الملاءمة وبرنامج الاشتغال عند غرايس:

يعد "بول غرايس" من التداوليِّين الذين أسهموا في بناء النظرية التداولية الحديثة، وذلك بإسهاماته البحثية في تيار فلسفة اللغة العادية، وقد وردت نظرية الملاءمة في كتابات بول غرايس كقاعدة من القواعد التي يجب أن يرتكز عليها عملية التواصل الإنسانيِّ حتى تحقِّق العمليات التواصلية الغاية المرادة منها.

 

وقد وضع غرايس مبدأ وَسَمَهُ بـ: "مبدأِ التعاون" Principe de coopération، حاول من خلاله وضع بعض القواعد التي تضبط الجانب التبليغيَّ بين المتخاطبين في العمليات الحوارية، ووردت الملاءمة في معرض حديثه عن قواعد هذا النموذج:

ومقتضى مبدأ التعاون: "أن تكون إسهاماتك الحوارية بمقدار ما طلب منك في مجال يتوسل إليه بهذه الإسهامات"[4].

 

وتندرج ضمن هذا المبدأ أربعُ قواعد تخاطبية[5]:

• أولًا - قاعدة كم الخبر: تضبط الجانب الكميَّ للخبر.

• ثانيًا - قاعدة كيف الخبر: تحدد كيفية تبليغ الخبر.

• ثالثًا - قاعدة علاقة الخبر بمقتضى الحال: تحدد ملاءمة المقال للمقام.

• رابعًا - قواعد جهة الخبر: تحدِّد صيغة الخبر.

 

وما يهمنا في هذه القواعد التخاطبية هي القاعدة الثالثة: "علاقة الخبر بمقتضى الحال"، وهي ما عُرف في الأدبيات البلاغية العربية بقولهم: "لكل مقام مقال"، وهو ما يمكن أن نسميه "قاعدة الورود والملاءمة" Maxime of relevance، ومقتضى هذه القاعدة عند غرايس هو: "اجعل إسهاماتك في الحوار المتبادل واردة".

إذًا فنظرية الملاءمة في نموذج بول غرايس كانت تمثل إحدى القواعد الأربع التي ينتهض عليها مبدأُ التعاون.

 

الملاءمة وبرنامج الاشتغال في إطار فلسفة التأويل:

شهدت نظرية الملاءمة مجموعةً من التطورات المعرفيَّة، خاصة مع رواد مبحث فلسفة التأويل؛ فقد انصبَّ اهتمام رواد التداوليات في بداية الثمانينيات على تحديد عملية وصف تأويل الأقوال التام، من خلال الفصل بينها وبين عملية الفهم التي تسبق عملية التأويل؛ ذلك أن عملية التأويل تقوم بتحليل الفهم بين المتخاطبين ومعالجته، وتحديد قدرة المستمعين على تأويل الأقوال، انطلاقًا من قدرة المتكلِّمين على ترجمة أقوالهم إلى أفعال، ويتم ذلك ضمن تصوُّرٍ يأخذ بعين الاعتبار العملياتِ التكميلية المتحققة بفضل اللغة، بالاعتماد على نظام مزدوج[6]:

• نظام العلامات والرموز اللسانية.

• نظام معرفي سيكولوجي.

 

وضمن هذا المبحث يمكن تحديد نظريتين معرفيتين مختلفتين[7]:

• نظرية تعتبر تأويل الأقوال مستقلًّا بذاته؛ أي: دراسة الأقوال تتم في استقلال عن باقي العمليات المعرفية؛ لأن جزءًا كبيرًا من المعلومات غير اللسانية تتداخل في عملية التأويل.

 

• نظرية تعتبر جزءًا على الأقل من تأويل الأقوال التي تكون غير مستقلة بذاتها تشكل موضوعًا للعمليات المعرفية العامة... هذه النظرية تعرف بالتداوليات المعرفية.


وقد أرسى معالمَ هذه النظرية - الثانية - كلٌّ من "سبربر" و"ولسون" في أبحاثهما عن الملاءمة كآلية للتواصل وإنتاج المعرفة.

 

ويقوم البناء العام لهذه النظرية على العناصر الآتية[8]:

1- عمليات الملاءمة:عمِلت تداولية التأويل على تحديد الشروط الأساسية للملاءمة، مع تحديد مراتبها حسب قاعدتَي الأثر (السياق)، والمجهود في المعالجة (المعرفة)، كما عملت على التفريق بين السياق المعطى والسياق الذي يتم اختياره، مع تحديد كيفية اختيار هذه السياقات، وقد بيَّنت أن عملية الملاءمة تقتضي التأسيس للعناصر الآتية:

• علاقة الملاءمة بالمعرفة.

• علاقة الملاءمة بالتواصل.

• علاقة الملاءمة بمسألة الفهم.

• علاقة الملاءمة بعمليات الاستنتاج.

 

2- عمليات التواصل: تدرس كل مظاهر التواصل اللغويِّ، وكل عمليات الإظهار والإضمار في التواصل اللغوي، وكذلك تحديد كل الصيغ القضوية والأسلوبية والأبعاد الوصفية والتأويلية لاستعمالات اللغة، وتهتم هذه العمليات بدراسة المجالات الآتية:

• النموذج الإعلامي والتصور السيميولوجي للتواصل.

• المحيط المعرفي، والأطروحات التعاقدية.

• التواصل وبنية الاستنتاج.

• بنية أفعال اللغة (الكلام).

• القصد الإعلامي والقصد التواصلي.

 

3- عمليات الاستنتاج:تعطي الدراسة التواصلية ضمن التوجه المعرفيِّ مكانًا خاصًّا للمسارات الاستنتاجية؛ حيث توضح كيفية اشتغال هذه المسارات في كلِّ لحظة، لتحقيق فاعلية لكلِّ الأطروحات عبر الإمكانيات الأكثر ملاءمة والمعلومات الممكنة، وذلك بالاعتماد على المكونات الآتية:

• آليات الاستنتاج غير البرهانية.

• قواعد الاستدلال وبعض أنواع الاستدلال.

• تحديد الصيغ المنطقية.

• تحديد قوة الأطروحات.

• تحديد أثر السياق من خلال دور الاستدلال في عمليات الاستنتاج غير البرهاني.

 

وقد أصبح لمفهوم الملاءمة في التصور التداوليِّ الحجاجي المعاصر دورٌ كبير ضمن ما سمِّي الملاءمة الحجاجية، كما هو الحال عند "دوغلاس" و"أميران" و"وود"؛ حيث تم التمييز بين الملاءمة المثبتة والملاءمة الصحيحة، وبين الملاءمة العامة والملاءمة الخاصة.

 

إن الحاجة اليوم تبدو ملحَّة للانفتاح على الدرس التداوليِّ بزخمه الفكريِّ الكبير؛ نظرًا للأعطاب التي تعانيها منظومة التواصل في المجتمعات الإنسانية، والتي عمَّقتها أكثرَ الفجوةُ الكبيرة بين ما ينتج من نظريات تقارب ظاهرة التواصل بشكل علميٍّ أصيل، والنسبة العامة لما يقرأ، خاصة في المجتمعات المتكاسلة، فأزمة التواصل لم تفلح حتى مواقعُ التواصل الاجتماعي في تقليصها، إن لم نقل زادت من حدة الصدام بين شرائح المجتمع؛ نظرًا لعدم التخلق بمبادئ الحوار وأخلاقيات التواصل، التي تغيب عن معظم الحوارات الإنسانية.

 

فهذه الأخلاقيات هي التي بمقدورها تدبير المختلف، وتوسيع دوائر البحث في المشترك الإنساني، على أن العمليات التواصلية - حسب نظرية المساءلة - التي تتم بين الناس، هي طريقة لا تهدف إلى إيصال شيء ما، أو تبليغ فكرة، أو تعبير عن رأي أو موقف، بقدر ما هي طريقة لتغيير الاختلاف الإشكالي الذي تختزنه الأقوال التواصلية، وطريقة لتقريب المسافات بين الآراء والمواقف.



[1] طه عبدالرحمن، اللسانيات والمنطق والفلسفة، مجلة دراسات سيميائية أدبية لسانية، ع 2 س 1988، ص: 121.

[2] De Saussure. Cours de linguistique générale.

[3] تكرر في حديث البلاغيين العرب قولتهم الشهيرة: "لكل مقام مقال".

[4] Searle (J), logic and conversation trard, fr, (in) communication N 30, 1979, P 45 - 46.

[5] طه عبدالرحمن، اللسان والميزان.

[6] عليوي باسيدي، الحجاج والتفكير النقدي، ص: 32.

[7] عبدالسلام عشير، عندما نتواصل نغيِّر، ص: 24 - 25.

[8] عليوي باسيدي، الحجاج والتفكير النقدي، ص: 30.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة