• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

فوائد بلاغية للأستاذ الشيخ عبد الكريم الدبان التكريتي (2)

أ.د. عبدالحكيم الأنيس


تاريخ الإضافة: 29/6/2017 ميلادي - 4/10/1438 هجري

الزيارات: 5306

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فوائد بلاغية للأستاذ الشيخ عبدالكريم الدبان التكريتي (2)

 

(قرأنا على الأستاذ الشيخ عبدالكريم الدَّبَان - رحمه الله تعالى - كتاب "تلخيص المفتاح" للقزويني (ت:739هـ)، وكان يُعدُّ لنا تلخيصاً وتوضيحاً لبعض مباحثه، ومِنْ ذلك ما كتبه حول "تقديم الـمُسند إليه"، ورأيتُ نشرَ هذه الفوائد لتعميم النفع بها، وهي منقولةٌ مِنْ خطه[1]).

 

قال عبدُالقاهر:

إذا تقدَّم الـمُسندُ إليه ووقعَ بعد حرفِ نفي أفاد التخصيصَ بالخبر الفعلي مثل: (ما أنا قلتُ هذا)، فهذه الجملة تفيد أمرين:

أولهما: نفي الحكم عن الـمتكلم، أي أنه لم يقل هذا.

وثانيهما: ثبوت الحكم لغير الـمتكلم، أي أنَّ غيره قال هذا.

 

ولذلك لا يصح أنْ تقول: (ما أنا قلتُ هذا ولا غيري) لأنَّ فيه إثباتاً لوقوع القول من الغير ونفياً لوقوعه منه، فكأنك قلتَ: قاله غيري ولم يقله غيري، وهذا تناقضٌ واضحٌ.

وكذلك لا يصح أنْ تقول: (ما أنا رأيتُ أحداً)، لأن ذلك يقتضي أنك ما رأيتَ أحداً وأنّ غيرَك رأى كلَّ أحد، وهذا محالٌ عادةً.

وكذلك لا يصح أنْ تقول: (ما أنا ضربتُ إلا زيداً)، لأنَّ هذا يقتضي أنّ هناك إنساناً ضربَ كلَّ أحدٍ سوى زيدٍ، وهو محال عادةً.

 

أمّا إذا لم يقع الـمُسند إليه الـمُتقدم بعد حرف نفي فإنّ التقديم قد يُفيد التخصيصَ، وقد يُفيد التقوية فقط، سواء وقع بعد الـمُسند إليه حرفُ نفيٍ أم لم يقع أصلاً، وهذه أمثلة ذلك:

1- قولك: (أنا سعيتُ في حاجتك) يفيد التخصيص، ويكون قولك إمّا رداً على مَنْ زعم أنَّ غيرك سعى في حاجته، وتوكيده يكون بقولك: أنا سعيتُ في حاجتك لا غيري.

وإمّا رداً على مَنْ زعم أنَّ غيرك شاركك في السعي، وتوكيده يكون بقولك: أنا سعيتُ في حاجتك وحدي.

 

2- قولك: (هو يُعطي الجزيل)، للتقوّي فقط، وليس فيه تعريضٌ بالغير.

 

3- قولك: (أنت ما سعيتَ في حاجتي)، للتخصيص بأنّ الـمخاطب ما سعى، لكن غيره سعى.

 

4- قولك: (أنت لا تكذبُ)، للتقوّي فقط، فإنه أشدُّ لنفي الكذب مِنْ قولك: لا تكذبْ، لأنَّ في الأول تكرير الإسناد إلى المخاطب، فإن فاعل "لا تكذب" هو ضمير المخاطب، وجملة "لا تكذب" مسندة إلى ضمير المخاطب أيضاً، أمّا في الثاني فليس فيه إلا إسنادٌ واحدٌ كما هو واضح.

وممّا قاله عبدُالقاهر أنّ الفعل إذا بُني على منكّر أفاد تخصيصَ الجنس، أو الواحدة، تقول: (رجل جاءني) أي لا امرأة، ولا رجلان.

 

والسكّاكي وافقَ عبدالقاهر على أنّ التقديم يُفيد التخصيص إلا أنه اشترط لذلك شرطين:

أحدهما: جواز تقدير كون الـمُسند إليه في الأصل مؤخراً على أنه فاعل معنى لا لفظاً مثل: (أنا قمت) فإنه يجوز أن يكون الأصل: قمت أنا، فيكون (أنا) توكيداً لفظاً وفاعلاً معنى.

 

والشرط الثاني: أن يعتبر ذلك بأنْ يُقرر أنه كان في الأصل مؤخراً.

فإن لم يُوجد الشرطان لم يُفد التقديمُ إلا التقوّي، وذلك مثل: (زيد قام)، فإنه لا يجوز أن يقدر أنّ أصله قام زيد، على أن زيداً فاعل معنى، بل يكون فاعلاً لفظاً ومعنى.

 

وكذلك لم يوافقه السكّاكي في قضية الـمُسند إليه النكرة مثل: (رجل جاءني)، بل قدَّر أن أصله: جاءني رجل، ففاعل "جاء" ضمير مستتر، و"رجل" بدل منه، كما في قوله تعالى: (وأسروا النجوى الذين ظلموا)[2] على أن "الذين" بدل مِنْ فاعل "أسرّ" وهو الواو.

 

وذكرَ السكّاكي أنه لو يقدّر ذلك في (رجل جاءني) لانْتَفى التخصيصُ الذي سوّغَ مجيء النكرة مبتدأ، ولهذا لم يُحتج إلى ذلك في وقوع المبتدأ معرفة مثل: زيد قام.

أو كان مخصصاً مثلاً مثل: رجل عالم جاءني، أو غير ذلك من الـمسوغات.

 

ثم قال السكّاكي: وشرط كون المنكّر من باب (وأسروا النجوى) أن لا يمنع من التخصيص مانع، أما لو مَنَعَ منه مانع كما في مثل: (شرٌّ أهرَّ ذا نابٍ) فلا يُقدَّر فيه ذلك، إذ لا يصح تقدير تخصيص الجنس ولا الوحدة، فلا يصح أن يكون المراد أنّ الـمُهر شر لا خير، لأن الـمُهر لا يكون إلا شراً، ولا يصح أن يكون المراد: شر لا شران، لبعده عن مظانِّ استعماله. ولـمّا صرَّح الأئمة بتخصيصه، لأنهم أولوه بما أهرَّ ذا نابٍ إلا شرّ، فالوجهُ للجمع بين قولهم بوجود التخصيص وقولنا بعدمهِ هو أنْ نجعلَ التنكيرَ للتعظيم، ليصح الابتداءُ بالنكرة الذي هو شرّ.

 

وفيما ذهب إليه السكّاكي نظرٌ:

أمّا أولاً: ففيما ذهبَ إليه من أنّ التقديم يُفيد التخصيص على شرط أن يقدر كون الـمُسند إليه المتقدم متأخراً على أنه فاعل معنى فقط، في حين أن امتناع التقديم يستوي فيه ما كان فاعلاً لفظاً وما كان فاعلاً معنى، فتجويزُ تقديم الفاعل المعنوي دون اللفظي تحكُّم.

 

وأمّا ثانياً: فإنا لا نسلِّمُ ادّعاء السكّاكي انتقاءَ التخصيص في الـمُسند إليه المنكّر لولا تقدير أنه كان مؤخّراً كما في: رجل جاءني، لأن التخصيص يحصلُ بغير ذلك التقدير، كأن يكون للتهويل، أو التنكير، أو غيرهما.

 

وأمّا ثالثاً: فإنّا لا نسلِّمُ امتناعَ أن يُراد بالـمُهر شر لا خير، فإنّ عبدالقاهر قال في (شرٌّ أهرَّ ذا نابٍ) أنّ الذي أهرَّ ذا نابٍ مِنْ جنس الخير لا مِنْ جنس الشر.

 

ثم قال السكّاكي في مثل: (زيد قائم): إنه يقرب مِنْ (هو قام) في التقوّي، لتضمن "قائم" للضمير كما تضمنه "قام"، و"قائم" يشبه الخالي عن الضمير، إذ لا يتغير في التكلّم والخطاب والغَيبة، تقول: أنا قائمٌ، وأنت قائمٌ، وهو قائمٌ، كما لا يتغير الخالي عن الضمير مثل: أنا رجلٌ، وأنت رجلٌ، وهو رجلٌ، ولهذا لم يحكم في "قائم" مِنْ قولك: "زيد قائم" أنه جملة، ولا عُومِلَ معامَلتها في بنائها بل يُعرب، تقول: هذا رجلٌ قائمٌ، ورأيتُ رجلاً قائماً، ومررتُ برجل قائم.

 

ومن الأسباب المُقتضية لتقديم الـمُسند إليه إذا استُعمل (مثل وغير) على سبيل الكناية، تقول: مثلُك لا يبخل، وغيرُك لا يجود، أي أنتَ لا تبخلُ، وأنتَ تجودُ، وهو للتقوية لا للتخصيص، فليس فيه تعريضٌ بغير المخاطب، والتقديمُ في ذلك أعونُ على المراد، لأنَّ إثباتَ الحُكم بطريق الكناية أبلغُ من التصريح.

♦ ♦ ♦ ♦

 

(كلُّ إنسانٍ لم يقم) لعموم السلب، فيفيد نفيَ القيامِ عن كل واحدٍ من أفراد الإنسان.

و(لم يقم كلُّ إنسانٍ) لسلب العموم، فيفيد نفيَ الحكمِ عن جملة الأفراد لا عن كل فرد.

فالتقديمُ أفاد تأسيسًا أي معنى جديدًا وهو العموم. ولو لم يُفد العموم لأفاد التأكيدَ فقط، أي تأكيدَ المعنى الحاصل بدون التقديم. والتأسيسُ أرجحُ من التأكيد.

 

ولتوضيحِ ذلك نقولُ:

من المُقرَّرِ في علم المنطق أنَّ القضيةَ المذكورَ فيها ما يدلُّ على كميةِ الأفرادِ -وتُسمّى المُسوّرة- إمّا كلية أو جزئية، وكلٌّ منهما إمّا سالبة أو موجبة:

كلُّ إنسانٍ حيوانٌ: كلية موجبة.

بعضُ الحيوانِ إنسانٌ: جزئية موجبة.

لا شيءَ من الإنسانِ بحجرٍ: كلية سالبة.

بعضُ الإنسانِ ليس بفرسٍ: جزئية سالبة.

أمّا غير المُسوّرة مثل: (إنسان قام) فهي مهملة موجبة.

وقد يُعتبر حرفُ السلب جزءًا من الموضوع أو المحمول فتُسمّى معدولة، كما لو قلتَ: (الإنسان لا حجر)، ومثلها: (إنسان لم يقم).

 

إذا تقرَّر هذا قلنا:

الموجبة المهملة المعدولة المحمول في قوة السالبة الجزئية، فـ (إنسان لم يقم) في قوة (لم يقم بعض أفراد الإنسان)، وهذا يستلزم النفيَ عن جملة الأفراد لا عن كلِّ فرد.

 

والسالبة الجزئية إذا وقعتْ في سياق النفي كانت في قوة السالبة الكلية المقتضية للنفي عن كلِّ فرد.

ولو كان: (لم يقم إنسانٌ) -بدون "كل"- معناه نفي القيامِ عن كل فرد، وكان معناه كذلك بعد دخول "كل": كان تأكيدًا لا تأسيسًا.

 

وفيه نظرٌ؛ لأنَّ النفيَ عن جملة الأفراد في الصورة الأولى وهي: (إنسان لم يقم)، وعن كل فرد في الصورة الثانية وهي: ( لم يقم إنسان) إنما أفاده الإسنادُ إلى ما أُضِيفَ إليه "كل" وهو لفظ "إنسان"، وقد زال بالإسناد إلى كل (كل إنسان لم يقم) فيكون تأسيسًا لا تأكيدًا.

ولأنَّ النكرة المنفية إذا عمَّت كان قولنا: (لم يقم إنسان) سالبة كلية لا مهملة.

 

وقال عبدُالقاهر: إنْ كانتْ (كل) واقعةً بعد أداة النفي مثل:

ما كلُّ ما يتمنى المرءُ يدركُهُ[3].

 

أو كانتْ معمولةً للفعل المنفي مثل:

(ما جاءني القومُ كلُّهم).

أو: (ما جاءني كلُّ القوم).

أو: (لم آخذْ كلَّ الدراهم).

أو: (كلَّ الدراهمِ لم آخذْ).

 

(كل) في:

(ما جاءني القومُ كلُّهم) توكيدٌ لفاعل الفعل المنفي.

وفي "الثانية" فاعلٌ للفعل المنفي.

وفي "الثالثة" مفعولٌ به للفعل المنفي.

وفي "الرابعة" مفعولٌ به مُقدَّم للفعل المنفي.

 

وفي كلِّ تلك الصور تُفيدُ النفيَ الشاملَ، أي سلبَ العمومِ عن الكل، وثبوتَه للبعض.

وإنْ لم تكن (كل) كذلك -أي لا واقعة بعد أداة النفي، ولا معمولة للفعل المنفي- كانتْ لعموم السلب مثل: (كلُّ ذلك لم يكن) أي لم يقعْ فردٌ مِنْ أفرادِ المُشارِ إليه.



[1] نقل لي هذا البحث مِنْ خط الشيخِ الأخُ الكريمُ رشدي بن عبدالكريم الضامن سلمه الله، ثم قابلته معه، وأعدت الأصل إلى الشيخ.

[2] من سورة الأنبياء، الآية 3.

[3] للمتنبي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- تعليق وإضافة
د.رعد الكيلاني - العراق 02-07-2017 11:06 PM

رحمه الله تعالى
وجزاك الله خيرا د. الأنيس على اهتمامك بنشر تراث هذا العالم الجليل الذي لم يأخذ حقه في نشر علمه فقد كان رحمه الله يحمل صفة الأصالة والمعاصرة.
وإني أشبهه بالإمام بديع الزمان النورسي في هذه الصفة ويحمل الكثير من الصفات التي تجمع بينه وبين النورسي رحمهما الله تعالى.
وقد سالت الشيخ عبد الكريم بياره رحمه الله مرة سؤالا قد يكون محرجا ولكني تجرأت وسالته:
إذا أنت مت من نسأل بعدك ؟
فأجاب: بمعرفتي فإن عبدالكريم الدبان أعلم مني في بعض المسائل!
فلما توفي عبد الكريم الدبان في حياته سألته مره أخرى وقلت له: شيخي مات عبد الكريم الدبان فمن نسأل بعدك؟ فقال لي:
لا جواب عندي.
رحمهم الله جميعا فقد كانوا بقية الخير، وعلماء ليس لديهم هم سوى طلب العلم ونشره بين الناس.
فجزاك الله خيرا شيخنا الأنيس على عملكم الرائع في نشر علم الخلف العدول... نحسبهم كذلك ولا نزكي على الله أحدا.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة