• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / الوعي اللغوي


علامة باركود

النحو والعقيدة

النحو والعقيدة
أبو أنس أشرف بن يوسف بن حسن


تاريخ الإضافة: 20/5/2017 ميلادي - 23/8/1438 هجري

الزيارات: 15323

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

النحو والعقيدة


قال ابن جني رحمه الله: إن أكثر من ضل من أهل الشريعة عن القصد فيها، وحاد عن الطريقة المثلى إليها، فإنما استهواه، واستخف حلمه، ضعفه في هذه اللغة الكريمة الشريفة التي خوطب الكافة بها[1]. اهـ.


وقال أبو عبيد: سمعت الأصمعي يقول: سمعت الخليل بن أحمد يقول: سمعت أبا أيوب السختياني يقول: عامة من تزندق بالعراق لقلة علمهم بالعربية.

نعم، فإن فهم كثير من المسائل العقدية، ودحض شبه المبتدعة والضلال في أبواب العقيدة يترتب ويتوقف بنسبة كبيرة على تعلم علم النحو.

ولذا تجد كثيرًا من علماء العقيدة قد اهتموا بدراسة هذا العلم والتوسع فيه، ولقد كان كثير منهم يحتج بكلام سيبويه في الكتاب، وغيره من أئمة النحو.

ونحن في هذه العجالة، وبعون الله تعالى، سنذكر طرفًا من هذه المسائل العقدية التي كان للنحو وقواعده أكبر الأثر في فهمها فهمًا صحيحًا موافقًا لمنهج السلف الصالح، وسنبين كذلك - إن شاء الله تعالى - كيف كانت قواعد اللغة سببًا في دحر ورد شبه كثير من المبتدعة.

 

• أثر علم النحو في إثبات صفات الله تعالى العليا وأسمائه الحسنى، ودحض شبه أهل البدع والأهواء:

نمثل على ذلك بآيتين من كتاب الله تعالى:

الآية الأولى: ﴿ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ ﴾. كلمة "المجيد" في هذه الآية فيها قراءتان سبعيتان "المجيد" بالجر، و"المجيد" بالضم، فعلى القراءة الأولى (قراءة الجر) تكون كلمة "المجيد" وصفًا للعرش، وعلى القراءة الثانية (قراءة الرفع) تكون كلمة "المجيد" وصفًا للرب عز وجل.

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسيره لجزء "عم": وكلاهما صحيح، فالعرش مجيد، وكذلك الرب عز وجل مجيد، ونحن نقول في التشهد: إنك حميد مجيد.


الآية الثانية: قال الله تعالى: ﴿ بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ ﴾. في هذه الآية قراءتان سبعيتان صحيحتان متواترتان:

القراءة الأولى، وبها قرأ حمزة والكسائي، وهي بضم التاء من "عجبت"[2]، وحينئذ تكون تاء الفاعل للمتكلم، وتكون عائدة على الله سبحانه وتعالى.

والقراءة الثانية، وبها قرأ باقي السبعة، وهي بفتح التاء من "عجبت" وهي تاء الخطاب، وحينئذ يعود الضمير "تاء" الفاعل على نبينا صلى الله عليه وسلم، ويكون المعنى: بل عجبت أنت يا محمد من جهلهم وتكذيبهم، ويسخرون من هذا القرآن.

وبذلك تعلم أن هذه الآية الكريمة - على قراءة حمزة الكسائي - فيها إثبات العجب لله تعالى، وأنه سبحانه يعجب. وأن العجب صفة من صفاته، فهي إذًا من آيات الصفات على هذه القراءة[3].

وهل بدون ما درسناه في علم النحو - من أن تاء الفاعل إذا كانت بالضم دلت على المتكلم - كان يمكننا إثبات هذه الصفة؟! فانتبه. وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه.


ويلاحظ أننا قد فسرنا كل آية من هاتين الآيتين السابقتين في ضوء القراءتين الواردتين فيهما معًا، ولم نكتف في تفسيرهما بقراءة واحدة دون الأخرى.

ووجه ذلك: أن المقرر عند العلماء - كما ذكر ذلك الشنقيطي رحمه الله في "أضواء البيان" في أكثر من موضع - أن القراءتين المختلفتين في الآية الواحدة يحكم لهما بحكم الآيتين.


الآية الثالثة: قال الله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾.

قد استدل أهل العلم رحمهم الله تعالى بهذه الآية على إثبات صفة الكلام لله عز وجل[4]، ووجه استدلالهم بها كما يلي:

1- أن لفظ الجلالة "الله" أتى مرفوعًا[5]، وذلك على أنه سبحانه هو فاعل الكلام، وأنه عز وجل هو المتكلم، بينما كان لفظ "موسى" صلى الله عليه وسلم منصوبًا على أنه مفعول به، وأنه هو المكلَّم من قِبل الله سبحانه.


2- إن الله عز وجل أكد الفعل "كلَّم" بذكر المصدر "تكليمًا"[6]، وقد قال علماء العربية: إن توكيد الفعل بالمصدر يدل على إرادة حقيقته، وأنه لا يراد به غير الظاهر والحقيقة.

وهذا يدل على أن الله سبحانه كلم موسى صلى الله عليه وسلم كلامًا حقيقيًا بصوت وحرف، وقد سمعه موسى صلى الله عليه وسلم.


ولكن أبى أهل البدع: كالجهمية والمعتزلة، إثبات هذه الصفة لله عز وجل، فلجأوا إلى التحريف اللفظي[7]، والتحريف المعنوي لهذه الآية[8]، وذلك على النحو التالي:

فأما التحريف اللفظي لها فقد قرأه المعتزلة والجهمية: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ بنصب لفظ الجلالة على أنه مفعول به، فيكون الله عز وجل هو المكلم، لا المتكلم، ويكون "موسى" صلى الله عليه وسلم مرفوعًا على الفاعلية.

وبالتالي يكون هو المتكلم، وهذا تحريف لفظي يتغير به المعنى.

وقد فعلوا - قبحهم الله - كل هذا: فرارًا منهم من إثبات صفة الكلام لله، خابوا وخسروا[9].

وهذا لا شك أنه جناية على الله على وجل، وعلى كلامه، وهو أيضًا باطل؛ لقوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾[10]. إذ لا يمكن لأحد في هذه الآية أن يقول: إن المتكلم هو موسى، والمكلم هو الله؛ لأن الضمير الهاء في قوله سبحانه: ﴿ وَكَلَّمَهُ ﴾ مفعول به، ولا يمكن أن يكون فاعلًا[11].

وعليه فـ"ربه" هي الفاعل، ولذلك لا يمكن تحريف هذه الآية لفظًا، كما حرفت الآية السابقة.


وأما التحريف المعنوي لهذه الآية فهو أنهم فسروا قوله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَهُ ﴾. بأن المراد به: جرح. فـ"كلم الله موسى" - على حد زعمهم وافتراءاتهم -: يعني: جرحه بأظافير الحكمة. كذا قالوا[12].

وهذا أيضًا باطل، ويبطله من الناحية اللغوية بأن الفعل "كلم" في أول الآية قد أكد في آخرها بالمصدر "تكليمًا" والتوكيد ينفي إرادة المجاز، حتى عند من يقول بالمجاز، وعليه فيكون المراد هنا بـ"كلم" المعنى الحقيقي لها، الذي هو الكلام المسموع، ويكون المصدر "تكليمًا" قد رد قولهم بأن المراد الكلم الذي هو الجرح.

 


[1] ولهذا لما قال بشر المريسي بخلق القرآن، وكان من دعاة هذه الفتنة، ومن رءوس المعتزلة، قال له علماء السنة، إنما أوتيت من قبل العجمة. وذلك لأنه استدل على بدعته تلك ببعض الآيات التي لم يفهمها على الوجه الصحيح.

[2] وقد صحت القراءة كذلك بالضم عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

[3] والعجب من صفات الله سبحانه الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف، ولذلك كان من الواجب إثبات العجب له عز وجل، من غير تعطيل. ولا تحريف. ولا تكييف، ولا تمثيل. وهو عجب حقيقي يليق بالله، وليس كعجب المخلوق، فقد يعجب المخلوق لوقوع شيء، لا علم له مسبقًا به، ولا يمكن أن يقع من الله هذا؛ لأن علمه أزلي محيط بكل شيء، ولا تخفى عليه تبارك وتعالى خافية، وانظر: تفسير الشنقيطي 6 /742، 743، وتفسير ابن عثيمين رحمهما الله لسورة الصافات صـ 41.

[4] وصفة الكلام - كما هو معلوم - من صفات الله الثابتة له بالكتاب والسنة وإجماع السلف، ولذلك كان من الواجب إثبات هذه الصفة لله سبحانه، من غير تعطيل، ولا تحريف، ولا تكييف، ولا تمثيل، وكلامه عز وجل كلام حقيقي يليق به، ويتعلق بمشيئته، وهو بحروف وأصوات مسموعة.

[5] وهذا مجمع عليه بين القراء.

[6] وذلك مبالغة منه سبحانه في البيان والتوضيح، وأن المراد هو الكلام الحقيقي.

[7] وذلك لأنهم إذا حرَّفوا لفظها تغير معناها، ولم تعد دليلًا على إثبات صفة الكلام لله عز وجل.

[8] فأبقى هؤلاء لفظ الآية. كما هو، وحرفوها من جهة المعنى.

[9] وقد عرض ذلك على أبي بكر بن عياش، فقال: ما قرأ هذا إلا كافر.

[10] وقد قال بعض المعتزلة لأبي عمرو بن العلاء، أحد القراء السبعة –، أريد أن تقرأ، وكلم الله موسى، بنصب اسم "الله"، ليكون موسى هو المتكلم. لا الله. فقال أبو عمرو: هب أني قرأت هذه الآية هكذا. فكيف تصنع بقوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾. فبهت المعتزلي.

[11] فزعموا أن "كلم" مأخوذة من الكلم "بمعنى" الجرح، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم، "ما من مكلوم يُكلم في سبيل الله..." الحديث فقوله صلى الله عليه وسلم، "يكلم": بمعنى: يجرح. فقالوا: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾: أي: جرحه بأظافير الحكمة.

[12] وذلك لأن ضمير الغيبة "الهاء" إذا اتصل بفعل لم يكن إلا في محل نصب مفعولًا به.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة