• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع حضارة الكلمة / اللغة .. والقلم / فن الكتابة


علامة باركود

حرفة الكتاب عبر العصور

سعيد ساجد الكرواني


تاريخ الإضافة: 3/10/2016 ميلادي - 1/1/1438 هجري

الزيارات: 3993

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حرفة الكتاب عبر العصور

 

تدرَّجتِ الكتابة والكتبة عبر العصور؛ بدءًا بالزمن الأول، والملائكة الكرام كاتبون، كما قال الله تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ ﴾ [الانفطار: 10، 11]، وقال سبحانه: ﴿ ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلَامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾ [آل عمران: 44]، وقد علَّم الله آدمَ الأسماء، كما قال تعالى: ﴿ وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ﴾ [البقرة: 31]، فميَّزه بالعلم على الملائكة، والعلم إمَّا مَنطوق مَلفوظ شفوي، وإمَّا مكتوب ومرقوم ومرسوم ومسطور، فالله تعالى يقول: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

 

ويقول الشاعر الحكيم:

وما مِن كاتبٍ إلَّا سيَفنى
ويَبقى الدَّهرَ ما كتبَتْ يداهُ
فلا تكتُبْ بكفِّك غير حرفٍ
يسرُّك في القيامة أن تراهُ

 

ولقد تمَّ اكتشاف ألوان شتَّى من الكتابات والرموز والرسوم في عهود مختلفة عن أمَم كثيرة، وبلَغَنا من تراثنا العربي - مُسْتَطَرًا - من أيام العرب وأنسابها وأشعارها وأساطيرها ما يَستعصي على العدِّ والحصر.

 

وهكذا تواترَتِ الكتابة، لتصير عنوانًا للحضارة، ضدًّا على البداوة، وسجلًّا للتاريخ والأيام العظيمة والأمجاد والمحفوظات/ archives؛ لأنَّه من دون تراكم للعلوم والفنون والآداب، ومن دون بناء اللاحقين على جهود السابقين - لن تتقدَّم أمَّة من الأمم خطوات إلى الأمام في اتِّجاه الثَّقافة والحضارة والمدنيَّة، ولا غرو أن كانت الكتابة في ذلك كله فيصلًا.

 

ومع أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمِّيًّا؛ فقد بعثه الله تعالى لإخراج الأمَّة الأميَّة من الشفوية إلى الكتابة، ومن البداوة إلى الحضارة؛ فقال القرآن الكريم: ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾؛ لماذا؟ ﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوةَ أبينا إبراهيم عليه السلام حين دعا بهذا الدُّعاء الجميل: ﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [البقرة: 129].

 

فمن الإعجاز أن يعلِّم الأمِّي أمَّةً أميَّة: الكتاب والحكمةَ، وتنتقل بسرعة في سُلَّم الترقي والكمال الديني والثقافي والحضاري والمدني، لولا أننا مع الأسف العميق لم نحافظ عليها، ولم نضِف إليها، ولم نُغْنِها أو نبدِع أو نبتكر.

 

ولقد اتَّخذ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كَتَبةً للوحي، وكان بعض الصحابة كاتبين، وكان قد أذِن عليه الصلاة والسلام لهم من قبلُ بكتابة الحديث، ثمَّ نهاهم من بعد ذلك عن الاسترسال في كتابته؛ لئلَّا يختلط بالقرآن الكريم، ورجع الأمر إلى سابق العهد لما أُمِنَت الفتنة حين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم رضي الله تعالى عنهم: ((اكتبوا لأبي شَاهٍ))؛ كما جاء في الصَّحيحين عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال:

لما فَتَح الله عز وجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم مكَّةَ، قام في الناس، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((إنَّ الله حبس عن مكَّة الفيل، وسلَّط عليها رسولَه والمؤمنين، وإنها لن تحلَّ لأحد كان قبلي، وإنَّها أحلَّت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحلَّ لأحد بعدي، فلا يُنفَّر صيدها، ولا يُختلى شوكها، ولا تحل ساقِطتها إلا لمنشِد، ومن قُتل له قتيل فهو بخير النظرين: إمَّا أن يَفدي، وإما أن يقتل))، فقال العباس: إلَّا الإذخر يا رسول الله، فإنا نجعله في قبورنا وبيوتنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إلا الإذخر))، فقام أبو شاه - رجل من أهل اليمن - فقال: اكتبوا لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اكتبوا لأبي شاهٍ))، قال الوليد: فقلتُ للأوزاعي: ما قوله: اكتبوا لي يا رسول الله؟ قال: "هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم".

 

رواه البخاري في صحيحه - كتاب الديات، باب من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، رقم الحديث (6880)، (9/5)، ومسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلَّا لمنشد على الدوام، حديث رقم (447)، (2/ 988).

 

وكانت عند علي رضي الله تعالى عنه وكرم وجهه صحيفةٌ مكتوبة؛ عن أبي جحيفة قال: قلتُ لعلي بن أبي طالب: هل عندكم كتاب؟ قال: "لا، إلَّا كتاب الله، أو فهمًا أعطيه رجل مسلم، أو ما في هذه الصحيفة"، قال: قلتُ: فما في هذه الصحيفة؟ قال: "العقل، وفكاك الأسير، ولا يُقتل مسلم بكافر"؛ فتح الباري شرح صحيح البخاري؛ ابن حجر العسقلاني - كتاب العلم، باب كتابة العلم، ص (111).

 

وهو الذي كتب وَثيقة صلح الحُديبية، كما كتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم كتَّاب متخصصون متقنون رسائلَه لِملوك عصره وعظمائه؛ كهرقل والمقوقس وغيرهما، يدعوهم فيها بدعاية الإسلام.

 

وجاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه لينفع الأمَّة بأولياته الشَّهيرة؛ كتدوين الدواوين، وإصلاح نظم البريد؛ كل ذلك وطيد العلاقة بامتهان الكتابة واحتراف صنعتها.

 

ليتطوَّر الأمر في عهد الدولتين الأمويَّة والعباسية، فيتصدَّر الكتَّاب والعلماء والأدباء حِرفة الكتابة في دواوين الدولة، وكان لا يَكْمُلُ لها ويتأهَّل إلا المَهَرَةُ؛ ليحتلوا تلك الوظيفةَ الهامة، وذلك المنصب الرفيع.

 

وقد احتفظ لنا التاريخُ في ذينك العهدين والعهد الأندلسي بأسماء رائدة؛ كابن العميد، وعبدالحميد الكاتب، وابن زيدون، وابن الخطيب، وعصام بن شهيد، ومعهم أمثالُهم، وهم من الكثرة بمكان.

 

بقي الحال على ما كان عليه، مرورًا بالدول المتعاقبة، والإمارات المتوالية، إلى الدولة العثمانيَّة، لم يَختلف كثيرًا توظيف كتاب دواوين المال والمظالم والخَراج والبريد والمراسلات وما إليها؛ إلى مجيء يهود الدُّونمة إلى تركيا، هنالك حيث تغيَّرَتِ الكتابة وانتقلَتْ من الحرف العربي إلى اللاتيني، لتفقد هاتيك الدولة ركامًا علميًّا وتراثًا حضاريًّا جرفه تيَّارُ طوفان الحرب على الإسلام، كما طُمسَتْ ذاكرة التاريخ بعد طوفان نوح عليه السلام.

 

وجاء عصر النَّهضة؛ حيث أعطي للكتَّاب من العلماء والأدباء والمفكِّرين والمفتين بعض الاستقلال، نتج جرَّاء التفاعل مع البعثات إلى الغرب، واستقبال المبشِّرين والمنصِّرين والمحتلِّين، وجيئة الطباعة، ليصار - بعدُ - إلى تأميم ذلك كلِّه؛ فلم يكسب الكُتَّاب من حِرفة الكتابة إلَّا الفتات، ما دام فكرهم ورأيهم مستقلًّا عن طلائع الاحتلال والحكَّام التابعين ومَن تبعهم من الكاتبين.

 

واستمرَّ الأمر في عصرنا الحديث على المنوال ذاته، ونشطت دور النَّشر، وتغوَّل من تغوَّل في أكل حقوق الكتاب، إلى أن انفجرَتْ وسائل الاتصال لتأتي على البقية الباقية.

 

ومع ذلك نقول بملء فينا: "سيبقى بفضلِ الكتابِ الكتابُ الكتابَ الكتابَ".

 

وسيبقى الكتبة الكِرام كاتبين، وستكتب شهاداتهم ويُسألون؛ وتبقى آثار الكتبة الصادقين فنًّا وموضوعًا - ولو كانوا قلَّة قليلة - على الحقِّ ظاهرين، وقُطع دابِر الذين ظلموا، والحمد لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • اللغة .. والقلم
  • أدبنا
  • من روائع الماضي
  • روافد
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة