• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبد الله آل جار اللهالشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله شعار موقع الشيخ عبد الله آل جار الله
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله / مقالات


علامة باركود

ما جاء في فصل الشتاء

ما جاء في فصل الشتاء
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله


تاريخ الإضافة: 11/5/2025 ميلادي - 13/11/1446 هجري

الزيارات: 115

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ما جاء في فصل الشتاء

 

روى الإمام أحمد من حديث أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الشِّتاءُ ربيعُ المؤمن))، وأخرجه البيهقي وغيرُه، وزاد فيه: ((طال ليلُه فقامَه، وقَصُر نهارُه فصامَه)).

 

إنما كان الشتاءُ ربيعَ المؤمن؛ لأنَّه يرتع فيه في بساتين الطاعات، ويسرح في ميادين العبادات، ويُنزِّه قلبَه في رياض الأعمال الميسَّرة فيه، كما ترتع البهائمُ في مرعى الربيع، فتسمُن وتصلُح أجسادُها، فكذلك يصلح دِينُ المؤمن في الشتاء بما يسَّر الله فيه من الطاعات، فإنَّ المؤمن يَقْدِر في الشتاء على صيام نهارِه من غير مشقَّة، ولا كلفة تحصل له من جوع ولا عطش؛ فإنَّ نهاره قصير بارد، فلا يحس فيه بمشقَّة الصيام.

 

وفي "المسند" والترمذي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((الصِّيام في الشتاء الغنيمةُ الباردة))، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: "ألاَ أدلُّكم على الغنيمة الباردة؟ قالوا: بلى، فيقول: الصِّيامُ في الشتاء".

 

ومعنى كونها غنيمةً باردة: أنها غنيمةٌ حصلتْ بغيْر قتال، ولا تَعَب ولا مشقَّة، فصاحبُها يحوز هذه الغنيمةَ عفوًا صفوًا، بغير كُلفة.

 

وأمَّا قيامُ ليْل الشتاء، فلطُولِه يُمكن أن تأخذَ النفْسُ حظَّها من النوم، ثم تقوم بعدَ ذلك إلى الصلاة، فيقرأ المصلِّي وِردَه كلَّه من القرآن، وقد أخذتْ نفسُه حظَّها منَ النوم، فيجتمع له فيه نومُه المحتاج إليه، مع إدراك وِردِه من القرآن، فيكمل له مصْلحة دِينه، وراحة بدنه.

 

ويُروى عن ابن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: "مرحبًا بالشتاء؛ تنزل فيه البَرَكة، ويطول فيه اللَّيْل للقيام، ويقصر فيه النهار للصِّيام، وعن الحَسَن قال: نِعْمَ زمانُ المؤمِن الشتاءُ؛ ليله طويل يقومه، ونهاره قصيرٌ يصومه، وعن عبيد بن عمير: أنَّه كان إذا جاء الشِّتاء قال: يا أهل القرآن، طالَ ليلُكم لقراءتكم، فاقرؤوا، وقصُر النهار لصيامكم، فصُومُوا.

 

وهذا الكلام موجَّه إلى المؤمنين بالله وباليوم الآخر، الذين يتأدَّبون بآداب النبوَّة، ويعملون بالقرآن والسُّنَّة، وقد مَدَح الله المؤمنين القائمين المتهَجِّدين في اللَّيْل بقوله: ﴿ كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17 - 18]، وبقوله: ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [السجدة: 16]، وبقوله: ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجدًّا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9].

 

وأخبر صلى الله عليه وسلم: أنَّ صلاة الرجل في جَوْفِ اللَّيْل تُطفئ الخطيئةَ كما يُطفِئ الماءُ النارَ[1]، وأنَّ الله - تعالى - يَنْزِل إلى السماء الدنيا حين يَبْقى ثُلُث اللَّيْل الآخر، فيقول: مَن يدعوني فأستجيبَ له؟ مَن يسألني فأُعطيَه؟ مَن يستغفرني فأغفرَ له؟ حتى يطلع الفجر[2].

 

وهذه الفضائل محرومٌ منها أكثرُ الناس اليوم، الذين يسهرون أمامَ الملاهي إلى نصف اللَّيْل، ثم ينامون عن صلاة الفَجْر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل صلاة العشاء، والحديثَ بعدها إلاَّ في خيرٍ، وفي الحديث: ((لا سَمَرَ إلا لثلاثة: مصلٍّ، أو مسافِر، أو عروس))[3].

 

وقيام لَيْل الشتاء يعدلُ صيامَ نهار الصَّيْف في الفضْل العظيم، والثواب الجسيم؛ ولهذا بكى معاذُ بن جبل عند موته، وقال: إنما أبكي على ظمأِ الهواجر، وقيام ليل الشتاء، ومزاحمة العلماء بالرُّكب عندَ حِلَق الذِّكْر.

 

وإسباغ الوضوء في شدَّة البرد من أفضل الأعمال، وفي "صحيح مسلم" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألاَ أدلُّكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدَّرَجات؟))، قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: ((إسباغُ الوضوء على المكارِه، وكثرة الخُطَى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعدَ الصلاة، فذلكم الرِّباط، فذلكم الرِّباط)).

 

وفي حديث معاذ بن جبل عنِ النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه رأى ربَّه - عزَّ وجلَّ - يعنى: في المنام - فقال له: "يا محمَّد، فيمَ يختصم الملأُ الأعلى؟"، قال: ((في الدرجَات والكفَّارات، قال: والكفَّارات: إسباغ الوضوء في الكريهات، ونقل الأقدام إلى الجُمُعات - وفي رواية: الجَمَاعات - وانتظار الصلاة بعدَ الصلاة، مَن فعل ذلك عاش بخير، ومات بخير، وكان من ذنوبه كيومَ ولدتْه أمُّه، والدرجات: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة باللَّيْل والناس نِيام))[4]، وفي بعض الرِّوايات: ((إسباغ الوضوء في السبرات))، والسبرة: شدَّة البَرْد.

 

وقد امتنَّ الله على عبادِه بأنْ خَلَق لهم من أصواف بهيمة الأنعام، وأوبارها وأشعارها ما فيه دفءٌ لهم من البَرْد، قال - تعالى -: ﴿ وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [النحل: 5]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ ﴾ [النحل: 80].

 

وكان عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه إذا حَضَر الشتاء تعاهدَهم، وكتب لهم بالوصية: "إنَّ الشتاء قد حضر، وهو عدوٌّ، فتأهَّبوا له أُهبتَه من الصُّوف والخِفاف والجوارب، واتَّخِذوا الصوفَ شِعارًا ودِثارًا، فإنَّ البرد عدوٌّ سريعٌ دخولُه، بعيدٌ خُرُوجُه"، وذلك من تَمام نصيحته، وحُسْن نظره وشفقته، وحياطته لرعيته - رضِي الله عنه.

 

وممَّا يُؤمَر به في الشتاء وغيره: مواساةُ الفقراء والمساكين بما يدفع عنهم البَرْدَ، وفي ذلك فضلٌ عظيم، خرَّج الترمذي من حديث أبي سعيد مرفوعًا: ((مَن أطعم مؤمنًا على جوع، أطعمَه الله يومَ القيامة من ثِمار الجَنَّة، ومَن سقاه على ظمأٍ، سقاه الله من الرَّحيق المختوم، ومَن كساه على عُرْي، كساه الله من خُضْر الجنة))؛ أي: من حُلَل الجنة الخضراء.

 

وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن ابن مسعود، قال: "يُحشَر الناس يومَ القيامة أعْرَى ما كانوا قط، وأجوعَ ما كانوا قط، وأظمأَ ما كانوا قط، فمَن كسا لله - عزَّ وجلَّ - كساه الله، ومَن أطعم لله، أطعمَه الله، ومَن سقى لله سقاه الله، ومَن عفا لله أعفاه الله".

 

ومن فضائل الشتاء: أنَّه يُذكِّر بزمهرير جهنم، ويوجِب الاستعاذةَ منها، وتجنُّب الأعمال الموصلة إليها، مِن تَرْك الواجبات، وعمَل المحرَّمات، وفي حديث أبي هريرة وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال[5]: ((إذا كان يومٌ شديد البَرد، فإذا قال العبد: لا إله إلا الله، ما أشدَّ بردَ هذا اليوم! اللهمَّ أَجِرْنِي من زمهرير جهنَّم، قال الله - تعالى - لجهنم: إنَّ عبدًا من عبادي استجار بي من زمهريرك، وإني أُشهدك أنِّي قد أجرتُه، قالوا: وما زمهريرُ جهنم؟ قال: بيْتٌ يُلْقَى فيه الكافر، فيتميَّز من شِدَّة بردِه)).

 

وفي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((اشتكتِ النارُ إلى ربِّها، فقالت: يا ربِّ، أكَلَ بعضي بعضًا، فأَذِن لها بنَفَسَين: نفَس في الشتاء، ونفَس في الصيف، فأشدُّ ما تَجِدون من الحرِّ من سَمُوم جهنم، وأشد ما تجدون من البَرْد من زمهرير جهنَّم))[6].

 

ورُوِي عن ابن عبَّاس، قال: "يستغيث أهلُ النار من الحر، فيُغاثون برِيحٍ باردة، يَصْدَع العظامَ بردُها، فيسألون الحر"، وعن مجاهد قال: "يهربون إلى الزمهرير، فإذا وقعوا فيه حطم عظامَهم، حتى يُسمعَ لها نقيض.

 

وقد قال - عزَّ وجلَّ -: ﴿ لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلاَ شَرَابًا * إِلاَّ حَمِيمًا وَغَسَّاقًا * جَزَاءً وِفَاقًا ﴾ [النبأ: 24 - 26]، وقال الله - تعالى -: ﴿ هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ ﴾ [ص: 57].

 

قال ابن عبَّاس: (الغساق): الزمهرير البارد الذي يحرِق من برده، وقال مجاهد: هو الذي لا يستطيعون أن يذوقوه مِن برْده، وقيل: إنَّ الغساق: البارد المنتِن - أجارَنا الله - تعالى - من جهنمَ بفضله وكرمه.

 

يا مَن تُتْلى عليه أوصافُ جهنم، ويشاهد تنفُّسَها كلَّ عام، حتى يحسَّ به ويتألَّم، وهو مصرٌّ على ما يقتضي دُخُولَها مع أنه يعلم، ستعلم إذا جيء بها تُقاد بسبعين ألْفِ زِمام، مع كلِّ زمام سبعون ألْفِ مَلَك يجرُّونها مَن يندم، ألك صبرٌ على سعيرها وزمهريرها؟!

 

قل لي وتكلَّم، ما كان صلاحك يُرْجَى!!

 

والله أعلم[7].

 

ربَّنا آتنا في الدنيا حَسَنة، وفي الآخرة حَسَنة، وقِنا عذابَ النار، ربَّنا اصرفْ عنَّا عذاب جهنم، إنَّ عذابها كان غرامًا، إنها ساءتْ مُستقرًّا ومقامًا.

 

ربَّنا إنَّنا آمنا فاغفرْ لنا ذنوبنا، وقِنا عذاب النار، ربَّنا فاغفر لنا ذنوبنا، وكفِّر عنا سيئاتِنا، وتوفَّنا مع الأبرار، اللهمَّ إنَّا نعوذ بك من عذاب جهنم وعذاب القبر، ومِن فِتنة المحيا والممات، ومِن فتنة المسيح الدجَّال، اللهمَّ إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما قرَّب إليها مِن قول وعمل، ربَّنا تقبَّلْ منَّا، إنك أنت السميع العليم.



[1] في الحديث الذي رواه الترمذي وصحَّحه.

[2] كما في الحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه".

[3] رواه أحمد بلفظ: ((لا سمر إلا لمصلٍّ أو مسافر))، ورمز السيوطي لحسنه.

[4] رواه الإمام أحمد والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

[5] ذكره ابن رجب في "اللطائف"، وقال: أخرجه عثمان الدارمي وغيره.

[6] رواه البخاري ومسلم.

[7] انظر: "لطائف المعارف"؛ لابن رجب، ص: 340 - 349.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة