• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الشيخ عبد الله آل جار اللهالشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله شعار موقع الشيخ عبد الله آل جار الله
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله / مقالات


علامة باركود

مقدمة في محاسن الصدق ومساوئ الكذب

مقدمة في محاسن الصدق ومساوئ الكذب
الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله


تاريخ الإضافة: 26/1/2025 ميلادي - 26/7/1446 هجري

الزيارات: 778

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة في محاسن الصِّدْق ومساوئ الكَذِب

 

الصِّدْق مطابقةُ الخبر للواقع، وهو مطلوب من الإنسان في قوله وعمله واعتقاده، وفي تحقيق مقامات الدِّين كلها، وقد أمر الله بالصدق في عِدَّة آيات من كتابه، وأثْنى على الصادقين، فقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119]، وأخبر أنَّه أعدَّ لهم مغفرةً وأجرًا عظيمًا، ومدح الصادقين والصادقات، وقال - تعالى -: ﴿ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ ﴾ [محمد: 21].

 

والصِّدق عنوان الإسلام، وميزان الإيمان، وعلامة الكمال، والصِّدق يَهدي إلى البِرِّ الجامع لأبواب الخير كلها، الموصلة إلى جنات النعيم ﴿ إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ ﴾ [الانفطار: 13]، والكذب الممقوت الداعي إلى الفجور، الجامع لأبواب الشرِّ كلها المؤدية إلى نار جهنم ﴿ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ ﴾ [الانفطار: 14].

 

وقال صلى الله عليه وسلم: ((عليكم بالصِّدق، فإنَّ الصدق يَهدي إلى البِرّ، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنة، وإنَّ الرجل ليصدُق ويتحرَّى الصِّدق، حتى يُكتبَ عند الله صِدِّيقًا، وإيَّاكم والكذب، فإنَّ الكذب يَهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يَهْدي إلى النار، وإنَّ الرجل ليكذب ويتحرَّى الكذب، حتى يُكتبَ عند الله كذَّابًا))[1].

 

وإذا تعلَّق الإنسان بشيء، وتخلَّق به عُرِف به، حقًّا كان أو باطلاً، وصار ممدوحًا به، أو مذمومًا عليه، وخير ما يُمدح به المرء هو الصِّدق في الحديث، وتجنب الكذب، ومَن صدق في حديثه مخاطبًا أو مجيبًا، وآمرًا وناهيًا، وتاليًا وذاكرًا، ومعطيًا وآخذًا، كان عند الله وعند الناس صادقًا محبوبًا، مكرمًا موثوقًا به، والصادق في عمله بعيدٌ عن السُّمعة والرياء، لا يريد بفِعْله وتركه إلاَّ الله تعالى، فصلاته وزكاته، وصومه وحجُّه وجهاده، ونطقه وصمته، وحركته وسكونه، كلُّها لله وحدَه لا شريك له، لا يريد بإحسانه غشًّا، ولا خديعة، ولا يطلب من أحد غيرَ الله جزاءً ولا شُكورًا، لا يخالطه أحد إلا وثق به، وأَمِنه على نفسه وأهله وماله، يرغب الناس في جواره، ومعاشرته ومصاهرته، وهو مؤتَمن الأحياء، ووصي الأموات، وناظر الأوقاف، وحافظ الودائع، ومؤدي الحقوق إلى ذويها، وبذلك يكون معتبرًا عند الله، وعند الناس، قال صلى الله عليه وسلم: ((البيِّعان بالخِيار ما لم يتفرَّقَا، فإن صدَقَا وبيَّنا بُورِك لهما في بيعهما، وإن كذَبَا وكتَمَا مُحِقت بركةُ بيعهما))؛ رواه البخاري ومسلم.

 

فالبركةُ مقرونةٌ بالصدق والبيان، والتلفُ والمَحْق مقرون بالكذب والكِتمان، والمشاهدة والواقع أكبرُ دليل على ذلك، لا تجد صادقًا إلاَّ مرموقًا بين الناس بالمحبَّة والثناء والتعظيم، يحوز الشرف، وحسن السمعة والاعتبار، ويُتسابَق إلى معاملته، وبذلك تتمُّ له سعادة الدنيا والآخرة، وهذا بخلاف الكَذِب المرذول، فكلَّما أفرط المرءُ في الكذب والإخبار بما لم يقع عُرِف عندَ الله وعند خَلْقه بأنه كذَّاب، فلا يُقام له وزن، ولا يأمنه أحدٌ على شيء، فالكاذب يَجْني على نفسه قبل أن يَجْني على أحد، لا سيَّما إذا تحرَّى الكذب، حتى يُكتبَ كذَّابا في السماء والأرض، فالكذب دليل على حقارة الكذَّاب وخيانته، وقلة أدبه، والكذب يُفضي بصاحبه إلى اللَّعْن والطرْد، والفجور المؤدي إلى النار، فالكذِب جماع الشرّ، وأصل كلِّ ذمّ؛ لسوء عواقبه، وخبث نتائجه.

 

وأعظمُ الكذب: الكذبُ على الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في تحريم حلال، أو تحليل حرام، وغير ذلك، قال - تعالى -: ﴿ وَلاَ تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلاَلٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لاَ يُفْلِحُونَ * مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النحل: 116 - 117]، وقال - تعالى -: ﴿ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ﴾ [الزمر: 60]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مَن كذَب عليَّ متعمدًا فليتبوأْ مقعده من النار))؛ رواه البخاري ومسلم وغيرهما.

 

وحسْبُ الكذابِ أنَّه يتَّصف بصفات المنافقين، ويبوء بالعذاب الأليم، قال صلى الله عليه وسلم: ((آية المنافِق ثلاث: إذا حدَّث كَذَب، وإذا وَعَد أخلف، وإذا اؤتُمِن خان))؛ متفق عليه، وفي حديث منام النبيِّ صلى الله عليه وسلم الذي رواه البخاريُّ في صحيحه عن سَمُرة بن جُنْدب قال: ((فأتيْنا على رجل مضطجع لِقفاه، وإذا آخَرُ قائم عليه بكَلُّوب من حديد يُشْرِشر شِدقَه إلى قفاه، وعينَه إلى قفاه، ومُنخرَه إلى قفاه، ثم يذهب إلى الجانب الآخَرِ، فيفعل به مثلَ ما فعل في الجانب الأوَّل، فما يرجع إليه حتى يصحَّ كما كان، فيفعل به مثلَ ما فعل في المرَّة الأولى، قال: فقلت لهما: مَن هذا؟ قالاَ: هو الرجل يغدو مِن بيته فيكذِب الكذبة تبلغ الآفاق)).

 

وأعظم مِن ذلك الحَلِف وهو كاذب، كما أخبر الله عن المنافقين بقوله: ﴿ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [المجادلة: 14]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثةٌ لا يُكلِّمهم الله يومَ القيامة، ولا يُزكِّيهم، ولهم عذاب أليم... فذكر الحديث، وفيه: رجل باع سِلعةً فحَلَف بالله لأخذتُها بكذا وكذا، فصدَّقه وهو على غير ذلك))؛ رواه البخاري ومسلم وغيرهما، وقال صلى الله عليه وسلم: ((كبُرتْ خيانةً أن تحدِّث أخاك حديثًا هو لك فيه مصدِّق، وأنت له به كاذِب))؛ رواه أحمد والطبراني في "الكبير" وغيرهما، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخِر، فلْيقلْ خيرًا أو ليصمت)؛ رواه البخاري ومسلم، وقال: ((وهل يَكبُّ الناس في النار على وجوههم إلاَّ حصائد ألْسِنتهم))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.

 

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: "لا يزال العبد يكذِب ويتحرَّى الكذب، حتى ينكتَ في قلْبه نكتةٌ سوداء، حتى يسودَّ قلْبه، فيكتب عندَ الله من الكاذبين))؛ رواه مالك في "الموطأ".

 

وعلى كل حال، فالكذب من أكبر الكبائر، وأعظم المحرَّمات، وأشنع الأخلاق والصِّفات، وأبرز صِفات النفاق، وسُئِل بعض العلماء: كم وجدتَ في ابن آدمَ من العيوب، قال: هي أكثرُ مِن أن تُحصى، والذي أحصيتُ ثمانية آلاف عيْب.

 

ووجدت خصلة إن استعملها سترت تلك العيوب كلها؛ وهي حفظ اللسان، فما أنعم الله على عبدٍ نعمةً بعد الإسلام أفضل من الصدق، ولا ابتلاه ببليَّة أعظم من الكذب، وقد عُلِّقت سعادة الدنيا والآخرة والنجاة من شرورهما بالصدق، فما أنجى الله مَن أنجى إلا بالصدق، وما أهلك اللهُ مَن أهلَك إلا بالكذب، وقد قسم - سبحانه - المخلوقات إلى قسمين: سعداء، وأشقياء، فجعَل السعداء هم أهل الصدق والتصديق، والأشقياء هم أهل الكذب والتكذيب، وجعل أبرز صفات المنافقين الكذب في أقوالهم وأفعالهم، وأخبر - سبحانه - أنه لا ينفع العباد يوم القيامة إلا صدقهم، وأنه أعدَّ لهم بذلك جنات النعيم، وأوجب لهم الخلود فيها، ورضِي الله عنهم لصدقهم في معاملته، ورضوا عنه بجزيل ثوابه، ففازوا بأعظم مطلوب: ﴿ قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رضِي الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [المائدة: 119].

 

اللهم تفضَّل علينا بالصدق في أقوالنا وأفعالنا، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى وصحبه وسلم[2].



[1] متفق عليه.

[2] انظر كتاب "الكبائر"؛ للذهبي ص121، و"إصلاح المجتمع"؛ للبيحاني ص66.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • صوتيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة