• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامةد. حسني حمدان الدسوقي حمامة شعار موقع  الدكتور حسني حمدان الدسوقي حمامة
شبكة الألوكة / موقع د. حسني حمدان الدسوقي حمامة / مقالات


علامة باركود

الرياح والتراب

الرياح والتراب
د. حسني حمدان الدسوقي حمامة


تاريخ الإضافة: 25/7/2021 ميلادي - 15/12/1442 هجري

الزيارات: 8533

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الرياح والتراب


عودةٌ إلى الذاريات والذر، وقد ورد في مختار الصحاح تحت مادة (ذرر): "الذَّرُّ": جمع "ذَرَّة"، وهي أصغر النمل، ومنه سمِّي الرجُلُ "ذَرًّا"، وكُنِّي أبو ذر.

 

وتحت مادة (ذرا): "الذَّرا" بالفتح: كلُّ ما استَذْرَيْتَ به. و"ذُرَا" الشيءِ - بالضم -: أعاليه، الواحدة: "ذِرْوة" بكسر الذال وضمها. و"ذَرَوْتُ" الشيءَ: طيَّرتُه وأذهبته، وبابه عدا. و"الذاريات": الرياح، و"ذَرَتِ" الريحُ الترابَ وغيرَه، مِن باب غدا ورمى؛ أي: سَفَتْه، ومنه قولُهم: "ذَرَى" الناسُ الحِنطةَ.

 

ما الذَّرُّ؟ الذَّرُّ أشياءُ دقيقة الصِّغر "fines" ذو نفع وضرر، وإليك أحجام بعض الذر مقدَّرة بالميكرون (الميكرون جزء من ألف من الملليمتر، والسنتيمتر الواحد به عشرة ملليمترات):

الرمل: 63 2000 ميكرون.

الغبار أو الوحل: 63 ميكرون فأصغر.

الشعرة البشرية: 100 ميكرون.

حبوب اللقاح: 10 100 ميكرون.

غبار الأسمنت: 3 100 ميكرون.

بوغ الفطريات: 1 5 ميكرون.

البكتريا: 0.2 15 ميكرون.

غبار النجوم الحديث: 0.01 ميكرون.

الأدخنة المختلفة: 0.01 1 ميكرون.

دخان التبغ: 0.01 0.5 ميكرون.

 

ولا يوجد مصطلح واحد يعبِّر عن تلك الأشياء وغيرها من المواد الدقيقةِ الحجمِ سوى الذي ورد في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولِمَ لا وهو الذي أوتي جوامع الكلم؟ والمصطلح الجامع لذلك هو كلمة الذَّرِّ، وتحت هذا المصطلحِ تُضَمُّ كلُّ المواد الدقيقة من غبار وتراب، وسناج، والهباءات، وعادم وسائل المواصلات، والسحابة السوداء وغيرها من السحائب، والدخان بأنواعه، والأبخرة بأنواعها.

 

وللذَّرِّ نفعٌ وضرر، ومن نفعه أن أجسادنا تُبنى من الذر، ونحن نستنشق الذر وأحيانًا نأكله، ومن الذر نشأت السماوات والأرض، وحتى لا تُثير الجملة تلك العَجَب أُبادِرُ فأوضِّح أن الغبار البينجمي هو في الحقيقة ذر، ويمثِّل ذلك الغبار حضانة للنجوم، من تكاثفه تولد النجوم، ومن موت النجوم تنطلق نفثات تغذي الوسط البينجمي، وذرُّ ما بين النجوم دقيق جدًّا في أحجامه.

 

وقد استطاع العالم جرينبرج - وهو أحد صائدي غبار ما بين النجوم - من تمييز ثلاثة أحجام من الغبار البينجمي، أكبرُها يقارب حجم الجسيمات في دخان السيجارة يبلغ عرضها نحو 0.2 ميكرون، ويساوي طولها ضعف عرضِها!

 

وأثبت جرينبرج أن الحُبَيبة من غبار ما بين النجوم تتعرض لدورة تدوم مائة مليون سنة وتتكرر نحو خمسين مرة قبل تحطُّم الحُبيبة؛ وبهذا ثبت أن الغبار بين النجوم يُعَدُّ مصدرًا رئيسيًّا للمعلومات عن ولادة النجوم، وقد يكون حاملًا للدَّلالات عن أصل الحياة ذاتها، فالمجَّرات إذًا كانت ذرًّا، والنجوم ومنها الشمس كانت ذرًّا أيضًا، وكذلك الأرض وبقية الكواكب والأقمار.

 

وأقصد بالذر هنا الدخان، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ ﴾ [فصلت: 11]، فلولا الذر ما كانت هناك سمواتٌ ولا أرض؛ لأنهما من دخان، ولولا الغبار لتقلَّصَتِ السحب وما أمطرت؛ لغياب نويات التكاثف التي تتكون من الذر؛ أي: من هباءات الغبار، ورزاذ ماء البحر، وذر البراكين، وخلافه من الجسيمات الدقيقة من الذر، ولولا الذر ما صار النهار مبصرًا؛ لأن الذر يمثِّل عيون النهار اللا نهائية العدد التي تعكس وتشتِّت ضوء الشمس، فتسلخ النهار من ظلمة الكون، يقول تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا ﴾ [يونس: 67]، ويقول أيضًا: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ ﴾ [يس: 37].

 

ولولا الذر ما تكوَّنت التربة التي نزرعها، والتي تتكون أساسًا من رواسب الرمل الدقيق جدًّا، والوحل التي تقل أحجام حُبَيباته عن 63 ميكرون. ويكوِّن غبار الصحراء وغبار البراكين أخصب الأراضي الزراعية.

 

والذر ذو نفع كثير للإنسان في زراعة المحاصيل، وصناعة الفخار والأسمنت، ومواد الصنفرة، ومعجون الأسنان، ومسحوق بودرة التلك، وكحل العين وأقلام الرصاص، وأحبار المطابع، وأقراص الأسبرين والفيتامينات، وحتى الخبز من غبار الدقيق.

 

وتلك أرقام مهولة تقاس بها أهمية الغبار على الأرض:

غبار الصحراء: يحلِّق في السماء غبار آتٍ من الصحراء، يتراوح كميته من 1 3 بليون طن ذر، وتلك تقدَّر بحمولة 14 مليون عربة شحن من عربات القطار تلتف حول خط الاستواء ست مرات.

 

حبيبات ذر ملح البحر: وتقدر بثلاثة بلايين ونصف طن غبار.

 

كيماويات عضوية تحملها الرياح، ومقدارها بليون طن.

 

العوالق الحيوانية، وغبار البراكين، وغبار المستنقعات: يتسرب منها من 20 30 مليون طن من مركبات الكبريت، يشكل ما يقرب من نصفها جسيمات صغيرة يحملها الهواء.

 

غبار الأشجار والحشائش المحترقة: يصل إلى 6 ملايين طن من السناج الأسود.

 

ومن العجيب أنه قبل ظهور تلوُّث البيئة بالشكل المعهود اليوم ظهَرتْ دراسات توضِّح أن الأطفال الرُّضَّعَ الذين يمارسون حَبْوَهم وقصهم لأصابعهم في بيوت مغبرة بالجراثيم أقلُّ عرضةً للإصابة بأمراض ضيق التنفُّس، ويؤكد الأطباء في الماضي على أن هناك شيئًا في غبار البيت يجعل جهاز المناعة في الرضيع متينًا، وللأسف صارت اليوم سجادة الصالون التي يحبو عليها الطفل مصدرَ قلق ومرض؛ بسبب ما يكمن فيها من ذر ونسمة قد لا تستطيع المكانس الجيدة التخلص منها.

 

وهكذا نعيش في عالم من الذر تهبط من السماء، يَعبَرُ فيه الغبار فيافي الصحاري وشطآن المحيطات، ويكمُن الغبار في حضانات النجوم، وفي الفراغ بين النجوم، وفي أغلفة المجرات، وببساطة شديدة يمكن القول بأن العالم موجود في حَبَّةِ غبار.

 

إعجاز السُّنة والغبار:

وقفة تأمُّل مع جوامع الكلمة في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومصطلح علمي، والحديث هو: "اتقوا الذر؛ فإن فيه النسمة"[1]، والمصطلح هو الغبار الحي، وشتان بين البناء اللفظي للحديث في شموليته وبين المصطلح العلمي؛ فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحذِّر من الذر، الذي هو كما أسلفنا لفظ جامع لكل الموادِّ دقيقةِ الحجمِ التي تعلق في الفضاء أو تتراكم في الأرض، وقبل لويس باستير وغيره يُخبِرُنا صلى الله عليه وسلم أن في الذر كائنات حية، كما نفهم من كلمة النسمة، التي تشير إلى كائنات تتنفس، أو ما نعرفه اليوم من بكتريا وجراثيم وميكروبات وفيروسات وفطريات.

 

الذر والربو:

وانظر اليومَ إلى داء الربو الذي يلعب الذر دورًا رئيسيًّا في الإصابة به، وكل عشر سنوات يزداد عدد المصابين بالربو 5%، وفي أمريكا يوجد 13 مليونًا مصابون بالربو، ويموت في اليوم 14 فردًا من داء الربو، ومن المتوقَّع بحلول عام 2020 أن يصاب به فردٌ من بين كل عشرة أشخاص، وقد تصاعَدَ عدد المصابين بالربو في فنلندا عشرين مرة منذ سنة 1960م.

 

والربو يستهدف الدول الغنيَّة، وإن كان اليوم بسبب التلوث العالمي للبيئة أصبح شرًّا مستطيرًا.



[1] هذا الحديث لم نقف عليه في شيء من كتب السنة [إدارة تحرير الألوكة].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • عروض تقديمية
  • في الإعجاز
  • الإعجاز العلمي ...
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة