• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ الدكتور سليمان العيدأ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد شعار موقع الأستاذ الدكتور سليمان العيد
شبكة الألوكة / موقع أ.د.سليمان بن قاسم بن محمد العيد / مقالات


علامة باركود

هموم الشباب بين الواقع والمأمول

أ. د. سليمان بن قاسم بن محمد العيد


تاريخ الإضافة: 21/4/2013 ميلادي - 10/6/1434 هجري

الزيارات: 18960

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هموم الشباب بين الواقع والمأمول


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

 

أمَّا بعدُ:

الهموم: جمع هم وهو الحزن؛ (اللسان).

 

وأهمك الأمر، إذا أقلقك وأحزَنك؛ (الصحاح).

 

ولذا يقال: همُّك ما أهمَّك، وقيل: الهمُّ هو ما يقصده الإنسان من أمر الدنيا والآخرة، ومنه ما ورد في البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (والذي نفسي بيده، لقد همَمت أن آمر بحطب فيُحطب، ثم آمر بالصلاة، فيؤذَّن لها، ثم آمر رجلاً، فيؤم الناس، ثم أُخالف إلى رجال، فأُحرِّق عليهم بيوتهم).

 

فالهم له جانبان؛ أحدهما: ما يهمك ويشغلك، وتتمنَّى حصوله، ولو لم تتمكن أنت من القيام به.

 

والثاني: ما تنوي القيام به من عمل.

 

ولقد جاء التوجيه النبوي في توجيه الهم؛ كما في سنن الترمذي عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من كانت الآخرة همَّه، جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمْله، وأتته الدنيا وهي راغمة [1]، ومن كانت الدنيا همَّه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأته من الدنيا إلا ما قُدِّر له".

 

أنواع الهموم:

أولاً: الهموم الدنيئة:

همُّ المعاصي بأنواعها:

• الخمور:

وكأسٍ شربتُ على لذَّةٍ
وأخرى تداويتُ منها بها

 

• السرقة:

وأحيانًا على بكرٍ أخينا
إذا ما لم نَجد إلاَّ أخانا

 

• المخدرات.

همُّ الحب والحبيبة:

ذكر ابن القيم - رحمه الله - في كتابه "الجواب الشافي" في سياق سوء الخاتمة، قصة الرجل الذي أحب امرأة، وجاء في ذلك:

يا رُبَّ قائلةٍ يومًا وقد تعِبتْ:
أين الطريقُ إلى حَمَّام مِنجابِ

 

فأُجيب:

هَلَّا جَعَلْتَ سَرِيعًا إِذْ ظَفِرْتَ بِهَا
حِرْزًا عَلَى الدَّارِ أَوْ قُفْلاً عَلَى الْبَابِ

 

فازداد هَيَمَانه بها حتى مات، وكان آخر كلامه من الدنيا هو ذلك البيت.

 

كما ذكر قصة ذلك الرجل الذي أحب صبيًّا اسمه (أسلم)، الذي جاء فيه:

يا سَلْمُ يا راحةَ العليلِ
ويا شفا المُدنف النَّحيلُ
رضاكَ أشهى إلى فؤادي
من رحمةِ الخالق الجَليلِ

 

هم الكؤوس الرياضية:

قال الشاعر في وصف هم الرياضيين:

عَربات تدفَّقت
تُشبه الهائج الخِضَمْ
وعليها تكوَّمتْ
زُمَرٌ طَيْشُها احْتَدَمْ

 

هم الفن والفنانون:

ثانيًا: الهموم الطبيعية:

• هم النجاح والمعدل.

• هم الزواج.

• هم العمل والوظيفة.

• المال.

• السيارة.

• الجوال.

 

ثالثًا: الهموم العالية:

بلوغ مرضاة الله - سبحانه وتعالى:

مما يدل على مكانة الرِّضا ما ورد في البخاري عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبَّيك ربَّنا، وسَعديك والخير في يديك، فيقول: هل رضِيتم، فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربُّ، وقد أعطيتنا ما لم تُعط أحدًا من خلقك، فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك، فيقولون: يا رب، وأي شيءٍ أفضل من ذلك؟ فيقول أُحِل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدًا.

 

الواقع: الدعوى النظرية والتقصير العملي في تحقيقه:

المأمول:

محاسبة النفس على أساسه: اللهمَّ اليك أشكو ضَعف قوتي وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت ربُّ المستضعفين وأنت ربي، إلى من تَكِلني، إلى بعيد يتجَّهمني، أم إلى عدوٍّ ملَّكته أمري، إن لم يكن بك غضبٌ عليّ، فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلَح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو تحل عليّ سخَطك، لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك.

 

السعي لتحقيقه: ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 100].

 

﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح: 18].

 

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ ﴾ [البينة: 7 - 8].

 

الدعاء بحصوله:

دخول الجنة:

الواقع: يتمنى على الله الأماني؛ ﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا... ﴾ [البقرة: 214].

 

المأمول: بذل الثمن للحصول عليها.

قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّة... ﴾ [التوبة: 111].

 

(حرام بن مِلحان: مما دعاني إلى الإسلام أني طعَنت رجلاً منهم يومئذ بالرُّمح بين كتفيه، فنظرت إلى سنان الرُّمح حين خرج من صدره، فسمِعته يقول حين طعَنته: فُزت واللهِ، قال: فقلت في نفسي: ما فاز، أليس قد قتَلت الرجل؟ حتى سألت بعد ذلك عن قوله، فقالوا: الشهادة، قال: فقلت: فاز لعَمْرُ الله).

 

عمر بن الجموح:

درجة الشهادة: روى مسلم عن سهل بن حنيف، حدثه عن أبيه عن جده، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (من سأل الله الشهادة بصدق، بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)، ولم يذكر أبو الطاهر في حديثه "بصدق".

 

الشهادة في سبيل الله:

الواقع: ليس له ذكر عند كثير من الشباب، ومنهم من يطلبها ولكن بغير جدٍّ، ومنهم من يتحسر قلبه عليها.

 

المأمول:

عبدالله بن رواحة: هم الشهادة:

قال ابن إسحاق: فلما حضر خروجهم، ودَّع الناس أمراء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسلَّموا عليهم، فلما ودعوا عبدالله بن رواحة مع مَن ودعوا، بكى عبدالله، فقالوا: ما يُبكيك يا ابن رواحة؟ فقال: أما والله ما بي حبُّ الدنيا ولا صبابة بكم، ولكني سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ آية من كتاب الله يذكر فيها النار: ﴿ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا ﴾ [مريم: 71].

 

فلست أدري كيف لي بالصدر بعد الورود، فقال المسلمون: صحِبكم الله، ودفع عنكم، وردَّكم إلينا صالحين، فقال عبدالله بن رواحة:

كِنَّني أسأل الرحمنَ مَغفرةً
وضربةً ذات فرْعٍ تَقذِف الزَّبَدا
أو طَعنةً بيدي حَرَّان مُجهزةً
بحَرْبةٍ تُنفِذ الأحشاءَ والكَبِدا
حتى يُقال إذا مرُّوا على جَدَثي:
أرشَده اللهُ من غازٍ وقد رشَدا


عمير بن أبي وقاص.

حنظلة بن أبي عامر.

 

انتشار الدين ونصر المسلمين وخِذلان أعداء الدين:

الواقع: غفلة كثير من الشباب عن هذا الشأن، واهتمامهم بأمورهم الخاصة، وقد وصف حالهم بعض الشعراء المعاصرين ببعض الأبيات؛ منها:

نائمٌ أنْتَ وَالجِراحُ تَؤُودُ
ومُضِرٌّ بكَ الرُّكونُ البَليدُ
كيف تَغفو على الفراشِ وقد عا
ثَتْ صلالٌ بجانبيكَ ودودُ؟!
أيُّها الخاملُ النَّؤومُ تَنبَّه
فقَبيحٌ يوْمَ اضْطرابِ الرُّقودُ
كُرْبةٌ ودَّعتْ وأُخرى أغارَتْ
دُكَّ مِن عَصْفها البِناءُ المَشيدُ
مسلمٌ يا صِعابُ لن تَقهريني
صارِمي قاطعٌ وعزمي حديدُ
من دمائي في مُقْفرات البَراري
يَطْلُع الزَّهْر والحَيا والوُرودُ
لا أُبالي ولو أُقيمَتْ بِدَرْبي
وطريقي حواجزٌ وسُدودُ

 

وقال آخر:

أَتُداس أقداسُ الجُدود تعنُّتَا
ومساجدُ القُربى تُهان وتُزدَرى
والمسجدُ الأقصى يُخَضَّب بالدِّما
والكونُ كلُّ الكون أعمى لا يَرى
عاثوا بأرض الطُّهْر وانتهكُوا الحِمى
في موطنِ المِعراجِ قُدسيِّ السُّرَى
أَوَيتركُ الأقصى بَنوه مُكبَّلاً
لا تُسْتفزُّ له العواصمُ والقُرى؟

 

المأمول:

حمل الهم والتفكير الجاد في كيفية المساهمة في هذا الشأن، والقيام يستطيعه الإنسان، ومن نماذج ذلك ما يلي:

رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "يا عمُّ، والله لو وضع الشمس في يميني والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يُظهره الله أو أهلِك فيه، ما ترَكته".

 

وورد في مسند الإمام أحمد عن تميم الداري قال: سمِعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ليبلغنَّ هذا الأمر ما بلَغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أدخله الله هذا الدين بعزِّ عزيزٍ، أو بذل ذليلٍ، عزًّا يُعِز الله به الإسلام، وذلاًّ يُذل الله به الكفر.

 

ابن مسعود: إغاظة المشركين:

كان عبدالله بن مسعود أول من جهَر بالقرآن في مكة، ولقد أُوذي في ذلك، ولكن هذا الإيذاء لم يزده إلا ثباتًا على إيمانه.

 

ويضرب لنا ابن عباس - رضي الله عنهما - مثلاً في حمْل الهم لمصلحة الأمة؛ حيث يقول ابن عباس: إني لأسمع بالغيث يصيب البلاد من بلدان المسلمين، فأفرح به وما لي بها سائمة.

 

خدمة الأمة الإسلامية:

الواقع: كل يريد أن يَخدم الأمة، ولكن لا يدري كيف يخدم الأمة.

 

المأمول: نتأمَّل في موقف عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:

عمر: الأُمنيَّة:

عن زيد بن أسلَم عن أبيه أن عمر بن الخطاب قال لأصحابه: تمنَّوا، فقال أحدهم: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت دراهم، فأُنفقها في سبيل الله.

 

فقال: تمنَّوا، قال آخر: أتمنَّى أن يكون ملء هذا البيت ذهبًا، فأُنفقها في سبيل الله.

 

قال: تمنَّوا، قال آخر: أتمنى أن يكون ملء هذا البيت جوهرًا، أو نحوه، فأُنفقه في سبيل الله، فقال عمر: تمنَّوا: فقالوا: ما تمنَّينا بعد هذا.

 

قال عمر: لكني أتمنى أن يكون ملء هذا البيت رجالاً؛ مثل: أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وحُذيفة بن اليَمَان، فأستعملهم في طاعة الله.

 

تحصيل العلم النافع - حفظ القرآن الكريم:

الواقع: الرغبة موجودة، لكن العجز حائل.

وفي العلم قسم غفَل عنه بالكلية، وقسم رضي منه باليسير، فاكتفى بالسماع عن القراءة، وبالكُتيِّبات دون الكتب، وبالقراءة دون البحث والتحرير، وقسم بذَل جُهده، ولكن لم يصل إلى المأمول.

 

المأمول: حديث عبدالله بن عمر.

 

المأمول: لا بد أولاً من الوقوف عند هذه الصور لمن يحملون هم العلم:

عمر بن عبدالعزيز: هم العلم:

ونقل الزبير بن بكار عن العتبي أن أول ما استبين من عمر بن عبدالعزيز أن أباه وَلِي مصر وهو حديث السن، يشك في بلوغه، فأراد إخراجه، فقال: يا أبتِ أوغير ذلك، لعله أن يكون أنفع لي، ولك ترحلني إلى المدينة، فأقعد إلى فقهاء أهلها وأتأدَّب بآدابهم، فوجهه إلى المدينة، فاشتَهر بها بالعلم والعقل مع حداثة سنه، قال: ثم بعث إليه عبدالملك بن مروان عند وفاة أبيه، وخلطه بولده، وقدَّمه على كثير منهم، وزوجه بابنته فاطمة.

 

البخاري: السهر في طلب العلم والجد حتى في النزهات:

قال محمد بن أبي حاتم الوراق: كان أبو عبدالله إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد، إلا في القيظ أحيانًا، فكنت أراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القدَّاحة، فيُوري نارًا، ويُسرج، ثم يُخرج أحاديثَ، فيُعلِّم عليها.

 

لنا أن نتساءل الآن: كيف كانت حال البخاري - رحمه الله - في سن الشباب مع أقرانه، يصف لنا هانئ بن النضر، فيقول: "كنا عند محمد بن يوسف - يعني الفريابي - بالشام، وكنا نتنزَّه فِعْل الشباب في أكْل الفِرصاد - (التوت وقيل: حمله - ونحوه، وكان محمد بن إسماعيل معنا، وكان لا يزاحمنا في شيء مما نحن فيه، ويكب على العلم.

 

ابن أبي حاتم: الجد في اغتنام الوقت:

كيف كان منهج ابن أبي حاتم مع أبيه في تعلُّم العلم منه، وأخذه عنه؟

سُئِل عن ذلك عبدالرحمن بن أبي حاتم، فقال: ربما كان يأكل وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويدخل الخلاء وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه.

 

إذًا، فإن المأمول هو أن يكون المختار على غيره، وأن تَسهَر في طلبه، وأن تصونَ وقتك من أجله، وأن تعمل به.

 

صلاح شباب المسلمين:

الواقع: التقصير في هذا الجانب، وقد وصف أحد الشعراء الشباب قائلاً:

بَرِئتُ من الفتى يَبدو فتَبدو
عَليْه نُعومةُ البِيض الكِعابِ
تفنَّن في مُحاكاة العَذارى
وخالفهنَّ في لُبْس النِّقابِ
وأرسَل شعرَه المضغوط يَحكي
وَميضَ البَرْق أو لَمْع السَّرابِ

 

المأمول: بذل الدعوة في أوساطهم، الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر معهم، الدعاء لهم.

 

زوال المنكرات من بلاد المسلمين:

الواقع: إغماض العينين، وسد الأذنين، وإنزال الرأس، وكل ذلك؛ إما خوفًا، أو حياءً.

 

المأمول: بذْل الجهد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتجنُّب الموانع.

 

هموم أخرى:

• قضاء الدَّين.

• صلاح الأقارب.

• الطاعة.

• فتح بيت المقدس.

• الزوجة الصالحة والأولاد الصالحون: ﴿ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا ﴾ [الفرقان: 74].

• الالتزام.


علامات الهم:

• التفكير في الأمر كثيرًا.

• التأثر عند ذكره.

• السعي الجاد لتحقيقه.

• إلحاحٌ في الدعاء بحصوله.

• التذكير به.

 

كيف نحقق الهمم العالية؟

• الاستعانة بالمولى - سبحانه وتعالى.

إذا لم يكنْ عونٌ من الله للفتى
فأوَّل ما يَقضي عليه اجتهادُه

 

• بذل الوُسع في تحصيل الشيء العالي.

 

الاستعداد لدفع الثمن:

ومَن تكن العلياءُ هِمَّة نفسِه
فكلُّ الذي يلقاه فها محبَّبُ

 

وقال آخر:

إذا كانت النفوسُ كبارًا
تعِبتْ في مُرادها الأجسامُ

 

وقال آخر:

فمَن كان في نَيْل المعالي اجتهادُه
تناوَل في آماله الأنجمَ الزُّهْرا
مَن كان في صيد الجواهر همُّه
يَغوص من اللجات أعمقَها غَورَا

 

أبو حاتم والرَّحْل في طلب العلم:

ويحدِّث عبدالرحمن بن أبي حاتم عن الجهد الذي بذله والده في شبابه من الرحلة في طلب العلم، فيقول: سمعت أبي يقول: أول سنة خرجت في طلب الحديث، أقمت سبع سنين أحصيتُ ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخٍ، قال الذهبي: قلت مسافة ذلك نحو أربعة أشهر سَير الجادة، قال: ثم تركت العدد بعد ذلك، وخرجت من البحرين إلى مصر ماشيًا، ثم إلى الرملة ماشيًا، ثم إلى دمشق، ثم أنطاكية وطرسوس، ثم رجعت إلى حمص، ثم إلى الرقة، ثم ركبت إلى العراق، كل هذا في سفري الأول، وأنا ابن عشرين سنة خرجت من الري، فدخلت الكوفة في رمضان سنة ثلاث عشرة، وجاءنا نعي المقرئ وأنا بالكوفة، ثم رحلت ثانيًا سنة اثنتين وأربعين، ثم رجعت إلى الري سنة خمس وأربعين، وحجَجت رابع حَجة في سنة خمس وخمسين، وحج فيها عبدالرحمن ابنه.

 

ولم يكن طلب الحديث وحفظه عليهم بالأمر الهيِّن، بل ما كانوا يدركون درجة أهل العلم إلا ببذل الجهد في ذلك، يحكي لنا ابن أبي حاتم طرفًا من ذلك، فيقول: كنا بمصر سبعة أشهر، لم نأكل فيها مَرقة، كل نهارنا مقسم لمجالس الشيوخ، وبالليل للنَّسخ والمقابلة، قال: فأتينا يومًا أنا ورفيق لي شيخًا، فقالوا: هو عليلٌ، فرأينا في طريقنا سمكة أعجبتنا، فاشتريناه، فلما صِرنا إلى البيت، حضر وقت مجلس، فلم يُمكنا إصلاحه، ومضينا إلى المجلس، فلم نزل حتى أتى عليه ثلاثة أيام، وكاد أن يتغير، فأكلناه نيِّئًا، لم يكن لنا فراغ أن نعطيه من يشويه، ثم قال: لا يستطاع العلم براحة الجسد.


حفظ الوقت:

الشافعي وتقسيم الوقت:

يُحدثنا عن هذا الربيع بن سليمان، فيقول: كان الشافعي قد جزَّأ الليل، فثُلثه الأول يكتب، والثاني يصلي، والثالث ينام.


شرح: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذ بِك مِنْ الْهَمّ إِلَى قَوْله: وَالْجُبْن)، تَقَدَّمَ شَرْح هَذِهِ الأُمُور السِّتَّة، وَمُحَصَّله أَنَّ الْهَمّ لِمَا يَتَصَوَّرهُ الْعَقْل مِنْ الْمَكْرُوه فِي الْحَال، وَالْحَزَن لِمَا وَقَعَ فِي الْمَاضِي، وَالْعَجْز ضِدّ الِاقْتِدَار، وَالْكَسَل ضِدّ النَّشَاط، وَالْبُخْل ضِدّ الْكَرَم، وَالْجُبْن ضِدّ الشَّجَاعَة.



[1] راغمة: منقادة مكرهة، ذليلة صاغرة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- الواقع والمأمول
منال - السعودية 24-05-2016 07:17 AM

موضوع رائع وأعجبتني طريقة الفصل بين الواقع والمأمول, جميل أن نكثر من هذه المواضيع كدليل وإرشاد للتائهين

* مع ملاحظة أن التنسيق لم يكن واضحاً جداً بين العناوين الرئيسة والفرعية

جزاكم الله خيرا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • كتب
  • مواد مترجمة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة