• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الأستاذ الدكتور فؤاد محمد موسىأ. د. فؤاد محمد موسى شعار موقع الأستاذ الدكتور فؤاد محمد موسى
شبكة الألوكة / موقع أ. د. فؤاد محمد موسى / مقالات


علامة باركود

الطبيعة الروحية للإنسان

الطبيعة الروحية للإنسان
أ. د. فؤاد محمد موسى


تاريخ الإضافة: 20/8/2016 ميلادي - 16/11/1437 هجري

الزيارات: 9230

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطبيعة الروحية للإنسان

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ ﴾ [الإسراء: 70]

 

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

إن السؤال عن الرُّوح كان ولا يزال من الأمور التي تشغل بالَ الكثيرين: ما مصدرها؟ وما طبيعتها؟ وما دورها بالنسبة للإنسان؟ وهل هذه الروح تربى، أو تقوى؟ وكيف تربى، أو تقوى؟

 

إنَّ الروح، ذلك الغيب الذي حارَتِ العقولُ في معرفة كينونته، إنها السرُّ المحرق لكلِّ مَن يحاول تفسيره مِن نبع خياله، أو من شطحات فِكره، إنها العالم الذي سحَر الفلاسفة فأنهكهم، ومن عالم العقلاء أخرجهم.

 

لقد سأل اليهود رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن الرُّوح، فكانت الإجابة في الحديث الشريف:

• عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: "بينما أنا أمشي معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في خَرِبِ المدينةِ، وهو يتوكَّأُ على عسيبٍ معهُ، فمرَّ بنفرٍ من اليهودِ، فقال بعضُهُم لبعضٍ: سَلوهُ عن الرُّوح؟ وقال بعضهم: لا تسألوهُ، لا يجيءُ فيه بشيءٍ تكرهونهُ، فقال بعضُهُم: لنسألنَّهُ، فقام رجلٌ منهم فقال: يا أبا القاسم، ما الرُّوحُ؟ فسكت، فقُلْت: إنَّه يوحى إليه، فقمتُ، فلما انْجَلَى عنه، فقال: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [الإسراء: 85]"؛ (صحيح البخاري)؛ أي: إنَّ الروح من شأن الله، وممَّا استأثر بعِلمه دونكم، فالروح أمرٌ خاص بالله، لا يعلمه إلا هو، وهو أعلم بها، وهي من أمر الله تعالى وحده؛ فإنَّه لا سبيل لمعرفة أي شيء عن الروح إلَّا من الله تعالى.

 

فالروح غَيب مِن غيب الله، لا يدركه سواه، ولقد وقف الإنسان حسيرًا أمام ذلك السر، لا يدرى ما هو، ولا كيف جاء، ولا كيف يذهب، ولا أين كان ولا أين يكون، إلَّا ما يُخبِرُ به العليمُ الخبير في التنزيل.

 

فالبشرية لا تَستطيع إدراكَ ماهية هذه الروح، وليست في حاجة لبلوغ معرفتها، وإلَّا ما حجب الله عنها ذلك عند السُّؤال عنها، فالله يُجيب الناسَ عمَّا هم في حاجة إليه، وما يستطيع إدراكهم البشرى بلوغَه ومعرفته، فلا يبدِّدوا الطاقةَ العقلية التي وهبها الله لهم فيما لا ينتج ولا يثمِر.

 

وكلمة الروح تُطلق في القرآن الكريم على أمور منها:

• الوحي؛ كما في قوله تعالى: 

﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ ﴾ [النحل: 2].

 

• ومنها: جبريل؛ كما في قوله تعالى:

﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ﴾ [البقرة: 87].

وقال الله تعالى: ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾ [الشعراء: 193].

 

• ومنها: القرآن؛ كما في قوله سبحانه:

﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: 52].

 

• ومنها: صفة لعيسى ابن مريم؛ كما في قوله تعالى:

﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [النساء: 171].

 

• ومنها: الإيمان والهدى والبرهان والحكمة؛ كما في قوله تعالى:

﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].

 

• ومنها: الروح التي نِفخت في آدم؛ كما في قوله تعالى:

﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ [الحجر: 29].

 

لقد أمَر الله الملائكةَ وإبليس - قبل نفخ الروح في آدم - بالسُّجود له بمجرد نفخ هذه الروح، وهذا يدلُّ على عظمة هذه الروح، لِم لا؛ فهي من روح الله، فهل ندرك نحن الآن هذه العظَمة وقدرَها فينا، ونعمل على إجلالها فينا؟!

 

إنَّ هذه الروح هي التي كانت تخفى على الملائكة وإبليس حين أنبأهم اللهُ بأنه سيكون خليفة، هي سرُّ الخلافة وقدرها، وهي التي بها نَعمل في الأرض خلفاء، وبدونها لا تكون خلافة؛ فبها تعلَّم آدمُ الأسماءَ كلها، وبها أنبأ آدم الملائكةَ بأسمائهم، فهل ندرك نحن الآن قيمةَ ذلك ونستخدم الروحَ في عملية التعلُّم والتعليم؟!

 

إنَّ هذه الروح هي التي تميِّز الإنسان عن الحيوان، فقد نفخها اللهُ مباشرة في آدم، ثم توالى نَفخها في ذريَّته بعد ذلك؛ كما تدلُّ الآيات، قال الله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ ﴾ [المؤمنون: 12 - 14].

 

وهذا الخلق الآخَر الذي يدلُّ على تميُّز الإنسان بنَفخ الروح فيه؛ كما في الحديث الشريف: ((إنَّ خلق أحدكم يُجمع في بطن أمِّه أربعين يومًا أو أربعين ليلة، ثم يكون علقةً مثله، ثم يكون مُضغة مثله، ثمَّ يبعث إليه الملك، فيؤذن بأربع كلمات، فيكتب: رِزقَه، وأجَلَه، وعملَه، وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح؛ فإن أحدكم ليَعمل بعمل أهل الجنَّة حتى لا يكون بينها وبينه إلا ذراع، فيَسبق عليه الكتابُ، فيعمل بعمل أهل النار فيدخل النار، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينها وبينه إلا ذِراع، فيَسبق عليه الكتابُ، فيعمل عمل أهل الجنة فيدخلها))؛ (صحيح البخاري).

 

هذا هو الإنسان ذو الخصائص المتميزة، فجنين الإنسان يشبه جنينَ الحيوان في أطواره الجسدية، ولكن جنين الإنسان ينشأ خَلقًا آخر، ويتحوَّل إلى تلك الخِلقة المتميزة، المستعدَّة للارتقاء.

 

إنَّ الجنين الإنساني مزوَّد بخصائص معيَّنة، هي التي تَسلك به طريقَه الإنساني فيما بعد وهو ينشأ ﴿ خَلْقًا آخَرَ ﴾ في آخِر أطواره الجنينيَّة، بينما يقِف الجنين الحيواني عند التطوُّر الحيواني؛ لأنَّه غير مزوَّد بتلك الخصائص، ومن ثمَّ فإنه لا يمكن أن يتجاوز الحيوانُ مرتبتَه الحيوانيَّة، فيتطوَّر إلى مرتبة الإنسان تطورًا آليًّا - كما تقول النَّظريات الماديَّة - فهما نوعان مختلفان، اختلفا بتلك النَّفخة الإلهيَّة التي بها صارَت سُلالة الطِّين إنسانًا، واختلفا بعد ذلك بتلك الخصائص المعيَّنة الناشئة من تلك النَّفخة، التي يَنشأ بها الجنين الإنسانيُّ ﴿ خَلْقًا آخَرَ ﴾؛ إنَّما الإنسان والحيوان يتشابهان في التكوين الحيواني، ثمَّ يبقى الحيوان حيوانًا في مكانه لا يتعدَّاه، ويتحوَّل الإنسان خَلقًا آخر قابلًا لِما هو مهيَّأ له من الكمال، بواسطة خصائص مميَّزة وهَبَها له الله، عن تَدبيرٍ مقصود لا عن طريق تطور آليٍّ من نوع الحيوان إلى نوع الإنسان.

 

﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70].

• هل تدرِك أيها الإنسان أنَّ الله عظَّمك عن باقي الدوابِّ بنفخ هذه الروح فيك، ثمَّ تصرُّ على أن يكون سلوكك طينيَّ الطَّبع، حيواني النَّزعة، ولا ترتقي برقي الروح؟!

 

إنَّ هذه الروح هي التي تَجعل الإنسانَ يمشي بجسَده الأرضي على الأرض وقلبه معلَّق بالسماء؛ فها هو حارثة يعبِّر عن ذلك عندما سأله رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن حقيقة إيمانه في هذا الحديث:

• "عن الحارث بن مالك الأنصاري أنه مرَّ بالنَّبي صلى اله عليه وسلم فقال له: ((كيف أصبحتَ يا حارثة؟))، قال: أصبحتُ مؤمنًا حقًّا، قال: ((انظر ما تقول؛ فإنَّ لكلِّ قول حقيقة فما حقيقة إيمانك؟))، قال: يا رسول الله، عزفَت نفسي عن الدنيا، فأسهرتُ ليلي وأظمأتُ نهاري، فكأنِّي أنظر إلى عَرش ربِّي بارزًا، وكأنِّي أنظر إلى أهل الجنَّة يتزاورون فيها، وكأنِّي أنظر إلى أهل النار يتَضاغونَ فيها، فقال له: ((أبصرتَ فالزَم، عبدٌ نَوَّر اللهُ الإيمانَ في قلبه))، فقال: يا رسول الله، ادعُ الله لي بالشَّهادة، فدعا له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم"؛ (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد).

 

• كما يعبِّر عن هذا المعنى أيضًا الحديث الشريف: ((أقرَب ما يكون العبدُ من ربِّه وهو ساجد، إنَّ الله عزَّ وجل ليُباهي به ملائكتَه إذا كان نائمًا في سجوده، يقول: انظروا إلى عبدي، روحُه عندي وجسَده في طاعتي))؛ (البدر المنير).

 

ولننظر نحن ماذا يقول السَّاجد في سجوده، ألا يقول: سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى...؟ يا لها من رَوعة في النَّجوى، فهو في الأرض ويناجي ربَّه الأعلى في السماء العلا، الأعلى من كلِّ شيء، بأنَّه الأعلى، نعم إنَّها مُناجاة الروح.

هل عشتَ أيها الإنسان هذه اللحظات واستمتعتَ بها، وأدركتَ ما بها من لذَّة، ونسيتَ الدنيا وما بها من شقاء؟!

شقيٌّ مَن لم يذقها!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • كتب وأبحاث
  • عروض تقديمية
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة