• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملةأ. د. علي بن إبراهيم النملة شعار موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن إبراهيم النملة / المقالات


علامة باركود

المفقود!

أ. د. علي بن إبراهيم النملة


تاريخ الإضافة: 5/9/2016 ميلادي - 2/12/1437 هجري

الزيارات: 6845

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المفقود!


هذه عائلة كبيرة جدًّا، عدد أفرادها يفوق التصور، متماسكة، متكاتفة، تتعرض للنكبات والأهوال والمصائب ولكنها صابرة، صبرها لا يعني أنها لا تحزن، ولكن صبرها يعني لها أنها قادرة على التغلب على نوائب الدهر، تمر عليها المصيبة تلو المصيبة فتسترجع وتسير في طريقها، تفقد عزيزًا عليها فتنعاه لمن حولها وتستمر في الطريق، هي عائلة العالم الإسلامي من المحيط إلى المحيط، تتعرض لنكبات الزمان، وتصبر، بالأمس القريب تعرضت هذه العائلة في الأسبوع الماضي لفيضانات في السودان، أعقبها تهديد بالجراد لم يمر على السودان منذ أكثر من ألف عام، وقبل فيضانات السودان تتعرض بنغلاديش للفيضانات والحوادث، وكذا في تركيا وجنوب شرق الاتحاد السوفيتي حيث الجمهوريات الإسلامية.

 

وفي الأسبوع الماضي فجع العالم الإسلامي بوفاة أحد القادة الذين شهد لهم بالخير أفعالهم؛ حيث سقطت الطائرة التي تقل الرئيس ضياء الحق الذي عرف عنه مؤازرة العمل الإسلامي في بلاده وفي بلاد المسلمين عامة، وله مواقفه التي لا تنسى من قضية المجاهدين والمهاجرين الأفغان؛ حيث تحمل تبعات وجود الملايين منهم على أرض الباكستان، وكانت الباكستان - ولا تزال - هي منطلق الجهاد في أفغانستان، وهذا الموقف منه يذكر له، ولعله أن يكون في ميزان أعماله؛ فقد أفضى إلى ما أفضى إليه.

 

وأقول هنا: إن ضياء الحق كرجل دولة لا بد أن يكون له معارضوه داخل الباكستان وخارجها، ونحن مطالبون بحسن الظن بالآخرين كمسلمين، حسن الظن هذا مطبق على الجميع بغض النظر عن مواقعهم في المجتمع، من السهل أن يطلق المرء على الآخرين حكمًا سريعًا غير موثق، وحسن الظن هنا لا يعني بحال من الأحوال السذاجة، فلعلنا ندرك الفرق بين هذا الموقف وذاكم الموقف، ومع الأموات نحن مطالبون بأن نذكر محاسنهم، خاصة منهم لمن لم يثبت لنا عنه أنه خرج عن الخط السوي.

 

على أي حال، فقدان ضياء الحق لا يؤثر على الباكستان فحسب، ولكنه سينعكس على العمل الإسلامي في شبه الجزيرة الهندية وأفغانستان وغيرها من المواطن المجاورة، ولعلنا لا نبالغ كثيرًا في هذا إلا إلى درجة أن نقر للمحسن بإحسانه فنقول له: أحسنت، وذلكم لأننا نعلم أن الله تعالى يقيض لهذه المنطقة من يحمل لواء الحق فيها ويكمل مسيرة بدأها من قبله، وما موت ضياء الحق إلا حلقة في سلسلة من الحلقات التي تكون في مجموعها نوعًا من الابتلاء والامتحان لهذه الأمة، وخيرُها مَن صبر وآمن واحتسب.

 

ويمر حادث موت ضياء الحق وتبقى آثاره الغريبة؛ فالتحقق في أسباب موته، والدوافع لهذا الأسلوب في الميتة، فترى الناس في مجملهم يشيرون بأصابع الاتهام إلى الحكومة الأفغانية القائمة المدعومة مباشرة من الاتحاد السوفييتي.

 

وكل يحاول أن يبدي مجموعة من الأسباب التي تعين على الإقناع بأن الروس في النهاية هم المدبرون لموت ضياء الحق، ولعل الأنسب من هذا كله أن ينتظر الناس إلى أن تنتهي التحقيقات الموضوعية ليؤيد الحكم فيها ما ذهبوا إليه أو لينقضه، وهذا هو الأسلوب الأمثل الذي انتهجه غلام إسحاق خان الرئيس بالنيابة.

 

ويمر حادث موت ضياء الحق معبرًا عن جزء مما تتلقاه هذه الأمة الكبيرة الصابرة من المحن، فتطوي صفحة وتفتح صفحة أخرى بعد أن سجلت في الصفحة المطوية ما تعرضت له وما أنجزته، فنتركها للتاريخ يسجلها بأسلوبه الخاص ويخرج منها بحكم تاريخي على حقبة من الزمن هي من أصعب الحقب التي مر بها العالم الإسلامي منذ بعثة قائدها وإمامها محمد صلى الله عليه وسلم.

 

وتفتح الأمة الكبيرة صفحة جديدة وكلها أمل في أن تملأها بما هو أفضل مما ملأت به الصفحة المطوية، فالأمل عند هذه الأمة لا حدود له، وهي عائلة لا تعرف اليأس، ولا يطرق القنوط لها بابًا..

 

فقد صبرت على أعظم من هذا بكثير؛ صبرت على غزو الصليبيين، وصبرت على غزو التتار، وصبرت على غزو اليهود، وصبرت على مهاترات الضالين، واجتازت هذه المراحل كلها وهي تثبت للجميع أنها أمة قوية لا تهزها هذه اللفحات المؤقتة.

 

ولعل القلم يتوقف هنا مكتفيًا بهذا الشعور، مذكرًا بأن فقدان هذا الرجل ترك ثغرة غير هينة في هذه الأمة التي لا تزال تنجب الرجال الذين يملكون عظمة الرجال، ويستطيعون سد هذه الثغرة والثغرات الأخرى، وكان الله في عون الجميع.

 

(الجزيرة، العدد 5812، 15 المحرم 1409هـ - 27 أغسطس 1988م).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • البحوث
  • المقالات
  • الكتب
  • المرئيات
  • في مرآة الصحافة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة