• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملةأ. د. علي بن إبراهيم النملة شعار موقع معالي الأستاذ الدكتور علي بن إبراهيم النملة
شبكة الألوكة / موقع د. علي بن إبراهيم النملة / المقالات


علامة باركود

أبو القرص وأصحاب الهيم!

أ. د. علي بن إبراهيم النملة


تاريخ الإضافة: 14/2/2018 ميلادي - 28/5/1439 هجري

الزيارات: 9113

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أبو القرص.. وأصحاب الهيم!


لست أملِك أن أصل إلى حكم فصل يمكن أن يعد معيارًا في هذا المجال، ولكني أطرحها فكرة هنا، وهي أن كل موروث شعبي يناقض أو يتعارض مع المبدأ الإسلامي فهو غير مقبول.

 

الموروث الشعبي مليء بالتجارب والحكم..المعاناة التي عاشتها الأجيال السالفة أورثت هذه التجارب والحكم..ليس بالضرورة أن يصدر الحكم عن فيلسوف أو عالم..العالم يزنها بعلمه..وغير المتعلم يستنبطها من خبرته مع الحياة.

 

وهناك ما يلوح في الأفق من وقفات سلبية تجاه الموروث الشعبي ينظر إليه على أنه ليس في مستوى الرواية والاعتبار ينظر إليه آخرون على أنه يأتي على حساب المبادئ التي جمعت الأمة..قد يعد مدعاة للمحلية الضيقة..ولأنه يروى باللهجات العامية المحلية يعد أيضًا منغصًا للغة العربية الفصيحة.

 

فيكون تهديدًا مرة أخرى ومن خلال اللغة للمبادئ التي تجعل من اللغة وسيلة إلى التفاهم..تلكم المبادئ التي لا تقبل المحلية في التطبيق.

 

وهناك ما يلوح في الأفق من وقفات إيجابية مفرطة في الاعتناء بالموروث الشعبي حتى ليعد غير الطيب منه طيبًا..فيقبل كل ما جاء عن الناس على أنه يعكس صورة ما كانوا عليه من حياة اجتماعية..أو أدبية..أو سلوكية..ومن الحماس لهذا المنطلق نجد الخلط بين المبادئ والموروث..بل ربما جر الحماس البعض إلى السلوك الشعبي..وتغليبه على المبدأ..فإذا اتفق المبدأ مع السلوك الشعبي نجد هذا المتحمس يتقمص السلوك الشعبي،ليس على أنه مبدأ، ولكن على أنه سلوك شعبي..والأمر هنا فيه نوع من الغموض..ولكن الحال كذلك..فقد يقول البعض: إن السلوك الشعبي مستمد من المبدأ..وهذا ليس بالضرورة صحيًّا..فليس كل السلوكيات الشعبية - العامية - متفقة مع المبادئ التي تدين بها الأمة..فهناك إذًا خلط..يتوجب فرز هذا من ذلك..

 

ربما أطلق على مجتمع إسلامي أو أكثر مثلًا بأنه مجتمع طيب - بالمعنى الإيجابي لكلمة طيب..وهذا مبدأ تتفق فيه جميع المجتمعات التي تؤمن بمبدأ الطيبة..ولكن إذا تحولت هذه الطيبة إلى المعنى السلبي - المحدث - على الكلمة..قيل: إن ذلك المجتمع طيب..وهذا المعنى للطيبة غير مبدأ..بل هو سلوك شعبي..يحاول البعض تعميمه على هذا المجتمع..والطيبة - بالمعنى الإيجابي - لا توقع صاحبها في المزالق..لأن المبدأ يحث على الكياسة والفطنة في المؤمن..فإذا وقع الشخص في حبائل محتال في الداخل أو الخارج فهو لم يتمثل المبدأ..وهكذا يحسن التفريق بين المبدأ - العام والتنفيذ - والسلوك الشعبي الذي قد يصدق على مجموعة من الناس دون آخرين،ومن هنا لزم ألا نتحمس للموروث الشعبي لمجرد أنه موروث شعبي..وإنما نتحمس له إذا وافق المبدأ..أو لم يتعارض مع المبدأ وإن لم يوافقه..وهذا ما يجعل البعض يؤكد في أكثر من موقف أن الموروث الشعبي ليس خيرًا كله،ففيه الصالح..وفيه ما دون ذلك..والأمر يحتاج إلى استقراء لمعرفة النسبة،ولكن الانطباعة لدى الكثيرين أن الموروث الصالح أكثر بكثير من الموروث المناقض للمبدأ.

 

- 2 -

والمجتمع السعودي مجتمع مسلم قبل كل شيء..أي إنه مجتمع المبدأ..ومنذ دعوة الشيخ "محمد بن عبدالوهاب" ومؤازرة الإمام "محمد بن سعود" رحمهما الله - لهذه الدعوة والسلوكياتُ تتفق - في الغالب - مع المبدأ.

 

وفي مجتمعات أخرى - عربية وإسلامية - تتضح الصورة في الخلط بين الأمرين حتى ليصل هذا الخلط إلى اللبس عند التفريق بينهما..لأن بعض السلوكيات - الشعبية - جاءت نتيجة لتحريف في فهم المبدأ.

 

- 3 -

هذا دافع البعض من الذين يقفون من الموروث الشعبي هذه المواقف الواقعية، وهي مواقف - مهما كانت مخلصة - إلا أنها لا تملك أن تمحو ما ورَّثه لنا الأسلاف القريبون من حكمة..كانت هي منطلق هذا الحديث..

 

يحكون أن مجموعة من الرجال ذهبوا جميعًا في طلب العيش..وكل أخذ معه زاده "زهابه"..وكانت العادة تحث على الصبر والتحمل..إلا أن واحدًا من هؤلاء الرجال قد عضه الجوع..وهم يمشون أدخل يده في "خرجه" وكسر قطعة من "قرص" زودته به والدته..وقضم هذه الكسرة..فحطوا الرحال،وكل أخرج زاده حين لحظوا أن "قرص" صاحبهم قد "قضم" فسألوه..وكان من العيب أن يذكر لهم الحقيقة..فقال: ربما أكله الفأر..فاستغفلوه،واستهجنوا جوابه،وأنه من غير الممكن أن يستطيع الفأر قضم القرص بهذه الصورة..فالقرص يابس..والفأر ضعيف..أسنانه لا تقوى على القضم..!! فأسرَّها في نفسه..ورمت بهم السنون وأيسر الله على صاحب القرص فاغتنى..وفكر أن يجمع أصحابه ليتذاكروا في تلكم الأيام الخوالي..فجمعهم على مائدة فيها كل شيء إلا القرص المقضوم..وقبل الورود على المائدة أحضر الرجل "هيماً" والهيم قطعة من الحديد الصلب يستعان بها في حفر الآبار الارتوازية - الآن على الأقل - كان الهيم "مقضومًا" من أحد طرفيه..عرضه الصاحب على الأصحاب..قال لهم: هل تصدقون أن الفأر قد "قضم" هذا الهيم؟! فما كان منهم من معارض..قطعًا يستطيع الفأر الآن أن يأكل الهيم كله..والفأر هو الفأر،لكن الحال غير الحال..صبر قليلًا لعل واحدًا منهم يستغفله ويسفه منه الحلم..ولكنهم كانوا متفقين في الرأي..فاعتذر لهم - بقوة - عن تقديم المائدة لهم عندما ذكرهم بالقرص الذي لم يتمكن الفأر من قضمه..!!

 

- 4 -

ترى لو أورد هذه القصة حكيم من الحكماء القدامى..الذين نشؤوا قبل الميلاد لأصبحت حكمة تذكر لهم..وكانت مجالًا للتفاخر،وربما وصلت إلى حد إخراجها تمثيلية أو مسرحية تضاهي مسرحيات "شكسبير" التي لا تزال تقام على مختلف المستويات..هي حكمة لا تقل كثيرًا عن الحكمة التي خرجت من مسرحية "تاجر البندقية"..فالمغزى في الاثنتين موجود..والحبكة فيهما متوفرة..والسياق مهد فيهما إلى النتيجة وهكذا..على أن هذا الموقف ليس موقف نقد أو مقارنة أدبية بين الموقفين..ولكن لأن تاجر البندقية اكتست العالمية فشاعت..أما أصحاب الهيم فهي من الموروث الشعبي الذي يقف منه البعض مواقف غير ودية..لمجرد أنه موروث شعبي..هذا الموقف الذي قد يصل أحيانًا إلى الدفاع عن الوجود..عند البعض..وكأن الوجود قد ارتبط بالموروث الشعبي..وهنا ربما حصل الخلل في المبدأ..ولا أريد أن أثقل على القارئ بالعودة إلى المبدأ..فقد تكررت هذه الكلمة مرات عديدة..

 

- 5 -

لقد حاول الأستاذ "عبدالكريم الجهيمان" رصد الأساطير الشعبية من قلب الجزيرة العربية في مجموعة مجلدات..وعند قراءة هذه الأساطير يستطيع المرء الخروج منها بحكم غزيرة..وفيها ما فيها من حكايات سطحية قد تخلو أحيانًا من المغزى..ولكنها على أي حال تحكي فترة من فترات مر بها المجتمع..وفيها الواقعي الذي يمكن الاعتماد عليه في دراسة المجتمع..كما فيها الأساطير الخيالية التي لا تتفق مع العقل ولم يرد لها أن تتفق معه..فالخيال والعقل على طرفي نقيض..وغالب الحكايات الواقعية قريبة من الروح الإسلامية التي كانت - ولا تزال - ترسم طابعها على المجتمع..وهي صور صادقة يصعب الوصول إليها من مصادر أخرى غير هذا المصدر الشعبي..فيؤخذ منها المناسب..ويتعرض منها غير المقبول مع انقراض الفترة التي مضت.. ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ﴾ [الأنعام: 164].

 

والسؤال الذي يحتاج إلى مزيد من البحث هو في مدى الجدوى من دراسة هذا الموروث - قصصًا أو شعرًا - على المستوى العلمي "الأكاديمي"،والموقفان المتقدمان يمليان الإجابة على هذا السؤال..حتى ليستغرب البعض أن تلقى قصيدة عامية في صرح علمي شامخ..ويستغرب آخرون أن تقوم أقسام للاجتماع لا توجد فيها دراسات للموروث الشعبي.

 

ولست أملِك أن أصل إلى حكم فصل يمكن أن يعد معيارًا في هذا المجال، ولكني أطرحها فكرة هنا، وهي أن كل موروث شعبي يناقض أو يتعارض مع المبدأ الإسلامي فهو غير مقبول..فإذا اتفق على هذا حصل توفيق بين الموقفين..والتقيا في منتصف الطريق..ليكملا المسيرة العلمية..بالروح العلمية المجردة..التي لا نفتأ نطلق عليها "الموضوعية"..وكان الله في عون الجميع! الجزيرة، العدد 6310. الأحد 10 جمادى الآخرة 1410هـ - الموافق 7 يناير 1990م.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • البحوث
  • المقالات
  • الكتب
  • المرئيات
  • في مرآة الصحافة
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة