• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسريالشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري شعار موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم


علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآيات (270 – 271)

تفسير سورة البقرة .. الآيات (270 – 271)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 11/6/2014 ميلادي - 12/8/1435 هجري

الزيارات: 29283

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآيات (270 - 271)


قال تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [البقرة: 270].


هذا إرشاد من الله سبحانه وتعالى إلى أنه يجازي عباده بالإحسان على كل صدقة يتصدقونها وعلى كل التزام لصدقة، أو لأي نوع من أنواع البر يلتزمونه، لأنه عليم، وعلمه محيط بكل شيء، بكل عمل وكل قصد من المقاصد، فعلى المسلمين المؤمنين أن يتذكروا ذلك دائماً ويختاروا أفضل ما يحبون أن يعلمه الله عنهم من الأعمال أو المقاصد، وخصوصاً أولوا الألباب الذين يتعظون بالعلم والتذكر، ويتأثرون بهما تأثراً يبعث على العمل، فقوله تعالى: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ ﴾ يشمل كثيرها وقليلها وطيبها وخبيثها وسرها وعلانيتها، وما كان منها في حق وخير، وما كان منها في إضرار وشر، وما كان عن رياء، وما كان عن إخلاص، وما أتبعه المنفق بالمن والأذى، وما لم يتبعه إلا بالسماحة والقول الحسن والمقابلة الطيبة.


وقوله: ﴿ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ ﴾، سواء كان ناشئاً عن بر وقربة أو عن لجاج وغضب ومباراة، ويشمل أنواع النذر جميع ما قلناه في النفقة، سواء قصد بالنذر التزام طاعة قربة لله بلا قيد ولا شرط لئلا يتهاون فيها، كأن ينذر نفقة معينة أو صلاة نافلة ونحوها، أو كان النذر بشرط، كأن يقيده بحصول نعمة أو رفع نقمة، كقوله: إن شفاني الله أو شفا ولدي فعلي لله التصدق بكذا وكذا ونحو ذلك من نذر القربات المقيدة بشرط، أو النذر المقصود به حث النفس على شيء أو منعها عنه.


واتفق العلماء على أنه يجب الوفاء بالنوع الأول، واختلفوا في الثاني، هل يجب الوفاء به، أو تجب عنه كفارة يمين، أو مخير بينهما. والتوضيح مذكور في كتب الفقه من كل مذهب.


والنذر مكروه لا يأتي بخير ولا برد قضاء، وإنما يستخرج الله به من البخيل، كما ورد الحديث بذلك.


وينبغي أن يكون النذر في طاعة الله، لأنه لا يتقرب إليه إلا بها، فإن نذر فعل معصية حرم عليه الوفاء بنذره لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من نذر أن يعصي الله فلا يعصيه))[1]. وإن نذر مباحاً فعله، لأن فسخ العزائم من النقص.


وقوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾ جواب الشرط في قوله: ﴿ وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ ﴾ يعني فإنه تعالى يعلم جميع ما أنفقتم من نفقة على اختلاف أنواعها ومنشأ قصدها، فإن الله يعلمه كما أسلفنا بيانه ويجزيكم عليه الجزاء الأوفى، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وكذلك ما نذرتم من نذر على اختلاف أنواعه فإن علم الله محيط بالجميع، لا تخفى عليه خافية.


وفي قوله سبحانه: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ﴾ وعد ووعيد وترغيب وترهيب، ولهذا أكد ما فيها بقوله: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ يعني ليس للظالمين المنتقصين حق الله من أنصار ينصرونهم يوم الجزاء، فيدفعون عنهم العذاب بجاههم أو يفتدونهم بأموالهم.


وهذا كقوله: ﴿ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ ﴾ [البقرة: 123]. وكقوله: ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18].


والظالمون في باب الإنفاق هم الذين ظلموا أنفسهم فلم يزكوها ويطهروها من فحشاء البخل، أو من الرياء والسمعة، أو من رذائل المن والأذى.


فهل يعتبر بهذا أغنياء المسلمين الذين يمسكون أيديهم عن الخير ولا يبذلون في سبيل دينهم وعقيدتهم ورفع مستوى إخوانهم المؤمنين؟ هل يكفيهم هذا الوعيد، فيعصون الشيطان ويطيعون الرحمن؟


قال تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [البقرة: 271].


فيه مسائل مفيدة:

أحدها: أصل الصدقة من الصدق موضوع للصحة والكمال، يقال: رجل صدق النظر، وصدق اللقاء، وصدقوهم القتال، وهذا شيء صادق الحلاوة، وصدق فلان في خبره إذا أخبر به على وجهه الصحيح الكامل. والصديق يسمى صديقاً لصدقه في المودة، والصداق سمي صداقاً لأن عقد النكاح يتم به ويكمل. ومن هنا سميت الزكاة ونحوها من البذل صدقة للدلالة على صدق إيمان دافعها وكماله.


ثانيها: تطلق الصدقة على الفرض والنفل كما قال تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بها ﴾ [التوبة: 103]. وقال: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ﴾ [التوبة: 60]. والمقصود بها الزكاة المفروضة، وكقوله صلى الله عليه وسلم: ((نفقة المرء على عياله صدقة))[2]. وهي واجبة مفروضة. أما الزكاة فإنها لا تطلق إلا على الفرض.


ثالثها: في قوله تعالى: ﴿ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ الأصل فيه: نعم ما، إلا أنه أدغم أحد الميمين في الآخر، وفيها ثلاثة أوجه من القراءة، فقرأ أبو عمرو البصري وقالون وأبو بكر بن عياش عن عاصم ﴿ فَنِعِمَّا ﴾ بكسر النون وإسكان العين، وهو اختيار أبي عبيد قال: لأنها لغة النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لعمرو بن العاص رضي الله عنه: ((نعما المال الصالح للرجل الصالح))[3].


هكذا روى الحديث بسكون العين، لكن النحويين قالوا: هذا يقتضي الجمع بين الساكنين، وهو غير جائز إلا فيما يكون الحرف الأول منهما حرف المد واللين، نحو دابة وشابة؛ لأن ما في الحرف من المد يصير عوضاً عن الحركة وأجابوا عن الحديث بأنه لما دل الحس على أنه لا يمكن الجمع بين الساكنين علمنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تكلم به أوقع في العين حركة خفيفة على سبيل الاختلاس.


أما القراءة الثانية فقراءة ابن كثير ونافع من رواية ورش وعاصم في رواية حفص ﴿ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ بكسر النون والعين. وفي تقريره وجهان: أحدهما: أنهم لما احتاجوا إلى تحريك العين حركوها مثل حركة ما قبلها. والثاني: أن هذا على لغة من يقول: نعم بكسر النون والعين. قال سيبويه: وهي لغة هذيل.


والقراءة الثالثة وهي لغة سائر القراء ﴿ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ بكسر العين. ومن قرأ بهذه القراءة فقد أتى بهذه الكلمة على أصلها وهي (نعم).


رابعها: تفسير ﴿ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ قال الزجاج: المعنى (نعم الشيء هو) فالتقدير: نعم شيئاً هي إبداء الصدقات.


خامسها: قوله تعالى: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ يظهر لنا أن المقصود بها الزكاة المفروضة، لأن إظهارها مشروع للاقتداء ولأن الصدقات المندوبة يشرع إخفاؤها، كما تكاثرت الأحاديث بذلك، وهذه الآية الكريمة تنص على أفضلية الإخفاء للصدقات على الإطلاق واجبها ومندوبها.


سادسها: في هذه الآية الكريمة تفريج وإفراج للمؤمنين الصادقين المخلصين الذين يتحاشون الرياء والفخر في الإنفاق ويبتعدون عنهما ولكن إيمانهم يدفعهم إلى الإنفاق، وهم يحبون التكتم، ولا يمكن التكتم بكل شيء من أنواع الإنفاق في سبيل الله والصدقة، فالله العليم الحكيم سبحانه وسع لهم في هذه الآية حيث مدح إظهار الصدقات، حيث قال: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ يعني إن تبدوها فنعم شيئاً إبداؤها.


سابعها: إن قوله تعالى: ﴿ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ مدحاً لإبدائها وإظهارها، يعني إن تبدوها أفضل شيء هي، وهذا مدح لها بكونها ظاهرة بادية، والسبب في هذا المدح لئلا يتوهم مظهرها بطلان أثرها وثوابه، فيمتنع من إخراجها، منتظراً فرصة الإخفاء، فيفوت وقتها أو تفوت منفعتها، أو تعترضه الموانع ويحال بينه وبين قلبه أو بينه وبين إخراجها فلا يؤخر صدقته العلانية بعد حضور وقتها إلى فرصة وقت إخفائها خشية المطر، وقد كان الصحابة على هذه الحال.


ثامنها: ذكر بعضهم أن المقصود من إظهار الزكاة ما كان على اليهود والنصارى، فأما الزكاة على فقراء المسلمين فإخفاؤها أفضل، ولكن هذا التخصيص ليس له دليل، فينبغي التمسك بعموم الآية.


تاسعها: وردت الآثار الصحيحة من السنة المطهرة في الحث على إخفاء صدقة التطوع مما تكون به هذه الآية من العام المخصوص أو العام الذي أريد به الخصوص. قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله: ولم يخصص الله من قوله: ﴿ إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ ﴾ شيئاً دون شيء فذلك على العموم إلا ما كان زكاة واجبة، فإن الواجب من الفرائض قد أجمع الجميع على أن الفضل في إعلانه وإظهاره. اهـ انتهى المقصود مما يدل على أن صدقة التطوع ينبغي إخفاؤها، مع أن آخر الآية يفيد خيرية الإخفاء للجميع لولا ما ورد من النصوص.


وقوله تعالى: ﴿ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ يعني أن إعطائها الفقراء سراً وخفية أفضل من الإعلان لما في الإخفاء من مظنة الإخلاص وإكرام الفقراء بالستر عليهم، وليس قوله: ﴿ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ من الخيور الذي ليس بمعنى التفضيل، بل هو من التفضيل لإعقاب الله زيادة الجزاء بقوله: ﴿ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ يعني يمحو عنكم بعضها مما يشاء تكفيره، ولم يعمم التكفير ليكون العباد على وجل من الله، فلا يتكلوا على وعده اتكالاً يجرئهم على المعاصي.


وليتأمل القارئ والسامع نكتة مهمة في تقييد الله الإخفاء بإيتاء الفقراء خاصة، ولم يقل: وإن تخفوها فهو خير لكم لأن من الصدقة ما لا يمكن إخفاؤه، كتجهيز جيش وبناء قنطرة أو خزان ماء ونحو ذلك مما ظهوره واضح. وأما إيتاؤها الفقراء ففي إخفائها فوائد كثيرة، منها الستر على الفقير وعدم تخجيله وفضيحته بين الناس، وأن يرون أن يده هي السفلى فيحتقرونه ويزهدون في معاملته، وهذا قدر زائد على الإحسان إليه بمجرد الصدقة مع تضمنه الإخلاص والابتعاد عن الرياء وعن محمدة الناس، فيكون إخفاؤها للفقير خيراً من إظهارها بين الناس.


ومن هنا مدح النبي صلى الله عليه وسلم صدقة السر وأثنى على فاعلها حتى أخبر أنه أحد السبعة الذين هم في ظل عرش الرحمن يوم لا ظل إلا ظلة، حيث قال: ((... ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه))[4].


وقوله تعالى: ﴿ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ ﴾ قدمنا ذكر الحكمة من التبعيض وعدم تكفير الجميع. وهذه قراءة أبي عامر وعاصم في رواية حفص (ويكفر) بالياء يعني أن الله تعالى يكفر عنكم ما يشاء من سيئاتكم.


وقرأ ابن كثير وأبو عمرو البصري وعاصم في رواية عياش ويعقوب (ونكفر) بالنون المضمومة، يعني ونحن نكفر.


ثم ختم الآية بما يناسبها وهو قوله: ﴿ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ يعني لا يخفى عليه سبحانه بذلكم ولا مقاصدكم في البذل أو إظهاره أو إخفائه، فإنه الخبير بما في ضمائركم وقد استدل بعض العلماء على جواز بذل الصدقة للكافر من قوله تعالى: ﴿ وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ ﴾ على العموم بخلاف الزكاة فلا يصح بذلها للكافر.



[1] أخرجه البخاري، كتاب: الأيمان والنذور، باب النذر فيما لا يملك وفي معصية، [6700].

[2] أخرجه ابن خزيمة: [2354]، وابن حبان [4234].

[3] أخرجه الإمام أحمد: [4/197]، وابن حبان: [3210]، والبخاري في الأدب المفرد: [298].

[4] أخرجه البخاري، كتاب: الجماعة والإمامة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة، [660]، ومسلم: [1031].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • تفسير القرآن العظيم
  • قصائد
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة