• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسريالشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري شعار موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم


علامة باركود

تفسير سورة الفاتحة (14)

الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 3/2/2011 ميلادي - 28/2/1432 هجري

الزيارات: 11889

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأصالة الفكرية والهوية الروحية:

هذا الإرشاد من الله لعباده بـ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ فيها الأصالة الفكرية والهوية الروحية, للمسلمين عامة والعرب خاصة؛ لأن فيها الاستقلال الفكري الرائع الذي لم يلتقط من أفكار شرقية ولا غربية, ولا يمكن أن يختلط بشيء من الأوضاع البشرية, والبضائع الأرضية, بل ولا يمكن أن يلتقي مع شيء من ذلك أدنى التقاء, أو ينهزم أمام أي شيء منها أدنى هزيمة عقلية؛ لأنه فكر مرتكز على الحس الديني, يستمد جميع تصوراته ومفاهيمه من المعاني العميقة لعبودية الله والاستعانة به, فالأفكار النابعة من ذلك والمستقاة منها, أفكار أصيلة حرة نبيلة, تنظم حياة الفرد الدينية, وتنظم حياة المجتمع في السياسة والاقتصاد والثقافة وسائر مرافق الحياة, فهي أفكار أصيلة كاملة, فيها من الشمول ما ينظم الدين والدولة في جميع الشئون والميادين, ولذلك قال الله تعالى: ﴿ وَمَن لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾، ﴿ الظَّالِمُونَ ﴾، ﴿ الْفَاسِقُونَ ﴾ [ المائدة : 44، 45، 46].

 

وهذه الأصالة الفكرية تضمن الوحدة الروحية والثقافية لمن تمسك بها وقدرها حق قدرها, وكانت جميع تصوراته ومقاصده نابعة منها, ومرتكزة عليها, وهي ليست ثقافة قومية ضيقة كما تريدها اليهود لغيرها, ممن تسميهم تارة بـ (الأمميين) وتارة بـ (حميرها) وإنما هي ثقافة روحية إنسانية عالمية هادفة للصلاح والإصلاح, تقوم على أساس عدم العبودية لغير الله, وعدم الخوف إلا من الله, وعدم الاستمداد من سواه, أو الاستعانة بغيره, وتجعل حب الإنسان وعواطفه مرتبطة بالله, لا يحب إلا ما يحبه الله, ولا يوالي إلا أحباب الله وأهل طاعته, ولا يبغض إلا ما يبغضه الله, ولا يعادي إلا المبتعدين عن طاعة الله.

 

وعبادته تعني ألا يكون له في سلوكه السياسي أغراض نفسية, ولا في سلوكه الاقتصادي مطامع انتهازية, يبتز بها المال الحرام أو يبخل به عن أداء الحقوق, ولا في سلوكه الثقافي أو الاجتماعي شذوذ يشط به عن التزام حكم الله, والوقوف عند حدوده, ولا يسلك في النواحي السياسية مسالك العصريين الذين أعادوا الجاهلية الأولى, فأخذوا ينتصرون للعصبية والأغراض النفسية, فيوالون الكافرين ويسندونهم ضد المسلمين, للاشتراك معهم في جنسية أو نفعية, أو يسكتون عن المؤذين للمسلمين, نظراً لمناصبهم الشخصية, أو مصالحهم الوطنية, بل يتقيدون في ذلك بما يحبه الله ويرضاه.

 

والمسلمون – وعلى الأخص العرب – لما استمسكوا بأصالتهم الفكرية وهويتهم الروحية؛ كانوا مرهوبي الجانب على أوسع مدى من الحدود والنفوذ, والقوة والسلطان, وقصة (وامعتصماه) مشهورة لا ينساها التاريخ , ولم نجد من يجددها أمام كوارث المسلمين في كل مكان؛ لفقدانهم تلك الأصالة الفكرية والهوية الروحية؛ لأن الماسونية اليهودية خططت لتفتيت ذلك وإطفاء شعلته في عقر دارها، بما عملته من الغزو الثقافي المتنوع بمكره وشره على أيدي المستعمرين والمبشرين, المستترين باسم الدكتوراه والفلسفة والاستشراق, مما أحدثت به الفصل بين الدين والدولة.

 

ذلك الفصل الذي لا يجوز ولا يصح إلا للدين النصراني المزعوم, الذي أحدثت به اليهود ما لا يصلح للحياة, وجعلت الجيل المعاصر تائهاً تمام التيه بين الثقافات المتنازعة, وضائعاً بين المذاهب المادية من شرقية وغربية, لا يكاد يكون له وجود حقيقي كامل بمعنى الكلمة, بل وجود مشوه ينكره تاريخه وينكره من عرف مجد آبائه ومثلهم العالية؛ فأصبح الجيل متعدد الثقافات الدخيلة, تتحكم فيه المعسكرات المادية التي حوله, لفقدانه أصالته الفكرية وهويته الروحية الاستقلالية, وأصبح لا يعرف من الاستقلال إلا اسمه.

 

وبديهي أن الأمة إذا فقدت أصالتها الفكرية الاستقلالية فقدت معها كل شيء؛ لأنها تصبح بلا محتوى فكري, ورصيد روحي يحفظ خصائصها, ويدفع عنها شر التيارات المجاورة التي تعمل على محقها وسحقها بشتى أنواع الكيد والمكر, حتى تفقد كيانها, فإن قال قائل: إن الثقافة العصرية اتسعت آفاقها وأصبحت ملكاً مشاعاً لكل الأمم, ولم تبق فائدة للثقافة الروحية التي تزعم أصالتها.

 

قلنا: هذا اعتراض منهزم هزيمة عقلية, وجاهل بالفرق العظيم بين كنه الثقافيين, فالثقافة الروحية الأصيلة مرتكزة على الإيمان بالغيب, الذي يجعل من ضمير الإنسان رقيباً باطنياً يراقبه في كل عمل ويخيفه من عقوبات الله العاجلة والآجلة, ويجعله مخلصاً في مقاصده, صادقاً في أقواله, صالحاً مصلحاً في أعماله, كما كان أسلافنا أصلح الخلق, وأنفع الخلق للخلق, وأرحم الخلق بالخلق, لا يسكتون على باطل, ولا يعتدون على أحد, ولا يطمعون في عرض أحد أو ماله, ولا يسيرون مع الهوى في أي شأن من شئونهم.

 

أما الثقافة العصرية التي تزعمونها عالمية فلا نجد فيها ما يمنع أهلها بالوجدان من الاعتداء على أحد, أو الطمع في ماله أو عرضه, وليس فيها ما يردع مثيري الفتن والأحقاد, ومفاسد الأخلاق, ويردهم إلى رشدهم, وليس فيها ما يلزمهم بالعدل بين الناس؛ لأن نظرتهم نفعية صرفة, ولذا تمادى اليهود في ظلمهم للعرب وتشريدهم, والتمادي في احتلال بلادهم بلا قاهر ولا رادع, لما تحمله هذه الثقافة المادية من الأنانية البشعة المتفاقم شرها.

 

فما أبعد الفوارق بين الثقافتين!! وما أجهل من يرخص أصالته الفكرية, ويتنازل عنها, فيكون تابعاً لغيره!! إن هزيمته أعظم من كل هزيمة حربية؛ لأن الهزيمة الحربية مع صحة الأفكار الأصيلة, وسلامة العقيدة قد يكون منها أعظم الحوافز والاستعداد لأخذ الثأر, ولكن الهزيمة العقلية تتحول بها القيم وتنعكس بها المفاهيم, فيتميع بها الإنسان في أخلاقه, ويتمعمع في سلوكه وأفكاره في شتى ميادين الحياة, لفقدانه أصالته الفكرية, ومقوماته الروحية فيذهب ضحية للتخريب الفكري في ميدان السياسة والثقافة والاقتصاد, الذي يقوم به عدوه وعملاء عدوه ممن يختارهم – غالباً – من بني جلدته.

 

وقد أخبرنا الله عن المنافقين المذبذبين, فاقدي العقيدة والأصالة الفكرية, أنهم لا يتعظون بالمحن والأحداث, حيث قال تعالى: ﴿ أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [التوبة: 126] وها نحن نرى ورثتهم من قومنا تتوالي عليهم المحن والفتن في عقر دارهم, ممن يسمى (إسرائيل) وهم في طغيانهم يعمهون, لم يكفروا بالجبت والطاغوت في الناحية التربوية فيرفضوا المناهج التعليمية الماسونية, من غربية وشرقية, ويعودوا إلى تربية محمد صلى الله عليه وسلم، ويتركوا التربية المادية المائعة السائرة على تقليد أعدائها في كل ميدان, ولم يكفروا بالجبت والطاغوت في النواحي السياسية , فيرسموا خطة إسلامية صحيحة سليمة, تربطهم بجميع المسلمين, الذين يشكلون أعظم عدد وأضخمه بين الأمم ويكونوا يداً واحدة على أعدائهم.

 

بل استمروا في مناهجهم التعليمية على الخطط السابقة التي رسمها لهم أعداؤهم, ولم يلتفتوا إلى التربية الدينية ويكيفوا المناهج بها, بدلاً من تكييفها بالإلحاد, كما استمروا على إبعاد الدين الإسلامي عن الحكم وطمس تشريعاته, ومعاداة المسلمين والتنفير عنهم بشتى الأساليب, وموالاة الدول العلمانية التي أقصت الدين عن التشريع مثلهم, تمادياً منهم في نبذ ملة إبراهيم ونقض عهد الله الذي يربطهم بهم, وقطع لما أمر الله به أن يوصل من إسنادهم.

 

ولم يكفروا بالجبت والطاغوت في النواحي الاجتماعية التشريعية, فيعيدوا الحكم بشريعة الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, ويطهروا مجتمعهم ووسائل إعلامهم من لهو الحديث المتنوع, والمجون والمسارح والمراقص, وسائر الملاهي والخمور, والتبرج والتهتك, ولم يصدقوا التوبة لله بتحريم ما حرمه الله, وإقامة حدوده في كل شيء, بل استمروا على ما خططته (اليونسكو) وغيرها في التربية, وما خططوه في وسائل الإعلام ونحوها, ومن اللَّهو والطرب.

 

واستمروا في استحسان كل منكر باسم التقدم والتطور, بل استمروا في محاربة الله ورسوله, بإباحتهم ما حرماه من الخمور والربا, والقمار والزنا, وتشريعهم القوانين الديوثية المعفية للزناة من إقامة حدود الله, وتشريعهم سائر الأنظمة المخالفة لشريعة الله, والمعلنين فيها عن إلحادهم في أسماء الله, بقولهم عن أحكامه: إنها قاسية لا تصلح لهذا العصر, ولا تساير التمدن والتطور, مما هو كالتصريح بأن الله ليس عليماً ولا حكيماً ولا رحمن ولا رحيماً.

 

ومع ذلك لم يتوبوا ولم يتذكروا أمام هذه المحن والفتن, حتى هزيمتهم النكراء أمام جرذان الخليقة من اليهود في شهر حزيران عام (1967م) لم تحفزهم على الرجوع إلى الله وتحكيم دينه, وحمل رسالته, بل تمادوا في الشرود عنه, وهذا شيء أخطر من نكبة حزيران, بل من كل نكبة, وسببه انعدام القلوب السليمة, والأفكار الصحيحة الاستقلالية, التي لو وجدت لغيرت أحوالهم رأساً على عقب, ولكن أنى يوجد هذان بدون تمحيص الصدق مع الله في تحقيق الوفاء بمدلول الضراعة إلى الله بـ ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾, ذلك الشعار الروحي العقائدي الذي بقوة تحقيقه تتحقق الأصالة الفكرية, ويرتفع أهلها عن كل تميع وتقليد, والله المستعان.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • تفسير القرآن العظيم
  • قصائد
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة