• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسريالشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري شعار موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / بحوث ودراسات


علامة باركود

يريد الله بكم اليسر

الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري

المصدر: من كتابه رحمه الله: "الصوم.. مدرسة تُربيّ الروح وتقوي الإرادة"، طُبع عام 1404هـ.

تاريخ الإضافة: 29/8/2011 ميلادي - 29/9/1432 هجري

الزيارات: 29640

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يريد الله بكم اليسر[1]

 

وقد حصل في هذا الزمان حاجة جديدة للإفطار، وهي في حق الذين يتدربون على قيادة الطائرات الحربية ويمنعهم واجب التعليم من الإفطار، فهؤلاء قد حصل لهم فتوى بالإفطار من بعض الجهات الدينية، والأولى أن يقصر الحكم على الحاجة الصحيحة الحاضرة الملحة، فإذا كان التدريب في وقت حرب تحتاج فيه القيادة الإسلامية إلى المزيد من الطيارين المسلمين أو على تخوف من مباغتة العدو تخوفاً له مبرراته، جاز للمتعلمين الإفطار بالتزام القضاء وقت العطلة أو وقت الأمن والراحة.

 

أما إذا كان التعليم للاستعداد والاحتياط فيجب على قيادة الطيران أو القيادة الحربية العامة إعفاء الطلاب من التعليم في شهر رمضان تعظيماً له واحتراماً لفريضة الصوم، وصيانة له من الجناية عليه بإفطار ليس ضرورياً، ولا يجوز للعلماء التساهل في حقوق الله بجانب ما يسمى حق الوطن أو الشعب أو حق العلَم (بفتح اللام) فإن الله جعل في الصيام تربية روحية عظيمة تفوق ما يحصل عليه الطالب من التربية المادية أضعاف الأضعاف.

 

وعلى ولاة المسلمين أن يهتموا بأمورهم الدينية غاية الاهتمام ويؤثرونها على الأمور الأخرى، وأن يحترموا أوقات العبادة من صلاة وصيام فيخضعوا لها برامج التعليم مهما كانت، ولا يخضعونها هي لبرامج التعليم، اقتداء بمن ضل سعيهم في الحياة الدنيا، بل يجعلون الدين هو الركيزة الأساسية، والذي له الأولوية في كل شيء، ليحققوا الاستجابة لله، فيتأهلوا لاستمطار نصر الله ومدده.

 

هذا وينبغي أن يعلم الفرق بين الإرادتين: الإرادة الكونية والإرادة الشرعية، فالإرادة الكونية هي إرادة القضاء والتكوين، وهذه إرادة لابد من حصولها في كل مخلوق مربوب لله. أما الإرادة الشرعية فهي إرادة الأمر والتشريع، ومن هذا الباب قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) يعني أن حكمته التشريعية اقتضت تسهيل التكاليف على العباد تيسيراً لهم لطريق الوصول إليه، فبنى تكاليفه على الحكمة والرحمة ويسرها عليهم وجعل ثواب الحسنة عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة حسب صدق فاعلها في نشاطه وطيب نفسه وإخلاصه، واستصغاره لما يفعل، واحتقاره، وحسب موقع الفعل، كبرد الماء في الوضوء، وطول الطريق إلى المسجد، وقوة الخشوع في الصلاة، وطول انتظارها، وتجشم الوحل والبرد في سبيلها، وحسب سماحة نفس المتصدق وبعده عن الرياء والسمعة، والمنة في الصدقة، وحسب موقعها من الحاجة في المدفوعة إليه، وحسب شدة البرد أو الحر في الصيام، وطيب نفسه واحتسابه، وحسب طيب نفس الحاج وطهارة ماله من الحرام، وعدم الرفث والأذى، ومبلغ نفعه للمسلمين في حجه، وغير ذلك.

 

وأما قوله سبحانه: (ولا يريد بكم العسر) فهذا أيضاً من إرادته الشرعية ورحمته بعباده أن بنى شريعته على اليسر الموصل إليه ولطف بعباده عن التشريع العسير الذي يفظعهم من الوصول إليه أو ينقص من درجاتهم لديه، وهذا كقوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، وقوله: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها). وقوله صلى الله عليه وسلم: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا). إلخ.

 

وقوله تعالى: (ولتكملوا العدة) بتخفيف الميم على قراءة الأكثرين، أو تشديدها على قراءة عاصم من طريق أبي بكر بن عياش، فالمقصود بها التكميل على القراءتين واللام للتعليل، فهي معطوفة على التعليل السابق المستفاد من قوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) يعني أن ما حصل من التخفيف عليكم في أمر الصيام هو لأجل أن تكملوا العدة، فمن لم يكملها أداء في وقتها قام بتكميلها قضاء من أيام أخرى، فيكون إكمالكم لها في حالة يسر واطمئنان وانشراح صدر، فتحصلوا على بركة الصيام وخيراته المعنوية من تهذيب النفس وتربيتها بما يزكيها وينفعها، ومن تحصيل الأجور العظيمة عند الله بهذا الإكمال الميسر، ولا يفوتكم شيء من بركاته ولا من أجوره.

 

وهذه نعمة عظيمة من نعم الله عليكم بتيسير التكليف وتوفيقكم إلى فعله والخروج منه ببراءة ذمة وإحسان في العمل، ولهذا قال سبحانه وتعالى: (لعلكم تشكرون)، لأن أداء الصوم على ما يقتضيه الشرع، كما أسلفنا تفصيله، يربي على تحقيق الشكر والقيام به.

 

ومن مبادئ الشكر تكبير الله، ولذا جاءت به الآية قبله في قوله: (ولتكبروا الله على ما هداكم) أي تكبروه بجميع معاني التكبير على ما هداكم للإيمان به، ويسر عليكم شرائع دينه، ووفقكم لطاعته، فإن تيسير التشريع من الله معونة على طاعته، فهي نعمة عظيمة يستحق عليها الشكر الذي من موجباته التكبير الصادق، وهو الذي يصدر من القلب قبل اللسان، وتصدقه الجوارح، وليس التكبير مجرد النطق باللسان من ذكر وحمد وتعظيم، وإنما التكبير المطلوب النافع هو تكبير الله بالحب والتعظيم في القلب، بأن ينحشي من حب الله وتعظيمه، فلا يكون فيه محل ولا فراغ لحب فلان وعلان، ولا يشاركه فيه حب شهوة أو معشوق، بل تقوده محبة الله إلى محبة كل ما يحبه الله من شخص أو عمل، وبغض ما يبغضه الله من شخص أو عمل، والتلذذ بطاعته والتشرف بتنفيذ أوامره، والمسارعة فيما يرضيه. فالتكبير القلبي يتكون من التكبير العملي، ثم التكبير القولي بالحمد والتسبيح، فيكون لسان المؤمن رطباً من ذكر الله، وقلبه منطبعاً بتكبير الله تكبير محبة وتعظيم.

 

بحيث لا يرى أحداً أكبر من الله سبحانه ولا أعظم. وبهذا لا يخشى إلا الله، ولا يرهب من سواه أبداً مهما كان، فيكون قلبه مصدقاً لما ينطق به لسانه، وبذلك يكون صلباً في عقيدته، قوياً في إرادته، وإلا فما الفائدة من التكبير؟ نعم ما الفائدة من التكبير المقصور على اللسان تقليداً موروثاً؟ ينبغي للمسلمين أن يكبروا تكبيراً قلبياً صحيحاً تتفجر به طاقاتهم في العمل المرضي لله من حمل رسالته وتوزيع هدايته، وبذل النفس والنفيس للدفع برسالة الله إلى الأمام بصدق وإخلاص، وطهارة قلوب وجوارح:

وهنالك يصعقون عدوهم بالتكبير، ويزلزلونه من حصونه، فيقيمون حكم الله في جميع أصقاع الأرض، بدلاً من حالتهم التعيسة الآن، عليهم أن يرعوا أمانة الله حق رعايتها، وأن لا يبدلوا نعمة الرسالة كفراً بالانصراف عنها إلى غيرها من المبادئ الأرضية والمذاهب المادية.

 

فقوله تعالى: (ولعلكم تشكرون) تعليل آخر لحكمة الصيام والتخفيف فيه، لأن أداءه على الوجه المطلوب خير حافز على الشكر العملي الذي هو القيام بواجب الرسالة بعد التمسك بحقيقة الهداية، وقد سبق أن لفظة (لعل) للترجي الذي لا يكون إلا فيما جرت أسبابه، وحيث أن أداء الصيام على حقيقته المطلوبة يصقل القلوب، ويهذب النفوس، ويقوي فيها الإرادة وصدق العزيمة، جاء طلب الشكر من الصائمين بهذه الصيغة.

 

ولهذا جاء الأسلوب القرآني بهذا التغيير للإشارة إلى أن هذا المطلوب بمنـزلة المرجو لقوة الأسباب المتآخذة في حصوله. ففي آخر هذه الآية الكريمة نوع من اللف لطيف المسلك قلَّ من يهتدي إليه، ولهذا قال بعضهم عن الواو إنها زائدة.

 

والحاصل أن الشكر المطلوب منا هو الشكر العملي أو الشكر الكامل، وهو الواجب الصحيح، كما قدمنا من أنه يكون بالقلب والجوارح جميعها واللسان، ويكاد الشكر أن يكون هو الدين كله، كما قال تعالى: (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون)[2]. فشكر الله له أعظم المساس بأصل الأصول وأكبرها إلى أصغر الفروع وأدقها، إذ أن أصل الشكر وقوامه تجريد التوحيد لله بإخلاص المحبة، والتعظيم الموجب لطاعته، وتعظيم شعائره، وإقامة حدوده، وتنفيذ شريعته، وحصر الحاكمية له باعتباره الإله الملك المطاع، ووصفه بصفات الكمال، وتنـزيهه عن مشابهة خلقه في أي صفة وميلاد وعدم التقدم عليه وعلى رسوله بأي رأي أو تشريع، وحصر الحب والموالاة له وفي سبيله، والبغض والمعاداة من أجله، تحقيقاً لمحبته ومرضاته، وجعل الأولوية في الحب لله ورسوله على المحبوبات الثمانية من الآباء والأبناء والأزواج والإخوان والعشيرة والأموال والتجارة والأوطان، لأن من كان حبه لشيء من ذلك فوق حب الله ورسوله انصرف قلبه إليها وكان عمله لها ومجهوده في سبيلها، فيكون مشركاً في العمل لغير الله، غير شاكر له، لأنه قد جعل ما فضله في المحبة من هذه الأصناف ولياً من دون الله يحب من أجله ما شاء، ولو كان عدواً لله كالنصارى واليهود وأنواع الملاحدة ويواليهم على حساب دين الله، كما يعادي من شاء ولو من المسلمين أولياء الله، ويكون بذله ومجهوده الحربي من أجل أحد هذه الأصناف المنصوص عليها في الآية 24 من سورة التوبة، فما أبعده عن الشكر، وأما في الفروع فيكون متبعاً لهواه في أي شأن من شؤون حياته، فإذا لم يكتسب الشكر من أداء الصوم كان مفلساً والعياذ بالله.



[1] نذكّر بأن الكاتب ـ رحمه الله ـ قد توفي عام 1399هـ وقد كتب هذه المادة ضمن كتابه.. الصوم.. مدرسة تُربيّ الروح وتقوي الإرادة والذي طُبع عام 1404هـ.

[2] سورة البقرة:152.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • تفسير القرآن العظيم
  • قصائد
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة