• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب   موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسريالشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري شعار موقع الشيخ عبد الرحمن بن محمد الدوسري
شبكة الألوكة / موقع الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري / تفسير القرآن العظيم


علامة باركود

تفسير سورة البقرة .. الآية (283)

تفسير سورة البقرة .. الآية (283)
الشيخ عبدالرحمن بن محمد الدوسري


تاريخ الإضافة: 23/7/2014 ميلادي - 25/9/1435 هجري

الزيارات: 29107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة البقرة

الآية (283)


قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 283].


في هذه الآية الكريمة فوائد وملاحظات:

إحداها: أن الله سبحانه يسر للمسلمين أن يتعاملوا معاملة شفوية حال السفر إذا عدموا الكاتب شريطة أن يستوثقوا برهان يضمن الحق.


ثانيها: ليس تعليق مشروعية أخذ الرهن في السفر وفي حالة عدم الكاتب مقيداً له في تلك الحالات فقط، بل يجوز أخذ الرهن في الحضر وعند وجود آلاف الكتاب، فإن المراد بالآية بيان الرخصة في ترك الكتابة للحذر واستبدال التوثق بها بالرهن عند عدم تيسرها لظروف السفر، وإلا فقد روى البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه عند يهودي بالمدينة، وهذا نص جواز الرهن في الحضر ومع وجود الكتاب.


ثالثها: قرأ ابن كثير وأبو عمرو البصري: (فرهن مقبوضة) وقرأ الباقون ﴿ فَرِهَانٌ ﴾ على وزن جبال، وكلها تفيد الجمع، فمعناها صحيح وليس بينها مخالفة.


رابعها: أن الله يستجيش ضمائر المؤمنين لأداء الأمانة والوفاء بدافع من تقواه ومراقبته إذا ائتمنوا على أي شيء من أمور البيع والشراء بأن كره بعضهم أن يأخذ على صاحبه كتاباً بالعقد وتفصيل الثمن والشرط، فعلى المؤمن في ذلك رعاية أمانته بدفع الثمن والوفاء بالشرط ونحوه، وكذلك لو اضطر المتعاقدين ظروف من ضغوط الجاهلية الحديثة إلى إخفاء الثمن الصحيح وكتابته بأقل منه أو أكثر اعتماداً من البائع على أمانة المشتري، فليرع المشتري الأمانة وليدفع الثمن السري الصحيح مراقبة لله الذي يعلم السر والنجوى، فليس في هذه الآية ما ينسخ شيئاً مما قبلها وإنما فيها استجاشة قلوب المؤمنين على رعاية الأمانة عموماً من جميع أنواع البيوع والرهان والودائع بقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ ﴾.


وقوله تعالى: ﴿ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ فيه نهي من الله مشفوع بالإثم الشعوري الذي يخز الضمير، فقد نهى الله الشهود عن كتمان الشهادة بعد نهيهم عن إباء تحملها، إذ قال: ﴿ وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا ﴾، فإن فيه تأكيداً كتأكيد أمر الكاتب بأن يكتب بعد نهيه عن الإباء يقول: ﴿ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ ﴾.


فهذه الأوامر التأكيدية من الله للكتاب والشهود أن يعينوا الناس على حفظ حقوقهم وبجانبها التحريم، فحرم عليهم أن يقصروا في ذلك بترك الشهادة أو كتمانها، لما في ذلك من ضرر إضاعة الحقوق وإيقاع التهمة بالمدعي إذا ادعى على خصم حاضر أو غائب أو ميت، فكتم الشهود شهادتهم ضياع لحق المدعي من جهة وكان متهماً بالكذب والتزوير من جهة أخرى وهو برئ من ذلك، فباء الشهود الكاتمون شهادتهم بإثم عظيم حسبما ترتب على كتمان شهادتهم من المساوئ.


وقد خصص الله الإثم بالقلب لأنه لب الإنسان وآلة عقله وتفكيره، وهو الذي يدرك الوقائع ويعيها، وهو الملك للأعضاء والمسير لها، فكان هو موضع الإثم في كتمان الشهادة خاصة، وإن كان في الحقيقة مصدر كل خير وكل إثم، كما قال صلى الله عليه وسلم: ((ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب))[1].


ومن أعظم آثام القلب سوء القصد وفساد النية التي لا يجري كتمان الشهادة إلا بسببها والعياذ بالله.


وفي هذه الآية دليل على أن الإنسان يؤاخذ على ترك المعروف، كما يعاقب على فعل المنكر، لأن الترك للمأمور فعل يعاقب عليه، كما يعاقب على فعل المنهي، وذنب كتمان الشهادة عظيم خصوصاً إذا كان صادراً عن عدوان مؤمن.


هذا وقد وقع الخلاف في الأوامر الإلهية في هذه الآية الكريمة، هل هي للندب والإرشاد أو للوجوب، فقال المحققون إنه للوجوب، ومنهم عطاء والشعبي وابن جرير في تفسيره، وهو الأصل في الأمر عند الجمهور خصوصاً وقد تتابعت الأوامر في الآية وتأكدت حتى في حال السفه والضعف والعجز، فقد أمر ولي من عليه الحق من هؤلاء بأن يملي عنه للكاتب، ولم يعفهم من الكتابة ومثل هذا التأكيد لا يكون إلا في الواجب، ويؤيده تعليل الله بكونه ﴿ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ ﴾ وقال آخرون: إنه للندب. واستدلوا بثلاثة أمور منقوضة:

أحدها: قوله تعالى: ﴿ فإن أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ ﴾.


ثانيها: كون المسلمين لم يلتزموا الكتابة والإشهاد في العصر الأول ولا فيما بعده، بل يكتبون الدين تارة ويتركونه تارة، ولو فهموا الوجوب لالتزموه.


الثالث: أن في الكتابة حرجاً، وهو منفي بنص الوحي.


والجواب عن الأول: أن قوله تعالى: ﴿ فإن أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا ﴾ إلخ. هو محمول على حال الضرورة، كالأوقات التي لا يوجد فيها كاتب ولا شهيد وحصلت الثقة فلا بأس بعدم الكتابة، ثم إن هذه الجملة من الآية خارجة عن الموضوع لأنها تنص على الائتمان كالودائع وكالأثمان السرية ونحوها مما يؤتمن عليه بالوجدان ولا تحسن كتابته، فلا علاقة لهذه الجملة بالنسخ ولا تصلح ناسخاً، مع أن دعوى النسخ من أبعد الأشياء فيها عن الصواب، حتى إن الإمام ابن جرير قال ما معناه، لو صح أن تكون هذه الجملة ناسخة لوجوب كتابة الدين لوجب أن يكون قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [المائدة: 6] ناسخاً للوضوء في الحضر والسفر.


وحيث إن هذا لا يصح فذلك أولى بعدم الصحة، وأما دعواهم تعامل الصدر الأول من المسلمين بغير كتابة ولا إشهاد فهي على إطلاقه باطلة، فإنه لم يؤثر عن الصحابة الذين يحتج بمعاملاتهم ولا عن التابعين شيء صحيح يؤيد هذه الدعوى، ولكن اغتر هؤلاء القائلون من الفقهاء بعدم الوجود برؤيتهم لمعاملات أهل عصرهم التي عمت فيه الثقة واشتهرت ولم يرووا فيه عن الصحابة شيئاً واقعاً، ولا عبرة لما يعتاده أهل العصور من عدم الكتابة لحصول الثقة والاشمئزاز من الكتابة، فإن هذا لا يغير الحكم الشرعي.


وقد شاهدنا في أوائل عمرنا شيئاً من ذلك ولكن حصل التغير ونحن باقون على قيد الحياة، فالقول بالوجوب متعين خصوصاً في هذه العصور المادية التي ضعف فيها الوجدان، وفسدت الضمائر لا سيما مع القاعدة الأصولية أن الأمر للوجوب ما لم تصرفه قرينة.


وقد جاءت الآية الكريمة بتأكيدات كثيرة تؤيد الوجوب كما أسلفنا. وقد صح الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله كره لكم ثلاثاً: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال))[2].


وترك الكتابة إضاعة له.


وأما دعواهم الحرج والمشقة في الكتابة فليس بصحيح، لأن الحرج والعسر اللذين نفاهما الله عن دينه ليس معناهما أنه لا مشقة ولا كلفة في شيء من التكاليف الشرعية، بل المراد نفي الإعنات، وتجشيم المشاق، والإيقاع في العسر، والحرج وما توهموه من الضيق والحرج في الكتابة هو عين السهولة واليسر والسعة في حقيقة الأمر لحسن عاقبتهما، فإن التعامل الذي لا يضبط بالكتابة والشهود يؤول أمره إلى مفاسد كبيرة، منها ما يكون عن عمد، ومنها ما يكون عن نسيان، وإذا ارتاب المتعاملان واختلفا ولم يكن لهما مرجع من كتابة وشهود أساء كل منهما الظن بصاحبه، فحصل الشقاء والخصومة التي قد تجر إلى عداوة عريقة وحزازات مؤذية.


قال الإمام محمد عبده:

كيف يكون هذا حرجاً وهو مما لا يقع إلا قليلاً لبعض المكلفين ولا يكون الوضوء حرجاً وهو مما يجب على كل مكلف كل يوم خمس مرات؟ فما كل ما يتكرر يكون حرجاً؟ إلى أن قال: إلا أن الحرج في هذا كالحرج في تحريم جميع أنواع الشرك والمعاصي. فكما أنه لا يجوز أن تكون مشركاً بنوع ما من أنواع الشرك لا يجوز لك أن تفرط في شيء من الحق.



[1] أخرجه البخاري، كتاب: الإيمان، باب: فضل من استبرأ لدينه، [51]، ومسلم: [1599].

[2] أخرجه البخاري، كتاب الزكاة، باب: قول الله تعالى: ﴿ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا ﴾، [1477]، ومسلم: [592].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • بحوث ودراسات
  • تفسير القرآن العظيم
  • قصائد
  • كتب
  • مرئيات
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة