• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
 
صفحة الكاتب  موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضرالشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي شعار موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر
شبكة الألوكة / موقع الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي / فقه التقاضي / المبادئ والأصول القضائية


علامة باركود

المبادئ والأصول القضائية (11)

المبادئ والأصول القضائية (11)
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي


تاريخ الإضافة: 1/1/2013 ميلادي - 18/2/1434 هجري

الزيارات: 15107

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

برنامج فقه التقاضي

الحلقة الثالثة والعشرون

المبادئ والأصول القضائية (11)

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، نبيِّنا محمدٍ وعلى آله وصَحْبه، ومَن اهتَدى بهداه.

 

أمَّا بعدُ:

فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحيَّاكم الله مستمعي الأفاضل في برنامجكم "فقه التقاضي"، وقد سبَق الحديث في حلقات مَضَت عن عشرة من المبادئ الرئيسة والأصول الجامعة، والقواعد الكليَّة التي تُجَلِّي لنا ما حَظِي به جانب القضاء في الشريعة الإسلامية من عناية واهتمامٍ.


وفي الحلقة الماضية عرَضتُ الأصل والمبدأ العاشر، وهو مبدأ سلطة القاضي التقديريَّة في إجراءات النظر في القضايا المعروضة عليه، وذلك أنَّ القاضي يُعمِل فِكرَه ونظرَه في الوقائع المعروضة عليه، ويَجتهد في إلحاقها بنظائرها، وتحقيق المناط فيها، والوقائع لا تَنتهي، ولا يُمكن حَصرها، ولا غنى للقاضي عن بَذْل جُهده في القضيَّة؛ سَعيًا للتوصُّل إلى الحكم الملائم المُنصِف.


وفي هذه الحلقة أعرض لكم مستمعي الأفاضل المبدأ الحادي عشر:

وهو أنَّ للقاضي سلطة تقديريَّة في بعض الأحكام والقضايا المعروضة عليه.


والأصل في القضاء الإسلامي التزامُ القاضي بنصوص الشـريعة الإسلامية، والأنظمة والتعليمات التي لا تتعارض معها.


فمثلاً: نعلم أنَّ حدَّ الزاني البِكر جَلْدُه مائة جلدة، وتغريبُه عامًا كاملاً، وحَدَّ الزاني المُحصن الرَّجْم، فلا خيار أمام القاضي سوى الحُكم بأحد هذين الحدَّين متى قامَت البيِّنة المُوصلة، أو حصَل الإقرار بموجب الحدِّ.


ومثال آخر: نَعلم أنَّ حدَّ السارق قَطْعُ يده بنصِّ القرآن الكريم؛ ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّه ﴾ [المائدة: 38].


ولا خيار للقاضي في إنفاذ هذا الحدِّ متى استكمَل شروطه، وانتَفَت موانعه.


وفي جانب الحقوق المالية، نعلم أنَّ الأصل حُرمة أخْذ مال المسلم إلاَّ بطِيب نفسٍ منه، فلو ادَّعت زوجة على زوجها أنه لَم يُوَفِّها المهرَ المُسمَّى، وأقرَّ بذلك الزوج، فلا خيار للقاضي في إلزام الزوج بموجب ذلك، أما لو وَهَبت الزوجة ما لها في ذِمَّة زوجها، وتَبرَّعت به لزوجها، فهنا لا مجال للقاضي في عدم قَبول هذا التنازل؛ لأن الحقَّ للزوجة وقد أسْقَطَته، وليس للقاضي خيارٌ في هذه المسألة.


وأمَّا لو جاء النص مُخيِّرًا للقاضي في أحد صُور الحكم، أو فُوِّض القاضي في الحكم بما يراه - فإن للقاضي هنا أن يُعمِل سلطته التقديريَّة، واختياره المبني على الدليل والبرهان، ومراعاة المصالح المُعتبرة.


فمن ذلك في جانب الأحكام الجنائية، الحُكم في حدِّ الحِرابة المُشار إليه في قول الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ﴾ [المائدة: 33].


قال الشيخ عبدالرحمن السَّعدي - رحمه الله تعالى - في تفسير الآية: "المحاربون لله ولرسوله، هم الذين بارَزوه بالعداوة، وأفسَدوا في الأرض بالكفر والقتل، وأخْذ الأموال، وإخافة السُّبل"، ثم قال - رحمه الله تعالى -: "والمشهور أنَّ هذه الآية الكريمة في أحكام قُطَّاع الطريق، الذين يَعرضون للناس في القرى والبوادي، فيَغصبونهم أموالهم، ويَقتلونهم، ويُخيفونهم، فيَمتنع الناس من سلوك الطريق التي هم بها، فتَنقطع بذلك.


فأخبَر الله أنَّ جزاءهم ونكالَهم - عند إقامة الحد عليهم - أن يُفعل بهم واحدٌ من هذه الأمور.

واختلَف المفسرون: هل ذلك على التخيير، وأنَّ كلَّ قاطعِ طريق يَفعل به الإمام أو نائبه ما رآه المصلحة من هذه الأمور المذكورة؟ وهذا ظاهرُ اللفظ، أو أنَّ عقوبتهم تكون بحسب جرائمهم، فكلُّ جريمة لها قِسطٌ يُقابلها؛ كما تدلُّ عليه الآية بحِكمتها وموافقتها لحِكمة الله تعالى، وأنهم إن قتَلوا وأخَذوا مالاً، تحتَّم قتلُهم وصَلْبهم؛ حتى يَشتهروا ويَرتدع غيرُهم، وإن قتَلوا ولَم يَأخذوا مالاً، تحتَّم قَتْلهم فقط، وإن أخَذوا مالاً، ولَم يَقتلوا، تحتَّم أن تُقطع أيديهم وأرجُلهم من خلاف، اليد اليمنى والرجل اليسرى، وإن أخافوا الناس، ولَم يَقتلوا، ولا أخذوا مالاً، نُفُوا من الأرض، فلا يُتركون يَأْوُون في بلدٍ؛ حتى تَظهر توبتهم، وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنه - وكثير من الأئمَّة، على اختلاف في بعض التفاصيل"؛ انتهى كلامه - رحمه الله تعالى.


فللقاضي في حَد الحِرابة، وبحكم نيابته عن وَلِي الأمر - أن يُقرِّر العقوبة المناسبة في حدِّ الحِرابة بحسب الوقائع ونوع الجريمة المُرتكبة، وهذه سلطة تقديريَّة للقاضي بحسب اجتهاده، وهذا على أحد الرأْيَيْن في المسألة.


ومن ذلك أيضًا تقدير القاضي للتعزير بحسب الجُرم وصاحبه، ووقت الجريمة، ومكانها، وقوة السلطان وضَعفه؛ كما يَذكره العلماء.


قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى - في "السياسة الشرعية" (1 / 151): "وأمَّا المعاصي التي ليس فيها حدٌّ مُقَدَّرٌ، ولا كفارة كالذي يُقَبِّل الصبي والمرأة الأجنبيَّة، أو يُباشر بلا جِماع، أو يأكل ما لا يَحِل، كالدَّم والمَيتة، أو يَقذف الناس بغير الزنا، أو يَسرق من غير حِرزٍ، أو شيئًا يسيرًا، أو يَغش في معاملته، كالذين يغشون في الأطعمة والثياب ونحو ذلك، أو يُطَفِّف المكيال والميزان، أو يَشهد بالزور، أو يُلقِّن شهادة الزور، أو يرتشي في حُكمه، إلى غير ذلك من أنواع المُحرَّمات - فهؤلاء يعاقبون تعزيرًا وتنكيلاً وتأديبًا بقَدر ما يراه الوالي على حسب كثرة ذلك الذنب في الناس وقلَّته، فإذا كان كثيرًا، زاد في العقوبة بخلاف ما إذا كان قليلاً، وعلى حسب حال المُذنب، فإذا كان من المُدمنين على الفجور، زِيدَ في عقوبته بخلاف المُقل من ذلك، وعلى حسب كِبَر المُذنب وصِغَره، فيُعاقَب مَن يتعرَّض لنساء الناس وأولادهم، بما لا يُعاقَب مَن يتعرَّض إلاَّ لامرأة واحدة، أو صبي واحدٍ".


والشاهد من ذلك مستمعي الأفاضل، أن تقدير التعزير المناسب راجعٌ إلى القاضي بحسب ولايته؛ لأن الوقائع لا تَنتهي، والجرائم تختلف، والواقعين في الجرائم مختلفون، فمنهم مَن يُردعه التعزير اليسير، ومنهم مَن لا يُردعه إلاَّ التعزير البليغ، وهكذا.


ومن الصور التي تَخضع لتقدير القاضي في القضايا الحقوقيَّة، ما يتعلَّق بتقدير النفقة الواجبة، فالنفقة تختلف بحسب حال المُنفق والمُنفَق عليه - من حيث الغنى والفقر - فنفقة الغني ليست كنفقة الفقير واحتياجه؛ ولذا فإن القاضي يجتهد في تقدير النفقة الواجبة بحسب حال الطرفين المدَّعي والمدَّعى عليه، مع الاستئناس بأهل الخِبرة في تقدير النفقة الواجبة، ومثل ذلك أيضًا تقدير القاضي للمُستحق لحضانة الصغير عند الاختلاف عليها؛ لأن الحضانة حقٌّ للمحضون وفيها مُراعاة مصلحته، والقاضي يَجتهد في تحقيق هذه المصلحة بحسب ما يَظهر له من حال المتخاصمين وحاجة الصغير.


ومن تطبيقات السلطة التقديريَّة للقاضي في القضايا الجنائيَّة في النظام القضائي السعودي، ما يُطبَّق في حقِّ مُروِّجي المخدرات، جاء في قرار مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية ذي الرَّقْم 85 والتاريخ 11/11/1401هـ ما نصُّه: "مَن يُروِّجها - أي: المخدرات - سواء كان ذلك بطريق التصنيع، أو الاستيراد بيعًا وشراءً أو إهداءً، ونحو ذلك من ضروب إشاعتها ونَشْرها، فإن كان ذلك للمرة الأولى، فيُعزَّر تعزيرًا بليغًا بالحَبْس، أو الجلد، أو الغرامة الماليَّة، أو بهم جميعًا، حسبما يَقتضيه النظر القضائي، وإن تَكرَّر منه ذلك، فيُعزَّر بما يقطع شرَّه عن المجتمع، ولو كان ذلك بالقتل؛ لأنه بفِعله هذا يُعتبر من المفسدين في الأرض، وممن تأصَّل الإجرام في نفوسهم، وقد قرَّر المحققون من أهل العلم أن القتل ضربٌ من التعزير؛ قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله تعالى -: "ومَن لَم يَندفع فساده في الأرض إلاَّ بالقتل، قُتِل مثل قَتْل المُفرِّق لجماعة المسلمين، الداعي للبدع في الدين"، إلى أن قال: "وأمَر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقَتْل رجلٍ تَعمَّد الكذب عليه".


وسألَه ابن الديلمي عمَّن لَم يَنته عن شرب الخمر، فقال: "مَن لَم يَنته عنها، فاقْتُلوه"، وفي موضع آخرَ قال - رحمه الله - في تعليل القتل تعزيرًا ما نصُّه: "وهذا لأن المُفسد كالصائل، وإذا لَم يَندفع الصائل إلاَّ بالقتل، قُتِل"؛ انتهى.


مستمعي الأفاضل، كانت هذه إطلالة موجزة حول إعمال السلطة التقديريَّة للقاضي في اختيار الحُكم الملائم للقضيَّة، وفي الحلقة القادمة - بإذن الله تعالى - نواصل الحديث عن بعض التطبيقات القضائيَّة في المملكة العربية السعودية لمبدأ السلطة التقديريَّة المَمنوحة للقاضي في الحكم في بعض الحالات والصُّور.


وحتى ذلك الحين أستودعكم الله تعالى، والله تعالى أعلمُ، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمدٍ.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


المرجع الرئيس: من عندي مع المراجع المذكورة في الحلقة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • مقالات
  • فقه الأسرة
  • خطب منبرية
  • كتب
  • صوتيات
  • فقه التقاضي
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة