• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / ثقافة عامة وأرشيف


علامة باركود

هل أتاك نبأ العلماء الذين أحرقوا كتبهم أو دفنوها...؟!

هل أتاك نبأ العلماء الذين أحرقوا كتبهم أو دفنوها...؟!
بشار بكور


تاريخ الإضافة: 18/3/2012 ميلادي - 25/4/1433 هجري

الزيارات: 29058

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يقول الجاحظ رحمه الله تعالى: «[الكتاب] نعم الذّخرُ والعُقدة هو، ونعم الجليس والعُدَّة، ونعم النشرة والنزهة، ونعم المشتغل والحرفة، ونعم الأنيس لساعة الوحدة، ونعم المعرفةُ ببلاد الغربة، ونعم القرين والدخِيل، ونعم الوزير والنزيل[1].... والكتابُ هو الذي إنْ نظرتَ فيه أطالَ إمتَاعَك، وشحَذَ طباعَك، وبسَط لسانَك، وجوَّدَ بَنانك، وفخَّم ألفاظَك، وبجَّح نفسَك، وَعمَّر صدرك، ومنحكَ تعظيمَ العوامِّ، وصَداقَةَ الملوك، وعَرفتَ به في شهرٍ ما لا تعرفُه من أفواهِ الرجال في دهْر، مع السلامةِ من الغُرم، ومن كدِّ الطلب، ومن الوقوفِ بباب المكتِسب بالتعليم، ومِن الجُلوس بين يَديْ مَن أنت أفضلُ منه خُلُقاً، وأكرمُ منه عِرْقاً، ومع السلامةِ من مجالَسَة الْبُغَضاء ومقارنةِ الأغبياء.[2]» غبرَ على الناس زمانٌ كان الكتاب ملءَ سمعهم و بصرهم، يُمتّعهم في الخلوة، و يُؤنسهم في الوحشة، يجلو أفهامهم، و يذكي قلوبهم، يصاحبهم في الغربة ويسرّي عنهم في الكُربة؛ فلا غرو أن صرفوا إليه همّهم، واستفرغوا في تحصيله مجهودهم. و أقاموه مُقام الزّوجة والمال والولد، بل مقاماً أجلَّ وأسمى، وأشرف و أنبل.


قال قائلهم:

سَهَري لتنقيح العلومِ أَلذُّ لي
من وصْلِ غانيةٍ وطِيبِ عِناقِ
وتمايُلي طَرَباً لحَلِّ عويصةٍ
أشْهَى و أحلى من مُدامةِ ساقِ
وصَريرُ أقلامي على صَفَحاتها
أشْهى من الدُّوْكاه والعُشَّاقِ
وألذُّ مِن نقْر الفتاة لدُفِّها
نَقْري لأُلقي الرَّمْلَ عن أوراقي[3]

لكن هذا الكتاب الذي هو ثمرة عقول ونتاج أفكار أضحى مأواه- في زمان خلا- إما بطنَ أرضٍ، أو جوف غار، أو ظلمات بحار، ولربما غدا أيضاً طُعمةً للنار. و أولئك الذين حكموا عليه بالإعدام لم يكونوا أعداءه، بل كانوا أصحابَه: أحبّاءه و عُشاقه. عجبٌ من العجب! ترى لمَ كانت تلك نهايتَه؟ أجزاءٌ وفاقٌ أم جزاء سِنِمّارٍ وما كان ذا ذنب؟!

 

لم عقّ هؤلاء العلماءُ كتبَهم؟ أو هو حقّاً نوع من عقوق أم أنَّ لهم عذراً وأنت تلوم؟

 

تروم المقالةُ أمرين: أولاً استقصاء ما يمكن استقصاؤه من علماء أوصوا بإهلاك كتبهم. وثانياً الوقوف على الأسباب التي حملتهم على اتخاذ موقفهم ذاك.

 

العلماء الذين أحرقوا كتبهم أو دفنوها...

1) أحمد بن أبي الحَواريِّ، اسمه ميمون أبو الحسن الدمشقيّ، من جِلّة العلماء و الحفّاظ. قال عنه الجنيد:« أحمد بن أبي الحواريّ ريحانة الشام» رمى أحمد كتبَه في البحر، وقال:« نعم الدليلُ كنتِ، والاشتغال بالدليل بعد الوصول محالٌ» وقال يوسف بن الحسين:« طلب أحمدُ بن أبي الحواريّ العلمَ ثلاثين سنة، ثمّ حمل كتبه كلّها إلى البحر، فغرّقها، وقال: يا عِلم، لم أفعل بك هذا استخفافاً، ولكن لمّا اهتديتُ بك استغنيتُ عنك.» توفّي عام 246هـ.[4] وفي طبقات الحنابلة[5] « طلب أحمد بن أبي الحواري العلمَ ثلاثين سنة، فلمّا بلغ منه الغايةَ حمل كتبه كلها، فغرّقها في البحر، وقال: يا عِلْم، لم أفعل هذا تهاوناً بك، ولا استخفافاً بحقك، ولكن كنت أكتب لأهتدي بك إلى ربّي، فلمّا اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك. وقال: لا دليل على الله سواه وإنما العلم يطلب لأدب الخدمة»

 

2) بِشرُ بن الحارث الحافي، العالم، الربّانيّ، القدوة، الزّاهد، عُني بالعلم، ثم أقبل على شأنه، ودفن كتبه.[6] قال إبراهيم بن هاشم:« دفنّا لبشر بن الحارث ثمانيةَ عشر ما بين قِمَطْر وقوْصَرة[7] من الحديث»[8] ونُقل عنه قوله: « وإني لأدعو الله أن يذهب به- أي الحديث- من قلبي، ويُذهب بحفظه من قلبي، وإنّ لي كتباً كثيرة قد ذهبت، وأُراها توطَأ ويُرمى بها فما آخذها، وإني لأهمّ بدفنها وأنا حيّ صحيح، وما أكره ترك ذاك من خير عندي، وما هو من سلاح الآخرة، ولا من عُدد الموت»[9] توفّي عام 227هـ.

 

3) بِشر بن منصور، أبو محمد الأزْديّ السَّليميّ، البصريّ، الزّاهد. قال ابن المَديني: « ما رأيت أحداً أخوف لله منه. وكان يصلّي كل يوم خمسمئة ركعة»[10] قال ابن أخيه: «ما رأيت عمّي فاتته التكبيرة الأولى، وأوصاني في كتبه أن أغسلها أو أدفنها»[11] توفي عام 180هـ.

 

4) الحسن بن رودبار كوفى ثقة. دفن كتبَه، وقال: لا يصلح قلبي على الحديث.[12]

 

5) داود بن نُصير الطائيّ، الفقيه، الزّاهد، تفقّه بأبي حنيفة، قال سفيان بن عيينة: «ثم ترك طلب الفقه، وأقبل على العبادة، ودفن كتبه.» [13] توفي عام 163هـ.

 

6) سفيان بن سعيد الثوريّ، الإمام، الحافظ، المجتهد. قال الذهبي:«قد كان سفيان رأساً في الزهد، و التألّه، والخوف، رأساً في الحفظ، رأساً في معرفة الآثار...»[14] أوصى سفيان إلى عمّار بن سيف في كتبه فأحرقها.[15] وفي رواية أخرى، قال أبو عبد الرحمن الحارثيّ:«دفن سفيان كتبه، فكنت أعينه عليها. فقلت: يا أبا عبد الله! وفي الرِّكاز الخُمس. فقال: خذْ ما شئت. فعزلتُ منها شيئاً، كان يحدّثني منه.»[16] توفي عام 126هـ.

 

7) سَلْم بن ميمون الخوّاص، رازيٌّ، سكن الرّملة، من العبّاد. دفن كتبه.[17]

 

8) شعبة بن الحجّاج، أحدُ الأمراء في الحديث، قال سعد بن شعبة: «أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها»[18] قال: عبيد الله بن جرير بن جبلة، يقول: سمعت سعد بن شعبة بن الحجاج، يقول: إن أباه أوصى إذا مات أن تغسَل كتبه، قال سعد: فغسلتها، قال: وكان أبي إذا اجتمعت عنده كتب من الناس أرسلني بها إلى البازجاه فأدفنها في الطين.[19] توفي عام 160هـ.

 

9) ضيغم بن مالك، أبو بكر الراسبيّ، البصريّ، عالم زاهد. قال عليّ بن المديني: دفن ضيغم كتبه.[20] توفّي عام 180هـ.

 

10) عَبِيدة بن عمرو السَّلْماني، من التابعين. نقل الخطيب البغدادي بسنده إلى النعمان بن قيس قال: دعا عبيدة بكتبه عند موته فمحاها، وقال: " أخْشى أن يليَها أحدٌ بعْدي فيضعوها في غير مواضعها."[21] توفي عام 72هـ.

 

11) عروة بن الزبير بن العوّام، أبو عبد الله القرشيّ، عالم المدينة و أحد الفقهاء السبعة. أحرق عروة كتباً له، فيها فقه، ثم قال:« لوددتُّ لو أني كنت فديتها بأهلي ومالي.»[22] وفي موطن آخر يقول عروة- وفي الصدر حزازةٌ و في القلب غُصَّة- : «كنا تقول: لا نتّخذ كتاباً مع كتاب الله، فمحوت كتبي. فوالله لوددت أنّ كتبي عندي، إنّ كتاب الله قد استمرّت مَريرته (قوي واستحكم).»[23] توفي عام 93هـ.

 

12) عطاء بن مسلم الخفّاف، أبو مخلد الكوفي، نزيل حلب. وقال أبوحاتم: كان شيخاً صالحاً، وكان دفن كتبه، فلا يثبت حديثه، وليس بقوي.[24]

 

13) علي بن محمد بن العبّاس التّوحيديّ، أبو حيّان، فيلسوف، متصوّف، أديب.[25] أحرق كتبه في آخر عمره لقلّة جدواها، وضنّاً بها على من لا يعرف قدرها بعد موته. فكتب إليه القاضي أبو سهل، عليّ بن محمد، يعذله على صنيعه، و يعرّفه قبح ما اعتمد من الفعل و شنيعه. فأرسل إليه أبو حيّان رسالة مطوّلة يبين فيها عذره. و كان من جملة جوابه: «وبعد، فلي في إحراق هذه الكتب أسوةٌ بأئمة يقتدى بهم، ويؤخذ بهديهم، ويُعشى إلى نارهم، منهم: أبو عمرو بن العلاء، وكان من كبار العلماء مع زهد ظاهر وورع معروف، دفن كتبه في بطن الأرض فلم يوجد لها أثر. وهذا داود الطائي، وكان من خيار عباد الله زهداً وفقهاً وعبادة، ويقال: له تاج الأمة، طرح كتبه في البحر وقال يناجيها:"نعم الدليل كنت، والوقوف مع الدليل بعد الوصول عناء وذهول، وبلاء وخمول". وهذا يوسف بن أسباط، حمل كتبه إلى غار في جبل وطرحه فيه وسدّ بابه، فلما عوتب على ذلك قال: "دلّنا العلم في الأول ثم كاد يضلّنا في الثاني، فهجرناه لوجه من وصلناه، وكرهناه من أجل ما أردناه" وهذا أبو سليمان الداراني جمع كتبه في تنور وسجرها بالنار ثم قال:"والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك" وهذا سفيان الثوري، مزّق ألف جزء وطيّرها في الريح وقال: "ليت يدي قطعت من ها هنا ولم أكتب حرفاً" وهذا شيخنا أبو سعيد السيرافي سيد العلماء قال لولده محمد:"قد تركت لك هذه الكتب تكتسب بها خير الأجل، فإذا رأيتها تخونك فاجعلها طعمة للنار"». [26] توفي أبو حيّان عام 400هـ.


14) علي بن مُسْهِر، علامة، حافظ، جمع الفقه و الحديث. دفن كتبه.[27] توفي عام 189هـ.

 

15) أبو عَمرو بن العلاء، القارئ، اللغويّ. كان أعلم الناس بالقراءات و العربية والشعر و أيام العرب. ذكرت كتب التراجم أنّ كتبه كانت قد ملأت بيتاً له إلى قريب من السقف، ثم إنه تنسّك فأحرقها.[28] توفي عام 154هـ.

 

16) محمد بن العلاء، أبو كُرَيب الهمْداني، الكوفيّ، من أئمّة الحفاظ. قال مُطيَّن:«أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت» [29] توفي عام 248هـ.

 

17) محمد بن عمر بن محمد، أبو بكر الجِعَابي ،التميميّ البغدادي، الحافظ، قاضي الموصل. كان إماماً في المعرفة بعلل الحديث وثقات الرجال ومواليدهم ووفياتهم. عُرف بالتشيُّع.[30] قال ابن كثير: «ولما احتُضِر أوصى أن تحرق كتبه فحرقت، وقد أحرق معها كتب كثير كانت عنده للناس. فبئس ما عمل!»[31] توفي عام355هـ

 

18) يوسف بن أَسْباط الشيباني، الزاهد، الواعظ، قال الإمام البخاري:«قد دفن كتبه فكان حديثه لا يجيء كما ينبغي»[32] توفي في حدود 200هـ. [33]

 

الدوافع

تواطأ هؤلاء العلماء، الأتقياء، الأصفياء، الذين كانوا ملح الأرض، و حُليَّ الدنيا- تواطؤوا جميعاً على قرار "الإعدام" مع اختلاف في الوسائل والدوافع. أما الوسائل فقد وقفت عليها لتوّك. وأما الدوافع فإليك بعضاً منها:

• الخوف من الدسّ في كتبهم، وتغييرها بالزيادة أو النقصان. يشير الخطيب البغدادي إلى هذه العلة في كتابه "تقييد العلم" حيث يقول: "وكان غير واحد من المتقدمين إذا حضرته الوفاة أتلف كتبه أو أوصى بإتلافها، خوفاً من أن تصير إلى من ليس من أهل العلم، فلا يعرف أحكامها، ويحمل جميع ما فيها على ظاهره، وربما زاد فيها ونقص، فيكون ذلك منسوباً إلى كاتبها في الأصل. وهذا كله وما أشبهه قد نقل عن المتقدمين الاحتراس منه." [34]

 

ويعلق الإمام الذهبيّ على كلام سعد بن شعبة: "أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه، فغسلتها" قلت:«وهذا قد فعله غير واحد: بالغسل، وبالحرق، وبالدفن، خوفاً من أن تقع في يد إنسان واهٍ، يزيد فيها أو يغيرها».[35] ويقول الذهبيّ أيضاً بعد نقله قالةَ مُطيَّن:"أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت." قلت: «فعل هذا بكتبه من الدفن والغسل والإحراق عدةٌ من الحفاظ خوفاً من أن يظفر بها محدث قليل الدين، فيغيرَ فيها، ويزيد فيها، فينسب ذلك إلى الحافظ، أو أن أصوله كان فيها مقاطيع وواهيات ما حدث بها أبداً، وإنما انتخب من أصوله ما رواه، وما بقي، فرغب عنه. وما وجدوا لذلك سوى الإعدام. فلهذا ونحوه دفن، رحمه الله، كتبه» [36]

 

• عدم خلوص النية لله تعالى في تدريس العلم، وروايةِ الحديث، وتأليف الكتب. فربما كان السعي وراء الشهرة، والحظوة لدى العامّة والخاصّة قد عكّرا صفوَ النية، ولوّثا طُهرَ الطّوية. فجدّ العزمُ لدى هؤلاء العلماء أن يسووا كتبهم بالعدم ، لعل وعسى أن تُكتَب- عند ربهم- نجاةٌ، فيكونَ فوزٌ. قال يعقوب بن بختان: سمعت بشر بن الحارث يقول: لا أعلم أفضل من طلب الحديث لمن اتّقى الله، وحسنت نيته فيه، وأما أنا فأستغفر الله من طلبه ومن كلّ خطوة خطوت فيه. سير أعلام النبلاء 10/472. روي عن بشر الحافي أنه قيل له: ألا تشتهي أن تحدّث؟ قال: أنا أشتهي أن أحّدّث. وإذا اشتهيت شيئاً تركته. سير أعلام النبلاء 10/470.

 

• كان لهذه الكتب هدفٌ واحد، وهو أن تكون جسراً موصلاً إلى الله تعالى. أما وقد تمّ المراد و تحقق المقصود، فالاشتغال بها بعد ذلك نوع من العبث، وضرب من الهذر. إذن فليكن مصيرها الفناء و الهلاك خوفاً من أن ترتدّ فتنة على صاحبها، فتغدو الآن له صارفةً عما كانت قبلاً له موصلة. ولعل هذا ما عناه أحمد بن الحواريّ بقوله مخاطباً كتبه :« نعم الدليلُ كنت، والاشتغال بالدليل بعد الوصول محالٌ» وبقوله: «يا عِلم، لم أفعل بك هذا استخفافاً، ولكن لمّا اهتديتُ بك استغنيتُ عنك»

 

وعلى نحو ما ذُكر يحمل كلام أبي سليمان الدارانيّ مخاطباً كتبه المحترقة:"والله ما أحرقتك حتى كدت أحترق بك."


• التنسّك و الزَّهادة في الدنيا، كما أنبأتنا كتب التراجم عن أبي عمرو بن العلاء. وفي الحقيقة لا أخفي أن في النفس شكاً وريبة في أن يكون التنسك وحده الحاملَ لأبي عمرو على ما فعل.

 

فلأجل أن أبا عمرو ولج بابَ الزهد وانتظم في سلك النسّاك قرر أن يحرق كتبه؟! هناك- في ظني- أسباب أخرى، لعل بعضها يدنو مما سلف ذكره، أوربما كانت هي هي. والله تعالى أعلم.

 

• يقول الذهبي في تعليقه على كلام أبي عبد الله الحاكم: "إسحاق، وابن المبارك، ومحمد بن يحي، هؤلاء دفنوا كتبهم " قلت (القائل الذهبي): "هذا فعله عدّة من الأئمة، وهو دالٌّ أنهم لا يرون نقل العلم وِجادةً[37]، فإن الخط قد يتصحّف على الناقل، وقد يمكن أن يُزاد في الخط حرفٌ فيغيّر المعنى، ونحو ذلك. وأما اليوم فقد اتسع الخرق، وقلّ تحصيل العلم من أفواه الرجال، بل ومن الكتب غير المغلوطة، وبعض النقلة للمسائل قد لا يحسن أن يتهجى"[38]. أقول: وإن كان لهذه العلة مساغ ما إلا أنه لا يجوز دفن الكتب بسببها؛ لأن المنافع الجليلة، والفوائد الجسيمة التي فاتت بضياعها تفوق على نحو جمّ المخاوفَ التي استوجبت دفنها.

 

و بعد فهذا ما كان من شأن أئمتنا ثوّبهم الله جناته العلى مع كتبهم المحترقة أو المغيّبة في باطن الأرض. فإن يكونوا أحسنوا في فعلهم هذا فهو حسنٌ قاصرٌ لا يتعدّى. و إن يكونوا غيرَ ذلك فأحرِ بهذا الفعل أن يتردّى.

 

المراجع:

• الأعلام، للزركلي. دار العلم للملايين-  بيروت 1990.

• البداية والنهاية،لابن كثير. دار الكتب العلمية-  بيروت. 1988.

• تاريخ بغداد، للخطيب البغدادي. دار الفكر. دون تاريخ.

• تقييد العلم، للخطيب البغدادي، تحقيق يوسف العش. نشر دار إحياء السنة النبوية.

• الجرح و التعديل، للرازي. دار إحياء التراث العربي- بيروت. دون تاريخ.

• الحيوان ، للجاحظ. تحقيق عبد السلام هارون، دار الجيل 1996.

• شذرات الذهب، لابن العماد. تحقيق محمود الأرناؤوط. دار ابن كثير- دمشق 1988.

• سير أعلام النبلاء، للذهبي. تحقيق فئة من العلماء. دار الرسالة- دمشق 1988.

• صفحات من صبر العلماء، لعبد الفتاح أبو غدة. نشر مكتبة المطبوعات الإسلامية- حلب. ط3 1992.

• طبقات الحنابلة، لابن أبي يعلى. صححه حامد الفقي. دار إحياء الكتب العربية(البابي الحلبي)- القاهرة. دون تاريخ

• لسان الميزان، لابن حجر العسقلاني. نشر دار الكتاب الإسلامي- القاهرة. دون تاريخ.

• معجم الأدباء، لياقوت الحموي. تحقيق إحسان عباس. دار الغرب الإسلامي- بيروت ط1 1993.

• معرفة الثقات، للعجلي. تحقيق عبد العليم البستوي. مكتبة الدار- المدينة المنورة ط1 1985.

• منهج النقد في علوم الحديث، للدكتور نور الدين عتر. دار الفكر- دمشق, ط3 1981.

• الوافي بالوفيات، لخليل بن أيبك الصفدي. فرانتس شتاينر- ألمانيا. 1962- 1997.

• وفيات الأعيان، لابن خلكان. تحقيق إحسان عباس. دار صادر- بيروت 1994.



[1] السير (11 / 377).

[2] المرجع السابق 1/51.

[3] صفحات من صبر العلماء 139.

[4] سير أعلام النبلاء 12/88.

[5] 1/ 78

[6] شذرات الذهب 3/122.

[7] القمطر والقوصرة : من أنواع الأوعية.

[8] تاريخ بغداد 7/71، تقييد العلم 62-63.

[9] تاريخ بغداد 7/71.

[10] شذرات الذهب 2/357.

[11] سير أعلام النبلاء 8/360.

[12] معرفة الثقات، للعجلي 1/294

[13] البداية و النهاية 10/149.

[14] سير أعلام النبلاء 7/241.

[15] المرجع السابق 7/242.

[16] المرجع السابق 7/ 267-268

[17] الجرح و التعديل، للرازي 4/267.

[18] سير أعلام النبلاء 7/213، تقييد العلم 62.

[19] تقييد العلم 62.

[20] سير أعلام النبلاء 8/421.

[21] تقييد العلم 61.

[22] سير أعلام النبلاء 4/426.

[23] سير أعلام النبلاء 4/436.

[24]الجرح والتعديل 6 / 336.

[25] الأعلام 4/326.

[26] معجم الأدباء 5/1931.

[27] سير أعلام النبلاء 8/486.

[28] وفيات الأعيان 3/466، سير أعلام النبلاء 6/408.

[29] سير أعلام النبلاء 11/396.

[30] الوافي بالوفيات 4/240.

[31] البداية و النهاية 11/278.

[32] لسان الميزان 6/317، سير أعلام النبلاء 9/171.

[33] الوافي بالوفيات 29/95.

[34] تقييد العلم 61.

[35] سير أعلام النبلاء 7/213.

[36] سير أعلام النبلاء 11/396.

[37] الوجادة: لغة مصدر وجد يجد، مولد غير مسموع من العرب. و اصطلاحاً: أن يجد المرء حديثاً أو كتاباً بخط شخص بإسناده. فله أن يروي عنه على سبيل الحكاية، فيقول:« وجدت بخط فلان، حدثنا فلان....» و له أن يقول: «قال فلان»، إذا لم يكن فيه تدليس يوهم اللقيّ. والذي عليه المحققون من أهل العلم وجوب العمل بالوجادة إذا ثبتت لدينا صحة ووثوقية الكتاب الذي وجدناه. منهج النقد في علوم الحديث 220.

[38] الحيوان 1/38.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- أنى نحن من هؤلاء؟
أبو الهمام البرقاوي - الشام 18/03/2012 04:46 PM

بارك الله فيك أخي الحبيب على هذا العرض الجميل، في بيان صدق السلف الصالح، وقد يتعاظم أحدنا أن يكون مثله من العلماء المعاصرين.
إليك مثالان، للشيخ الشنقيطي، والشيخ الطريفي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=278417

http://majles.alukah.net/showthread.php?96868-%D8%AD%D8%B1%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%8A%D8%B2-%D8%A8%D9%86-%D9%85%D8%B1%D8%B2%D9%82-%D8%A7%D9%84%D8%B7%D8%B1%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%8C-%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D9%8D-%D8%A3%D9%84%D9%81%D9%87!

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة