• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / ثقافة عامة وأرشيف


علامة باركود

فن الإتيكيت في حضارتنا

أ. د. محمد حسان الطيان


تاريخ الإضافة: 19/1/2011 ميلادي - 14/2/1432 هجري

الزيارات: 14790

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يلمح المطالع على عجلٍ في جَنبات وطيَّات كُتب التراث نثراتٍ وشَذَرات مِمَّا يُسَمَّى بفنِّ الإتيكيت، ولكنَّه ما أنْ يتريَّث ويتلبث، ويُكْتَب له أنْ يغوص في هذه الكتب ويتعمَّق، حتى تتكشَّف له حقيقة لعلَّها غائبة عن كثيرٍ من الناس، ولا سيَّما أولئك المبهورون بحضارة غيرنا، وهي أنَّ حضارتنا أوْلَتْ هذا الجانب - أعني فنَّ الإتيكيت - كلَّ عناية، بل هي لَم تدعْ صغيرة ولا كبيرة في هذا الشأْن إلاَّ أحصتْها؛ تنظيمًا وترتيبًا، وتقعيدًا وتبويبًا، وتفصيلاً لآداب الطعام وآداب المضيف وآداب الضيف، والعيوب التي تؤخَذ على كلٍّ منهما.

 

فقد نزلتْ في ذلك آيات، ووردتْ أحاديثُ، وأُثِرَتْ أخبارٌ، ورُويَتْ حكايات، وأُلِّفَتْ كُتبٌ، وصُنِّفَتْ رسائلُ، ونُظمتْ قصائدُ، فضلاً عمَّا اشتملتْ عليه موسوعاتنا القديمة من أفانين القوْل في هذا المجال، كـ"إحياء علوم الدِّين"؛ للغزالي، و"المستطرف من كلِّ فنٍّ مستظرف"؛ للأبشيهي، و"زاد المعاد"؛ لابن القَيِّم.

 

أمَّا الكتب التي أُفْرِدَتْ لهذا، فحسبي أن أُشير إلى ثلاثة منها، هي:

"آداب الأكل"؛ لابن عماد الأقفهسي القاهري (ت 867هـ)، و"فص الخواتم فيما قيل في الولائم"؛ لابن طولون الدمشقي (ت953هـ)، و"آداب المؤاكلة"؛ لبدر الدين الغزي الدمشقي (ت 984هـ).

 

أما الأوَّل، فقد شرَح فيه صاحبُه منظومة شعريَّة في آداب الأكْل والشُّرب، وما يَحسُن فيهما وما يَقبح، وختمَها بآداب النوم والدعاء، وبلغتْ عدة أبياتها 328 بيتًا.

 

وأما الثاني، فقد عرَضَ فيه صاحبُه لأنواع الولائم وأسمائها، ومواسمها وآدابها، وإجابتها.

 

وأما الثالث، فقد أحْصَى فيه الغزي واحدًا وثمانين عيبًا من عيوب الضيف والمضيف، قال عنها أنَّ مَن عَلِمها، كان خبيرًا بآداب المؤاكلة.

 

وفيما يلي نماذجُ من هذه الكتب فيها منبهة على ما وراءها من هذه الآداب:

"...ومنها قُبْح المؤاكلة، وقد عُدَّ فيها عيوبٌ كثيرة، فمنها: المتشاوف والعداد والجراف، والرشاف والنفاض والقراض، والبهات واللتات والعوام، والقسام والمخلل والمزبد والمرنخ، والمرشش والمفتش والمنشف، والملبب والصباغ والنفاخ، والحامي والمجنح والشطرنجي، والمهندس والمتمني والفضولي.

 

فأما المتشاوف: فهو الذي يستحكمُ جوعه قبل فراغ الطعام، فلا تراه إلا متطلعًا لناحية الباب يظنُّ أنَّ ما دخَل هو الطعام.

 

وأما العداد، فهو الذي يستغرق في عدِّ الزبادي ويعدُّ على أصابعه، ويُشير إليها، ويَنسى نفسه.

 

والجراف: هو الذي يجعل اللقم في جانب الزبدية ويجرف بها إلى الجانب الآخر.

 

والرشاف: هو الذي يجعل اللقمة في فيه ويرتشفها، فيُسْمع لها حين البلع حِسٌّ لا يَخفى على جُلسائه، وهو يلتذُّ بذلك.

 

والنفاض: هو الذي يجعل اللقمة في فيه وينفض أصابعه في الزبدية....".

 

وهكذا؛ يَمضي في شرْح هذه المصطلحات واحدًا واحدًا، حتى يفرغَ منها.

 

ونقَل العبادي في "الطبقات" عن الربيع عن الشافعي - رضي الله عنه - أنَّه قال: في الأكل أربعة أشياء فرض، وأربعة سُنة، وأربعة أدب.

 

أما الفرض، فغسل اليد والقصعة، والسكين والمغرفة.

 

والسنة: الجلوس على اليسار، وتصغير اللقمة، والمضغ الشديد، ولعق الأصابع.

 

والأدب: ألاَّ تمدَّ يدَك حتى يمدَّ مَن هو أكبر منك، والأكْل مما يَليك، وقلة الكلام.

 

ولعلَّ خيْرَ ما يُختم به هذا المقال لوحة رائعة رسمتْها ريشةُ شاعرنا "البحتري"، يجلو بها دهشة وحيرة وفد الروم، وقد راعَه ما رأى في دار الخلافة من حُسن الاستقبال، وكرم الوفادة، وأدب الضيافة، ولباقة المعشر، و...(فن الإتيكيت):

وَرَأَيْتَ وَفْدَ الرُّومِ بَعْدَ عِنادِهِمْ
عَرَفُوا فَضَائِلَكَ الَّتِي لاَ تُجْهَلُ
نَظَرُوا إِلَيْكَ فَقَدَّسُوا وَلَوَ انَّهُمْ
نَطَقُوا الْفَصِيحَ لَكَبَّرُوا وَلَهَلَّلُوا
لَحَظُوكَ أَوَّلَ لَحْظَةٍ فَاسْتَصْغَرُوا
مَنْ كَانَ يُعْظَمُ فيهُمُ وَيُبَجَّلُ
أَحْضَرْتَهُمْ حُجَجًا لَوِ اجْتُلِبَتْ بِهَا
عُصَمُ الْجِبَالِ لأَقْبَلَتْ تَتَنَزَّلُ
وَرَأَوْكَ وَضَّاحَ الْجَبِينِ كَمَا يُرَى
قَمَرُ السَّمَاءِ التَّمُّ لَيلَةَ يَكْمُلُ
حَضَرُوا السِّمَاطَ فَكُلَّمَا رَامُوا القِرَى
مَالَتْ بِأَيْدِيهِمْ عُقُولٌ ذُهَّلُ
تَهْوِي أَكُفُّهُمُ إِلَى أَفْوَاهِهِمْ
فَتَجُورُ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ وَتَعْدِلُ
مُتَحَيِّرُونَ فَبَاهِتٌ مُتَعَجِّبٌ
مِمَّا يَرَى أَوْ نَاظِرٌ مُتَأَمِّلُ
وَبِوُدِّ قَوْمِهُمُ الأُلى بَعَثُوا بِهِمْ
لَوْ ضَمَّهُمْ بِالأَمْسِ ذَاكَ الْمَحْفَلُ
قَدْ نَافَسَ الْغَيْبُ الْحُضُورَ عَلَى الَّذِي
شَهِدُوا وَقَدْ حَسَدَ الرَّسُولَ المُرْسِلُ
عَجَّلْتَ رِفْدَهُمُ وَأَفْضَلُ نَائِلٍ
حُبِّي الْوُفُودَ بِهِ الْهَنِيءُ الأَعْجَلُ




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- سبحان القائل : " ما فرطنا في الكتاب من شيء "
؟؟؟؟ - السعودية 19/01/2011 11:06 PM

شكرا جزيلا لك على هذا الموضوع

فعلا ديننا الحنيف لم يخلو من آداب الأكل والشرب وهو ما يسمى بالإتيكيت في عصرنا

فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك شيئا إلا وعلمنا إياه مما يجعلنا أرقى أمة بين الأمم

وفقك الله لكل خير وجزاك الله خير على الموضوع

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة