• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / عالم الكتب


علامة باركود

كيف تستفيد من مكتبتك؟

حسين بن مصطفى التلمساني


تاريخ الإضافة: 5/1/2016 ميلادي - 25/3/1437 هجري

الزيارات: 7898

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كيف تستفيد من مكتبتك؟

 

إنَّ الحديث عن المكتبة والكتب حديثٌ ذو شجون؛ إذ إنَّها مذهبة للفراغ، ومَجلبة لقُوت الدماغ، وهي الشَّهيق لكل قارئ حي، والزَّفير لكلِّ كاتب ميت، وهي بالنسبة للمثقَّفين والأدباء عشق لا يَنتهي، ولطلاب العلم مكسب عظيم لا يعدله أيُّ مكسب.

 

وفي تاريخ أسلافنا همَم عالية، وقِمَم باسقة، في مطالعة الكتب والنَّهل منها؛ فهذا ابن الجوزيِّ رحمه الله يقول: "وإنِّي أخبر عن حالي... ما أشبع من مطالعة الكتب، وإذا رأيتُ كتابًا لم أرَه، فكأنِّي وقعتُ على كَنز، ولو قلتُ: إنِّي طالعتُ عشرين ألف مجلد، كان أكثر، وأنا بعدُ في الطلب"[1].

 

وعن أبي العباس المبرِّد قال: "ما رأيتُ أحرصَ على العلم من ثلاثةٍ: الجاحظ، والفتح بن خاقان، وإسماعيل بن إسحاق القاضي؛ فأمَّا الجاحظُ، فإنَّه كان إذا وقع في يده كتابٌ قرأه من أوله إلى آخره، أيَّ كتابٍ كان، وأمَّا الفتحُ، فكان يحملُ الكتاب في خُفِّه، فإذا قام من بين يدي المُتوكِّل ليبُول أو ليُصلِّي، أخرج الكتاب، فنظر فيه وهو يمشي، حتى يبلُغ الموضع الذي يُريدُ، ثمَّ يصنعُ مثل ذلك في رُجُوعه إلى أن يأخُذ مجلسه، وأمَّا إسماعيلُ بن إسحاق، فإنِّي ما دخلتُ عليه قطُّ إلا وفي يده كتابٌ ينظُرُ فيه، أو يُقلِّب الكُتُب لطلب كتابٍ ينظُرُ فيه"[2].


وقال إبراهيم المازني: "كانت الكتب أَنيسي في وحدتي، وسميري في خلوتي، وكنتُ أستغني بها عن مُتَع الحياة ولذَّات العيش"[3].


هذه النصوص وغيرها تَجعل طالبَ العلم - في بداية طلبه - شغوفًا بجَمع الكتب واقتنائها، فيُنفق عليها الغالي والنَّفيس؛ لتزدان رفوف مَكتبته بشتَّى أنواع الكتب وفي مختلف المجالات.

 

وهذا أمر محمود في طالب العلم إذا جمع في بداية طلبه أمَّهات الكتب وأصول التآليف وشروحها، التي تَفتح له المغاليق، وتبيِّن له المنهجَ الأقوم في التعامل مع المسائل العلميَّة، لا أن ينكبَّ على المختصرات والرسائل الأكاديميَّة التي حجبَت عن طلاب العلم كوى النور، وحلأتهم عن موارد العلم.

 

لكن آفَة الكثير من طلَّاب العلم اليوم أنَّهم قد رمَوا أنفسهم في مُغَوَّاة مظلمة من الحيرة والتِّيه؛ إذ لا يعرف الواحد منهم ماذا يطالِع وبأيِّ أنواع الكتب يبدأ، أَحَشَفًا وسُوءَ كِيلَة؟!

 

وهنا أردد مَقولة الدكتورة الأديبة صفية الودغيري حين قالت: "لا قيمة لمكتبة مكتظَّة الرُّفوف بالكتب والموسوعات العلميَّة.. وأنت لا تزورُها إلا لتكَحِّل عينَك بجمال ترتيبِها وأناقةِ محتوياتِها.. ويأخذك الغُرور هيامًا بحُسْنِها.. وتنْتشي من عناقيدِ الخُيَلاء وأنت تحدِّق فيما جمعْتَه من نفائسِها.. وما غَنِمْتَه من مدَّخراتِها الثَّمينة خلال سنواتِ عمرِك المَديدة".

 

فما السبيل لمطالعة الكتب؟ وكيف يَستفيد طالب العلم من مكتبته؟

قد أشار الدكتور عصام البشير المراكشي في إحدى تدويناته إلى أنَّ من أعظم آفات طالب العلم أنَّه لا يُكمل قراءةَ الكتب التي يشرع فيها، فتجد عنده وريقات متناثرة من كل فنٍّ، حتى إذا هبَّت ريح التمحيص طارت، وطفق يَخصف عليه من ورق التعالم ما يغطِّي به سَوْءَتَه الفكرية.

 

هذا إذا افترضنا أنَّه فتَح كتبه وقرأ منها، فكيف بمن لم يَقرأ؟!

وحتى يَعتاد الطالب على المطالعة أولًا، ينصح بعضُ المثقَّفين والأدباء بقراءة ما يحبُّه الطالب من الكتب السَّهلة ذات الأسلوب السلِس والمشوِّق، فيقرأ منها ما يشاء؛ كمقالات علي الطنطاوي والرافعي والمنفلوطي وغيرهم، وكتبِ التاريخ والترجمةِ والسيَر الذاتيَّة ونحو ذلك، حتى إذا صارت القراءة جزءًا من حياته، وأصبح في مطالعته للكتب كالحالِّ المرتحِل، أجبر نفسَه تدريجيًّا على كتب التأصيل العِلمي؛ لتصير لديه منضودة، وفي لسان قلمه معقودة.

 

وبما أنَّنا في عصر التخصُّص، بل تخصُّص التخصُّص، فإنَّنا نجد الكثيرَ من طلبة العلم تطغى على مكتبته كتبُ تخصُّصِه العلمي؛ فنجد لأحدهم مكتبةً فقهيَّة، وآخر يعتني بجمع كتب التاريخ والسيَر، وثالث مهتمٌّ بكتب الأدب واللغة، وغير ذلك.

 

لذلك أرى أنَّ الطالب لن يَستفيد من مكتبته إلَّا إذا اشتغل بالكتابة في موضوعٍ يَستدعي إحداث زَعزعة لجميع الكتب، ولا يتأتَّى ذلك إلا إذا كان موضوع الكتابة يُراعِي الطابعَ العام للمكتبة، فإذا كثرَت فيها كتب الفقه؛ فليكتب في مسألة فقهيَّة، وإذا كثرَت فيها كتب أصول الفقه؛ فليكتب في قضيَّةٍ أصوليَّة، وهكذا...

 

وينبغي أن يكون موضوعه ذاك مشروعًا شهريًّا أو سنويًّا أو أكثر؛ لكي تكون هناك علاقة دائمة بالمكتبة وبأجزائها التي هي الكتب جميعها، وتكون هناك صِلَة رحِم علميَّة مع كل الكتب؛ إذ يقرأ من هذا الكتاب اليوم، ثمَّ يعود إليه غدًا أو الأسبوع المقبل، والإشكال العلمي هو الذي يُحيلك عليه مرَّةً بعد أخرى لزيارته.

 

أمَّا أن يكون للطالب أمَلٌ في قراءة جميع كتبه مطالعةً؛ فمن العسير.

 

وحتى لو طالعها جميعها، فإنَّ مجرَّد مطالعته لتلك الكتب ليس بشيء ذي أهمية بالِغة؛ كأهمية استثمارها في معالجة القضايا والإشكالات العلميَّة.

 

هذا كله بصرف النَّظر عمَّا يستفيده من البحث العلمي؛ من طرق استثمار النُّصوص، وتوظيف رَصيده اللغوي وإغنائه، مع التمرُّن على خطط التأليف، واكتساب طُرق البيان والإيضاح، والإيصال والتعليل، والتحليل والاستنباط، وغير ذلك...

 

وفي الأخير أنبِّه إلى أنَّ الطالب لن يَكتشف أن رصيدَه اللغويَّ ضعيفٌ إلا إذا شرع في الكتابة العلميَّة الحقَّة، حين يلاحظ أنَّه يكرِّر العبارات نفسها والكلمات نفسها؛ فيعصر دماغَه وذاكرته يوم لا يجد ما يعبِّر به عن معنًى يخطر بباله، أو معنًى يستنبطه من خلال التأمُّل والتحليل؛ لا يجد إلَّا تلك التعابير وتلك الكلمات نفسها؛ فيَشعر أنَّه يكرِّر المعنى كذلك، وهو أمر مقلِق.

 

وكثير من الملَكات العلميَّة لن يَستفيدها الطالبُ إلَّا من خلال التأليف والتدريس؛ إذ هما أَنجح طُرق التكوين، والله أعلم.



[1] "صيد الخاطر"؛ لابن الجوزي، ص 338.

[2] "تقييد العلم"؛ للخطيب البغدادي، ص 139.

[3] قبض الريح، ص13.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- شكر وتقدير
جيلالي الحيرش - الجزائر 05/01/2016 11:34 PM

موضوع ممتاز نِتاج تجربة مجرّب، بارك الله في الأخ حسين

1- الكتابة واستثمار المهارات العلمية
أبو معاذ المنفلوطي - مصر 05/01/2016 02:11 PM

حقيقة فإنَّ الطالب لن يَكتشف أن رصيدَه اللغويَّ ضعيفٌ إلا إذا شرع في الكتابة العلميَّة الحقَّة.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة