• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / عالم الكتب


علامة باركود

قول نسب إلى الإمام أحمد بن حنبل وهما

قول نسب إلى الإمام أحمد بن حنبل وهما
أ.د. عبدالحكيم الأنيس


تاريخ الإضافة: 30/6/2021 ميلادي - 21/11/1442 هجري

الزيارات: 5659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قولٌ نُسِبَ إلى الإمام أحمد بن حنبل وهمًا

 

الحمدُ لله وكفى، وسلامٌ على عباده الذين اصطفى.

 

وبعد: فإنَّ مِن ضرورة طالب العلم التثبتَ فيما يَقرأ ويَدرس، والبحثَ عن مصدر الأقوال والنقول والفهوم، وكثيرٌ من الأوهام لا تنكشفُ إلا بمراجعة المصادر، والنُّسخ المتعددة، والطبعات المختلفة.

 

وقد ذَكرَ العلماءُ من صور الوضع على النبي صلى الله عليه وسلم الوضع خطأ، ومثّلوا له بحديث: مَن كثرتْ صلاته بالليل حسنَ وجهُه بالنهار، والبحثُ معروفٌ في كتبه المختصة.

 

وهناك أقوالٌ عُزِيتْ إلى الأئمة وهمًا، ولها أسبابٌ وصورٌ، ومن الصور العجيبة التي وقفتُ عليها: تركيبُ قولٍ على قولٍ، ونسبةُ ذلك إلى قائلٍ لم يقله، بسببِ جمعِ أوراقِ مخطوطٍ تناثرتْ أوراقُه، ثم جُمِعتْ على غير هدى.

 

وأذكرُ هنا هذا المثالَ العجيبَ:

جاء في كتاب "المُقلق" لابن الجوزي رحمه الله ص (94)[1]: "قال أحمد [بن حنبل]: وحدَّثنا موسى بنُ داود فبينا هو يُحدِّثني تضاءلَ حتى صارَ صغيرَ الخلقة فقلتُ: ما لك؟ فقال: قد صاحوا بي، وما أدري ما يُريدون مني".


قرأتُ هذا القول فاستغربتُه واستنكرتُه، وموسى بن داود شيخُ الإمام أحمد هو الضبي الكوفي، سكنَ بغداد، ووليَ قضاء طرسوس، وتوفي فيها سنة (216) أو (217)، وكان ثقة زاهدًا صاحبَ حديث مُكثرًا مُصنِّفًا مأمونًا[2].

 

وذهبتُ أبحثُ عن هذا الخبر فلم أرَ له وجودًا، ثم رجعتُ إلى نسخةٍ خطيةٍ أخرى من "المقلق" لابن الجوزي في خزانة الفاتح -لم يَرجعْ إليها ناشرُ الطبعة الأولى مِن هذا الكتاب-، فانكشفَ الخطأ، وظهرَ الصوابُ، وعُرِفَ كيف حصلَ هذا التركيب!

 

وإليكم البيان:

رَجَعَ ناشرُ كتاب "المقلق" في نشره إلى نسخة المكتبة التيمورية في دار الكتب المِصرية، وهذه النسخةُ كان قد انفرطَ تجليدُها، وتناثرتْ أوراقُها، واضطربتْ اضطرابًا شديدًا، وجُمِعَتْ على غير ترتيبٍ صحيحٍ بعد أن ضاع قسمٌ منها، ولم ينتبه الناشرُ إلى ذلك.

 

وقد جاء في آخر صفحةٍ منها: "قال أحمدُ: وحدَّثنا موسى بنُ داود".

 

وجاء في أول صفحةٍ أخرى مِن موضعٍ آخرَ من الكتاب: "فبينا هو يُحدِّثني تضاءلَ..."، فوُضِعَتْ هذه الصفحة البعيدة عن تلك الصفحة بعدَها، ورُكِّبَ هذا القول على ذلك القول، ونُسِبَ إلى الإمام أحمد بن حنبل وهمًا، وساعدَ على هذا الوهم السياقُ: "حدَّثنا موسى... فبينا هو يُحدِّثني".

 

والحقيقة أنه لا علاقة لهذا القول بالإمام أحمد، ولا علاقة لشيخه موسى بنِ داود بهذا الخبر.

 

والصوابُ كما جاءَ في كتاب "المقلق" نسخة الفاتح (الورقة 171 ب):

«‌قال أحمد: حدَّثنا ‌موسى ‌بنُ ‌داود، قال: حدَّثنا ‌محمد ‌بن ‌جابر، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي البَخْتري، عن حذيفة قال: كنّا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازةٍ، فلما انتهينا إلى القبر قعدَ على شفتهِ، فجعلَ يُردِّدُ بصرَه فيه ثم قال: "يُضغط المؤمنُ فيه ضغطةً تزولُ منها حمائلُه، ويُملأ على الكافر نارًا»[3].

 

أمّا جملة: "فبينا هو يُحدِّثني تضاءلَ" فهي جملةٌ مِن منامٍ رآه شخصٌ، وحكاه المؤلفُ ابنُ الجوزي عنه، وقد سقط أولُ الخبر من النسخة المِصرية فيما سقطَ مِن أوراقِها:

جاء في "المقلق" (نسخة الفاتح الورقة 197 ب):

"حدَّثني ابنُ أبي الثناء البزّارُ قال: رأيتُ صديقًا لي بعد موته في المنام وكان... وكان يغسلُ بعضَ رجلهِ في الوضوء، فقلتُ له: كيف أنتَ؟ فقال: قَوَّرُوا [كأنه يَقصدُ ملائكة العذاب] هذا المكانَ بسكينٍ وقالوا: كنتَ تزني -وأومأَ إلى عانتهِ وما حولَها- ثم قال: وقطعوا هذا الموضعَ -وأومأَ إلى مفصلِ قدمهِ- وقالوا: لمَ لمْ توصل الماءَ في الغُسل إلى هذا الموضع؟


قال: فبينا هو يُحدِّثني تضاءلَ حتى صارَ صغيرَ الخلقة فقلتُ: ما لك؟ فقال: قد صاحوني[4] وما أدري ما يريدون مني".

♦   ♦   ♦


وبعد: فمن المؤسف أنَّ تلك النشرة الناقصة المضطربة مِن كتاب "المقلق" قد شاعتْ، وأُدخلتْ في المكتبة الشاملة، وتُرجم الكتابُ عنها إلى اللغة الإنجليزية، فليُنتبهْ إلى ما فيها من أخطاءٍ وأخطارٍ[5]، وليُحْذَرْ مِن نسبةِ هذا القولِ المركَّبِ إلى الإمام أحمد، وإلصاقِ ذاك الخبرِ بالمُحدِّث موسى بن داود.



[1] طبعة دار الصحابة للتراث في طنطا، الطبعة الأولى (1411-1991).

[2] انظر ترجمته في "تاريخ مدينة السلام" (15/21).

[3] مسند أحمد (38/ 444 ط الرسالة). وأولُ هذا الحديث: ‌(قال أحمد: حدَّثنا ‌موسى ‌بنُ ‌داود) جاء في المطبوع من "المقلق" ص (94)، وما بعدَه: (قال: حدَّثنا ‌محمد ‌بن ‌جابر، عن عمرو بن مُرَّة، عن أبي البَخْتري، عن حذيفة...) جاء ص (57) مركبًا على إسناد آخر!

[4] هكذا في هذه النسخة، وفي النسخة المصرية: صاحوا بي.

[5] هناك سندان مركبان آخران، رُكِّبا بسببِ عدمِ ترتيبِ الأوراقِ ترتيبًا صحيحًا.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة