• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / عالم الكتب


علامة باركود

كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري

كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري
أ. د. أحمد درويش


تاريخ الإضافة: 12/12/2017 ميلادي - 24/3/1439 هجري

الزيارات: 90728

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كتاب الصناعتين لأبي هلال العسكري


ينتمي أبو هلال العسكري إلى القرن الرابع الهجريِّ، فلقد توفي في نهاية عام 395 هجرية، ويتميَّز ذلك القرن بأنه كان مرحلةَ نضجٍ لكثير من فروع المعرفة في الدراسات العربية والإسلامية، بل لكثير من مظاهر الحضارة في الدولة الإسلامية.

 

وكان أبو هلال - فيما يبدو - واحدًا من أدباء العصر المطحونين، يعيش الحالة التي يوجد عليها كثيرٌ مِن عشاق المعرفة في عصور ازدهار الحضارات؛ حيث تظهر اليدُ لأصحاب الحِرَف والصناعات؛ حيث يقلُّ حظُّ غيرهم من المفكِّرين، أو على الأقل لا يرضى هؤلاء بما بين أيديهم، والأشعارُ القليلة المنسوبة لأبي هلال العسكري - التي يرويها ياقوت في معجم الأدباء، وابن شاكر في عيون التواريخ، وابن العماد في شذرات الذهب - تشفُّ عن هذه الروح المتمرِّدة غيرِ القانعة، ففي إحدى مقطوعاته يقول:

إذا كان مالي مالَ مَن يلقط العجمْ
وحاليَ فيكم حال مَن حاك أو حجمْ[1]
فأين انتفاعي بالأصالةِ والحِجا
وما ربحَتْ كفِّي على العلم والحِكَمْ
ومَن ذا الذي في الناس يُبصِرُ حالتي
ولا يلعَنُ القِرطاسَ والحِبر والقَلَمْ

 

والمقارنة واضحةٌ بين حالته وحالة الذين يجمعون النوى، أو يخيطون الثياب، أو يعملون بالحجامة في مجتمعٍ كان يضع هذه الأعمالَ كلَّها في الطبقة الدنيا من طبقات العمل، وهو في مقطع آخر يشير إلى تخلِّي مجتمعه عنه واضطراره - وهو العالم الأديب - إلى أن يجلس في السوق للبيع والشراء لكي يكسب قُوتَه:

ولا خيرَ في قومٍ تُذَلُّ كِرامُهم
ويعظُمُ فيهم نذلُهم ويسُودُ
وتهجوهمُ عنِّي رثاثةُ كِسوتي
هجاءً قبيحًا ما عليه مزيدُ

 

لقد سمى أبو هلال كتابَه الذي نختار منه هذا النصَّ "كتاب الصناعتين: الكتابة والشعر"[2]، وكلمة الصناعة تقابل كلمة الفن، وهي كلمة وردت بعد ذلك في عناوين مؤلَّفات أخرى في مجال البلاغة والأدب:

فقد استخدمها ابن رشيق القيروانيُّ في القرن الخامس في عنوان كتابه: "العمدة في صناعة الشعر ونقده" (توفي ابن رشيق عام 436 هـ).

ووردت كذلك عند ابن خلدون في القرن الثامن في المقدمة، أثناء حديثه عن "صناعة الشعر" و"صناعة النثر".

وفي القرن التاسع عند القلقشندي في عنوان موسوعته الكبيرةِ "صبح الأعشى، في صناعة الإنشا".

ولكن أبا هلال العسكري - فيما يبدو - كان أولَ مَن أدخل هذا المصطلح في عناوين كتب البلاغة والأدب، ولعلَّ واحدًا من الدوافع البعيدة عنده وراء اختيار المصطلح يكمن في هذه الحالة التي أشرنا إليها من قبل، والتي شكا هو منها في شعره، من أن أهل الأدب والفكر في عصره لا يُعرَف قدرهم، وتغمط حقوقهم، ويظن أن بضاعتهم أقلُّ من "الصناعات" الأخرى، فأراد أبو هلال أن يؤكد على أن العمل في هذا المجال صناعةٌ وفن وتخصُّص.

 

يشير أبو هلال في المقدمة إلى الأهمية الكبيرة لعلم البلاغة، وإلى الدرجة التي تحتلُّها في سُلَّم المعارف، وهي عنده تأتي مباشرةً بعد المعرفة بالله، يقول: "إن أحق العلوم بالتعلُّم، وأَوْلاها بالتحفظ بعد المعرفة بالله جل ثناؤه: علم البلاغة ومعرفة الفصاحة"[3].

 

ثم هو يُفصِّل هذا موضحًا دورَه في تكوين المثقَّف العربيِّ الإسلامي، وأول هذه المهام يتصل بمعرفة نواحي الإعجاز القرآني، وهو هنا يشير إلى درجتين من درجات معرفة هذا الإعجاز، فهناك الدرجة العادية التي يكتفى فيها بالمعرفة بأن الوحي القرآنيَّ كان من عند الله، وأن مكذِّبيه عجَزوا عند التحدي عن الإتيان بمثلِه، وأن في ذلك تأييدًا مِن الله تعالى للوحي، وتصديقًا للرسالة، وإعجازًا لمخالفيه، وهذه الدرجة من المعرفة هي درجةُ العوامِّ، وعلى نحوٍ خاصٍّ أولئك الذين ينتمون إلى أصول غير عربية من أمثال الزنج والنبط، أما الدرجة الثانية، فهي درجة الذي يحاول أن يعرف سرَّ هذا الإعجاز الذي كان، والذي هو مستمر، وذلك من خلال التأمل في القيم الجمالية للتعبير، ولا يتحقَّق هذا إلا من خلال معرفة علم البلاغة.

 

يقول أبو هلال: "وقبيحٌ لَعَمْرِي بالفقيهِ المؤتَمِّ به، والقارئ المهتدَى بهَدْيه، والمتكلِّم المشار إليه في حسن مناظرته، وتمام آلتِه في مجادلته، وشدة شكيمته في حجاجه، وبالعربيِّ الصريح - ألا يعرف إعجازَ كتاب الله إلا من الجهة التي يعرِفه منها الزنجي والنبطي، وأن يستدل عليه بما استدل به الجاهل الغبي، فينبغي من هذه الجهة أن يقدم اكتساب هذا العلم على سائر العلوم بعد توحيد الله تعالى ومعرفة عدله، والتصديق بوعده ووعيده على ما ذكرنا؛ إذ كانت المعرفة بصحة النبوَّة تتلو المعرفة بالله جل اسمه"[4].

 

أما المهمَّة الثانية التي يؤديها علم البلاغة - فيما يرى أبو هلال - فهي تتوجَّه إلى القارئ، فعُدَّة القارئ الحقيقية تقوم على مبدأ الاختيار والانتقاء، والقدرة على التفريق بين الجيد والرديء فيما يقدَّم إليه؛ لكي يستخلص من ذلك كلِّه ما يساعده على تكوين شخصيته العلمية المستقلَّة، ومدخله في ذلك - أيًّا كان نوع ما يقرؤه - هو هذه القدرةُ النقدية التي يمنحها له علم البلاغة، التي يُمثِّل غيابها نقصًا خطيرًا في تكوينه.

 

يقول أبو هلال: "وصاحب العربية إذا أخلَّ بطلب علم البلاغة، وفرَّط في التماسه، ففاتته فضيلته، وعَلِقت به رذيلةُ فَوْتِه، عفَّى على جميع محاسنه، وعمَّى سائر فضائله؛ لأنه إذا لم يُفرِّق بين كلامٍ جيد وآخرَ رديء، ولفظٍ حسن وآخرَ قبيح، وشِعر نادر وآخر بارد؛ بان جهلُه، وظهر نقصه".

 

وتتصل المهمَّة الثالثة للبلاغة بالكاتب والمُؤلِّف، سواء كان ما يكتبه إبداعًا فنيًّا في شكل قصيدة أو رسالة، شعرًا أو نثرًا، أو كان ما يكتبه تصنيفًا علميًّا في شكل تأليف كتاب عن إبداع الآخرين.

 

وأبو هلال يشير إلى كلتا الطائفتين، وإلى أهمية معرفة البلاغة في الوصول بعمل كلٍّ منهما إلى مرحلة من النضج، فالمُبدِع إذا أراد أن يصنع قصيدةً أو يُنشِئ رسالةً وقد فاته هذا العلمُ - مزَجَ الصفوَ بالكدر، واستعمل الوحشَ العكر، فجعل نفسه مهزأةً للجاهل، وعبرةً للعاقل.

 

أما على مستوى التأليف العلميِّ، فيشير أبو هلال إلى نوعٍ خاصٍّ من المؤلفات، هو "كتب المختارات"، وهي الكتب التي تُعنَى بتجميعِ نصوصٍ أدبية من عصور مختلفة، وتضمها داخل كتاب واحد؛ مثل كتاب "المفضليات" للضبي، و"ديوان الحماسة" لأبي تمام، و"الأصمعيات"، وهذا النوع من الكتب يحتاج إلى حِسٍّ بلاغي راقٍ في اختيار نماذجَ تتَّفِق مع ذوق الصفوة مِن القُرَّاء، والمؤلِّف يُحاسَب على اختيارِه كما يُحاسَب على إبداعه؛ فاختيارُ الرجل - كما يقولون - قطعةٌ من عقله.

 

وفي هذا المجال يحمل أبو هلال على بعضِ كبار العلماء السابقين في اختيارِهم بعضَ القصائد الرديئة؛ مثل الأصمعي في اختيارِه لقصيدة المرقش الأكبر، وهي غير مستقيمة الوزن، ولا سلسة اللفظ، ولا جيدة السبك - كما يقول أبو هلال - ومثل المفضَّل الضبِّي في ميلِه إلى اختيار قصائدَ يكثُرُ فيها الغريب، "وهذا خطأ من الاختيار؛ لأن الغريب لم يكثر في كلامٍ إلا أفسَده، وفيه دلالة الاستكراه والتكلُّف".

 

ومن أجل تحقيق هذه المهامِّ جميعًا يُقدِّم أبو هلال "كتاب الصناعتين: الكتابة والشعر"؛ ليكون - كما يقول هو - إكمالًا لكتاب الجاحظ في البيان والتبيين، ولتظهَر فيه واضحة وقوية غلبةُ النزعةِ الأدبية على النزعتين الكلاميَّة والمنطقية.



[1] لقْط العجم: جمْع النوى، وحاك: خاط الثياب، وحجم: فصد الدم.

[2] اعتمدنا على الطبعة التي حققها الدكتور مفيد قمحية، وصدرت عن دار الكتب العلمية، بيروت، سنة 1981م.

[3] كتاب الصناعتين: ص 9.

[4] المرجع السابق، ص 10.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة