• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / عالم الكتب


علامة باركود

مقدمة كتاب: العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين

أ.د. عبدالحكيم الأنيس


تاريخ الإضافة: 14/5/2017 ميلادي - 18/8/1438 هجري

الزيارات: 18640

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مقدمة كتاب

"العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين"[1]

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

وبعد:

فهذا كتابٌ أحسبُهُ على جانبٍ كبيرٍ من الأهمية، إذ يكشفُ عن موضوعٍ مهمٍّ للغاية، هو العناية بطلاب العلم عند علماء المسلمين، هذه العناية العلمية الأخلاقية النادرة، التي تجاوزت الأوهامَ والتصورات، وأظهرتْ جهود العلماء العظيمة في بثِّ العلم وتشجيعِ طلابه، لتوسيع القاعدة العلمية، والبيئة التعليمية في عالم الإسلام.

 

لقد أخذَ علماءُ المسلمين على عاتقهم مهمة النهوض بالمستوى العلمي للعالم الإسلامي، فبذلوا ما يستطيعون مِنْ أموال وأوقات، وصرفوا ما بإمكانهم من طاقات وقدرات، لرفعة المسلمين علمياً، وإشاعة هدايات العلوم الإسلامية في قلوب الناس وعقولهم، وإيجادِ العلماء الأَكْفَاء الذين يحملون الهمَّ بعدهم، ويحافظون على الأمانة سليمة من الأهواء والبدع والانحراف.

 

لقد كانت قرة عيونهم، وسعادة نفوسهم، ومتعة أوقاتهم أنْ يبثوا العلم، ويُخرِّجوا الطلاب، ويقضوا على الجهالة ما استطاعوا، ويطمسوا الضلالة ما تمكنوا.

وكلما أمعنَ القارئُ النظرَ في سيرهم ومسيرتهم أدركَ أية نية كانتْ تبعثهم، وأية أهداف كانت تلوح لهم، وأية ثمار آتتْ جهودهم.

 

وما كان الواحدُ منهم يغادر هذه الدنيا إلى ربه الكريم إلا وقد ترَكَ مِنْ بعده من المؤلفات والتلاميذ ما يكفل استمرار الحركة العلمية، ويضمن الحركة الإرشادية.

 

إنَّ القلب ليمتلئ إكباراً وإعظاماً لهذه القافلة العظيمة من البشر، الذين أكرمهم الله بنور العلم والفهم، وألهمهم الخير والبرَّ، وقوّى عزائمهم وأجسامهم، فتعلموا وعلَّموا، وعرفوا وعملوا، ودعوا وأرشدوا، كلٌ في محيطه الذي يعيشُ فيه، بحيث تَأَلَّفَ مِنْ مجموعهم مجتمعٌ يعجُّ بالعلم والتعليم، والفهم والتفهيم، ومارتْ دنيا الإسلام بحلقات الدرس والتدريس، وعجَّت المساجدُ والمدارسُ بدويّ الدارسين، وهمهمة الحافظين، وأصوات المعلِّمين، وصدى المعيدين، ومراجعات المفيدين والمستفيدين.

 

بهذا الشغف بالعلم، والإقبال عليه، وقضاءِ العمر فيه قامتْ في المسلمين حضارةٌ علميةٌ شماء، وازدهرتْ حديقةٌ أخلاقيةٌ فيحاء: مساجد ومدارس عامرة، وأربطة وزوايا زاهرة، ودور للعلم زاخرة، وكتب وورَّاقُون يملؤون الأماكن، وميراث علمي يتناقل الناسُ حديثَه في الشرق والغرب.

 

ترى هل قدَّرَ العلمَ أحدٌ كما قدره الإسلام؟

وهل أقبلَ عليه أحدٌ واعتنى بطلابه أحدٌ كما أقبلَ واعتنى علماءُ الإسلام؟

وهذه الصفحات القادمة تحاول أن تقول كلمة في هذا المجال، أرجو أن تكون وافية بحقهم بعضَ الوفاء، وهي خطوة على الطريق الطويل، وإضاءة يسيرة على ذلك العالم الكبير.

صفحات تكشف معالم هذه العناية بعد مداخل ثلاثة تبين السرَّ الكامن خلف هذه العناية المدهشة... إنها تتحدثُ بإيجاز عن:

• عناية الله تعالى.

• ورسوله.

• والصحابة الكرام، بطلاب العلم.

 

هذه العناية رأى العلماء أنهم مسؤولون عنها، مطالبون بها، فأقبلوا عليها ووعوها، وطبقوها وأدّوها كما تلقوها، وعملوا بها كما عوملوا، وبهذا استمرت الحياة العلمية عند المسلمين طبقة بعد طبقة، وجيلاً بعد جيل، وخلفاً بعد سلف.

♦♦♦♦♦


واليوم يتلفتُ الناظرُ فيرى في المساجد شوقاً عارماً إلى حلقات العلم والتعليم، ويسمعُ مِنْ جدران المدارس العتيقة شكوى حزينة من غياب أصوات المدرِّسين والدارسين، ويشاهدُ مخطوطات تملأ الخزائن تستنهضُ هممَ ذويها للكشف عنها، ويرى كتباً عظيمة تتلوى مِنْ أسىً لابتعادها عن أيدي القارئين.

والأمة مطالبة - أشد ما تكون المطالبة - بإعادة النظر في موقفها من العلم وأهله وطلابه.

 

ويا علماء المسلمين: إذا كان لكم حقوقٌ فإنَّ عليكم واجبات: أنْ تعملِّوا - أشد ما يعملُ العاملُ - لبثِّ العلم، ورعاية طلابه، وإنارةِ الحياة بنور القرآن والسنة، وتصحيحِ المسار بفقههما وإرشادهما، كلٌ في موقعه، إلى أن يأذنَ اللهُ بعودة الحياة العلمية لدى المسلمين إلى ما كانت عليه... يوم كانت عواصمُ الإسلام ومدنُهُ وقراهُ وكلُّ بقعة فيه زاخرة موّارة بالعلم وأهله، حملاً وأداءً، وأخذاً وعطاءً، وتعلماً وتعليماً، وتفهماً وتفهيماً... يوم كان المسلمون أحرص الناس على أعمارهم، فلا تنقضي لحظة إلا في عملٍ يعود بالخير على هذه الأرض.

♦♦♦♦♦


هذا، وقد بلغتْ معالمُ العناية (28) مَعْلماً - وليستْ هي نهاية القول - استنبطتُها من تاريخنا العلمي، الحافل بالمآثر الناصعة في البذل والعطاء والتضحية، والسبق المدهش في ميادين التربية والتعليم والبناء.

وقد رتبتُها متدرِّجاً بها - قدر الإمكان - تدرُّجَ ساعات النهار فكانت كالآتي:

♦ خطوط الفجر:

وفيها:

• حضُّهم وتحريضُهم على طلب العلم.

• تأليف الكتب الحاثّة على الطلب.

• تأليف الكتب في رسم منهج الطلب.

• إرشاد المعلِّمين في تعليم الطلاب.

• الوصية بهم.

 

♦ نور الصباح:

وفيه:

• سؤالهم لتحفيزهم ومعرفة منزلتهم.

• الحرص التامُّ على تعليمهم.

• الدلالة على الشيوخ النفَّاعين.

• الصبر عليهم وتحمُّلهم.

• عدم أخذ شيء منهم أو استخدامهم.

• مساعدتهم بالمال والجاه وإكرامهم.

• مساواتهم بالنفس في التعامل.

• مراعاة أحوالهم المعاشية.

 

♦ إشراقات الضحى:

وفيها:

• الاهتمام بذوي النبوغ واحتضانهم.

• إمدادهم بالكتب.

• تقوية نفوسهم على البحث.

• تدريبهم على النظم والنثر.

• مساندتهم في التأليف.

• تشجيعهم وتقديرهم بالنقل عنهم.

 

♦ أجواء الظهيرة:

وفيها:

• النظر إليهم بتقديرٍ وسترُ عيوبهم.

• الدعاء لهم وتعويذهم.

• تقوية صلتهم بالله تعالى.

• حثُّهم على الالتزام الدقيق بالصدق.

• توجيه الوصايا الرائعة لهم.

 

♦ نسمات المساء:

وفيها:

• تزويجهم بناتهم أو قريباتهم.

• حفظهم في ذريتهم.

• صلة في النوم.

• عناية في اليوم الآخر.

وتحت كل معلمٍ من هذه المعالم شواهد ومشاهد، وآثار ومآثر، وجهود وجهاد، سطَّرها التاريخُ بمدادٍ من نور.

وأراعي في كل مَعْلمٍ ذكرَ الشواهد والأمثلة والأخبار فيه متسلسلةً حسب الوفيات الأقدم فالأقدم، ليلحظ القارئُ استمرارَ هذه العناية في الأمة عبر تاريخها.

 

♦♦♦♦♦

وبعدُ مرة أخرى:

فإنَّ من غايات هذا الكتاب الأساسية إظهارَ أمرٍ مهمٍ غاية الأهمية، وهو أنَّ العملية التعليمية عند المسلمين اصطبغتْ بصبغة الأخلاق في مبتدئها ومنتهاها، وفي سائر جزئياتها وتفاصيلها، ولهذا كانت عملية ناجحة آتتْ ثمارها يانعة، وأسفرتْ عن تخريجِ أجيال تلو أجيال.

 

كان العلماء يحملون مشاعل النور، فيُعطون ولا يَأخذون، ويَتفانون في بثِّ العلم ونشر المعرفة، ويُكسبون طلابهم المهارات الغالية التي اكتسبوها، والخبرات العالية التي حصَّلوها، ولا يضنون عليهم بشيء ممّا عندهم، وكل هذا البذل والعطاء بلا مقابلٍ منهم، بل لعلَّهم أوذوا مِنْ طلابهم فصبروا واحتسبوا، ولم يصدَّهم ذلك عن الاستمرار على منهجهم القويم، بحيث كانوا يُدْعون بحقٍ: آباء التعليم.

 

أقولُ هذا لأننا قد نرى هنا وهناك انحرافاً مؤسفاً في مسار التعليم - في مختلف مجالاته - نحو الدنيا، ونسياناً للآخرة، وقلة صدقٍ في تعليم أبناء المسلمين، ومنحهم المهارات والخبرات، وأنانية مفرطة في ساحاتٍ هي أحوج ما تكون إلى التجرد والنقاء.

 

وأظنُّ - والحال هذه - أنَّ الكشف عن جهود علمائنا العلمية الأخلاقية الرائعة أصبح ضرورة بكلِّ ما في هذه الكلمة مِنْ معنى، لعلَّ ذلك يسهم في العلاج المنشود.

♦♦♦♦♦


وأخيراً قد يسألُ سائلٌ:

ما السرُّ وراء هذه العناية الفياضة بالخير والنور والنفع؟

والجواب:

السرُّ هو طلب مرضاة الله سبحانه، وابتغاء ما عنده بحيث يسهل الصعب، ويُستعذب التعب، ويُتَحَمَّلُ الأذى ولو جاء مِنْ أولئك الذين بُذلتْ من أجلهم النفس والنفيس.

إنَّ طلب مرضاة الله أثارَ مِنْ همم العلماء وجهودهم أعمالاً هي حقاً أبعدُ من الخيال تصوّراً، ولكن الواقع يصدِّقها ويحقِّقها.

 

وأجلُّ ما في تلك الأعمال أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - جعل فيها البركة، وكتبَ لها النجاحَ، وضاعفَ آثارَها، وأعلى منارَها، وتجاوزَ بها حدودَها الزمانية والمكانية إلى ما شاء زماناً ومكاناً.

 

إنَّ الإخلاص إكسير الحياة، وبهجة الوجود، وسرُّ كل نجاح، ونسأل الله أن يغرسه في نفوسنا لتنبتَ شجرةُ التوفيق، وتثمرَ الأعمالُ الصالحةُ التي تمكثُ في الأرض.

 

ورحم اللهُ الشيخَ ابنَ عطاء الله القائل: «الأعمال صورٌ قائمة وأرواحُها وجود سرِّ الإخلاص فيها»[2].

والآن هيا بنا إلى معالم العناية بالطلاب: «دواء القلب» كما كان يسميهم الصحابيُّ الجليل عبد الله بن مسعود، و«جلاء الحزن» كما كان يسميهم الإمامُ أبو حنيفة.



[1] صدر عن دائرة الشؤون الإسلامية بدبي، سنة (1430هـ-2009م).

[2] حكم ابن عطاء الله (بشرح الشيخ زرُّوق)، (ص35).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة