• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ


علامة باركود

بغداد.. حاضرة الإسلام

بغداد.. حاضرة الإسلام
علي الغامدي


تاريخ الإضافة: 4/1/2016 ميلادي - 24/3/1437 هجري

الزيارات: 8495

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

بغداد.. حاضرة الإسلام

 

من ذا أصابك يا بغدادُ بالعينِ
ألَم تكوني زمانًا قرَّة العينِ
ألم يكن فيكِ أقوامٌ لهم شرَف
بالصالحات وبالمعروفِ يلقوني
ألم يكن فيكِ قومٌ كان مَسكنهم
وكان قربهمُ زَيْنًا من الزَّينِ
صاح الزَّمانُ بهم بالبين فانقرضوا
ماذا لَقِيتِ بهم من لوعة البينِ
أستودع اللهَ قومًا ما ذكرتهمُ
إلَّا تحدَّر ماء العينِ من عيني

 

بغداد حاضرةُ الإسلام، وعاصِمة الدنيا، ومأرز الحضارة، ودار العلم والمفكِّرين والنُّجباء، ومحطُّ الشعراء والأُدباء.

 

ألم تَسمع بذلك الشاعر الذي عاش في الصَّحراء كيف كان مَنطقه، وكيف كانت لغتُه؟ وعندما انتقل إلى أرض الحضارة والرصافة والجمال، كيف تغيَّر منطقه، وتهذَّب أسلوبه وبدا الجمال والرَّوْنق على قصيدته؟

 

اسمع ما قال وهو يَمدح الخليفة المتوكِّل:

أنت كالكلب في حِفاظِك للودْ
دِ وكالتَّيْسِ في قراعِ الخطوبِ
أنت كالدلوِ لا عدمناك دلوًا
من كبار الدِّلا كثير الذنوبِ

 

الذنوب: معناها كثير السَّيلان بسبب امتلائه.

 

عندها أجمع حاشيةُ المتوكِّل على ضَربه وعقابه على هذه الأبيات التي لا تَليق بمقام الخليفة، ولكن المتوكِّل عرف سرَّ هذه اللغة؛ رجلٌ يعيش في الصَّحراء بين غنمه وكلبه وإبله، ماذا عساه أن يقول؟! وأمر أن يُعطى بستانًا بجانب جسر الرصافة في أرض الحضارة بغداد، وترَكه يعيشُ بين خمائلها وحدائقها وأنهارها، ويتنقَّل بين أزقَّتها ودواوينها.

 

وبعد فترةٍ من الزَّمن أَمر به أن يحضر إلى مجلسه ويُنشِده جديدَه من الشِّعر والأدب، فأنشد بأجمل عيون الشِّعر العربي وألطفِه وأرقِّه، وهذا هو سِحر بغداد، وما أدراك ما بغداد؟!

 

أنشد يقول:

عيون المها بين الرصافة والجسرِ
جلبنَ الهوى من حيثُ أدري ولا أدري
أعَدن ليَ الشوق القديم ولم أكن
سلوتُ ولكن زِدنَ جمرًا على جمرِ
سلمنَ وأسلَمنَ القلوبَ كأنما
تشك بأطراف المثقفة السمرِ

 

ويقول أحدهم وهو يتغنَّى في بغداد:

مُدِّي بساطي واملئي أكوابي
وانسي العِتابَ فقد نسيتُ عتابي
عيناكِ، يا بغدادُ، منذُ طفولَتي
شَمسانِ نائمَتانِ في أهدابي
لا تُنكري وجهي، فأنتِ حَبيبَتي
وورودُ مائدَتي وكأسُ شرابي
بغدادُ.. جئتُكِ كالسَّفينةِ مُتعَبًا
أخفي جِراحاتي وراءَ ثيابي
بغدادُ.. عشتُ الحُسنَ في ألوانِهِ
لكنَّ حُسنَكِ لم يكنْ بحسابي
ماذا سأكتبُ عنكِ يا فيروزَتي
فهواكِ لا يكفيه ألفُ كتاب
بغدادُ.. يا هزجَ الخلاخلِ والحلى
يا مخزنَ الأضواءِ والأطيابِ
قبلَ اللقاء الحلوِ كُنتِ حبيبَتي
وحبيبَتي تَبقينَ بعدَ ذهابي

 

هذا هو سِحر بغداد الذي أقصده، هذه هي أَوسط العقد وأجمله، إنَّها منَّا ونحن منها، يصلنا بها دَم العروبة والإسلام، وستظلُّ كذلك حتى قيام الساعة.

 

إنَّها بغداد يا سادة، عاصِمة الرشيد، ومُنطلَق الفتوحات إلى بلاد فارس وما وراء النَّهرين.

 

لقد تتابعَت الممالِك على أرض الرَّافدين، وكانت بغداد هي حاضرتها من بابل القديمة إلى سلوقية الإغريقية وقطيسفون الفارسيَّة، وانتهَت إلى عاصمة الخلافة الإسلاميَّة لقرون وأزمنة مديدة.

 

ممَّا يميز هذه الحسناء وجود المتاحِف والمساجِد، والمدارس التاريخيَّة والمكتبات والمسارح، وكان يُطلق عليها العديد من الأسماء؛ كالمدينة المدوَّرة والزوراء، ودار السلام ومدينة المنصور؛ ويقصد به الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور الذي بناها وجعلها عاصمةً للخلافة العباسيَّة في القرن الثامن، وكلَّما تعددَت الأسماء دلَّ ذلك على علوِّ شأنها وأهميَّة موقعها ومكانتها.

 

وممَّا يتناقله المفكِّرون والأُدباء في العصر الحديث، ويمثِّل أهمية موقعها وموقع أرض الرافدين العلمي: قولهم: إنَّ الكتب تؤلَّف في مصر، وتُطبع في لبنان، وتُقرأ في العراق.

 

هذه الكلمات أَكتبها عن حاضرة الإسلام بغداد بمدادِ دمي قبل مداد قلمي؛ لعلَّ الأجيال القادِمة تَعلم أنَّنا لم نكن سببًا في ضياعها واستباحةِ حرماتها، وذهاب هيبتها ومكانتها، بل هي تَسري في عروقنا وهي تاجُ الرأس وأمل المحبِّين والعاشقين.

 

بغدادُ يا أملَ الدنيا وزينتها
بين الخمائلِ تَشدو اللَّحن والطربَا
بغدادُ يا بلسمًا للرُّوح نعشقها
داوي المحبِّين إنَّ النَّصر قد قرُبَا
الشام تَبكيك حبًّا والحجازُ بها
بين المقام وبين الحجرِ مضطربا
وفي سمرقند أضحى الناس في حُلُمٍ
ودير ياسين بعد الظُّلم مرتقبا
وفي طليطلة الحسناء بوحُ لظًى
وفي الأتارب تَشكو اليُتمَ والنَّصبَا
دارُ السلام تنادي في صنعاءَ منتحِب
واللاذقية تَشكو الجرحَ والتعبَا
الكلُّ ينشد في بغداد ضالَته
هيا استفِيقي فنورُ الفجر قد قرُبا




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة