• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ


علامة باركود

الصور المقطعية للتاريخ.. وعي مشوه

الصور المقطعية للتاريخ.. وعي مشوه
مصعب الخالد البوعليان


تاريخ الإضافة: 7/1/2015 ميلادي - 17/3/1436 هجري

الزيارات: 4725

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصور المقطعية للتاريخ

وعي مشوه


الحمد لله ذي المنَّة، والصلاة والسلام على رسول هذه الأمَّة، ومن اقتفى أثره وسار على السُّنة.

 

وبعد:

ليست قراءةُ التاريخ أو رواية أخباره صنعةً سهلة، بل لعل (التأريخ) من أدقِّ الأعمال التي يمكن أن يقوم بها إنسان، وذلك فضلاً عن مسألة قراءته التي يجدر أن تكون (فنًّا) في ذاتها، ومن تكلم بغير فنِّه أتى بالعجائب.

 

ولعل من هذه العجائب عجيبة التصوير المقطعي للتاريخ؛ بحيث يظهر الحدث التاريخي مقطوعًا عن سياقات أخرى مرتبطة فعليًّا به؛ أي: أن يَقرأ المؤرِّخ الحدث وكأنه ينظر إلى كسرة حجَر عبر مجهر.

 

هذا الخطأ في قراءة التاريخ من أشهر الأخطاء وأخفاها، وما يقود إليه هو الولَع بالحدث أو شخوصه إلى حدِّ الغفلة التامَّة عما يحيط به ويلازمه من الظروف الزمانية والمكانية والإنسانية على نحوٍ عام، والنفسية الخاصَّة بالفرد المؤثِّر في الحدث، أو المتأثر به أو المرتبط به عمومًا - ولو لم يَظهر في الصورة الكاملة له - على نحوٍ خاص.

 

ولكي تقترب الصورة أكثر؛ خذ حادثةَ عزل خالد بن الوليد رضي الله عنه مثلاً، واسأل نفسك: كيف يَقرأ هذا الحدث مؤرخٌ عادي أو راوية أو واعظ؟! إنه يقرأ فيها بكلِّ بساطة حزم عمر وطاعة خالد رضي الله عنهما وأرضاهما، ويطرح بعد ذلك أسئلة من قبيل: لماذا عزل عمرُ خالدًا؟

 

لكن رجلاً مثل مالك بن نبي - وهو المفكر العَلَم - يقرأ فيها شيئًا آخرَ تمامًا، يجعل هذا الحدثَ على الرغم من عظَمته مثالاً صغيرًا في سياق الحديث عن قضية كبرى؛ كقضية شبكة العلاقات الاجتماعيَّة في حالة (البنيان المرصوص)، وبدلاً من أن يكون السؤال: لماذا عُزل خالد؟ تُطرَح أسئلة مثل: كيف تقبَّل خالدٌ هذا القرار المفاجئ بهذه المرونة النفسيَّة العالية؟! وكيف تقبَّل جنوده هذا القرار وقائدهم في أوْج مجدِه؟! وعلى ماذا يدل تماسك الرأي العامِّ برمّته أمام القرار المدوِّي في توقيته وحيثياته؟!

 

إنه الفرق فيمن يقرأ الإنسانَ في ضوء الحدث، ومن يقرأ الحدثَ في ضوء الإنسان؛ فالصنف الأول يرتكز في فهم نفسيات الشخوص على استجاباتهم للأحداث، أما الصنف الثاني - ومنهم مالك بن نبي رحمه الله - فيرتكز في فَهم الكيفية التي تَجري بها الأحداث التاريخيَّة على فهمه لنفسيات الشخوص، وهذا الفرق على الرغم من دقَّته، يحدد إلى درجة كبيرة المسافةَ التي تفصل ما بين المؤرخين والقُصَّاص.

 

هذه القضية - أعني التصوير المقطعي للتاريخ - تؤدي بنا إلى نظرية طرحَها الأستاذ مالك بن نبي وتحدث عنها مرارًا، وهي نظرية تُلخِّص فهمه للمجتمع والتاريخ، كما تلخِّص نظرته للإنسان كخليَّة في جسد المجتمع، وهي نظرية الوَحدة العضويَّة للتاريخ، وبناءً عليها هاجم مالكُ بن نبي التصوير المقطعيَّ للتاريخ ضمنًا في سياقات أحاديثه.

 

الوحدة العضوية للتاريخ:

يرى الأستاذ مالكٌ أنَّ تاريخ أيِّ أمة أو مجتمع لا يُقرأ من خلال الأحداث التي تضمَّنها؛ لأنَّ ذلك سيوقعُ القرّاء في التباساتٍ كبيرة، ولكنه يُقرأ على النحو الصائب من خلال فَهم المجتمع وفهم شبكة علاقاته القائمة، التي تمثِّلها على المستوى الظاهر قيمه وفنونه وآماله وآلامه ومخاوفه، وتجاربه على الصُّعد المختلفة، وهُويته التي يتشنج أثناء دفاعه عنها؛ أي: من خلال فهم شخصيته وروحه، وهذه القراءة العميقة والمتقدمة، تَدلف بنا إلى فهمٍ أوسعَ للتجارِب التي مر بها هذا المجتمع؛ لتكشف لنا حقيقةً مفادها أنَّ هذه التجارب مترابطة ليس على مستوى الحدث، وإنما على مستوى الشخصية.

 

ويضرب لذلك مثلاً بالحروب الصليبية التي انطلقَت من الغرب الأوربي قبل حوالي ألف عام من الآن، وثورات عام 1848 م التي شهدتها دول غرب أوربا، والتي مثلت في جزء منها صرخة في وجه الكنيسة الكاثوليكية كمؤسَّسة للدين المسيحي.

 

وقد يبدو هذا الدمج غريبًا بين حدَثين متناقضين في حيثياتهما تناقضًا متطرفًا، لكن هذه الغرابة تزول تمامًا حين نكتشف أن هذين الحدثين معًا ينبئان القارئ المتبصِّر للتاريخ، بالتطرف الذي يضرب بعيدًا في أعماق الشخصية الغربية؛ ففي الحدث الأول كان التطرف دينيًّا متجهًا إلى الخارج، لكنه في الحدث الثاني أصبح علمانيًّا متجهًا إلى الداخل.

 

بهذه الطريقة يجمع مالك بن نبي كقارئ بارع ومتبصر للتاريخ بين أحداثه المتناقضة؛ لينتج منها رواية تسلط الضوء على الإنسان الذي أنتج الحدث وتأثر به، محاولاً استجلاءَ دروسٍ تاريخية بارعة وعميقة، تكشف عن جانب من سنن الخالق سبحانه وتعالى في خلقه، لبناء وعي راشد بقضايا الحاضر والماضي والمستقبل.

 

بقي أن نتنبّه إلى أن التصوير المقطعي للتاريخ قد يقع كخطأ غير مقصود، وقد يقع بشكل مقصود؛ لتشويه الوعي، ومنعه من النمو في الاتجاه الصحيح؛ لذلك توجَّب علينا أن نحذر وأن نحسِّن من وسائلنا في دراسة التاريخ وتدريسه، وفي رواية التاريخ وقراءته.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة