• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ


علامة باركود

المعتمد بن عباد ودون خوان مانويل (8/10)

د. جاسم العبودي


تاريخ الإضافة: 4/11/2009 ميلادي - 17/11/1430 هجري

الزيارات: 8907

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
ط-4: حكايات المعتمد على لسان دون خوان:
Relatos de al-Mu'tamid según don Juan
إنَّ خبري الرميكيَّة السَّابقين، واللَّذين احتفظ لنا بهما التيجاني والمقري، رواهما دون خوان في كتابِه المذكور أعلاه (الكونت لوكانور)، في القصَّة رقم 30، حيث جمع فيها ثلاث حكايات في قصَّة واحدة، وهي بعنوان "ما حدث لملك إشبيلية ابن عبّاد (كتبه بهذا الشكل Abenabet) مع زوجته الرميكيَّة (كتبه بهذا الشكل Romaiquia)، وترجمتها:
أ- الحكاية الأولى: "كان ابن عباد ملك إشبيلية متزوِّجًا من الرميكيَّة، وكان يحبُّها أكثر من أيِّ شخص آخرَ في الدنيا، وكانت الرميكيَّة طيِّبة، لدرجة أنَّ أفعالها وأقوالها ما زالت تتداول وتُحكى بين المسلمين los moros لحدِّ الآن، ولكن يُعابُ عليها أنَّها كانت كثيرة الرغبات والتوحّم.وفي يومٍ ما من شهر شباط (فبراير) عندما كانت في قرطبة[1] رأتْ تساقُط الثلوج، فبدأت بالبكاء.
 
فسألها الملك (المعتمد): لماذا تبكين؟
فقالت: لأنَّك لم تأخذني قطّ إلى أماكن تتساقَط فيها الثلوج.
 
وكما هو معروف، أن أرض قرطبة حارَّة، حيث نادرًا ما تتساقط فيها الثلوج، أمر الملك - لبثّ السرور في نفسِ زوجته - بزراعة أشجار اللوز[2] في جَميع المناطق الجبليَّة، حتى لمَّا تزهر في شهر شباط، يتخيَّل لها كأنَّها مغطاة بالثلوج، فيشبع رغبتَها في رؤية الثلج.

ب- الحكاية الثانية: ذات يوم، كانت (الرميكيَّة) في مقصورتها المطلَّة على النَّهر، فرأت امرأة من القرية (بمصطلح الأندلسيين والمغاربة: البادية) حافية، تدوس الطين بأقدامها لعمل الطُّوب (انتقلت هذه الكلمة بنفس اللفظ والمعنى للأسبانية Adobe) فبدأت بالبكاء.
 
سألها الملك: لماذا تبكين؟
قالت: لم أستطِع قطّ أن أفعل ما أحبُّ، حتَّى لو كان شيئًا بسيطًا مثل ما تفعله تلك المرأة.
 
عندئذ أمر الملك لإرضائها، أن تُملأ البركة الكبيرة الموجودة في قرطبة بماء الورد، وبدلاً من الطين وضع فيها سكرًا وقرفة وخزامى وقرنفلاً وأعشابًا ذكيَّة الرَّائحة وعنبرًا وزبادًا، وجَميع بقيَّة أنواع الطِّيب والعطور التي استطاع العثور عليها، (وبدلاً من التبن) وضع فيها طبقة من قصب السكَّر.
 
وعندما امتلأت البركة بهذه الأشياء، بعد أن صيَّر الجميع طينًا، بشكلٍ لا يمكنُ تخيّلهُ، نادى على الرميكيَّة.
 
وقال لها: تَحَفَّي ودُوسي هذا الطّين، واعملي ما شئتِ من طوب.
 
ج- الحكاية الثالثة: في يوم آخر، بدأتْ بالبكاء على شيء آخر توحَّمت به.
فسألَها الملك: لماذا تبكين؟ 
فأجابته: كيف لا أبكي؟! إذْ بِحياتِك لم تفعل لي شيئًا تَجعلني فيه سعيدة.
 
ولما رأى الملك أنَّه فعل كلَّ ما في وسْعِه من أجل تلبية رغباتها وإشباع نهمها، وأنَّه لم يستطع أن يفعل أكثر من ذلك.
قال لها: "ولا نهار الطين"؟! 
(وردت هذه الجملة في النَّصّ بهذا الشَّكل، ولكن بحروف لاتينية). 
 
وتذكيرًا لها أنَّها إذا نسيت الأشياء الأخرى التي فعلها لها، ما كان لها أن تنسى "يوم الطين" الذي أمر بتصْيِيره؛ لبثِّ السرور والبهجة في نفسها.
 
وقد تلقَّى دون خوان هذه النَّصائح بقبول حسن، ثمَّ طبّقها فكانتْ نتائجها طيّبة جدًّا، ولمَّا رأى أنَّ هذه الحكاية عظيمة النفع، قرَّر إدراجها في هذا الكتاب (يعني كتابه: الكونت لوكانور)، وكتب في نهايتها البيت الشِّعري التَّالي (ومعناه):
إذا فعلت خيرًا لأحدٍ ولم يشكرك، فلا تُضَحِّ له أبدًا بما فيه منفعتك"
 
وهكذا تنتهي حكايات المعتمد والرميكيَّة على لسان دون خوان، ولكن في الحقيقة، يبدو أنَّ الحديث معه مستمرّ؛ لأنَّه كما يقول ابن اللباتة أحد كبار شعراء دولته مخاطبًا المعتمد: إنَّك "لم تَمُت، وإنَّما المكارم ماتت".
 
وبعد أيَّام من وفاته، وافاه شاعرُه ابن عبدالصمد، "وطاف بقبره وقد خرَّ على ترابه ولثمه"، منشدًا قصيدته: "مَلِكَ المُلُوكِ أَسَامِعٌ فَأُنَادِي؟"، وبكى وأبكى النَّاس في عيدهم ببكائه أكثر نهارهم.
 
خطَّها سنة فجاء من بعده رجل غرناطة ابن الخطيب، فانْهمرتْ دموعه على قبر المعتمد سنة 761/ 1360، وكأنِّي به يقرأ حتفه، وأنشد - كما يقول المقري - شعرًا "أرقّ من النسيم، وأبهج من المحيَّا الوسيم، مردِّدًا فيه: "كرُمتَ حيًّا وميتًا، كرُمتَ حيًّا وميتًا".
 
ولَم يتوقَّف الأمر على هؤلاء، ثمَّ جاء العلامة المقري متحمِّلا مشقَّة السَّفر، ولا أدري ما الَّذي دفعه للبحث عن قبره كما يقول سنة 1010/ 1601، وبعد "بحث طويل، أصابتْه خشية وادّكار لرؤيته".
 
وتصِل القائمة - كما قلت سابقًا - إلى العصر الحديث، فيزوره بلاس إنفانته الأب الروحي للأندلس الحالية، وعبدالله عنان من مؤرخي الأندلس، وغارثيا غومث شيخ المستشْرقين الأسبان، ليكتب مقالة عن "قبر مفترض للمعتمد في أغمات" ... إلخ.
 
بلا شكٍّ، هي شهادات اعتِراف نادرة من الوزن الثقيل، من أُدباء عظام، أرادوا أن يكونوا ندًّا له، أو أن يواسوه في قبره لما ناله من حيفٍ وظلم، بعد أن عجزت أيديهم عن مدّ يد العون له، أو أن تكون زيارات وفاء من محبّيه.
 
ولما تشَكَّت إليْه رميكيته - رفيقة حياته في الرَّخاء والسرَّاء - يومًا في سجن قمعستان (أغمات):
قَالَتْ: لَقَدْ هُنَّا هُنَا        مَوْلايَ أَيْنَ جَاهُنَا؟
قُلْتُ   لَهَا:   إِلَهُنَا        صَيَّرَنَا   إِلَى    هُنَا

 
 

 

ــــــــــــــــ
[1] أشار دون خوان إلى أنَّ هذه الحكاية والتي تليها قد وقعتا في قرطبة؛ أي: بعد احتلالها من قبل ملك إشبيلية؛ المعتمد سنة 462/1070. بينما التيجاني والمقري اتَّفقا على أنَّهما حدثتا في إشبيلية.
وممَّا يؤكّد أنَّ الحكايتين وقعتا في إشبيلية: أنَّ المعتمد لم يستقرَّ في قرطبة بعد احتلالها؛ ففي السنة الثانية من حكمه، استطاع أن يلحق قرطبة بمملكته، وولَّى عليها ابنه عبادًا، سنة 462/1070، وقد اعتبر المأمون؛ ملك طليطلة، هذا الأمر خطرًا عليه، فحرض المغامر ابن عكاشة، فاستولى عليها عام 467/ 1075، وقتل أميرها، وخلال ثلاث سنوات حاول المعتمد الاستيلاء عليها، حتَّى تمكَّن منها عام 470/ 1078، وولَّى عليها ابنَه المأمون، فبقي فيها حتَّى قتله المرابطون سنة 484/ 1091، وعلى أثر مقتلِه هربت زوجته، المعروفة بزايدة أو سيدة من بطش المرابطين، وانتهى بها المطاف أن لجأتْ إلى الفونسو السَّادس، ثم تزوَّجته. انظر قصَّتها في السير.
[2] هنري بريس في كتابه أيَّدَ دوزي من أن الفضل في زراعة أشجار اللوز في المناطق المحيطة بإشبيلية يعود للمعتمد بن عباد. انظر:  
Pérès, Henry: Esplendor de al-Andalus. Traducción de Mercedes García-Arenal, Madrid, 1ª ed., 1983, p. 185; 2ª ed., Hiperión, 1990.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة