• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام


علامة باركود

لذة العلم

لذة العلم
عبده قايد الذريبي


تاريخ الإضافة: 14/3/2012 ميلادي - 21/4/1433 هجري

الزيارات: 67025

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحمد لله وَحْده، والصَّلاة على مَن لا نبِيَّ بعده.

 

أمَّا بعد:

فإنَّ للعِلْم لذَّة لا تُضاهيها أيُّ لذَّة من لذائذ الدُّنيا الفانية؛ كما يقول الشاطبِيُّ - رحمه الله -: "في العِلْم بالأشياء لذَّة لا تُوازيها لذَّة؛ إذْ هو نوعٌ مِن الاستيلاء على المعلوم، والحَوْز له، ومحبَّة الاستيلاء قد جُبِلَت عليها النُّفوس، وميلت إليها القُلوب"[1].

 

وقال ابنُ الجوزيِّ - رحمه الله -: "والله ما أعرف مَن عاش رفيعَ القَدْر بالِغًا من اللَّذات ما لَم يبلُغْ غيرُه، إلاَّ العلماء المُخلصين؛ كالحسَن وسفيان، والعُبَّاد المُحقِّقين كمعروف؛ فإنَّ لذة العلم تزيد على كلِّ لذة، وأمَّا ضرُّهم إذا جاعوا أو ابتُلوا بأذًى، فإنَّ ذلك يَزِيد في رِفْعتهم، وكذلك لذة الخلوة والتعبُّد"[2].

 

وقد شهد بِحُصول هذه اللذَّةِ أربابُ العلم، والمُشتَغِلون به؛ ومِن هؤلاء العلماء ما يلي:

أوَّلاً: أعلَمُ أمَّة محمَّدٍ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالحلال والحرام مُعاذ بن جبلٍ - رضي الله عنه -: فقد بَكى عند موته لِمُفارقته لمجالس العلماء؛ فيقول: "إنَّما أبكي على ظمَأِ الهواجر، وقيام ليل الشِّتاء، ومُزاحمة العلماء بالرُّكَب عند حَلَقِ الذِّكْر"[3]؛ لأنَّه وجد في تلك المَجالس لذَّةً عظيمة.

 

ثانيًا: شيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - قال العلامة ابن القيِّم - رحمه الله -: "وسَمِعت شيخنا أبا العبَّاس ابن تيميَّة - رحمه الله - يقول - وقد عرضَ له بعضُ الألم - فقال له الطَّبيب: أضَرُّ ما عليك الكلام في العلم والفِكْر فيه، والتوجُّه والذِّكْر، فقال: ألَسْتُم تزعمون أن النَّفْس إذا قوِيَتْ وفَرِحت أوجب فرَحُها لها قوَّةً تُعين بها الطَّبيعة على دَفْع العارض؛ فإنه عدوُّها، فإذا قويَتْ عليه قهرَتْه؟ فقال الطبيب: بلى، فقال: إذا اشتغلَتْ نفسي بالتَّوجيه والذِّكْر والكلام في العلم، وظفرَتْ بِما يُشْكِل عليها منه، فرحَتْ به وقويت، فأوجب ذلك دفْعَ العارض، هذا أو نحوه من الكلام!"[4].

 

ثالثًا: العلاَّمة ابنُ الجوزي - رحمه الله - نال لذَّة طلب العلم، وذاق حلاوته، وسطَّر ذلك بِقَلمه، فقال حاكيًا عن نفسه: "ولقد كنتُ في حلاوة طلَبِ العلم أَلْقى من الشَّدائد ما هو أحلى عندي من العسَل في سبيل ما أطلبُ وأرجو، وكنتُ في زمن الصِّبا آخذُ معي أرغفةً يابسة، ثم أذهب به في طلب الحديث، وأقعد عن نهر عيسى، ثُم آكل هذا الرَّغيف، وأشرب الماء، فكلَّما أكلتُ لقمةً شربتُ عليها، وعَيْن هِمَّتِي لا تَرى إلا لذَّة تحصيل العلم"[5].

 

وقد عبَّر - رحمه الله - عن عميق لذَّتِه في طلب العلم، ومَجالسه، فقال في أبيات شعريَّة له:

اللهَ أَسْأَلُ أَنْ يُطَوِّلَ مُدَّتِي
وَأَنَالَ بِالإِنْعَامِ مَا فِي نِيَّتِي

لِي هِمَّةٌ فِي العِلْمِ مَا مِنْ مِثْلِهَا
وَهِيَ الَّتِي جَنَتِ النُّحُولَ هِيَ الَّتِي

كَمْ كَانَ لِي مِنْ مَجْلِسٍ لَوْ شُبِّهَتْ
أَجْوَاؤُهُ لَتَشَبَّهَتْ بِالْجَنَّةِ[6]

 

رابعًا: محمَّد الأمين الشِّنقيطي - رحمه الله - من العُلَماء الَّذين وجَدوا لذَّة العلم، فكان مُولَعًا بتحصيله، شَغوفًا بِجَمعه؛ فلمَّا دَعاه بعضُ أقرانه إلى الزَّواج، ورغَّبوه في ذلك، نظَمَ شِعرًا في ذلك، فقال:

دَعَانِي النَّاصِحُونَ إِلَى النِّكَاحِ
غَدَاةَ تَزَوَّجَتْ بِيضُ الْمِلاَحِ

فَقَالُوا لِي: تَزَوَّجْ ذَاتَ دَلٍّ
خَلُوبَ اللَّحْظِ جَائِلَةَ الوِشَاحِ

كَأَنَّ لِحَاظَهَا رَشَقَاتُ نَبْلٍ
تُذِيقُ القَلْبَ آلامَ الْجِرَاحِ

وَلاَ عَجَبٌ إِذَا كَانَتْ لِحَاظٌ
لِبَيْضَاءِ الْمَحَاجِرِ كَالرِّمَاحِ

فَكَمْ قَتَلاَ كَمِيًّا ذَا ولاحى
ضَعِيفَاتُ الْجُفُونِ بِلاَ سِلاَحِ

فَقُلْتُ لَهُمْ: دَعُونِي إِنَّ قَلْبِي
مِنَ العِيِّ الصُّرَاحِ اليَوْمَ صَاحِ

وَلِي شُغُلٌ بِأَبْكَارٍ عَذَارَى
كَأَنَّ وُجُوهَهَا ضَوْءُ الصَّبَاحِ

أَرَاهَا فِي الْمَهَارِقِ لاَبِسَاتٍ
بَرَاقِعَ مِنْ مَعَانِيهَا الصِّحَاحِ

أَبِيتُ مُفَكِّرًا فِيهَا فَتُضْحِي
لِفَهْمِ الفَدْمِ خَافِضَةَ الْجَنَاحِ

أَبَحْتُ حَرِيمَهَا جَبْرًا عَلَيْهَا
وَمَا كَانَ الْحَرِيمُ بِمُسْتَبَاحِ[7]

 

ولذَّة العلم تكون في أمورٍ عدَّة، منها:

أوَّلاً: اللذَّة في مُطالعة الكتب، فقد: "وردَ في كشكول الشيخ ابن عقيل بيتان جَميلان:

أَنِسْتُ بِمَكْتَبِي وَلَزِمْتُ بَيْتِي
فَطَابَ الأُنْسُ لِي وَنَمَا السُّرُورُ

وَأَدَّبَنِي الزَّمَانُ فَلاَ أُبَالِي
هُجِرْتُ فَلاَ أُزَارُ وَلاَ أَزُورُ

 

وهذه أبيات أخرى لأحمد شوقي يقول فيها:

أَنَا مَنْ بَدَّلَ بِالصَّحْبِ الكِتَابَا
لَمْ أَجِدْ لِي صَاحِبًا إِلاَّ الكِتَابَا

كُلَّمَا أَخْلَقْتُهُ جَدَّدَنِي
وَكَسَانِي مِنْ حُلَى الفَضْلِ ثِيَابَا

صُحْبَةٌ لَمْ أَشْكُ مِنْهَا رِيبَةً
وَوِدَادٌ لَمْ يُكَلِّفْنِي عِتَابَا[8]

 

ثانيًا: اللذَّة في التأليف والتَّصنيف، قال أبو عُبَيد - رحمه الله -: "كنتُ في تصنيف هذا الكتاب - كتاب "غريب الحديث" - أربعين سنَةً، ورُبَّما كنت أستفيد الفائدةَ من أفواه الرِّجال، فأضَعها في موضِعِها من هذا الكتاب، فأبِيت ساهِرًا؛ فرَحًا منِّي بتلك الفائدة"[9].

 

ويُنسَب إلى الإمام الشافعيِّ - رحمه الله - أنَّه قال:

سَهَرِي لِتَنْقِيحِ العُلُومِ أَلَذُّ لِي
مِنْ وَصْلِ غَانِيَةٍ وَطِيبِ عِنَاقِ

وَصَرِيرُ أَقْلاَمِي عَلَى صَفَحَاتِهَا
أَحْلَى مِنَ الدَّوْكَاءِ وَالعُشَّاقِ

وَأَلَذُّ مِنْ نَقْرِ الفَتَاةِ لِدُفِّهَا
نَقْرِي لِأُلْقِي الرَّمْلَ عَنْ أَوْرَاقِي

وَتَمَايُلِي طَرَبًا لِحَلِّ عَوِيصَةٍ
فِي الدَّرْسِ أَشْهَى مِنْ مُدَامَةِ سَاقِي

وَأَبِيتُ سَهْرَانَ الدُّجَى وَتَبِيتُهُ
نَوْمًا وَتَبْغِي بَعْدَ ذَاكَ لَحَاقِي[10]

 

وقد أنشدَ بعضُهم نشيدًا رائعًا في هذا المقام، فقال:

 

لَمَحْبَرَةٌ تُجَالِسُنِي نَهَارِي
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أُنْسِ الصَّدِيقِ

وَرِزْمَةُ كَاغَدٍ فِي البَيْتِ عِنْدِي
أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ عَدْلِ الدَّقِيقِ

وَلَطْمَةُ عَالِمٍ فِي الْخَدِّ مِنِّي
أَلَذُّ لَدَيَّ مِنْ شُرْبِ الرَّحِيقِ[11]

 

فما أعظمَها من متعة! وما أروعَها من لذَّة! نسأل الله - جلَّ في عُلاه - أن يَمنَحنا ذلك، ولا يحرمنا؛ إنَّه ولِيُّ ذلك والقادر عليه، وصلَّى الله وسلَّم على نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] "الموافقات" (1/ 67).

[2] "صيد الخاطر"، ص (219).

[3] رواه الإمام أحمد في "الزُّهد" ص (181).

[4] "مفتاح دار السعادة" (2/ 250).

[5] "صيد الخاطر"، ص (177).

[6] "سير أعلام النبلاء" (21/ 379).

[7] "أضواء البيان" (1/ 13 - 14 ).

[8] هذه الأبيات من مقال بعنوان: "في أحضان مكتبة" لأحمد مقرم النهدي، وهو منشورٌ في موقع الإسلام اليوم.

[9] "طبقات الحنابلة"، لابن أبي يَعْلى، ص (261).

[10] "ديوان الشافعي"، ص (74).

[11] "الجامع لأخلاق الراوي" (1/ 106) للخطيب البغدادي.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- إعجاب وإضافة
مروان العزي - العراق 14/03/2012 08:53 AM

سلمت أستاذ عبده وأحب أن أضيف أبيات من قصيدة لشاعر عراقي يعتبر من المنسيين يقولمن قصيدة (حسبي يراعي)
حسبي يراعي ساقيا ومداد محبرتي شرابي
                                      وأنا الذي لم يبق لي إلا منادمة الكتاب
والشاعر هو حسين الآزري.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة