• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ


علامة باركود

جهاد المماليك البحرية ضد التتار والصليبيين (2)

د. محمد عبدالحميد الرفاعي


تاريخ الإضافة: 8/1/2012 ميلادي - 14/2/1433 هجري

الزيارات: 19808

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثانيا: إنهاء الوجود الصليبي بالشام


توابع الحملة الصليبية السابعة:

ظهَر المماليك في فترةٍ حاسمة مِن تاريخ الشَّرْق الإسلامي، وقُدِّر لهم أن يُواجِهوا خطرَ المغول القادِم من الشرق كما قدِّر لهم أن يواصلوا مسيرةَ الجهاد التي بدأها صلاحُ الدين الأيوبي وخلفاؤه ضدَّ الخطر الصليبي القادِم من الغرْب.

 

ولم تتوقَّف الأطماع الصليبيَّة في بلاد الشام رغمَ الضربات الموجِعة التي نزلتْ بهم في عدَّة مواقع، كان آخِرها معركة المنصورة التي سبَق أن تحدَّثْنا عنها، والتي تحمَّل المماليك العبءَ الأكبر في مواجهتها.

 

ولم يكن الفرقُ كبيرًا بين العدوَّين من ناحيةِ الهدف، فكلاهما يريد افتراسَ العالَم الإسلامي والقضاء عليه؛ ولذا كان هولاكو خان يبالِغ في التنكيل بالمسلمين واضطهادِهم، ويُحسِن معاملةَ النصارى في البلاد التي يجتاحُها، ولكن إذا أردْنا المقارنة وجدْنا الخطر الصليبي أشدَّ فتكًا، وأطول زمنًا، وأبعد هدفًا؛ لمزاعِمه الدِّينية ومراميه الاستعمارية، وتواصله ومدِّه، وما يدعمه مِن قُوى أوربية تتمثَّل في الكنيسة وعدد مِن ملوك أوربا حشَدوا له كلَّ قواهم الماديَّة والمعنويَّة، وعبَّؤوا له كلَّ طاقتهم البشريَّة والاقتصاديَّة.

 

وكان أوَّل ما واجهتْه دولة المماليك الناشئة خطَر لويس التاسع ملك فرنسا، الذي أخذ يَعيث في بلادِ الشام، ولم يعتبرْ بما لَقِيَه من هزيمة وأسْر في المنصورة، فلم يفِ بعهده والتزاماتِه التي قطعَها على نفسه، فتوجَّه ببقايا قوَّاته عقب إطلاق سراحه سنة 648هـ / 1250م إلى سواحلِ الشام، وانضمَّ إلى الصليبيِّين هناك، وقضَى معهم أربع سنوات محاولاً أن يحقِّق بعض الانتصارات والمكاسب؛ ليمحوَ شيئًا من عارِ هزيمته، ويستطيع أن يعودَ إلى بلاده رافعَ الرأس، وشجَّعه على ذلك ما رآه مِن خلافات بين المماليك وأمراء الشام في عهد المعزِّ أيبك.

 

وقد نجَح لويس في الإفادة مِن هذه الخلافات، وسارَع كلُّ طرَف إلى التودُّد إليه ومهاداته، فأفْرج أيبك عن بعض أسْرى الصليبيِّين وأرْسل إليه هديَّة، كما كاتبه الناصرُ يوسف الأيوبي أمير الشام وعرَض عليه التحالُف ووعدَه بتسليمه بيتَ المقدس.

 

واختار لويس في النهاية الجانبَ الأقوى، وهو المماليك، فعقَد معاهدةً معهم مقابل الإفراج عمَّن بقي مِن الأسرى لديهم، وإعفائه مِن شطر الفدية المطلوبة منه.

 

وتنبَّه المسلمون مؤخرًا إلى خطورة التحالُف مع عدوِّهم، فتَمَّ الصلح بين المماليك وأمراء الشام الأيوبيِّين بوساطة مِن الخليفة المستعصِم العباسي، وبحَث لويس عن حليف فسافر إلى التتار، ولكنَّه لم يحقق نتائجَ حاسمةً، فاضطرَّ إلى العودة إلى بلاده سنة 652 هـ/ 1254م.

 

تحرير أنطاكية وبعض سواحِل الشام:

بدأ الظاهرُ بيبرس عهدَه بعدَّة أعمال؛ لتوطيد حُكمه وكَسْب قلوب المسلمين؛ تمهيدًا لتطهير بلادِ الشام من بقايا الصليبيِّين.

 

ومِن أهم هذه الخطوات نجاحُه في الحدِّ مِن خطر المغول بعد تمكُّنِه من ردِّ غاراتهم القادمة مِن العراق وفارس إلى بلادِ الشام، ثم التحالُف مع مغول الفبجاق الذين اعتنقوا الإسلام.

 

وقام بيبرس بإحياء الخِلافة العباسيَّة في مصر في رجب سنة 659هـ بعدَ سقوطها في بغداد بثلاث سنوات ونِصف، فنصَّب أحد أبناء البيت العباسي خليفةً، ولقَّبه بالمستنصر بالله بعدَ إثبات نسَبة، ونقش اسمه على السكَّة وخَطب له على المنابر، فاكتسب بيبرس بذلك تأييدَ المسلمين وتقديرَهم.

 

وعقِب ذلك خرَج بيبرس لغزو أكبر معاقل الصليبيِّين في الشام، وهو إمارة أنطاكية الواقعة في أقْصى الشمال مِن بلاد الشام، وهي ثاني الإمارات التي أسَّسها الصليبيُّون بالشام بعدَ الرّها سنة 491هـ/ 1097م، وقتَلوا مِن أهلها مائةَ ألف نفْس، وكان أميرها بوهيمند السادس يُحالِف التتار ويناصرهم.

 

وكانتْ هذه الحملة مجرَّدَ حملة تأديبيَّة ومحاولة لاختبار مدَى قوى الصليبيِّين في أنطاكية، ثم تكرَّرتِ المحاولة في العام التالي، وكانتْ أقوى وأبعد أثرًا ممَّا أدَّى إلى استنجاد حاكم أنطاكية بملك أرمينيَّة الصغرى وبالمغول، فآثَر المسلمون الرجوعَ بما معهم مِن غنائمَ وأسرى.

 

وفي سنة 663هـ/ 1265م بدأ بيبرس حربَه الشاملة على معاقلِ الصليبيِّين المنتشِرة على سواحل الشام، ممَّا حدَا ببعض المؤرِّخين أن يلقِّبوه بصلاح الدين الثاني، ونجَح في الاستيلاء على قيسارية في جُمادى الأوَّل مِن هذه السَّنة وأمَر بهدمها حتى لا يتمكَّن الصليبيُّون من نزولِها مرَّةً أخرى.

 

وفي سنة 664هـ أرْسل حملةً إلى أرمينية الصغرى لمساعدتها للصليبيِّين، فأنزل بهم خسائرَ فادحةً وقتَل وأسَر بعض أمرائها، وأشعل النار في عاصمتها ساويرس، وعادتْ قوَّاته ظافرةً غانمة.

 

وأفاد بيبرس مِن وقوعِ خلافات بين أمراء الصليبيِّين في سواحل الشام، فانتهَز الفرصةَ وقام بالهجوم على يافا وبعضِ مُدنهم، سنة 666هـ/ 1268م، وأعقب ذلك بالزحفِ على أنطاكية فحاصرَها ومنَع أيَّة إمدادات أن تصِل إليها برًّا أو بحرًا، ثم تمكَّن من دخولها وأسْر جميعِ مَن بها مِن الصليبيِّين، وقدَّرتهم بعض المصادر بمائة ألْف أسير، وهو عددٌ مساوٍ لمن قتَلهم الصليبيُّون عند استيلائهم على أنطاكية قبل ذلك بخمس وخمسين ومائة سَنة هجريَّة، فكما تَدين تُدان.

 

سقوط آخر المعاقل الصليبية:

كانتِ الصليبية بالشام تلفظ أنفاسَها الأخيرة بعدَ الضربات التي تلقَّوها على أيدي الظاهر بيبرس، وفتور الحماس الصَّليبي في أوروبا، ونقْص الإمدادات القادمة إليهم مِن الغرْب، وتفاقُم الخلافات بيْن أمرائهم مِن ناحية أخرى، فأفاد المماليكُ مِن هذه الظروف وأرْسل السلطانُ المنصور قلاوون (678هـ - 689هـ/ 1279 – 1293م) عدَّةَ حملات؛ فاستولى على عددٍ من المدن التي كانتْ في أيدي الصليبيِّين، مِثل حصن المرقب واللاذقية.

 

ثم حقق قلاوون انتصارًا عظيمًا بإسقاط إمارة طرابلس الصليبيَّة في ربيع الثاني سنة 688 هـ/ 1289م، بعدَ احتلالهم لها لمدَّة خمْس وثمانين ومائة سَنة وبِضعة أشهر، وذلك بعدَ تفاقُم الخلافات بيْن أمرائها عقِبَ وفاة ملكها بوهيموند السابع، واستنجاد بعضِهم بالسلطان قلاوون، فسار إليها في جحْفل لجب يضمُّ مائة ألف راجل وأربعين ألْف فارس، فحاصَر مَن بها حتى لاذوا بالفرار، ثم اقتحَمها عليهم وأكْثَرَ فيهم القتْلَ والأسر، ودمَّر المدينة حتى لا يتمكَّنوا مِن العودة إليها، وبنَى مدينةً جديدة تحمل نفس الاسم بعيدةً عن الشاطئ.

 

وأعقَب سقوط طرابلس جلاء الصليبيِّين عن بيروت وجبلة، ولم يبقَ لهم سوى عكا وعدد مِن الحصون القريبة منها.

 

وآثَر السلطان قلاوون أن يعقدَ هدنةً مع الصليبيين لمدة عشر سنوات، ولكنَّهم سرعان ما نقضوها، فقد وصلتْ إلى عكا حملةٌ صليبيَّة جديدة مِن ناحية إيطاليا سنة 689هـ/ 1290م، وقاموا عقِب وصولهم بالاعتداء على تجَّار المسلمين والرعايا الآمنين، فآذنَهم السلطان قلاوون بالحرْب، ولم يقبلْ منهم اعتذارًا، ولكن الموت عاجَله وهو يتأهَّب للجهاد، وطرب الصليبيُّون لوفاته، وزعموا أنَّ العناية الإلهية قد تدخَّلتْ لإنقاذهم، ولكنَّ ابنه وخلفه السلطان الأشْرف خليل بن قلاوون خيَّب ظنَّهم، وبدَّد حُلمهم، وسار على رأس الجيش الذي أعدَّه أبوه، ودعا سائرَ القادة والأمراء الموجودين في طريقة أن ينضمُّوا إليه بقواتهم.

 

وضرب الأشرف خليل الحصار حولَ عكا بمائتين وعشرين ألفًا من الجند الأبطال فيهم مِن الفرسان ستُّون ألفًا، واستخدم عددًا كبيرًا مِن آلات الحصار والمجانيق سنة 690هـ/ 1291م، وحشَد الصليبيُّون ما بقِي من قوتهم وتناسوا خلافاتِهم، وفرِحوا عندما وصل إليهم ملكُ قبرص هنري الثاني، وانضمَّ إليهم بجنده وأمدَّهم بالمؤن والسلاح، ولكن فرحهم تبدَّل مأتمًا عندما اختلف معهم هذا الملك وانسحبَ بعدَ قليل برِجاله، ففتَّ في عضدهم وبعَث اليأس في نفوسهم.

 

وأصبح الصليبيون لا عاصمَ لهم مِن أمر الله، فسيوفُ المسلمين مِن أمامهم، والبحر مِن ورائهم، وبدأتْ حصونهم تتداعَى وأسوارهم تتهاوى بعدَ شهر ونِصف من الحصار، فقاتلوا باستماتَة، وقاوموا مقاومةَ المتشبِّث بالحياة، ولكن هيهات، فلا مهربَ ولا نجاة، وكان عليهم أن يختاروا بيْن الموت أو الأسْر، وأن يتجرَّعوا كأس الهزيمة، وحتى مَن لاذ منهم إلى المراكِب هاربين كان بعضهم يقتُل بعضًا من التزاحُم والهَلَع.

 

وبعدَ تحرير عكا تهاوتْ سائر الحصون الصليبيَّة في الشام ورَفعوا راية الاستسلام، وعادتْ إليها مِن جديد شمس الإسلام، ودخَل المسلمون صور وصيدا، ثم انطرسوس وعثليت في نفْس السنة، وشهِد يوم الثلاثاء 16 من شعبان سنة 690هـ، 14 أغسطس سنة 1291م نهايةَ الوجود الصليبي في بلاد الشام وديار الإسلام، وإنْ كان قدْ عاد بعد ذلك في العصور التالية في صُور مختلفة وأشكال متعدِّدة، ولكن الهدف واحد والرُّوح واحدة، وهي العداءُ للإسلام وأهله، والسَّعْي إلى إضعافِه ومحوه، لكن الله مُتِمّ نوره وغالبٌ على أمْره، وقادر على نصرة جُنده، وردِّ كَيْد عدوِّهم في نحْره.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة