من علماء آل الشيخ: عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حمد آل الشيخ

الشَّيخ عبدالرحمن بنُ عبدالعزيز بنِ حَمَد بنِ حُسَين بنِ حمَد بنِ حُسَين بنِ الشيخ محمَّد بنِ عبدالوهَّاب،وُلِد الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حمَد بن حُسَين في حوطة بني تميم، وذلك في عام 1320هـ ، وتربَّى - رحمة الله عليه - في بيْتِ والده الشيخ عبدالعزيز بن حمد، درَس وحفِظ القرآن على يديه، وعلى يدي جَدِّه الشيخ حمَد وهو في سِنٍّ صغيرة، ترَك الحوطة وهو في مُقتبَل عمره.

تَوجَّه للرياضِ لطلبِ العِلم حيثُ درَس على يَدِ كبار المشايخ آنذاك، ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ محمد بن عبداللطيف، وآخرون، وتوسَّع في طلبِ العلم، وخصوصًا تفسير القرآن الكريم، وحفظ المتون.

ومِن عام 1337هـ إلى عام 1359هـ تَمَّ اختيارُه وهو في سِنٍّ صغيرة مِن قِبل الملِك عبد العزيز مع مجموعةٍ من المشايخ لتثقيفِ القبائل، حيث عاش بين مطير فترةً على عهدِ أميرهم ابن شريم، وبعدَ ذلك قحطان، وكان مِن ضِمن الجيش الذي أرْسَله الملِك عبدالعزيز إبَّان الهِجْرة، كما أُرسِل مِن قِبل الملِك عبدالعزيز لقريةٍ في الشمال، ومكَث فيها مدَّةً لتعليم الناس هناك أصولَ الدين وتحفيظ القرآن، وبتوجيه سامٍ ذَهَب - رحمة الله عليه – إلى جنوب المملكة - منطقة الباحة - مع بعضِ المشايخ، وأسَّس مركزَ الدعوة بالظفير، ومكَث عندَهم عِدَّة سنوات داعيةً وإمامًا وخطيبًا، يُعلِّم الناسَ أصولَ دِينهم.

وبتوجيهٍ مِن صاحِب الجلالة الملِك الراحل عبدالعزيز تَمَّ إرسالُه لبني شقير الدويش، وجلَس فترةً معهم، وبعدَ ذلك أُرْسِل لقبائل آل عرجاء، وجلس فترةً معهم؛ كل ذلِك في سبيلِ الدعوة والوعْظ، وإرشاد الناس وتثقيفهم في أمور دِينهم.

وبعدَ ذلك كوَّن الملِك عبدالعزيز لجنةً مِن عِدَّة أعضاء، وهم: حافظ وهبة، وبهجت البيطار، يَرْأسهم رئيسُ القضاة الشيخ عبدالله بن حسن؛ ليختاروا رجالَ دِين لتعليمِ القبائل، وبناءً عليه صدَر أمرُ الملِك عبدالعزيز السامي بتَعيينه كمُرشدٍ وواعظٍ في منطقة الهُدَى وضواحيها، كوادي محرم، والقبائل المحيطة بها.

وبعدَ ذلك عُرِض عليه القضاءُ مِن قِبل رئيس القضاة الشيخ عبدالله بن حسن - رحمة الله عليه - لكِنَّه رفَض ذلك لعدمِ رغبته في دخولِ مجال القضاء.

وبتاريخ 18/2/ 1360هـ، تَلقَّى الشيخُ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن حمد خِطابَ رئيس القضاة آنذاك الشيخِ عبدالله بن حسن، والمتضمِّن موافقةَ جلالة الملِك عبدالعزيز - رحمة الله عليه - بتعيينه في وظيفةِ الوعْظ والإرْشاد بالحرَم المكيِّ؛ ليحلَّ محلَّ الشيخ عبدالله بن محمود، الذي سافَر لقَطر، وأن يَستمرَّ ما يَجري لابن محمود يَجْري له، وعُيِّن ابنُ محمود مفتيًا لقطر بعدَ ذلك في عام 1363هـ، وبعدَ تكوينِ الهيئات، تَمَّ تعيينُه بهيئة الأمر بالمعروف بمكَّةَ.

في عام 1371هـ صدَرتِ الموافقة السامية بتعيينه رئيسًا لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بجدَّة، والتي استمرَّ فيها باقي حياته، إلى أنْ تقاعَد - رحمة الله عليه.

في عام 1401هـ تَمَّ تمديدُ خِدْماته - رحمه الله - وذلك لما لُمِس منه مِن إنجازاتٍ عديدةٍ خلالَ فترة عمله، حيث قام - رحمة الله عليه - بعدَ أن اتَّسعَتْ مدينة جدَّة، وكثُرتِ الأسواق، واحتاجَتْ جدَّة لدعاةٍ ورِجال حِسْبة - بطلب فتْح مراكزَ في الأحياء، وزيادة رِجال الهيئة مِن أعضاء وجنود وموظَّفين، حتى أصبح عددُ المراكز يربو على عِشرين مركزًا، وأعضاء الهيئة بالعشرات، وأصبحتْ إدارة عامَّة، وعندما تولاَّها - رحمة الله عليه - لم تكن سوى مركزٍ واحِد.

وفي هذه الفترةِ التي عاشَها الشيخُ عبدالرحمن كرئيسٍ لهيئات الأمر بالمعروف بجدَّة مِن عام 1371هـ، إلى أن تُوفِّي، كان يَتَّجه له كثيرٌ مِن أهالي وأعيان جدَّة لطلبِ الفتوى، وحَلِّ كثيرٍ من المشاكِل التي تحتاج لرأيٍ فِقهي، وكان - رحمه الله - يجلس بعدَ صلاة الظُّهر مِن كلِّ يومٍ في مسجدِ ابن محفوظ، وكان مِن أكبر المساجِد في جدة آنذاك، وكان يُلْقِي كلمةً توجيهيَّة على المصلِّين، فيها مِن التوجيه والوعظِ في أمور الدِّين، وكان يَنتظره العشراتُ لطرْح أسئلتِهم عليه لقِلَّة الدعاة والمشايخ في تِلك الفترة خلالَ الثمانينيات مِن الهجرة.

كما كان - رحمة الله عليه - يجلس يوميًّا من بعدِ صلاة العصر إلى صلاةِ العشاء في بيته، يَسْتقبِل مَن يأتيه مِن زُوَّار ومِن منسوبي الهيئة، وطالبي الفتوى، وكان مِن جُلسائه يوميًّا والمقرَّبين منه ابنُ عمِّه الشيخ محمَّد بن عبدالله بن حسن، والشيخ عقيل عبدالرحمن العقيل، والشيخ عبدالله العقيلي، والشيخ حسين بن هويدي، والشيخ محمد بن حمد الداود، والشيخ محمد بن عثمان آل ساقان، والشيخ عبدالله بن عُثَيمين، ومِن الأعيان الشيخ جمال محمد نور تُركي، والشيخ حمدان البلوي - رحمة الله عليهم جميعًا.

ومن الأمراء الذين كان يَحْظَى بتقديرهم، ودائمًا يتواصل معهم بحُكم عمله وصِلته بهم، وبحُكم سَكَنه بجدَّة: كلٌّ مِن صاحب السموِّ الملكي الأمير مشعل بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكة المكرَّمة سابقًا، وصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز، والذي تولَّى إمارة مَكَّةَ فترةً من الزمن، وسكن جدَّة، وصاحب السمو الملكي الأمير فواز بن عبدالعزيز، أمير منطقة مكَّةَ المكرَّمة سابقًا، وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل، وصاحب السمو الملكي الأمير ماجد بن عبدالعزيز - رحمة الله عليه - أمير منطقة مكةَ سابقًا، وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز، نائب وزير الداخلية، عندما كان يَشْغَل وكيلَ إمارة مَنطقة مكَّة المكرَّمة، ومعالي الشيخ عبدالرحمن السديري، قائم مقام جدَّة، والأستاذ حمد الشاوي، وكيل إمارة منطقة مكَّةَ المكرَّمة، والشيخ محمد الحركان، رئيس محكَمة جدَّة الكُبرى، ووزير العدل السابق، والشيخ فارس السُّلَمي، وغيرهم كثير مِن مسؤولي الأجهزة الحكوميَّة آنذاك.

تُوفِّي - رحمة الله عليه - بجدَّة عن عُمر يُناهِز التسعين عامًا ليلةَ الواحد والعشرين مِن شهر رمضان مِن عام 1412هـ.
وصُلِّي عليه بالحرَم المكي، ودُفِن بمقبرة العدل بمكَّةَ.

وله من الأبناء سِتَّةُ أبناء: عبدالله - رحمة الله عليه - وسليمان، وعبدالعزيز، وسعود، وعبدالملك، وعبداللطيف، وله مِن البنات خمس بنات.