العلامة الدكتور محمود بوزوزو (ت2007م)

فقدت الجالية الإسلامية في سويسرا العلامة الدكتور محمود بوزوزو أول إمام وخطيب في البلاد عن عمر يناهز تسعين عامًا، بعد رحلة طويلة مع المرض.

 نبذة عن الفقيد:
ولد العلامة الشيخ محمود بوزوزو في 18 من فبراير 1918 في مدينة بجاية شرقي الجزائر، وحصل على إجازة في الفقه، ثم بدأ حياته العملية معلمًا للغة العربية والدين.

كان من رواد الحركة الوطنية، الداعين إلى وحدة صفوفها، ومن مجاهدي الثورة، فقد اعتقل في أول أسابيعها، ثم أسس حركة الكشافة الإسلامية في الجزائر وكان مرشدًا عامًّا لها.

اشتغل بالصحافة، إذ أصدر فيما بين عامي 1951-1954 مجلة المنار، التي كانت أحد المشاعل القوية في الكفاح الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، وفضحت ممارساته القذرة.

إلا أن سلطات الاحتلال أودعته السجن ثم نفته، فتوجه إلى المغرب ومنها إلى سويسرا التي وصلها في عام 1958، وأقام في قرية صغيرة بالقرب من مدينة مونترو الشهيرة الواقعة على ضفاف بحيرة جنيف.

ثم توجه إلى برلين، لكن الحياة هناك لم ترقه، فقرر العودة إلى سويسرا التي منحته حق الإقامة الدائمة، واتخذ من جنيف مستقرًّا له منذ عام 1962.

وفي جنيف عمل إمامًا وخطيبًا في المركز الإسلامي، وهو أول مركز في أوربا، وقد أسسه الراحل الدكتور سعيد رمضان، كما عمل أستاذًا للغة العربية في مدرسة جنيف الدولية للترجمة، ومترجمًا لدى المقر الأوربي للأمم المتحدة في جنيف، وتخرّج على يديه أجيال من المترجمين.

إلا أن إيمانه بأهمية الكلمة والصحافة في نشر الوعي جعلته ينضم إلى هيئة تحرير مجلة "المسلمون" المصرية التي أعاد الراحل رمضان إصدارها في سويسرا بداية الستينيات من القرن الماضي.

كما شارك بوزوزو في تأسيس المؤسسة الثقافية الإسلامية في جنيف 1975، وعمل خطيبًا فيها بعض الوقت، وهو من الأعضاء المؤسسين لمؤسسة قرطبة للحوار بين الحضارات وتبادل الثقافات؛ إذ كان بيته أول مقر لها.

وكان يعتزم العودة إلى الجزائر وافتتاح صحيفة خاصة، لكنه خشي من ضمانات حرية الصحافة هناك فآثر البقاء في جنيف.

والفقيد -الذي توفاه الله في 27 من سبتمبر 2007- اشتهر بحرصه على حث الجالية المسلمة في سويسرا والغرب على التمسك بأصول دينهم ونشر صورة الإسلام المتسامح في أوربا.

كما كان يشجع أبناء الجالية على العلم والارتقاء بمستواهم الثقافي ونبذ الخلافات لأسباب عرقية، وفتح بيته للمثقفين الشباب للاستفادة من مكتبته الثرية التي تضم ما لا يقل عن عشرين ألف كتاب بالعربية والفرنسية.

وفي أكثر من مناسبة، أعرب الفقيد عن قلقه على مستقبل المسلمين في الغرب، بسبب غياب المفكرين الشباب من أبناء المهاجرين، الذين يجب الاعتماد عليهم في توجيه الجالية المسلمة في أوربا وتوعيتهم بأمور دينهم ودنياهم، إذ كان يرى أن المرحلة التي يمر بها الإسلام والمسلمون الآن بحاجة لمثل هؤلاء.

يقول مصطفى حابس مدير مركز الإمام البخاري في لوزان: إن الفقيد يعد من رواد الحركة الإصلاحية الجزائرية إذ عاصر رموزها كالإمام ابن باديس والبشير الإبراهيمي وفضيل الورتلاني والعربي التبسي ومبارك الميلي وأحمد سحنون وغيرهم رحمهم الله جميعا.