• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم


علامة باركود

رجل أمة!: العلامة محمد أحمد الدالي

رجل أمة!: العلامة محمد أحمد الدالي
أبو الحسن محمد علي الحسني


تاريخ الإضافة: 18/12/2021 ميلادي - 14/5/1443 هجري

الزيارات: 3022

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

رَجُـــلُ أُمَّـــة!

العلامة محمَّد أحمد الدَّالي

 

رحمة الله على شيخَي العربيَّة أحمد راتب النفَّاخ ومحمَّد أحمد الدَّالي.

وأنتَ إن شئتَ أن تختزِلَ ترجمتَين في ترجمة، وأن تستغنيَ عن كلمتَين بكلمة، فاقرأ هذه «الكُلَيمة» مرَّتَين، ثم ارجِعِ البَصرَ فيها كرَّتَين، تَبدُ لكَ حِلْيةُ الرَّجُلَين الألمعَين، وكأنَّك تراهُما رأيَ عَين!

****

 

هذه «الكُلَيْمةُ» ـ كما كانَ يسمِّيها كاتبُها ـ قيلَتْ في تأبينِ علَّامةِ الشَّامِ أحمد راتب النَّفَّاخ سنةَ (1413ﻫ/ 1992م)، ثمَّ ما زالَ التِّلميذُ يتقيَّلُ أستاذَه ويَنْهَجُ مِنْهاجَه، حتَّىٰ صارَ أشبهَ النَّاسِ به عِلْمًا وعمَلًا، وصارا في سَماءِ العربيَّةِ كالفَرقَدَيْن؛ فلا يُوصَفُ التِّلميذُ اليومَ بأبلغَ ممَّا وصَفَ به شيخَه في الأمس:

 

• رجلٌ مِن عِبادِ اللهِ المؤمنِين، الصَّالحِينَ الصَّادقِين، الَّذينَ شَرَوْا أنفُسَهمُ ابْتِغاءَ مَرْضاةِ الله، ظاهِرُه خَيْرٌ كباطنِه، كريمٌ، مِضْيافٌ، مِفْضالٌ، أرْيَحِيٌّ، طيِّبُ القَلْب، وَفِيٌّ، عازِفٌ عنِ الدُّنْيا وزُخْرُفِها، مُنْقَطِعٌ للعِبادةِ والعِلْم، راغِبٌ عنِ الشُّهْرة، ساعِيةٌ إليه. كانَ أُمَّةً ورَجُلَ أُمَّة، [وهو بُنْيانُ قَوْمٍ تهدَّمَ!].

 

• وهو بَعْدُ بَقِيَّةُ السَّلَف، والحَبْرُ البَحْرُ، ورَيْحانةُ الشَّامِ وخِزانةُ عِلْمِها، لم يَرَ الرَّاؤُونَ في هذا العَصرِ مِثْلَه، حقًّا لا يَجْحَدُونَه! خُلِقَ لِيكونَ ما كان، وترفَّعَ عمَّا عُفِّرَتْ فيه وُجُوه، ونزَّهَ نَفْسَه عمَّا خاضُوا فيه، وتواضَعَ للهِ فرَفَعَه، فيه عِزَّةُ المعتزِّ بالله، وقوَّةُ المستَعِينِ به، ذُو خُلُقٍ وخَلَاق، جُبِلَ على الوَفاءِ والإخلاص، والرَّحمةِ بالنَّاسِ وحُبِّ الخيرِ لهم.

 

• وكانَ شديدًا في الحقِّ، للقَسوةِ واللِّينِ مَواضِعُ يَضَعُهما فيها، صَرِيحَ صَراحةٍ؛ يَجْهرُ بقولِه، لا يُجامِلُ ولا يُوَرِّي، يُسمِّي الأشياءَ بأسمائِها. الإحسانُ عادَتُه، والتَّواضُعُ سَجِيَّتُه، والحَياءُ حِلْيَتُه، والخيرُ فِطْرَتُه، والتَّقْوىٰ جِبِلَّتُه. [في بيتِه جَرَتْ مسائلُ العِلْمِ كلَّ يومٍ، وبَذَلَ لمُعْتَفِيه بَذْلَ مَنْ لا يرجُو منهُم جزاءً].

 

• وفي الصَّدْرِ مِنِّي معَهُ حديثُ سبعةَ عشرَ عامًا لازَمْتُه فيها، ولو تكلَّفْتُ تَدْوينَ ما عَرَفْتُه خِلالَها مِن أحوالِه، وصِلَتِه بمَنِ اتَّصلَ به بسَبَب، وآرائِه فيمَنْ حولَه وفيما حولَه، وتبحُّرِه في فُنونٍ منَ العِلْمِ هو آيةٌ فيها ـ ومنها: العربيَّةُ، واللُّغةُ، والعَرُوضُ، والأدبُ، وعلومُ القرآنِ ـ ونَظَراتِه فيها، وشُؤونٍ غيرِها= لو تكلَّفْتُ ذلك لم أفْرُغْ منه علىٰ وجهٍ مَرْضِيٍّ في سِنينَ ذاتِ عَدَد، ولَأتىٰ ذلك في مُجلَّدات، ولَبَقِيَ في النَّفْسِ أشياءُ، ولم يُحِطْ لَفْظِي بنَعْتِه.

 

• وكانَ الأستاذُ عَلَّامةَ العربيَّةِ في بلادِ الشَّام، وهو مِن مَفاخرِها ومَحاسنِها، وكانَ جَبَلًا في العِلْمِ لا نظيرَ له في عُلومِه، وكانَ وَحيدَ أوانِه ونسيجَ وَحْدِه، وكانَ أشهرَ مِن نارٍ علىٰ عَلَم. وكانَ حريصًا علىٰ نَشْرِ العِلْم، مُتواضِعًا تواضُعَ العُلماءِ الأئمَّة، قُدْوةً لطُلَّابِه في عِلْمِه وخُلُقِه وسُلُوكِه. ظهرَ لنا خِلالَ مُحاضراتِه عِلْمٌ غَزير، وروايةٌ واسِعة، وذِهْنٌ وقَّاد، وحافِظةٌ واعِية.

 

• ورَأىٰ غيرُ واحدٍ مِنَّا أنَّ الأستاذَ مِن أولئكَ الأئمَّةِ الأعلامِ المتقدِّمينَ في المئةِ الرَّابعةِ أو دُونَها، تأخَّرَ به زمانُه فعاشَ بينَنا، وعلَّمَنا ما لم يُعلِّمْنا أحدٌ.

 

• وكانَ بيتُ الأُستاذِ مَحلًّا للعِلْمِ ومَثابةً لطُلَّابِه، وكنتُ وبعضُ زُملائي وكثيرونَ ممَّنْ عَرَفْتُ نَخْتَلِفُ إلى الأستاذِ في بيتِه، كلٌّ يَحمِلُ عنه ما كانَ مُهَيَّأً لحَمْلِه مِن عِلْمِه، وخُلُقِه العِلْمِيِّ الَأصيل، وأمانَتِه ودِقَّتِه. كانَ يوجِّهُنا ويَرْعانا ويشجِّعُنا، ويَبْذُلُ عِلْمَه ومَكْتبتَه ووَقتَه في سبيلِ طُلَّابٍ يَرىٰ أنَّ لهم عليه حقًّا لأنَّهم طُلَّابُه، ولأنَّه يُحِبُّ الخيرَ للنَّاسِ ويَجري بينَ يدَيْه.

 

• وعَرَفْتُ أيَّ عالِمٍ كان! كانَ مِن أوعِيَةِ العِلْم، كانَ كُنَيْفًا مُلِئَ عِلْمًا، وكانَ إذا سألْتَه فَجَّرْتَ به ثَبَجَ بَحْر! إليه انتَهىٰ عِلْمُ العربيَّةِ في عَصرِنا، ونظرَ بذِهْنِه نظرَ مُؤَثِّلِي هذا العِلْم، وناقشَهُم في بعضِ جوانبِه، ورأىٰ في بعضِه غيرَ ما رأَوْا، [وهو كلَّ حينٍ علىٰ ذُكْرٍ مِن كلامِ الأئمَّةِ المتقدِّمينَ في مسألةٍ مسألةٍ، يُمْلي كلامَهم بلفظِهم أو يكادُ].

 

• وفي المشتغلِينَ بعُلومِ العربيَّةِ في عَصرِنا ـ بلا رَيبٍ ـ غيرُ واحدٍ ممَّنْ بَرَعُوا فيها، وحَفِظُوا كثيرًا مِن مسائلِها، ومَذاهبِ المتقدِّمينَ والمتأخِّرينَ فيها، وعَرَفُوا حَلَّ ما اعْتاصَ منها، لكنَّك لا تَجِدُ فيهِم مِثْلَ الأستاذ؛ ممَّنْ أدَّاه عِلْمُه بالجُزْئيَّاتِ إلىٰ تصُوُّرٍ شاملٍ للُّغةِ وقوانينِها الوَضعيَّةِ والعَقليَّة. فقَد أدَّاه فِكْرُه في (الكِتابِ) ـ أعني كتابَ سِيبَوَيْهِ ـ وطولُ مُدارَستِه له والنَّظرِ فيه، لا إلىٰ فَهمِ كلامِ صاحبِ (الكِتابِ) فَهمًا دقيقًا ـ وهو أقصىٰ ما يَبْلُغُه المُتبَصِّرُ بكلامِه ـ بلْ إلى الوقوفِ علىٰ حِكْمةِ العربِ في كلامِها، وعلىٰ أغراضِ الخليلِ فيما نقلَه وفسَّرَه مِن كلامِ العرب، وفيه ما خَفِيَ غَرَضُ الخليلِ فيه حتَّىٰ علىٰ صاحبِه سِيبَوَيْهِ، وفي (الكتابِ) مواضعُ شَمَسَتْ حتَّىٰ علىٰ أبي عليٍّ [الفارسي]!

 

• وكانَ الأستاذُ عالِمًا بمقاييسِ العربيَّةِ بصيرًا بها، محقِّقًا [مُدقِّقًا]، لو رآهُ الخليلُ لَسُرَّ به، وقالَ له: مَرحبًا بزائرٍ لا يُمَلُّ! ولا يزالُ في النَّاسِ عِلْمٌ ما بقيَ فيهم مِثْلُ الأستاذ.

 

• وعَرَفْتُ فيما عَرَفْتُ أنَّه كانَ مَنْكُوبًا في غيرِ قليلٍ ممَّنْ أحسنَ إليهم، ما فعلَ لهم إلَّا الخيرَ، وضَنُّوا عليهِ بالوَفاء، بل إنَّ فيهِم مَنْ أساءَ إليه وتنكَّرَ له، ومنهُم مَنْ أصابَ به اليومَ عِلاجَ ذاتِ نَفْسِه! عَرَفْتُ منهُم مَنْ عَرَفْتُ، وحدَّثَني بحديثٍ كثير.. كانَ وفيًّا يُحسِنُ الظَّنَّ بالنَّاس، فيُخْلِفُه ظَنُّه في كثير! ﴿ مَّنۡ عَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلِنَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَسَاۤءَ فَعَلَیۡهَاۗ ﴾ [فُصِّلت: 46]. وأقامَتْ طائفةٌ على الوَفاءِ له؛ تلقَّوْا عنه، وكَسَبُوا بعِلْمِه ومَعرفتِه ما كَسَبُوا.

 

• وما زالَ الأستاذُ يَنْبُوعَ عِلْمٍ عِدٍّ، يَنْشُرُ العِلْمَ، وزكاةُ العِلْمِ نَشْرُه: فمِنْه ما وَعَتْه صُدُورُ الخاصَّةِ مِن أصحابِه وتلامِذَتِه، ومنه ما بَثَّه فيما نَشَرَه وفيما لم يَنْشُرْه منَ النُّصُوص، وفيما كَتبَه مِن مقالات، ومنه ما قيَّدَه على الكُتُبِ الَّتي حَوَتْها مَكْتبتُه، وذهبَ بموتِه عِلْمٌ كثير.

 

والموتُ حقٌّ علىٰ كلِّ العِبادِ فما
حَيٌّ بباقٍ، ويبقَى الواحدُ الأحدُ

«إذا ماتَ ابنُ آدمَ انقطعَ عمَلُه إلَّا مِن ثلاثٍ: صدقةٍ جارية، أو عِلْمٍ يُنْتفَعُ به، أو وَلَدٍ صالحٍ يَدْعُو له» [أخرجَه مسلم]. فعمَلُ الأستاذِ باقٍ إلىٰ يومِ القيامة، لا يَنقطِعُ حتَّىٰ يَرِثَ اللهُ الأرضَ ومَنْ علَيْها، وهو خيرُ الوارثِين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة