• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / تاريخ


علامة باركود

عش بطلا

عش بطلا
عامر الخميسي


تاريخ الإضافة: 9/5/2018 ميلادي - 24/8/1439 هجري

الزيارات: 6504

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عش بطلًا


المحافظةُ على العزِّ محافظةٌ على الكرامة الإنسانيَّة، فإذا أردتَ الهروبَ مِن المَهانة ومِن شَماتةِ الأعداء، فعِشْ عزيزًا، حتى وإن كنتَ أقلَّ عددًا وعُدةً مِن عدوِّك، ومَن فَهِمَ هذا المغزى عرَف طريقَه إلى النصر، ومَن أتقَنَ هذا المبدأَ عرَف صناعةَ البطولة!

 

وضريبةُ العزَّة ضريبةٌ باهظةٌ، لكن لن يتردَّد العقلاءُ في البحث عنها والوصولِ إليها، وليستْ هناك مشكلةٌ في الهزيمة على الإطلاق، إنما المشكلةُ أن تكون خانعًا، وأن تُسلِّمَ رقبتَك لعدوِّك وأنت لن تعيشَ غيرَ حياةٍ واحدة، وعُمُرُك لن يتكرَّر مرةً ثانيةً، فلماذا لا تَعزِم على أن تَعيشَه عزيزًا عظيمًا بَطَلًا؟!

 

كثيرٌ مِن الأبطال صمَدوا إلى آخر لحظةٍ، فقد قاتَل عمر المختار عشرين سنةً، ولَمَّا أُسِرَ كان إلى جانبه مِن رِفاقه الأبطال ما يَقرُبُ من أربعين بطلًا من جنوده، ومع ذلك أنْصَتتْ له الدنيا، وأذعَن له التاريخُ، وما زال أعداؤه يَرتجفون مِن اسْمِه إلى اليوم، وعندما حُوكِمَ وجاء الأمرُ بالإعدام، لم يَفُتَّ ذلك في عَضُدِه، ولم يَهِنْ أو يَضْعُفْ، بل مشى مبتسمًا إلى حبلِ المِشْنقةِ، ثابتَ القلب رافعَ الهامَةِ، ولو أنه انكسَر في تلك اللحظة، لَمَا سطَّرتْه حروفُ التاريخ، وكان نتيجةَ استشهادِه قيامُ ثورةٍ منتصرةٍ على خُطاه، وهكذا الأبطالُ!

 

تَذكُر لنا كتبُ التاريخ أن آخر ملوك الأندلس - وهو أبو عبدالله الصغير - لَمَّا عاش في التَّرف، وضاع في لَهْوِه ولَعِبِه، وأحاطَ به الأعداءُ من كلِّ جانبٍ، دبَّت الهزيمةُ في قلبه، وسيطَر عليه الخوفُ؛ لأنه كان يُحِبُّ الحياة ولو على حساب دينه ووطنه وأُمَّته وشعبِه، وكان عاشقًا للمُلك ولو على حساب العيشِ في هَوانٍ وذِلَّةٍ، فأَذلَّه الله بالملكة إيزابيلا عندما أهانتْ كرامتَه، ووافَق على تسليم الأندلس لها، بشرط أن يتولَّى هو وأحفادُه الملك مِن قِبَلِها ومِن قِبَلِ زوجِها فرديناند، وكانت قد أقسَمت للقسيس - الذي كفَلها ورعاها، وقام بتربيتِها - أن سقوط عرش المسلمين في الأندلس سيكون على يديها!

 

ولقد أقسَمتْ هذا القسم، ثم نالَت ما أرادتْ في ظلِّ ضَعْفِ وخَوَرِ أبي عبدالله الصغير، ففي الأدب الإسباني - وهذه الرواية واقعية في تاريخ إيزابيلا - أن هذه المرأة أقسَمتْ ألا تَخلَعَ قميصَها الداخلي حتى تدخُلَ غرناطة، وسُمِّي قميصُها القميصَ العتيق، ولَمَّا اشترَط عليها أبو عبدالله الصغير أن يكون له المُلك ولأحفادِه مِن بعدِه بشكلٍ صُوري فخري - وافَقتْ، وتَمَّ الاتفاق على هذا في سبيل ضياع مملكة المسلمين في الأندلس، وقد كانت جيوشُ المسلمين قد وصلَت قبل ذلك إلى جنوب باريس على يد الفاتحين العُظماء، وكانت جيوشُ سليمان القانوني قد وصلَت إلى وسط (فيينا) عاصمة النمسا، ودخلَت (بودابست) في بلاد المجر، فلمَّا دخلوا قصر أبي عبدالله الصغير، بكى وندِم على تلك المَهانة والذِّلة، فقالت له أُمُّه عائشة قولتَها المشهورة: ابْكِ مثلَ النساءِ مُلكًا مُضاعًا لَم تُحافِظْ عليه مثلَ الرِّجالِ.

 

يقول كاتب مغربي شهير دوَّن التاريخَ وهو يبكي على تلك المأساة: والله لقد رأيتُ أحفادَه عالةً يتسوَّلون، ويَسألون الناس في شوارع المغرب العربي، ضيَّع مُلكَ الأندلس في سبيل أن يبقى الملكُ له ولأحفادِه، فتسوَّل أحفادُه في شوارع المغرب، ولقد عاش بعد ذلك شريدًا فقيرًا ومات فقيرًا.

 

لم يَحترم النصارى أيَّة اتفاقية عندما دخلوا الأندلس، فجرَّموا الإسلام، وذبَحوا المسلمين، ومثَّلوا بالجُثث، وكانوا يَبقرون بطونَ الحوامل، ويُحرِّقون بيوتَ الناس على ساكنيها!

 

العُمرُ لن يتكرَّر، والحياةُ لا تكون إلا مرةً؛ فاصْمُدْ إلى النهاية، تَعِشْ بطلًا حرًّا كريمًا، رافعَ الرأس، شامِخًا، وإن حنيتَ رأسَك اليوم، فلن تُواتِيَك الفرصةُ مرةً أخرى لتَرفَعَه:

فإمَّا حياةٌ تَسُرُّ الصَّديقَ  *** وإمَّا مَماتٌ يَغيظُ العِدَا

 

وهناك عبارة لا بدَّ أن تكون نُصْبَ عينيك، وهي: "ما دُمتَ ستموتُ، فعِشْ بطلًا".





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة