• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام


علامة باركود

الحمال وابن طولون

الحمال وابن طولون
أحمد الجوهري عبد الجواد


تاريخ الإضافة: 28/3/2017 ميلادي - 1/7/1438 هجري

الزيارات: 14024

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ملوك بلا تيجان

الحمال وابن طولون

 

 

ما زال أهل العلم والصلاح في كل زمان ومكان يقفون في وجه الطغاة والظالمين، يردُّونهم عن الدين أن ينتهكوا حرُماتِه، أو يَلَغُوا بجَورهم وعدوانهم في حياضه، ويدفعونهم عن عباد الله أن يستطيلوا في أعراضهم وأموالهم وينتهكوا حرماتهم.

 

وقد لقي أهل العلم في سبيل ذلك أذًى شديدًا وعنتًا، لو كان بأحد أن يعتذر مِن ضرٍّ نزل به ويبرِّر لنفسه الهروب والتخلِّي عن قضية الدين، لكانوا هم بهذا العذر أَولى وأحرى، لكنهم صبَروا وصابروا ورابطوا؛ لما يعلمون من أهمية موقفهم وخطورة التنازل عنه، وأما البلاء في سبيله، فذلك أمرٌ هين في سبيل ما يبغون، وهو أيضًا ضريبة لا بد منها لكل ساعٍ في نصرة هذا الدين.

 

ومن فرسان هذا الميدان "أبو الحسن الزاهد"، واسمه بنان بن محمد بن حمدان بن سعد، المعروف بالحمَّال (ت 310 هـ)[1]، وموقفه مع ابن طولون حاكمِ مصر الظالم آيةٌ من آيات هذا الميدان، وكان العالم الجليل كبير القدر، لا يقبل من الدولة شيئًا، وكانت له - بسبب هذا وغيره - جلالةٌ عجيبة عند الخاصة والعامة، وكان ابن طولون جبارًا عنيدًا، سفَّاكًا للدماء، أُحصي مَن قتلهم صبرًا، أو ماتوا في سجنه، فبلغوا ثمانية عشر ألفًا!

 

وموجز قصة أبي الحسن مع ابن طولون أن عالِمنا أنكر يومًا على ابن طولون شيئًا من المنكرات، وأمره بالمعروف، وبدلًا من أن يستمع ابن طولون إلى كلام الإمام فيترك المنكر، ويعمل بنصحه له في المعروف، أمر به فألقي بين يدي الأسد، وقصدُه من ذلك أن يفتك به الأسد، لكن ذلك الحيوان المفترس خالف طبيعته، فكان يَشُمُّ أبا الحسن ويحجم عنه، ولم يجد الحراس بدًّا فرفعوا الرجل الصالح من بين يدي الأسد[2]، ومن يومها وقد عظمه الناس جدًّا، وعرَفوا قدرَه، فكانت منحة، لا كما أرادها الجائر محنة، وكانت عطيَّة لا بليَّة.

 

وبذلك علا شأن أبي الحسن وارتفع واستمر في علوٍّ حتى آخر حياته.

يقول ابن يونس عن يوم وفاته - كما في السير؛ للذهبي -: "خرج في جنازته أكثر أهل مصر، وكان شيئًا عجبًا من ازدحام الخلائق"[3].

 

وقد شغف الناس بمعرفة إحساس أبي الحسن وشعوره حين اقترب منه الأسد، فسأله بعضهم: كيف كان حالك وأنت بين يدي الأسد؟ فقال: لم يكن عليَّ بأس، قد كنت أفكر في سؤر السباع: أهو طاهر أم نجس؟

 

لله درُّ هذا الرجل الكبير في مقامه، وإن لم يحفظ لنا التاريخ عنه شيئًا كثيرًا، غير إشاراتٍ يسيرة إلى زهده، واشتغاله بإسناد الحديث النبوي، وأنه كان مجاب الدعوة، وكانت له كرامات، وكفى بها من مقامات، ويكفي موقفه ذاك ينبئنا عن علاقة لا ريب فيها بين هذا العابد وبين ربِّه بُنيت على يقين تزول الشمُّ الراسيات وهو لا يتزحزح.

 

وقد كان الأمر الذي أنكره أبو الحسن على ابن طولون هو سماحه للنصارى بتعدِّي حدود الله في الدولة، حتى إنه - بنفسه - أنزل أحد وزراء ابن طولون وكان نصرانيًّا عن فرسه، وقال له: "لا تركب الخيل وغيِّر، كما هو مأخوذ عليكم في الذمة"[4].

 

وبنان الحمال أبو الحسن رحمه الله من أعلام التصوُّف السُّنِّي في القرن الرابع الهجري، فقد صحب أبا القاسم الجُنيد وغيره من المشايخ، وكان شيخ أبي الحسين النوري، ولم يمنع ذلك الذهبي أن يقول في مدحه والثناء عليه - بما هو معروف عنه من إنصاف -: "الإمام المحدث الزاهد، شيخ الإسلام، ومن يُضرَب بعبادته المثل"[5].

 

ومن درر أقواله رحمه الله: "مَن كان يسرُّه ما يضرُّه، متى يُفلح؟"، "إن أفردته بالربوبية أفردك بالعناية، والأمر بيدك؛ إن نصحت صافوك، وإن خلطت جافوك"، "الحر عبدٌ ما طمع، والعبد حرٌّ ما قنع"[6].

 

وذكر إبراهيم بن عبدالرحمن: أن القاضي أبا عبيدالله احتال على بنان حتى ضربه سبع درر، فقال: حبسك الله بكل درة سنة، فحبسه ابن طولون سبع سنين[7]، فكان الجزاء من جنس العمل.

 

وهكذا كان أسلافنا جامعين بين العلم والعمل، وهو ما قصرت عنه همَّة الأخلاف، فبقوا في ذيل الحياة، رحم الله أبا الحسن، ونفعنا بثباته، ورزقنا الأسوة به في أحواله.



[1] انظر أخباره في سير أعلام النبلاء (14/ 488 - 490)، وتاريخ الإسلام (23/ 367)، والبداية والنهاية (11/ 158 - 159).

[2] السير (14/ 488).

[3] السير (14/ 490).

[4] تاريخ الإسلام (23/ 367).

[5] السير (14/ 488).

[6] السير (14/ 488).

[7] البداية والنهاية (11/ 158-159)، وانظر الجزاء من جنس العمل (1/ 430).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة