• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم / سير وتراجم وأعلام


علامة باركود

محنة الإمام ابن حبان

محنة الإمام ابن حبان
شريف عبدالعزيز الزهيري


تاريخ الإضافة: 18/8/2016 ميلادي - 15/11/1437 هجري

الزيارات: 30375

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

محنة الإمام ابن حِبَّان

 

خلال دراستنا التاريخية لأحداث وفعاليات المحن والابتلاءات التي تعرض لها علماء الأمة وجدنا أن غالبية هذه المحن كانت بسبب الحسد والتعصب المذهبي، أو بسبب فتوى أو قول أو رأي قال به العالم المبتلى، أو بسبب الثبات على الحق والجهر به، والتصدي للظلم والظلمة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهكذا، ولكن أن يبتلي العالم ويمتحن امتحانًا شديدًا، ويكفر ويهدر دمه بسبب كلمة قالها، لم يرد بها إلا الخير والحق؛ فهذه حقًا تعتبر من أعجب المحن؛ وهو عين ما جرى للإمام ابن حبان البستي.

 

التعريف به:

هو الإمام العالم العلاَّمة، الحافظ المجود، شيخ خراسان، أحد أوعية العلم الكبار، ورجل من كبار رجالات الحديث: أبو حاتم محمد بن حِبَّان البستي، صاحب الكتب الشهيرة، والمصنفات الفائقة، ولد في مدينة بُست من أعمال سجستان في خراسان [مدينة الآن في إيران] سنة 273هـ، فأخذ في طلب الحديث منذ بواكيره، وخرج على عادة طلاب الحديث لرحلة علمية كبيرة وواسعة لسماع الحديث من شيوخه وأعلامه في شتى أرجاء الدولة الإسلامية؛ فطاف أولاً أقاليم خراسان كلها، ثم العراق، ودخل مصر والشام، والسواحل والحجاز واليمن، حتى إنه قد حمل العلم والحديث عن أكثر من ألفي شيخ، فيا لها من همة عالية رفعته لمصاف علماء الأمة الكبار، وحفاظها المعروفين.

 

مصنفاته:

لابن حبان مصنفات كثيرة وشهيرة لم يبق منها للأسف الشديد سوى النذر اليسير، أشهرها على الإطلاق كتاب الأنواع والتقاسيم، الذي أطلق عليه أهل العلم اسم: (المسند الصحيح)؛ وهو كتاب لا يقدر على الكشف منه إلا من حفظه تمامًا وقد التزم ابن حبان فيه بنظام دقيق، قال هو عنه في مقدمته: (شرطنا في نقله ما أودعناه في كتابنا ألا نحتج إلا بأن يكون في كل شيخ فيه خمسة أشياء: الأول: العدالة في الدين بالستر الجميل، الثاني: الصدق في الحديث بالشهرة فيه، الثالث: العقل بما يحدَّث من الحديث، الرابع: العلم بما يحيل المعنى من معاني ما روى، الخامس: تعري خبره من التدليس).

 

كما أن له كتبًا أخرى مشهورة: مثل التاريخ، والضعفاء، العلل، مناقب الشافعي، موقوف ما رُفِعَ، الهداية، وكتبًا كثيرة ضاعت بسبب فساد الأحوال؛ ذلك لأنه قد أوقف كتبه كلها لطلبة العلم في دار، فلما انتشرت الفتن والاضطرابات، وضعف أمر الخلافة والسلطان، استولى المفسدون على داره، وضاعت كتبه العلمية.

 

ثناء الناس عليه:

لابن حبان مكانة كبيرة، ومنزلة عالية في سماء علم الحديث، بحيث إنه كان ممن يشد إليه الرحال لسماع كتبه وأسانيده، وقد اعترف له معاصروه، ومن جاء بعده بالعلم والفضل والتقدم؛ فهذا تلميذه أبو عبدالله الحاكم، وهو من كبار علماء الحديث، وصاحب كتاب المستدرك، يقول عنه: (كان ابن حبان من أوعية العلم في الفقه واللغة، والحديث والوعظ، ومن عقلاء الرجال، وقد أقام عندنا في نيسابور، وبنى الخانقاه (مثل المدرسة)، وقرئ عليه جملة من مصنفاته، ثم خرج إلى وطنه سجستان عام 340هـ، وكانت الرحلة إليه لسماع كتبه).

 

وقال عنه الحافظ أبو سعد الإدريسي: (كان ابن حبان من فقهاء الدين، وحفاظ الآثار، عالما بالطب وبالنجوم [يقصد الفلك] وفتون العلم، وقد صنف المسند الصحيح، وقد تولى قضاء سمرقند زمانًا؛ فنشر الفقه والعلم هناك بين الناس).

 

وقال عنه الخطيب البغدادي: كان ابن حبان ثقة نبيلا فهمًا.

ولو أن ابن حبان ما أقدم على توثيق المجاهيل في مسنده لارتفع شأن هذا المسند إلى مصاف الكتب الستة، وأيضًا لزادت مكانته ودرجته في مصاف العلم والعلماء.

 

محنته:

تعتبر المحنة التي تعرض لها الإمام ابن حبان، وكادت تودي بحياته، وتقضي على تراثه وعلمه من أعجب المحن والفتن التي يتعرض لها أحد من أهل العلم، وتدل على مدى خطورة الجهل بمعاني الألفاظ ومدلولاتها، وأيضًا تدل على مدى خطورة تحميل الألفاظ والأقوال من أوجه الكلام ما لا تحتمله، ولا يتفق مع دين وعقيدة ومكانة قائلها، ويحضرنا عند الحديث عن محنة ابن حبان العجيبة مقولة الإمام مالك الشهيرة: إذا قال الرجل قولا يحتمل الكفر من تسعة وتسعين وجهًا، والإيمان من وجه واحد حملناها على الإيمان، لأنها تكاد تنطبق على هذه المحنة الغريبة.

 

ومفاد الحادثة أن الإمام ابن حبان أثناء إلقائه لأحد الدروس في نيسابور سئل عن النبوة فقال: النبوة ((العلم والعمل))، وكان يحضر مجلسه بعض الوعاظ؛ فقام إليه واتهمه بالزندقة، والقول بأن النبوة مكتسبة، وارتفعت الأصوات في المجلس، وهاج الناس بين مؤيد للتهمة، ونافٍ لها، وخاضوا في هذا الخبر على كل وجه، حتى كتب خصوم ابن حبان محضرًا بالواقعة، وحكموا عليه بالزندقة، ومنعوا الناس من الجلوس إليه، وهُجر الرجل بشدة، وبالغوا في أذية ابن حبان، وتمادوا في ذلك حتى كتبوا في أمر قتله وهدر دمه إلى الخليفة العباسي وقتها، فكتب بالتحري عن الأمر، وقتله إن ثبت عليه التهمة، وبعد أخد ورد اتضحت براءة ابن حبان، ولكنهم أجبروه على الخروج من نيسابور إلى سجستان، وهناك وجد أن الشائعات تطارده، والتهمة ما زالت تلاحقه، وتصدى له أحد الوعاظ هناك، واسمه يحيى بن عمار، وظل يؤلب عليه حتى خرج من سجستان، وعاد إلى بلده ((بست))، وظل بها حتى مات رحمه لله مهمومًا محزونًا من الأباطيل، وتهم الزندقة والإلحاد.

 

ولكن هل مجرد كلمة واحدة تجلب على هذا العلم الفذ كل هذه المتاعب؟ ونحن نقول: إن هذه الكلمة وأمثالها قد تفعل مثل ذلك وزيادة إذا ألقيت على أسماع من لا يفهم اللغة ومدلولاتها، وأيضًا إذا ألقيت على أسماع الحاسدين والموتورين، الذين يتربصون بأمثال هذا العالم العلامة الدوائر، وينتظرون أية مناسبة وفرصة، ولو بشطر كلمة للنيل منه.

 

فإن كلمة: النبوة العلم والعمل يقولها المسلم، ويقولها الزنديق، يقولها المسلم ويقصد بها مهمة النبوة، إذ من أكمل صفات النبي العلم والعمل، فما من نبي قط إلا وهو على أكمل حال من العلم والعمل، وليس كل من برز فيهما نبيًا، لأن النبوة محض اصطفاء من الله عز وجل، لا حيلة للعبد في نيلها، ولا اكتسابها، وابن حبان لم يرد حصر المبتدأ في الخبر، وذلك نظير قوله صلى الله عليه وسلم: ((الحَجُّ عَرَفَةُ))، ومعلوم أن عرفة هو ركن الحج الأعظم، ولكن لا يكفي وحده حتى يصير العبد حاجًّا، بل هناك أركان وفروض أخرى لشعيرة الحج، ولكن عرفة ركن الحج الأعظم، كما أن العلم والعمل مهم للنبوة، وهذا ما قصده وأراده ابن حبان، وهذا ما يجب أن يحمل كلامه عليه، وهذا اللائق؛ بمكانته وعلمه، وأيضًا اللائق بخلق المسلم الصادق الذي يحسن الظن بإخوانه المسلمين، وأيضًا هذه الكلمة يقولها الفيلسوف الزنديق وهو يقصد بها أن النبوة مكتسبة، ينتجها العلم والعمل، وكثرة الرياضات والمجاهدات، وهذا كفر مخالف للقرآن وللسنة، وإجماع المسلمين، وهذا ما لا يريده ابن حبان ولا يقصده أبدًا، وحاشاه، فهو من كبار علماء الأمة وأئمتها، ولكن الجهل والحقد والحسد أعمى قلوب معارضيه حتى خاضوا فيه، وأجبروه على الرحيل من مكان لآخر حتى استقر في بلده وبها مات، وما أشبه هذه الحادثة بما جرى للبخاري؛ فرحم الله الرجلين، وأجزل لهما المثوبة، وجعل من أبناء الأمة من يذبون عن أعراضهم، ويدفعون عنهم الأباطيل والأكاذيب، ويكشفون بطلان تهم خصومهم، ويعرفون أبناء المسلمين حقيقة علماء هذا الدين.

 

المصادر والمراجع:

• سير إعلام النبلاء: (16/ 92).

• البداية والنهاية: (11/ 276).

• الكامل: (7/ 291).

• تذكرة الحفاظ: (3/ 920).

• العبر: (2/ 300).

• طبقات الشافعية: (3/ 130).

• شذرات الذهب: (3/ 16).

• النجوم الزاهرة: (3/ 342).

 

ترويض المحن: دراسة تحليلية لهم المحن التي مرَّ بها كبار علماء الأمة، دار الصفوة بالقاهرة، 1430هـ، 2009م





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
1- بست
محمد شريف راشد - باكستان 18/08/2016 03:27 PM

جزاك الله خيرا.
قلتَ : "بُست" [مدينة الآن في إيران] وليس كذلك، إنما هي مدينة في أفغانستان، عاصمة ولاية هلمند، تسمى اليوم لشكر ګاه.. بين نيمروز وقندهار..

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة