• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / التاريخ والتراجم / سير وتراجم


علامة باركود

أحزان وندوب على فراق محمد أيوب

وليد بن عبده الوصابي


تاريخ الإضافة: 19/4/2016 ميلادي - 12/7/1437 هجري

الزيارات: 6697

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أحزان وندوب على فراق محمد أيوب

 

استيقظتُ من نومي، وإذا بزوجتي تُخبرني بفاجعة، وتصدمني بباقعة، وأتَتْ بالخبر عن طريق السؤال - وهذا تلطُّف منها -: أتدري مَن مات اليومَ؟

 

حلَّقْت وحملَقْت، ثم قلتُ لها: خيرًا، مَن؟

 

قالت لي: مات القارئ محمد أيوب!

 

قلت: محمد أيوب القارئ؟

 

قالت: نعم، وهل تعرف قارئًا غيره؟!

 

طأطأتُ رأسي أسًى وأسفًا، ثم أخذتُ علاجًا شافيًا كافيًا، وليس مهدِّئًا خاويًا، بل هو علاج ربانِيٌّ، أوصاني به ربي ونبيِّي محمد صلى الله عليه وسلم: (إنا لله، وإنا إليه راجعون).

 

﴿ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ... ﴾ الآية [البقرة: 156].

 

رحمكَ الله يا محمد، وأسكنكَ فسيح الجنان، وأَنالَكَ الرِّضوان، وأخلفكَ في الصالحين.

 

وكم تمنيتُ أن ألتقيَكَ وأشافهَكَ، وأُثافِنَكَ، وأقرأ عليك القرآن الكريم الذي تترنَّم به، وتلهَج به منذ صِباك؛ حتى صارت قراءتُك تخرج من قلبك وليس من لسانك!

 

تمنيتُ أن أقرأ عليك، وأنالَ منك الإجازة الإسنادية السماعية المتسلسلة إلى المصطفى عليه الصلاة والسلام، إلى جبريل، إلى ربِّ العزة والجلال، والملكوت والكمال، من تلفَّظَ به ونَطَق، وأنزله على رسوله بحق: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]، آخُذُه عنك حتى أسلك في سلككم، وأنعقد في عِقْدكم، ولكن: ﴿ إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ ﴾ [يونس: 49]، ﴿ إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لَا يُؤَخَّرُ ﴾ [نوح: 4]، وما أخَّرَني عنكَ إلا نَأْيِي عن بلدك، وبُعدي عن مَقعَدك، ولم أستطِع تجاوُز بلدي، والتَّجافي عن مَرقَدي - والحمد لله - فصبَّرتُ نفسي وعزَّيتُها، وسلَّيتها وواسَيْتها، ثم كتبتُ عنك كتابة خاطفة في (الفيس) فرأيتُ من الإقبال عليك لا عليها، والإعجاب بكَ لا بها، مئاتٍ من المترحِّمين عليك والمُترجِمين، والداعين لكَ والباكِين؛ وهذا ((مِن عاجل بُشرى المؤمن)) كما جاء في الحديث.

 

وكم تلهَّثتُ للصلاة عليك - إن فاتَتْني الصلاةُ خلفَك في حياتك - حتى أنالَ فضلَ الله وكرمه، لكنَّ بيني وبينك بُعد المشرقَيْن، فليتَ المُعين!

 

لكني استبدلت بشدِّ الرحال - ولا تشدُّ إلا إلى ثلاثة مساجد - النظرَ إلى مَن صلَّى عليك مِن الرجال! فرأيتُ ذلك الجمعَ الهائل، والحرمَ الكامل، يُصلُّون على مَن صلَّى بهم سنين عددًا، ثم انقطع عن الإمامة لسنوات، فتمنَّى قبل مَوْته أن يعود لذلك الشرف، فأعاده الله له وعطف، وبه لطف؛ وهذه من الكرامات الحسنة، وأهل السُّنة يؤمنون بالكرامات للصالحين، وهي من تثبيت الله للمؤمنين.

 

ورأيتُ الأعناقَ إليك مُشرئبَّة، والرقابَ إليك مُرتقِبة، والعيونَ عليك مُنتحِبة! فقلتُ: كأني بهذه الأعناق تتطاول لِتنظُر ذاك الراقد المحمول، وكأني بتلك الأعين تقول: اكشفوا السِّتر عن وجهه؛ لِنُقبِّله ونَحضنه، ونُودِّعه وداعَ الدنيا الأخير!

 

رحمكَ الله أيها المترنم بكلام ربك، والتالي لآياته آناء الليل وأطراف النهار؛ ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا ﴾ [الزمر: 9].

 

رحمك الله، فوجهُك مضيء، يشي بالخير والصلاح؛ ﴿ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ﴾ [الفتح: 29].

 

هنيئًا لك، فإني سمعتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا يقول: ((من مُلئتْ أذنُه مِن ثناء الناس، وجبَتْ له الجنة))، فنرجو لكَ ذلك، وأنت خِلْوٌ من مُعاديك، بل لم أسمع عنكَ إلا ثناءً طيبًا مباركًا.

 

بل إني اليوم، أَخبَرتُ شابًّا عاميًّا لا يعرف عن الشيخ شيئًا سوى أنه يسمع له القرآن في إذاعة المملكة، فلمَّا أخبرتُه، نظر إليَّ مدهوشًا مشدوهًا متسائلًا، وقد ترك ما كان بِيَده: أحقًّا ما تقول؟

 

قلت له: نعم.

 

فحَوْقَل واسترجَع، وحزن عليه شديدًا، مُكرِّرًا عليه الترحُّمَ.

 

وثانٍ وثالثٌ ورابع... وعُدَّ ما شئتَ، ما أخبرتُ أحدًا إلا ورأيتُ الحزن عليه باديًا، والأسى منه شاكيًا.

 

رحمك الله أيها المِفضال، فقد سمعتُ عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: ((ما مِن ميتٍصلَّى عليه أربعون، إلا شُفِّعوا فيه))، وأنت قد صلَّى عليك أضعاف وآلاف، وأُلَّاف وخلاف!

 

رضِيَ الله عنك، لقد أحسنتَ التربية لبنيك، فحفَّظتَهم كتابَ الله الكريم، وهذا - لَعَمْري - خيرُ زاد وأفضلُ تَرِكة، وهو من الصدقة الجارية؛ ((أو ولد صالح يدعو له))، وأين يكون صلاحُ الولد إلا بحسن التربية؟ فهنيئًا لك.

 

وأخيرًا: نصيحتي ووصيتي لأبنائك وذويك بالصبر والاحتساب، والسَّيْر في طريقك الصالح، والاقتفاء لآثارك الطيِّبة، والصدقة الجارية عنك، وإخراجِ ترجمةٍ وافية كافية شافية عن حياة والدهم، فإنهم يعلمون ما لا يعلم الكثير.

 

آنسكَ الله في قبرك، وأعاد عليك من آثارك، وجعل القرآن أنيسَك ووَنيسك وجَليسك، وبوَّأك المنازل العالية، وأدخلك الجنة الغالية.

 

وأُشهِد الله على حبك دون أن أراك، وإنما شيءٌ قَذَفه الله في قلبي، بدون تكلُّفٍ مني أو مَلَقٍ، بل هذا مَحْض فضلٍ من الله وكَرَم؛ أن يُحبَّك مَن لا يعرفك.

 

وسلام الله عليك في الأوَّلين والآخرين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة