• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / الثقافة الإعلامية


علامة باركود

تجديد الإيمان بين تحديات الانغماس في العصرنة وصعوبات الانسلاخ منها

نايف عبوش


تاريخ الإضافة: 28/9/2017 ميلادي - 8/1/1439 هجري

الزيارات: 8581

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تجديد الإيمان

بين تحديات الانغماس في العصرنة وصعوبات الانسلاخ منها

 

لعلَّ من البديهيِّ القولَ بأنَّ إيقاع العصرنة اليوم بات يتسارع بشكلٍ مُذهلٍ، طال كلَّ جوانبِ الحياة المعاصرة، ولا سيما في مجال التقنياتِ الصناعية (المانيفاكتورة)، وثورة الاتصال والمعلوماتية، بفضائها المفتوح في كلِّ الاتجاهات؛ حيث اخترقت تلك التقنيات المتطوِّرةُ كلَّ خصوصياتِ المجتمع، وبذلك أضحت جزءًا من الحياة اليوميَّة للناس، ولا شكَّ أنَّ التقنيات الرقمية كالشبكة العنكبوتية، والقنوات الفضائيات - صارت أدواتِ اختراقٍ عابرةً للحواجز المكانية والقِيميَّة، وبسرعة مُذهلة.

 

وقد انعكست عولمة المانيفاكتورة الصناعية، والفضاء المعلوماتي والإعلامي بشكلٍ مباشرٍ على ثقافة جيل مسلم اليوم، بعد أن حاصرته بأدواتها الفاعلة في ثقافته، ومعرفته، وتراثه، وباشرت عملية إعادة تشكيلٍ جديدة لرُؤاه، وبشكلٍ خرج عن زمام سيطرة الأسرة، ومؤسَّسات المجتمع، ومراكز التربية والتعليم، فالجيل المسلم اليوم بعدما شغله ضجيجُ العصرنة بآليَّاتها المختلفة، أخذ يمارس عملية محاكاة آلية لكثيرٍ من السلوكيات التي تنقلها له تلك القنوات التقنية، الرقمية منها والفضائية والصناعية، ولا بُدَّ من الإشارة في هذا الصَّدد إلى أنَّ الكثير من التداعيات التي أفرزَتْها عولمة الصِّناعة، وثورة الاتصال والمعلوماتيَّة في سلوك هذا الجيل - قد تمظهرت بشكليَّةٍ زائفةٍ؛ تجسدت في نمط المَلْبَس، وقَصَّة الشَّعر، والهوس المُفرِط في استخدام الحاسوب والهاتف النقَّال، وأجهزة الميديا الأخرى، في عملية استلابٍ غيرِ مألوفة.

 

وبالرغم من كلِّ الإيجابيات التي أتاحَتْها التقنيات الحديثة، فإنَّ عُزلة الجيل التي فرضَتْها عليه تلك الوسائل العصرية، بتنحيته عن واقعه الاجتماعيِّ الحقيقي، وانشغاله على سبيل المثال بالاستخدام المهووس للحاسوب، والهاتف النقَّال، وملازمته التلفاز لساعاتٍ طويلةٍ لمشاهدة أفلامٍ باهتماماتٍ مختلفة - قد فرضت عليه نوعًا من خلوة التصاقٍ شبه إجباريَّة بتلك المعطيات، أضعفت علاقاتِه الإنسانيةَ البينيَّة، وجفَّفت عواطفه الشخصيَّة، واستولدت سلوكيَّات نمطيَّة غريبة، مُتماشية مع التداعيات السلبيَّة التي أفرزَتْها تلك التقنيات التي أنجبَتْها العصرنة؛ فتحوَّل المستخدِم عمومًا - والمسلم خاصة - إلى ما يُشبه الروبوت الآلي، بعد أن اضمحلَّت ميوله العاطفية، وجفَّت مُلاطفاته الاجتماعية، وتيبَّست أحاسيسه المرهفة، وتبلَّدت مشاعره الوجدانية، التي سلبَتْها منه تلك التقنيات، بانغماسه التَّام فيها، وحرَمَتْه من استلهاماته الوجدانية؛ إذ بضجيج العصرنة وانغماسه التَّام في تداعياتها، صار الجيل المسلم اليوم يُعاني من ظاهرة ضعفِ الإيمان، وتيبُّسِ اليقين، وجفافِ النَّفحاتِ الروحيَّة، بشكلٍ أو بآخر، فقد بات يُلاحظ عليه التكاسُلُ في أداءِ العبادات، وضعفُ التلذُّذ بالطاعات، والغفلةُ عن ذكر الله، والابتعادُ عن ارتياد المسجد، والتشبُّثُ الشَّديد بالدنيا، رغم يقيننا التَّام بأنَّها فانية؛ ممَّا يعني أنَّنا بِتنا نحتاج اليوم إلى وقفةٍ جادَّةٍ مع أنفسنا لتجديد الإيمان بالله، وترسيخه في دواخلنا، على قاعدة: "من لم يكن له من نفسه واعظٌ، لم تنفعه المواعظ".

 

وهنا لا بُدَّ من الإشارة إلى أنه ليس المطلوب أن يقطع الجيل المسلم اتصاله بهذه التقنيات نهائيًّا، ويحرِم نفسه من التعامل مع فضائل إيجابيَّاتها بتاتًا؛ فهي في ما تُتيحه للإنسان من تسهيلاتٍ في أداء ما يحتاجه في حياته اليوميَّة من خدمات، إنما هي نعمةٌ من نِعَم التسخير، التي أفاضها الله تعالى بالعلم على الناس؛ للانتفاع بها على النَّحوِ المشروع؛ إذ لا شكَّ أنَّ مثل هذا المنحى السلبيِّ سيرسخ حالة الجهالة التقنيَّة، ويُعمِّق الفجوة التكنولوجية بين البلدان الإسلامية النامِيَة - باعتبارها مُتلقِّيةً للتكنولوجيا في الوقت الحاضر، وليس مُبدعةً لها - وبين الدول الصناعية المصدِّرة لتلك التقنيات.

 

ولعلَّ إستراتيجية تجديد الإيمان، ومنهج النهوض بموجبات العبادة على النَّحوِ الذي يُريده الله تعالى من المسلم - يتطلَّب منه ترشيد الاستخدام لتلك المُعطيات العصرية بكلِّ أشكالها، إلى المستوى الذي ينتشله من حالة الانغماس في ملهياتها، وبالأسلوب الذي يُمكِّنه من أن يُسلسِل أولويَّاته للعبادة بحسب أسبقيَّتها التي حدَّدها له الدِّين، ويلتزم بأدائها على وجهها الصحيح، فلا يصحُّ مثلًا أن ينغمس كليَّةً في ملهيات الحياة، ومنها انغماسه في تداعيات تقنياتها المعاصرة، بحيث لا يُلبِّي النِّداء للصلاة مثلًا عندما يُرفَع الأذان لها في أوقاتها، أو أن ينصرف لسماع الأغاني والموسيقا، ومعاينة مقاطع الفيديوهات، على حساب إهماله قراءة القرآن الكريم وتدبُّره، كما أنَّه ليس من الصحيح أن يغفل عن ذكر الله تعالى في الوقت الذي هو مُستغرقٌ بالتصفُّح العبثيِّ في مُحرِّكات البحث على طول اليوم، وهكذا.

 

لذلك يتطلَّب الأمر من المسلم المبادرةَ إلى تجديد الإيمان قبل فوات الأوان؛ فمُغريات العصرنة جارفةٌ ومُغرية، والانغماس فيها بشكلٍ يلهي المسلمَ عن أداء العبادات يُفوِّت عليه فرصةَ الفوزِ برضا الله تعالى عليه، والحِرمان من نعيم الآخرة، وذلك هو الخُسرانُ المبين، فاللهمَّ أعنَّا جميعًا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة