• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / إدارة واقتصاد


علامة باركود

تنظيم المال من خصائص الإسلام

تنظيم المال من خصائص الإسلام
الشيخ أبو الوفاء محمد درويش


تاريخ الإضافة: 31/12/2014 ميلادي - 10/3/1436 هجري

الزيارات: 12255

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تنظيم المال من خصائص الإسلام


حرَّم الإسلام أكل أموال الناس بالباطل، فكل احتيال على إحراز المال بوسيلة لا يجني منها الناس نفعًا، ولا يستدفعون ضرًّا، فهو محظور شرعًا؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 188].

 

ولعلك تُوافقني على أن من الباطل ما تأتيه هذه الجماعات المتسكعة التي لا عمل لها إلا إفساد العقول والأفهام والعقائد، وغزو القرى الوادعة المطمئنة، تسقط عليها سقوط الجراد، وتحل بها حلول البلاء، فتقام لها الولائم التي ينفق فيها كل مدخر، ثم لا تنصرف إلا بعد أن تتقاضى ما تفرضه على القرية من جزية البركة، وعادة الشيخ وما إلى ذلك من الضرائب التي تخرب الدور العامرة، وتأتي على الثروات الطائلة، وما أكثر البيوت التي احتلها شبح الفقر المخيف بسبب هؤلاء الأقطاب الذين تدور عليهم رحى الخراب.

 

ولعلك توافقني على أن من الباطل حلوان الكاهن، وما يتقاضاه الدجالون ثمنًا لما يكتبون من التعاويذ والتمائم والصحاف التي يزعمون أنها تَشفي الأمراض، وتدفع الأوصاب، وتجلب الأرزاق، وتؤلف بين القلوب، والله يشهد أنهم لكاذبون، وأنها من أفسق الفسوق، وما يؤخذ من المال في مقابلها هو السحت الذي هو أخبث المكاسب.

 

حرَّم الإسلام الربا تحريمًا لا هوادة فيه؛ لأنه يُفضي بالمال إلى أن يتجمع في أيدي فئة قليلة من الناس، وتجعله دُولة بين الأغنياء منهم خاصة، والله يريد أن يكون المال دولة بين الناس جميعًا بقدر حظهم من الجد والنشاط، وقسطهم من السعي والعمل، لا أن يسعى فريق من الناس، ويجد ويكدح؛ ليجتني ثمرة جده وكدحه قوم كسالى عاطلون؛ قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ * إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 275 - 280].

 

وبذلك قضى الإسلام على الربا قضاءً مُبرمًا؛ حتى لا يسيطر الأغنياء على الفقراء، ويسلبوهم حريتهم، ويستطيلوا عليهم بأموالهم، فينضب مَعين الإخاء الإنساني، ويتقلص ظل المساواة بين الناس، وما الاشتراكية الهادمة لكل قواعد العدل والنظم، إلا وليدة الربا والاستبداد برؤوس الأموال، وامتصاص دم العامل الفقير، حتى انفجر ذلك العامل، وقضى على كل نظام وأساس.

 

وحرم الإسلام الميسر لما فيه من الغرر، وإضاعة المال، أو كسبه بغير عمل مثمر، ينفع الأمة والأفراد والوطن، ولما يجره من الضغائن والإحن والأحقاد، وسريان روح الشر والفساد؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].

 

وضع الإسلام نظامًا للمعاملات المالية هو أدق وأحكم من كل نظام وجد على الأرض منذ مشى في مناكبها الإنسان، لو راعاه الناس لاستقامت أمورهم وصلحت أحوالهم؛ نظم البيع والرهن، والعارية والوديعة، والوكالة والكفالة، وسائر العقود والمعاملات، ووضع للمداينات نظامًا يكفل حفظ الحق وراحة المتداينين، وينجيهم من شر النزاع المفضي إلى الفشل وذهاب الريح؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282].

 

فهل رأيت أو سمعت بنظام أدق وأحكم من هذا النظام، إن الدين عند الله الإسلام.

 

نظَّم انتقال الملكية بالميراث تنظيمًا هو أعدل ما عرفه البشر، وكان من العرب مَن لا يُورِّث النساء، فجعل الله للنساء نصيبًا مفروضًا؛ قال تعالى: ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا ﴾ [النساء: 7].

 

ومن الأمم من يجعل التركة كلها لأكبر الأبناء دون غيره، ومنهم من يوصي بها لمن شاء من أهله أو من غيرهم، ومن الشرائع ما كان يسوي بين البنين والبنات، فجاء الإسلام بتشريع قضى على كل حيف وجَنف، وقسم التركات قسمة هي المثل الأعلى للعدالة؛ قال تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ ﴾ [النساء:11- 12].

 

وقال تعالى ﴿ يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النساء: 176].

 

هذه هي العدالة الحقة التي دفعت معتنقي الديانات الأخرى إلى أن يتحاكموا إلى الشريعة الإسلامية، ويتركوا نصوص شرائعهم، لما ملأ قلوبهم من اليقين بعدل الإسلام، ودقة أحكامه.

 

ولعل بعض من في قلوبهم مرض يعترضون على أن الإسلام لم يُسَوِّ في الميراث بين الذكر والأنثى، ولو أنهم اصطنعوا الأناة، واستنجدوا العقل، لتبين لهم الحق، وعلموا أن في التسوية بينهما ظلمًا مبينًا تَبْرَأ منه العدالة.

 

إن المرأة التي أعطاها الإسلام نصف نصيب الرجل، أوجب على زوجها أن ينفق عليها من خالص ماله مهما تكن ثروتها، فهي مكفية المؤنة ليست مطالبة بشيءٍ من تكاليف الحياة إلا في الأحوال النادرة التي ترجع فيها إلى هذا النصف الذي منحها.

 

وهذا الرجل الذي أُعطي ضِعْف حظ المرأة، له زوج ينفق عليها من خالص ماله، ومهما يكن غناها، فلن يرزأها منه شيئًا، وله أولاد يَعولهم ويُربيهم، فهو سند غيره ومادة لحياة سواه، والمرأة خفيفة الظهر يكلف بنفقتها كل أُولي قرباها الأقرب فالأقرب عند فِقدان الزوج، وذلك هو العدل الذي لا عدل بعده.

 

وكانت الشرائع السابقة تقضي على كل من يريد أن يقرب قربانًا لله تعالى؛ ليكفر به عن إثم اقترفه أن يجعله طعمة للنار؛ جاء في سفر اللاويين من أسفار التوراة: (وثور الخطيئة وكبش الخطيئة اللذان أتى بدمهما للتكفير في القدس، يخرجها إلى خارج الحلة، ويحرقون بالنار جلديهما ولحمهما وفرثهما).

 

أما الإسلام فقد نهى عن مثل هذا العمل الذي يعتبر في تشريعه إضاعة للمال، وأمر بأن تعطى هذه النسائك للفقراء والمساكين، وأن يطعم منها القانع والمعتر، وفي ذلك من التوسعة على البائسين وصيانة المال من التلف ما يشهد بسمو هذا التشريع الخالد الذي ليس له مثيل.

 

وكانت الغنائم التي يغتنمها المجاهدون من أعدائهم في الحروب، تُقدَّم كذلك طُعمةً للنار، ولكن الإسلام أبقى على هذه الأموال وصانها من التلف، وأحلها للنبي صلى الله عليه وسلم ولخلفائه من بعده، وللمجاهدين في سبيل الله؛ قال صلى الله عليه وسلم: (أُحِلَّت لي الغنائم)، وقد نظم الله توزيعها تنظيمًا هو آية العدل المطلق، فجعل أربعة أخماسها للمجاهدين؛ للفارس سهمان، وللراجل سهم، والخُمس لله ورسوله؛ قال تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الأنفال: 41].

 

وأما الفيء الذي لم يوجف عليه المجاهدون بخيل ولا ركاب، فهو لله ورسوله، يضعه حيث أمره الله؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحشر: 6 - 8].

 

وبعد، فأغلب يقيني أن ما سردته لك من الأدلة، وما وقفتك عليه من النصوص - قد أقنعك إقناعًا تامًّا بأن التشريع الذي شرعه الإسلام لتنظيم المال وتداوُله، هو أعدل وأحكم تشريع عرَفه الناس منذ كان لهم مال يملكونه ويتبادلونه، ومنذ وضعت لهم شرائع تنظِّم معاملاتهم، وتضبط تصرُّفاتهم، فازددت اعتزازًا بدينك، وحبًّا له، واستمساكًا به، وحرصًا على الجهاد في سبيله.

 

نسأل الله أن يُفقهنا في ديننا، وأن يعلمنا أسرار كتابنا، وأن يوفقنا للعمل الصالح الذي يُقربنا إليه، وأن يرزقنا الحلال الطيب الذي يُعيننا على طاعته إنه واسع عليم.

 

المجلة

السنة

العدد

التاريخ

الهدي النبوي

الجزء الثاني من السنة الثالثة

السادس والعشرون

جمادى الأولى سنة 1358 هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة