• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

قلم ولوحة مفاتيح

عادل مناع


تاريخ الإضافة: 16/12/2009 ميلادي - 29/12/1430 هجري

الزيارات: 18661

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
انتصف الليل، ونهض ذلك الكاتب المعروف من على مكتبه؛ ليأوي إلى النوم، وأغلق باب حجرته وراءه، وقد ترك جهاز الحاسوب مفتوحًا، وعلى منضدته يقبع ذلك القلم القديم.

وما أن خرج الكاتب حتى تراقصتْ أزرار لوحة المفاتيح في جزل صبياني، ثم اتجهتْ ناحية القلم، وتحدثت إليه بلهجةٍ يعلوها التهكُّم والسخرية:
أما زلت تقبع هنا في ذلك المكان؟! فلم يُجبْها القلم، فاستطردتْ:
لا أدري لِمَ يحتفظ بك الكاتبُ في حجرة مكتبه؟! لقد عفا عليك الدهر، ولم تعدْ لك فائدة تُذكر، قد انتهى عصرك.

بدتْ حركةٌ من القلم تنم عن غضبه، إلا أنه لم يتكلمْ، فتابعتْ بعد ضحكةٍ مدوية:
أتعلم؟ كان الواجب أن يضعوك في متحف للآثار، تكون مجرد ذكرى من الماضي، يتردَّد عليك الزائرون.

تحرك القلم حركة عنيفة، إلا أنه لم يزلْ في نطاق الصمْت، فواصلت حديثها التهكُّمي المستفز، وهي تطلق ضحكات هستيرية:
ما رأيك في فكرة الانتحار؟ وبعدها يأتي الخبر على صفحات الجرائد والصحُف الإلكترونية، يقول: انتحار قلم يَئِس من حياته!

قالتها وقد انبعثت منها ضحكات متتالية قطعها صرخة القلم: كفى.

أرادت الاستطراد في حديثها، فكرر القلم في عنف: كفى، قلت: كفى، ما هذه الغطرسة التي تتحدثين بها؟! لِمَ كل هذا القدر منَ التعالي؟! بدأتْ تتكلم اللوحة بهدوء ترد على سؤاله:
هذا حقي، العصر عصري، وهذا أواني، استخدامي هو الأسرع، هو الأكثر إتقانًا، هو الأقدر على التحكم في الشطْب والتعديل، وإمكانات عالية في اللون والتنسيق واختيار مختلف الخطوط، هل تريد المزيد؟

أجابها: كلا، أعلم كل هذه الميزات جيدًا، ولا أنكرها، وأعترف وأقرُّ بها، فلماذا لا تعترفين بي؟ أجابتْ بكلمات متقطِّعة ممطوطة تحمل قدرًا كبيرًا من السخرية: أعترف بماذا؟! أنت مجرد ماضٍ.

القلم بحزم: قلت: كُفِّي عن السخرية، وأصغي سمعك إليَّ إذًا؛ حتى تعلمي أنك لم تحتكري العصر، فقالتْ باهتمام مصطنع: كُلي آذان صاغية يا فيلسوف.
تجاهل هذه المرة وهو يقول: أعلمتِ أن القلم أقسم به الله فى كتابه؟

أعلمتِ كم مِن أحقاب وآلاف من السنين مضتْ علي وما زلتُ باقيًا، مرتْ علي عهود وأمم شتى، قد سجلت عبرها التاريخ الذي تستلهم منه خارطة الطريق لهذه للأمة؟

بدأتْ تضطرب في حديثها، وقالت على استحياء : نعم.

فاستطرد: أخبريني، إذا ما وصفوا براعة الكاتب، ألا ترين أنهم يقولون: صاحب القلم السيَّال، صاحب القلم الرشيق... أعلمتِ ذلك؟!

صمتت برهة، ثم همست بكلمة: نعم، في خفوت، لكنه تابع حديثه:
لو أن الكاتب قفزتْ إلى ذهنه فكرة وهو على سريره أو في طريقه، أكان ينتظر حتى يفتح الجهاز ويضرب أزرارك للكتابة، أم أنه يمسك بي بين أصابعه، ويُدَوِّن فكرته في الحال؟! فلم تنطق اللوحة، فتابع القلم:
أرأيت لو أن التيار قد انقطع، هل سيكون لك فائدة حينذاك؟!
أرأيت لو نضبت الطاقة من الأرض، وفقدت مقومات حياتك، هل سيكون لك وجود في عالم الكتابة؟!

هنا قالت اللوحة بصوت هزيل بعد فترة من الصمت:
الحق معك، لقد أعماني بريق الشهرة عن رؤية هذه الحقائق، أنا فعلاً جد آسفة، كنتُ مخطئة.

هنا ارتسمت معالم الهدوء على حركة القلم، وقال: أتعلمين؟ أنا وأنت يكمل أحدنا الآخر، أنا أمثل الأصالة، وأنت تمثلين المعاصرة، وهما أساس نهضة هذه الأمة، والتي لا يسوغ لها الوقوف عند ذكرى تراثها، أو الاستغراق في المدنية دون خلفية تاريخية تكون مدادًا لصُنع حضارتها.

تحركتْ أزرار لوحة المفاتيح في هدوء؛ تعبيرًا عن الرضا بهذه الحقيقة العادلة.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
14- شكر
سامية - السعودية 30/11/2016 02:43 PM

مشكورين على الموضوع

13- سلمت يداك
بل الرفيق الاعلى - مصر 01/09/2012 05:07 PM

فعلا موضوع رائع بل أكثر من رائع

12- ابدعت...
احرار - السعودية 26/12/2009 07:26 PM
مقال رائع جداً...ابدعت في طرح الموضوع أخي الكريم..

وفقك الله...ولك جزيل الشكر..
11- سلم الله قلمك
ابن الإسلام - مصر 24/12/2009 09:03 PM
جزاكم الله خيرا على هذا الطرح المتميز والذي يتناول قضية حيوية على طريق عودة الإسلام إلى عزته وقوته
10- أبعاد رائعة
إسراء المسعود - الكويت 21/12/2009 08:50 AM
المقالة رائعة ولها أبعاد أروع
شكرا جزيلا على هذا الطرح الجميل
9- هكذا ايها الكاتب انهيت صراع الكتاب .... برائعه من روائعك
سعاد بنت الحرمين - السعوديه 20/12/2009 08:50 PM
قد لااستطيع ان احمل القلم وانا اكتب نص تعليقي لذا لابد من لوحة المفاتيح ليحق عدل العادل فلمثلها في هذا الموقف نحتاج والقلم لها سياج ... ابدعت ايها الكاتب ذو الفكر النظر الجاذب .... فكره اكثر من رائعه تنم عن صفاء ذهن يحاكي واقع العالم ويحفظ اصالته فلك الف شكر لقلمك وابداعك .... واسل الله ان يسدد خطاك وينفع بعلمك
8- لمثل هذا نتوق
معاذ صفوت - مصري ، المملكة العربية السعودية 19/12/2009 08:08 AM
أشكر الكاتب على هذا الأسلوب الشيق، وهذا القالب الحسن لصياغة الفكرة، أجاد وأفاد.
7- جميل
لامعة في الأفق - المملكة العربية السعودية 18/12/2009 07:56 PM
فعلا رائـــــــــــــعة ..
6- شكر
علي - مصر 18/12/2009 03:00 PM
بارك الله فيك ومشكور على الأفكار الجديدة ,والسرد الرائع
5- بارك الله فيكم
أيمن - مصر 18/12/2009 05:32 AM
مقالة رائعة
جزاكم الله خيرا
1 2 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة