• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

الالتزام والواقع التاريخي

أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 15/6/2015 ميلادي - 28/8/1436 هجري

الزيارات: 4791

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الالتزام والواقع التاريخي


قلنا إن طرح «الالتزام» كمصطلح جديد لا يعني أن «المعنى» الذي يدل عليه هذا الاصطلاح جديد أيضًا.

 

ولذا فحين نستعرض الواقع التاريخي للفن الإِسلامي، نستطيع أن نلاحظ بوضوح شديد مدى التزام الفنان المسلم، وهو إذ يفعل ذلك عبر القرون وفي طول الساحة الإِسلامية وعرضها؛ إنما يفعله بشكل تلقائي كأثر من آثار عقيدته، لا تطبيقًا لنظرية فنية، أو مذهب أدبي.

 

ونستطيع أن نبرهن على ذلك من خلال المعطيات الكثيرة التي امتاز بها هذا الفن، والتي بها صار له كيانه المستقل، وشخصيته المتميزة.

 

ونكتفي بذكر أمرين أساسيين:

1 - وحدة الفن الإِسلامي:

وقد تحدثنا عن ذلك في فصل سابق، ونقول هنا: إن هذه الوحدة لم تكن لتأخذ أبعادها واضحة جلية لولا التزام الفنان المسلم بمنهج واحد، حيث وحد فيه هذا المنهج الفكر، وحدد له الغاية والهدف.. فإذا الإِنتاج الفني - رغم تباعد المسافات مكانًا وزمانًا - ينتمي إلى أصل واحد ثابت، امتدت فروعه وارتفعت لتؤتي ثمارها جنية من كل نوع ولون.

 

2 - التزام المجتمع:

وثمت أمر آخر، له شأنه في الدلالة على مكانة الالتزام وقدمه، إنه الواقع الاجتماعي عبر القرون، هذا الواقع الذي يدل دلالة واضحة على التزام هذا المجتمع.

 

إن بعض الفنانين، على مرور تلك الأيام.. ربما خرج على هذا الالتزام ولكنا لا نجد لهذا الأمر أثرًا يذكر، بحيث يخل بظاهرة الوحدة في الفن الإِسلامي، وهذا يعني أن المجتمع كان يرفض كل فن غير ملتزم، يرفضه بالدافع الداخلي الذي كان يملي وجوده على الفنان، وكان بدوره - أيضًا - يملي وجوده على المشاهد والسامع..

 

ولعل رفض «الأساطير» يعدُّ من الأمثلة الواضحة على ذلك.

 

لقد ترجم المسلمون الكثير الكثير من ثقافات الأمم الأخرى.. ولكنهم لم يترجموا الأساطير اليونانية، فما هو السبب؟


يقول الدكتور نجيب الكيلاني:

«على الرغم من أن جهابذة الفكر الإِسلامي في العصر العباسي، عصر الازدهار والمعرفة والتقدم العلمي، قد ترجموا آثار اليونان والهند وفارس في شتى فروع الفكر والفلسفة والعلم والآثار الأدبية البارزة، إلا أنهم أحجموا عن ترجمات المسرح الإِغريقي، وترجموا فلسفة أرسطو، لكنهم رأوا أن مسرح الإِغريق مليء بالمعتقدات الدينية التي تتنافى مع عقيدة التوحيد الصافية، فلدى الإِغريق أعداد كبيرة من الآلهة المتصارعة المتحاربة، والتي تحركها النزوات والأطماع البشرية، فوجدوا أن طقوس المسرح وأشخاصه وحواره، لا يتفق وطبيعة الإِسلام وتصوره لماهية الكون والمشيئة والقدر والإِرادة، فأصبح المسرح الإِغريقي بصورته الشاذة تلك مصدرًا للفساد والوثنية، لا يمكن أن يجد له متسعًا في عالم العقيدة الإِسلامية الصافية» [1].

 

إن المترجم أحجم عن ترجمة تلك الأساطير بدافع الالتزام، إن كان مسلمًا، وأحجم غير المسلم عن ترجمتها لعلمه برفض المجتمع لهذا النوع من التفكير، وحتى لا يتهم المترجم بفساد عقله، فقد تجاوز المجتمع الإِسلامي تلك المرحلة الجاهلية، وارتفع بفكره ووعيه عن قبول الخرافات والترهات..

 

ونعتقد أن هذا السبب نفسه هو الذي جعل الكثير من شعر السياب - والذي يعتمد على الأسطورة - غير مقبول لدى القارئ المسلم.

 

يقول ناجي علوش في مقدمته لديوان السياب:

«حشد السياب من أساطير الهند والصين واليونان وأوروبا، ما لا يثير في القارئ العربي أي إِحساس».

 

وإذا كان «اليوت» يستخدم مثل هذه الأساطير فهو يستخدمها لقارئ هي جزء من حضارته وتاريخه، وتثير فيه أحلامًا بالبطولة والبراءة، في عالم الذهب والحديد الذي ذكره بدر. إن هذا العالم ليس عالمنا، وإن هذه الأساطير ليست أساطيرنا، وما زال في واقعنا غنى يغنينا عن غنى الأسطورة.. ولكن بدرًا الذي قال مرة: «إن إلهنا فينا». أضاع «إلهه» هذا فبحث عنه في اللات والعزى وزيوس وعشتار».

 

ثم يعلق علوش على إكثار السياب من الأسطورة، حتى فقدت القصيدة عنده شعريتها، بقوله: «إن رفض القارئ العربي لهذا النوع من الشعر هو دليل قوي على التزامه..»[2][3].

 

وهكذا نلاحظ وضوح الالتزام لدى المجتمع قديمًا وحديثًا، الأمر الذي يؤكد العمق التاريخي لهذه الظاهرة في الفن الإِسلامي.

 

وبهذا يتبين أن قضية الالتزام لدى الفنان المسلم هي قضية قائمة في كيانه ذاته، كما هي قائمة في كيان المشاهد والمستمع - أي المتلقي - وما ذلك إلا لارتباطها الوثيق بالمنهج الذي يهيمن على حياتهم جميعًا.

 


[1] المسرح الإِسلامي. د. نجيب الكيلاني. ص 7 وهو بحث مقدم لندوة الأدب الإِسلامي.

[2] مقدمة ديوان (بدر شاكر السياب) المجلد الأول - دار العودة" بيروت.

[3] يؤيد هذا - أي التزام المجتمع - تباكي لويس عوض على عدم ترجمة هذه الأساطير حتى هذا القرن حيث يقول: «وأنا ممن لا يفهمون كيف تخلو مصر والعالم العربي من الدراسات اليونانية بغض النظر عن قيمة الأدب اليوناني قديمه وحديثه...» [انظر: علم الجمال. عبد الفتاح الديدي ص 25]. والحقيقة أنه يفهم سر ذلك" ولكنه يحرض المستغربين على السير في هذا الطريق. ولقد ترجمت هذه الأساطير في الأربعينات من هذا القرن - كما يقول الديدي -. ومن المؤسف أن أكثر الذي كتبوا ويكتبون في علم الجمال وفلسفته يتجهون إلى تأكيد أهمية هذه الأساطير" وقد استقر في خلدهم أنه لا يمكن أن تقوم للفن قائمة بدون الأسطورة فذهبوا يمجدونها. وننقل هنا - على سبيل المثال ما قاله الديدي: «لعبت الأسطورة دورًا هامًا في تاريخ الفن الإِغريقي وفي الحضارة الإِنسانية برمتها فيما بعد ولا تزال مظاهرها وأشكالها تتردد حتى اليوم في أرجاء الحياة الثقافية والفكرية" ويختل التوازن في أية حضارة لا تحسب حسابًا لحياة الأساطير في وجدان أبنائها وفي تصورات فنانيها ومثقفيها...» (ص 25).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة