• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

{واجعلنا للمتقين إماما}

عبدالعزيز كحيل


تاريخ الإضافة: 5/11/2009 ميلادي - 18/11/1430 هجري

الزيارات: 8715

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
يتدرَّج الإنسان الرباني في مراقي الكمال حتى يتجاوز بقربه من الله تحصيل التقوى، إلى مرتبة طلب الأستاذية للأمة التقيَّة؛ فعباد الرحمن الذين ذكر القرآن الكريم خصالَهم الحميدة في أواخر سورة الفرقان، رفعوا إلى ربِّهم هذا الدعاء: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]؛ أي: طلبوا بجدارة واستحقاق - لا بمجرَّد ادعاء وغرور، حاشاهم - منزلةَ القيادة للجموع المؤمنة، قيادة ممتدَّة في الدنيا والآخرة، وقد ذكر السياق القرآني: أن الله - تعالى - أكرمهم بالإمامة الأخروية: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75]، وهذا يقتضي أنهم نالوا الإمامة الدنيوية، صبروا على نيلها من جهةٍ، وعلى أعبائها من جهة ثانية، والصبر في الحالين عنصرٌ أساسي وعاملٌ ضروري؛ قال الله - تعالى -: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]، واتَّخذها قاعدةً شيخُ الإسلام ابن تيمية بقوله: "بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين".

وهكذا لا يجحد المسلم ذاته، بل يسعى للقيادة الراشدة بالهمَّة نفسها التي يسعى بها أصحاب القيادة الفاسدة المتمثِّلين في الملأ الفرعوني، فقد ذكر القرآن الكريم فرعون وحاشيته؛ فقال: {وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ} [القصص: 41]؛ بمعنى: أنهم كانوا في حياتهم يدعون إلى المارج الناري، والقوَّة التي رفضت السجود للإنسان، والمنهج الحضاري القائم على المنطلَق الذاتي الرافض للغيب وللقدر الإلهي، فهؤلاء نموذج الأستاذية المنقطعة عن الله المستكبرة في الأرض، وتمثلها في عصرنا الحضارة الغربية المتغطرِسة، التي يتقمَّص سلبياتها ويصدُّ عن إيجابياتها المقلِّدون الضِّعاف المهازيل في العالم الثالث، الذين لا يرون بديلاً عنها، وفيهم مسلمون لكنَّهم عَمُوا عن السنَّة الإلهية الماضية التي أشار إليها القرآن الكريم: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ} [القصص: 5- 6]، إنها القيادة الحضارية التي تدعو إلى المنهجيَّة الإلهية، فينبغي أن ينخرط في سلكها ويتمسَّك بأهدابها كلُّ مَن يؤمن بالمشروع الإسلامي ويريد سعادة الدنيا والآخرة.

وبديهي أن هذه الإمامة ليست عامل تفاخر، إنما هي مسؤولية كبرى تتوافق مع التجرُّد من الإحساس بالملك؛ بما يؤدي إلى ممارسة القيادة الأمميَّة بقوة الاستخلاف مع الزهد فيها وعدم التعلُّق بها، وهي مسألة على قدر كبير من الدقة والصعوبة؛ بحيث لا يقدر عليها صبرًا وممارسة وإخلاصًا إلاَّ المتخرِّجون من مدرسة التربية الإيمانية المحرِقة؛ {وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]، {وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّه} [البقرة: 143]، {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: 35].

وبدل أن تقنع جماعةُ المؤمنين بالزُّهد الكاذب الذي ينمُّ عن العجز، فإن عليها أن تعبِّر عن بطولاتها وقدراتها على مستوى الكون الذي هو دائرة تكليفها؛ بطلب الإمامة والقيادة والأستاذية التي هي دائرة طموحها، فإذا كانت الفرعونية تتبجَّح بالقيادة الفاسدة، فإن الجماعة المؤمنة تقدِّم البديلَ الحضاريَّ الجامع بين الربَّانية والإنسانية، الذي تعيش البشرية في كَنَفه حياةً طيبة، وتنال الأمَّة المسلمة بفضله الحياةَ الكريمة في الدنيا، وجنةَ النعيم في الآخرة.

ويجدر التنبيه على احتمال الإمامة المذكورة لأوجه متعدِّدة وأشكال شتَّى، فهي ليست مقتصرةً على القيادة السياسية وسُدَّة الحكم - وإن كانت تشملها - بل تبتدئ بالرِّيادة الثقافية، فتنشر من خلالها الأفكار الحيَّة المنعِشة على مستوى العقيدة والتصوُّر والحياة الفردية والعامَّة؛ أي: تُحدِث إصلاحًا فكريًّا في المعاني الدينية والأذواق، والسلوك والعلاقات بين الناس والأمم، إصلاحًا يظهر فيه تميُّز المنهج الرباني المُحْكَم الذي تهوى إليه القلوب، وتستقيم بهديه العقول، وتُرَشَّد الحياة.
 
ومثل هذه الإمامة التي مارستها الجماعةُ المؤمنة قرونًا تستأنف مسارها بواسطة رجال أفذاذ ذوي إخلاص وبصيرة وحبٍّ للإسلام، وتفانٍ من أجله، يحيون سنَّة أسلافهم، فقد وصف الله - تعالى - إبراهيم - عليه السلام، وهو فردٌ - بأنه أمَّة؛ فقال - عزَّ وجلَّ -: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} [النحل: 120]، ولمَّا طلب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - من الصحابة أن يتمنَّوا فتمنَّوا المال وأشياء أخرى؛ ليجعلوها في سبيل الله - قال هو: "أمَّا أنا فأتمنَّى لو أن لي بيتًا من أمثال أبي عبيدة بن الجرَّاح"، وكفى بها شهادة من أمير المؤمنين في أهميَّة الرجل الكامل والمؤمن القوي ليتولَّى القيادة.
 
فكيف يستقيم أن نترك قيادة المجتمعات للعلمانيين أصحاب الرُّؤى والتصوُّرات الوافدة، الذين تسيِّرهم الشهوات، ويعانون من الغَبَش بفعل الشُّبُهات؟!
ألسنا نرى فسادَهم يُداهِم حياتنا على مستوى التربية والإعلام، والاقتصاد والسياسة، والأدب والفنِّ، فلا يبقي ولا يذر؟!
مَن مِنَّا يقول: (أنا لها)، فيكون للمتّقين إمامًا؟ 




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 


تعليقات الزوار
2- كلنا لها بإذن الله تعالى
مريم حسن فرج - فلسطين 06/11/2009 09:49 PM
نعم إننا والله بحاجة لمثل هذه القيادة وهذه الإمامة ولابد أن نعقد العزم جميعا لنيلها تكليفا وليس تشريفا.وإنني من هنا من هذا الموقع الطيب أهدي كل التهاني والتبريكات لأستاذي ومربي الفاضل أ.د مازن إسماعيل هنية لحصوله على الأستاذية في الفقه وأصوله رئيس لجنة الإفتاء بالجامعة الإسلامية وإنني لأشهد أنه تتمثل به كل ما ورد في هذا المقال من صفات كالصبر والتقوى واليقين بالله تعالى وقدره وقوة الفراسة .وأسأل ربي أن يعينه على حمل هذه الأمانة وأن ينفع به الإسلام والمسلمين.
1- همة عالية
بوعصيدة الخير - الجزائر 06/11/2009 09:02 PM
بارك الله تعالى في أستاذنا الفاضل إذ أسقط الزهد الوهمي و أعطى المشروعية للطموح المخلص نحو القيادة لأي مركز ومسؤولية. وعلى المسلم الرسالي مزاحمة أركان الفساد عن مراكز القرار والتأثير و لايستحي من التهمة التقليدية ( يبحثون عن السلطة) نعم يبحث عن السلطة لتمكين قيم الخير والعدل والحق والفضيلة في دنيا الناس وليس فقط بين جدران المساجد
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة