• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

جماليات المسجد

جماليات المسجد
أ. صالح بن أحمد الشامي


تاريخ الإضافة: 10/8/2014 ميلادي - 14/10/1435 هجري

الزيارات: 14438

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فن العمارة الإسلامية

جماليات المسجد


نستطيع أن نقول: إن الفن الإسلامي بشتى أشكاله وفي مختلف عصوره، وجد في المسجد المكان الآمن فآثر الملاذ إليه والإخلاد فيه.

 

ووجد صانعو الفن ومحبوه في المسجد خير مكان يودعونه فنهم وعبقريتهم وإبداعهم.. فانصب ذلك كله فيه، يدفع إلى ذلك رغبة ملحة في الحصول على رضوان الله تعالى.. ويسهم معهم في ذلك باذلو المال ابتغاء وجهه سبحانه وتعالى.. والتقى الفريقان: هذا ببذل ماله وهذا ببذل فنه وفكره وعبقريته.. كلاهما يريد الوصول إلى الحالة الأمثل. ويحاول أن يرتقي درجة لم يسبق إليها.. في سلم الجمال.

 

إنها البيوت التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، وهي البنيان الباقي في سجل أعمال الإنسان، المستمر عطاؤه ما دام قائماً، مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: "من بنى مسجداً لله بنى الله له في الجنة مثله"[1].

 

إنها الحوافز والمرغبات.. يبذل صاحب المال ماله، ويبذل المهندس فكره، ويبذل صاحب المهارة مهارته وفنه.. والتقى كل ذلك في بيوت الله، فكانت بحق هي السجل للفن الإسلامي، صفحة مفتوحة عبر الزمان، يمتع كل داخل إليها نظره - سواء أكان مسلماً أم غير مسلم - فينبهر أمام ذلك الحشد من المهارات في تناسق عجيب وترتيب بديع وبساطة تأنس إليها النفس وترتاح.


ويسمع المسلم فيها صدى الآيات التي تليت فيها عبر القرون، ويسترجع في ذاكرته حلق الدروس والوعظ، وتوجيه الحياة إلى الخير، فإذا الدنيا تصدر في مسيرها عن المسجد، وينطلق صوت الحياة منه فتردده جنبات الأرض.


كان ذلك تناسقاً من نوع آخر، قلما يفطن إليه غير المسلم، إنه جمال المعنى يحاول جمال الشكل أن يرتقي إلى مستواه.. ويتواكب الجمالان فإذا هما آية الفن الإسلامي، عطاء ثراً يمد الحياة بجمال القيم.


وتراجع هذا الجانب مع ضعف المسلمين، وتكالب أعدائهم عليهم في الداخل والخارج. وتداعت عليهم الأمم تداعي الأكلة إلى قصعتها، فشغلوا بأنفسهم عن إقامة البنيان المعنوي للمسجد.. ولكن البنيان المادي مع ذلك ظل قائماً برهاناً على عظمة المسلمين في الماضي وأملاً دافعاً إلى العمل في الحاضر.


وظل أعداء الإسلام يحاصرون المسجد ويقلصون مهماته التي عن طريقها يظهر جماله، حتى لم يبق إلا إقامة الصلاة.. وفي كثير من بلدان المسلمين يغلق خارج أوقاتها خوفاً من أن تلمس نسماته أذن الحياة فتوقظها.


على أن ذلك النوع من البنيان ليس من مهمة موضوعنا بحثه، فنتوقف عند حدود موضوعنا.


ظل المسجد ملتقى لجميع الفنون، فأنى سرت في بلدان المسلمين وجدت في المسجد هذه الصورة متكررة، حتى إنك لتقف في قرطبة فتظن نفسك في دمشق، وتقف في بغداد فتظن نفسك في القاهرة أو استانبول.


وتنوعت الأشكال في تلك العطاءات الفنية، وظلت الوحدة تربط تلك الإنجازات بروابط قوية تشدها إلى أصل واحد، ذلك هو المسجد القدوة. تنوع شكل المئذنة والمحراب والقبة والمنبر والعمود والقوس، ولكنها ظلت عناصر في بناء المسجد. وكان ذلك التنوع دليلاً على الانتساب إلى زمن أو إلى بلد.


وظهرت أشكال من النحت والزخرفة والمقرنصات في بناء تلك العناصر، وأصبحت من الكثرة بحيث تجاوزت الحصر والعد.


وأسهمت الأعمدة والأقواس بأنواعها في إضفاء الجمال، فعلت الأقواس بعضها فوق بعض، وارتفعت الأعمدة كذلك بعضها فوق بعض، وكان للنوافذ والأبواب دور كبير، حيث الحفر على الجص وعلى الخشب، وتداخلت حشوات الخشب في المنابر والأبواب، وتعانقت قطع الزجاج الملون ضمن تقطيعات النوافذ البديعة..


وذهب الخطاطون يخلدون فنهم بتغطية مساحات واسعة من أسطح القباب والجدران، وزينت أشرطة من الكتابة الزخرفية أعالي الجدران، مما جعلها مرتلة لكتاب الله صباح مساء.


ولم يقف الرخام بألوانه والسراميك والخزف.. بعيداً عن المشاركة، بل أخذ دوره كاملاً في تغطية الأرضيات وجوانب من الجدران.. يزاحم الفسيفساء وتزاحمه.


وأضفت مقرنصات الأعمدة وزخارفها وأوراقها لوناً من الجمال، ترتاح عنده الأعين فتأنس إليه، وهي في طريقها إلى أعلى، إلى السقف الذي أضحى بدوره حقلاً لأنواع من الزينة.


وتتكامل اللوحة بذلك الفرش البديع من سجاد وبسط، وقد نقشت بأبدع النقوش، فكانت سقفاً آخر ولكنه يزين الأرض.. وبين السقفين كانت صلة الوصل تلك السلاسل التي تحمل المصابيح المزخرفة..


هذا، ومما ينبغي ملاحظته، أن المسجد في كل أدواره، تميز دائماً: بالتناسق والبساطة.


وكان ذلك واضحاً في المسجد النبوي الكريم، تناسق بين الجدران والسقف والأرضية، بين شكل البناء والمواد المستعملة فيه.. وبساطة متناهية، وأسهم جمال المعنى فكسا البناء حلة من جماله فتحول الشكل إلى معنى، وتلك لعمري خاصية في معمار المسجد.


هذا الجمال، أدركه وعاشه الجيل الأول، فعزَّ عليهم تغيير ذلك البناء وأحبوا بقاءه على ما هو عليه، روى مسلم عن محمد بن لبيد: "أن عثمان بن عفان أراد بناء المسجد، فكره الناس ذلك، فأحبوا أن يدعه على هيئته.."[2].


على أن الزخرفات والتجميلات لم تغير من هاتين الميزتين، فقد استمرت البساطة والتناسق عنواناً للمعمار الإسلامي في المساجد[3]، ولعل ذلك راجع إلى الأساس الإنشائي.. فهناك دائماً جدار مستقيم هو جدار القبلة توازيه أعمدة..


ويقف المصلون صفوفاً كتلك الأعمدة، لا فرق بين غني وفقير وسيد ومسود وصغير وكبير.. إنه بناء إنساني ضمن البناء الإسلامي..


والمصلي في أي مسجد كان حينما يبدأ صلاته بقوله (الله أكبر) لا يشغله شيء، إذ لكل عضو من أعضائه صلاته. فالبصر قاصر على مكان السجود حتى لا يكون سبباً في شتات الفكر[4]. والفكر مشغول بالتفكر بمعنى ما يقرأ في الصلاة والقلب في خشوعه..


وكل شيء حوله في صلاة، إخوانه المصلون.. والأعمدة والجدران أيضاً في صلاة ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾[5] وإذا هو واحد من تلك الأشياء.. ويستمر النشيد القدسي، (الحمد لله رب العالمين..).


وبهذا تظل الصلاة هي الصلاة، ويكون المصلي في صلاته.


ونختم حديثنا عن جماليات المسجد بما قاله "جارودي":

"والمسجد بلا ريب.. ملتقى جميع فنون الإسلام، وقد أصاب القائلون: إن جميع الفنون تقود في الإسلام إلى المسجد، والمسجد إلى الصلاة"[6].


الجامع الأموي في دمشق

(2) قبة الصخرة في بيت المقدس.

(3) مسجد محمد علي بالقلعة القاهرة

(4) أروقة مسجد قرطبة بأعمدتها الرخامية.

(5) داخل «الجامع الأزرق» جامع السلطان أحمد

 

(6) مئذنة الخرالدا في اشبيليا

 

(7) بيت أندلسي. نموذج لعمارة البيت المسلم

 

(8) قصر الحمراء في غرناطة



[1] الحديث في صحيح مسلم رقم 533.

[2] الحديث في صحيح مسلم برقم 533.

[3] جاء في كتاب (دور المسجد في الإسلام) لعلي محمد مختار نقلاً عن الدكتور حسين مؤنس: (والمتأمل للصورة التي عليها المساجد في مقابل الصورة التي عليها الكنائس وغيرها من أماكن العبادة، يجد البساطة اللامتناهية في مقابل الأبهة والغموض الذي يكتنف تلك المعابد..) ص 105.

[4] جاء في كتاب (صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ) لمؤلفه محمد ناصر الألباني: تحت عنوان النظر إلى موضع السجود:

"كان صلى الله عليه وسلم إذا صلى طأطأ رأسه ورمى ببصره نحو الأرض".

و"لما دخل الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها".

و"كان ينهى عن رفع البصر إلى السماء".

[5] سورة الإسراء. الآية (11).

[6] انظر كتاب (في سبيل حوار الحضارات) لمؤلفه روجيه جارودي ص 171.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة