• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

هل الحقيقة فيما يبدو للناس ؟!

هل الحقيقة فيما يبدو للناس ؟!
هنادي الشيخ نجيب


تاريخ الإضافة: 12/5/2014 ميلادي - 13/7/1435 هجري

الزيارات: 5483

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

هل الحقيقة فيما يبدو للناس؟!


لا يَسعني في ظل هذه الأزمات التي تَعصِف بأمتنا إلا أن أتساءل، مُستنكرةً حالنا، محاولة أن أكشف اللثام عن الحقيقة، مُردِّدة:

ويا قومِ أين السرُّ فيما أصابنا
وفينا كتاب الله ما زال هاديا؟
فهذي حروب نصطليها كأننا
قطيع يمدُّ العنق للذَّبح ساعيا
وبالباب سمسار يبيع سيوفه
وفي الدار ذئب يرقب الحفل راضيا!
فلا تُعطني يا رب قوسًا وأسهُمًا
فقد صرتُ جرحًا بعد أن كنتُ راميا
ولا تَبنِ لي بيتًا وسوقًا ومَصنعًا
فقد هدَّم الإعصار ما كنت بانيا
ولكنني أرنو لعقل وحكمة
ووعي وإيمان يصون البواقيا

 

مع هذه الأوضاع المعقَّدة يَبقى رجاؤنا بربنا أن يؤتينا الحكمة التي مَن أوتيها فقد أوتي خيرًا كثيرًا، على أنه ليس الشرط لتكون حكيمًا أن تكون كبيرًا (أي مُسنًّا).

 

وبينما أتعبَّد وإياكم في مِحراب انتظار الفرَج، دعونا نَستثمِر هذه اللحظات، ونُلقي نظرةً على واقعِنا، مُتحرِّين العدل والإنصاف في إطلالتنا؛ إذ لا حلَّ لأي مُعضلة، إلا بعد الإحاطة بكل ظروفها، ومعرفة كل المعلومات المتعلِّقة بها!

 

وهنا أسجِّل استغرابًا من حال مُعظمنا:

لماذا بِتنا نُكثر الحديث - وبثقة - عن مواضيع نعلم قليلَها ونجهَل كثيرها؟!

لقد انتشر بيننا ما يُشبه الظاهرة أنَّ كل واحد منا يتحدَّث - وبمهارة عجيبة - عن كل شيء!! ويتدخَّل - وبحِشَرية غريبة - في كل شيء!

 

كلنا يُحلِّل الوضع السياسي بطلاقة، ويُعطي في الطبِّ أحدث الوصفات، ويَقترِح العلاجات، وقد يوصِّل أحدُنا المريض إلى غرفة العمليات!

 

كلنا نُفتي في الدين، ونُناقِش أصعب المسائل الشرعية، وقد نقرِّر الفتوى بالقياس لرفع الالتباس!!

 

وفيما يُمضي أكثرنا وقتَه في "الصُّبحية"، إذا بها تتحوَّل إلى جلسة عِلمية، يتناقش فيها مُنتدبون عن المجالس العلية لرفع البؤس والشقاء عن البريّة!

 

قرَّاءنا الأكارم، صدق مَن قال: "إننا يجب أن نرى العالم بعقولنا، لا بعيوننا فقط"، وحتى نشرَح هذه المقولة، تعالوا بِنا إلى هذه الوقفة القصيرة مع قصة بعنوان: "فيما يبدو للناس"!

 

يُحكى أن رجلاً عجوزًا صعد على متن القِطار برُفقة ابنه الشاب البالغ من العمر خمسًا وعشرين سنة.

 

جلس الشاب بجانب النافذة، وراح يُبدي الكثير من إشارات البهجة والسرور، يضحَك بصوت عالٍ، يُشير بيديه في كل الاتجاهات، وينظر باستغراب، ويُدقِّق في كل ما حوله.

 

انطلق القطار مِن المحطَّة، فأخرج الشاب يدَيه من شباك المقصورة مُستمتِعًا بمرور الهواء، ثم صرخ مُناديًا والده: "أبي، انظر، كل الأشجار تَمشي وراءنا"، تبسَّم العجوز متماشيًا مع فرحة ولده، في المقعد المقابل للرجل وابنه، جلس زوجان يَستمعان لما يدور من أحاديث، ويُراقبان المواقف بين جاريهما، لكنهما أحسَّا بشيء من الإحراج جرَّاء تصرُّفات الشاب "الطفولية"، بعد دقائق من السكون، صرخ الشاب مرة أخرى: "أبي، انظر إلى البِركة، هل تَعتقد أن فيها أسماكًا؟"، ثم رفع رأسه إلى السماء مشيرًا إلى الغيوم: "أبي، هذه السحُب تسير خلفنا... انظر إليها، إنها تُسرع!".

 

استمر تعجُّب الزوجين من سلوكيات الشاب، وألمَّ بهما شعور بالامتِعاض، ورغبة عارمة بالاعتراض، لكنهما تمالَكا نفسيهما، وكتما مشاعرهما!

 

بدأت السماء تُمطِر رذاذًا خَفيفًا، فأخرج الشاب رأسه من النافذة، وقطرات الماء تُبلِّل وجهه الذي اعتلتْه ضِحكة بريئة، فقال بسعادة بادية وبصوت أسمع كل الركاب: "أبي، إنها تمطر، الماء يلمس وجهي، انظر إليَّ يا أبي!".

 

في تلك اللَّحظة، حسم الزوجان أمرهما، وقرَّرا أن يتدخَّلا، ويُسديا للعجوز نصيحة مجَّانية، بادر الزوج سائلاً الوالد الهادئ: لماذا لا تصحب ابنك لزيارة طبيب مختص؟ أعتقد أنه يا سيدي يَحتاج إلى علاج!

 

نظر الأب إلى الزوج، ثم التفت إلى ابنه المَشغول بقطرات المطر، احتضنه وطبع على جبينه قبلة حنونًا قائلاً: "إننا قادمون للتوِّ مِن المستشفى، إن ابني قد أصبح بصيرًا اليوم، بعد سنوات من العمى"!

 

خلاصة القصة - قرَّاءنا الأفاضل، وحتى لا نُكثر الحديث، ونقع فيما انتقدْناه في بداية المقالة - أننا عندما نريد أن نتكلم، أو نتدخَّل في موضوع، علينا أن نبدأ بالتفكير بالعَناصر الآتية:

• المكان الصحيح.

• الطريقة المناسبة.

• المعلومات الكافية.

 

فلا نَستخلِص النتائج، ولا نُطلق الأحكام، إلا بعد أن نَعرِف كلَّ الحقائق المُتوارية خلف المَشاهد، وليس خطأ أن نتعلَّم كيف نطرح الأسئلة حتى وإن كانت بديهيَّة، فلربما استدعى الموقف طرحها، والاستفسار حولها.

 

إن من الحكمة والوعي أن نعرف بأنه ليس كل ما تراه أعيننا له ذات التفسير الذي تمليه عليه عقولنا، خاصة أن النفس تعتريها أمراض؛ كالتضخيم، والتزيين، والتلبيس، والعقل لا يسلم من الوهم والتخيُّل والانخداع!

 

وصحيح أن العين رسول العقل، لكنها حتمًا تحتاج دائمًا إلى استعمال نظارة المعرفة؛ ليُبصر العقل خطوةَ البداية بحسب كل حكاية، ويوقن أن الحقيقة لها وجه آخر، قد لا يَبدو لكثير من الناس.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة