• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اجعلنا صفحتك الرئيسة
  • اتصل بنا
English Alukah
شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور خالد الجريسي والدكتور سعد الحميد
صفحة الكاتب  
شبكة الألوكة / موقع ثقافة ومعرفة / فكر


علامة باركود

الحياة كما لم أتصورها

أرياف التميمي


تاريخ الإضافة: 5/12/2013 ميلادي - 2/2/1435 هجري

الزيارات: 4509

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الحياة كما لم أتصورها


منذُ أن كنت صغيرة، وأنا أنظر إلى العلم بأنَّه كافٍ لرُقِيِّ الإنسان؛ فكلَّما ازداد مستوى الشخص التعليمي، ازدادت حكمته، وحَسُنَ تدبيره للأمور، وازداد صبره ومثابرته في تحقيق النجاح.

 

كذلك تجارب الحياة، فالشخص الأكثر تجربة في الحياة هو الأكثر فهمًا وقدرةً على تدبير أموره.

 

تخيلتُ نفسي حين أتخرج في الجامعة بأن أكون - تلقائيًّا - إنسانًا نشيطة، ومثابرة، وفاهمة للحياة.

 

ظننتُ أنَّ كُل أولئك الذين يكبرونني سنًّا، وقد تعلموا، وعملوا، وأداروا بيوتًا - يتصرفون بحكمة وحسن تدبير.

 

والفتيات اللاتي لم يُكْمِلن دراستهن، ظننت أنَّ جميعهن لا يُقدِّرن قيمة الوقت، ولا يسعين لتنمية المجتمع.

 

أما ما أراه الآن، فهو مختلف كثيرًا عمَّا ظننته.

 

فعلاً، العلم أساس لبناء وتطوير الإنسان، وتجارب الحياة كذلك كفيلة بتعليمنا الكثير من دروس الحياة، ولو لم تكن للعلم تلك الأهمية، لما كانت كلمة "اقرأ" هي أول ما خاطب به اللهُ - عز وجل - رسولَه - صلى الله عليه وسلم - ولَمَا دعا إليه الله - سبحانه وتعالى - في كتابه، والرسولُ - صلى الله عليه وسلم - في أحاديثه الشريفة.


وما زلت أُؤمن أن العلم والتجارب مهمان جدًّا في تنمية وتطوير الإنسان، وكسبه الحكمة، والمثابرة، وتقدير الوقت، ولكن ذلك يتطلب الهداية من عند الله - عز وجل - فمِن دونها لا تأثير للعلم.


أرى فتاة قد تجاوز عمرها الثلاثين، مرَّت بالكثير من تجارب الحياة، ونالت من العلم حظًّا وافرًا، تتصرف وتفكر كفتاة مراهقة، لم يتجاوز عمرها الخامسة عشرة، وأرى أُخرى لم تستطع مواصلة تعليمها، لها أب وأم غير متعلمَين، لم يتجاوز عمرها الثامنة عشرة، تفكِّر بنضج، تبذل جهودًا حثيثة لتنمية مجتمعها وأُمتها.

 

أقف منبهرة أمام هاتين! أتساءل: أين ذهبَت حكمة هذه؟! ومِنْ أين حصلت هذه على الحكمة؟!

 

إنها الهداية من الله تعالى، زرعها في قلب هذه، ونزعها من تلك، فقد تكون المتعلمة غير مستشعرة لمراقبة الله تعالى، ولم تبذل الجهد الكافي للرُّقي بأخلاقها، كما فعلت غير المتعلمة، والتي تعلمت أهمية الأخلاق فطريًّا، ومن بساطة الحياة التي حولها، ومن تطبيقها للأساسيات البسيطة التي تعلمَتْها؛ فمنَّا من يملك الكثير من العلم، ولكن يبذل القليل القليل من العمل؛ ومنا مَن عِلْمُهم متواضع، إلا أنهم يعملون بما يعلمون.


يدفعني شعور لأن أتولى وأُدْبِر عن امرأة غير متعلمة، لم تدرس في جامعة، ولم تقرأ، تحاول نصحي، وإعطائي توجيهات، فيطفو كبريائي في تلك اللحظة، وأُراني مُدبرة عن سماعها؛ لأني أظن أني أَفْهَمُ وأَعْقَلُ منها، فأستعيذ بالله من الشيطان، ومن هوى نفسي، وأُنْصِت لحديثها، لا لأني أنتظر النصيحة - فأنا غنيَّة عنها كما أظن - ولكن لألتزم بأدب حسن الاستماع، فإذا بها تعطيني نصيحة، لم تخطر ببالي من قبل، وتوجهني توجيهًا لم أقرأه في كتاب، ولم أسمعه في محاضرة للمختصين، لكنه يحمل حِكمًا، لم أكن أتوقع أن هذه المرأة التي ما زالت تُتأتئ في القراءة تمتلكها.


ظننت بأني حين أحفظ القرآن، سأترك المعاصي تلقائيًّا، ولن أحتاج لبذل الكثير من الجهود للابتعاد عنها، لكني ما زلت أكافح لتركها، لعل ذلك دَرْس من الله، يعلمني فيه أني ما زلت إنسانًا ضعيفة، بحاجة إلى رحمته ومغفرته، ولن أصل مهما فعلت للكمال.


أولئك الذين ظننتهم أكثر علمًا وفهمًا مني، وكانوا قدوةً لي، أجد الكثير منهم يحملون أفكارًا ومفاهيمَ خاطئة، ويتصرفون تصرفاتٍ غيرَ منطقية، وأولئك الأُمِّيون، منهم من يحمل أفكارًا عظيمة، لكنها لم تلقَ رعاية أو اهتمامًا.

 

سلاح العلم سلاح قوي، قوي جدًّا، لكنَّه ضعيف، إذا لم يُدعم بالصبر المؤبد، والمثابرة المتجددة، والتعلم من دروس الحياة، وأخذ الحكمة ممن نلقى، بِغَضِّ النظر عن مكانته ومستواه التعليمي.

 

وليست هناك محطة نستطيع عندها أن نصل إلى درجة الغرور، أو الاكتفاء الذاتي، أو التيَقُّن بأننا أفضل ممن حولنا.

 

ومهما تقدَّمنا بالعلم، فما زلنا ضعفاء، وما زلنا بحاجة إلى الكفاح للحفاظ على الصبر والثبات، والتغيير المستمر نحو الأفضل.

 

وأننا قد نُرَقِّي جانبًا من حياتنا، على حساب جوانب أُخرى؛ وكلما تقدمنا بان لنا نَقْصٌ لم نَره من قبلُ، ولم نبذل الجهد الكافي في تنميته، وقد اهتم به أشخاصٌ، تجاوزناهم في جوانب أخرى، فنتواضع لهم، ونتعلم منهم كما نُعَلِّمهم.

 

العلم ليس علمًا، إن لم يزدنا تواضعًا وتقديرًا لمن حولنا، وإيمانًا بهم وبقدراتهم، والقدرة على مخاطبة عقول من حولنا، والأخذ والعطاء المتبادل بيننا وبينهم، والتصرف بعفويَّة وبساطة.

 

وكم نحن بحاجة للتوجه دائمًا وأبدًا إلى العليم الخبير مُرَدِّدين ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]!





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • السيرة الذاتية
  • الثقافة الإعلامية
  • التاريخ والتراجم
  • فكر
  • إدارة واقتصاد
  • طب وعلوم ومعلوماتية
  • عالم الكتب
  • ثقافة عامة وأرشيف
  • تقارير وحوارات
  • روافد
  • من ثمرات المواقع
  • قائمة المواقع الشخصية
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة